النظريات ما قبل الحداثة في القومية Premodernist  أو Premordial:
    
   يرى أصحاب هذه النظريات أن الأمة والقومية استمرار للجماعات التقليدية مثل الإثنية،وعليه فإن الأمم ليست من اختراعات الحداثة، ولكنها نتاج لتطور ونمو ونضوج الجماعات الإثنية القديمة الموجودة أصلاً، أي الجماعات التي وجدت قبل وجودها بشكلها المعاصر،حيث تنبثق الأمة  وتنشأ من جماعة أو مجموعة بشرية وجدت على شكل الإثنية من قبل([1]). ولا يعني هذا أن كل أنصار الأصل الإثني للقومية هم من أنصار البدائويين* (ماقبل حداثي)، أو النظريات البدائوية الذين يقرون بأن القومية ظاهرة حديثة، ولكنها لها جذور عميقة في التاريخ وتعود إلى هذه الجماعات الإثنية الموجودة أصلاً. و ينظرهؤلاء إلى العلاقة بين الإثنية والقومية كأنها علاقة طبيعية، وأن الأمة ظاهرة وجدت دائماً في كل الأزمان ولكن على شكل إثنيات والتغيير فقط يشمل الجوانب الشكلية وليست الجوهرية، لأن الأمة حسب رأيهم، لا تنشأ من تلقاء نفسها، وإنما هي امتداد للإثنيات، وأفراد الأمة يرتبطون فيما بينهم ببعضهم البعض بمجموعة من الأسس والمبادئ والتصورات الاسطورية وعلاقات قد تكون علاقات الدم والقرابة والذكريات المشتركة والقيم والرموز المشتركة، والأمة بهذا المعنى ليست اختراعاً حديثاً، وإنما وجدت ماقبل الحداثة ولكن بصورتها البدائية([2]).ومن أهم ممثلي هذه النظريات:

-أنتوني سميث
     وهو من أبرز المنادين بهذه النظرية في القومية وعبر عن آرائه وأفكاره في القومية في مؤلفاته (The Ethnic Origin of Nations-1986)،و أيضا(National Identity  )([3]) وهو ضد آراء الحداثيين، وهو يقول من منظور نقدي لهم بأنه قبل الحداثة وجدت الأمة بصورتها البدائية، وبذلك تمتد الأمة بجذورها إلى الأزمان القديمة، وهذه النظرية قريبة من أفكار النظرية الموضوعية في القومية، والقائلة بأننا ننتمي لأمة أو لأخرى، ولا خيار لنا في اختيار هذه الأمة، فقد كتب لنا أن نولد في هذه الأمة أو تلك، وهذا هو الأساس الطبيعي للأمة والكلمة (Nation) مشتقة من الأصل اللاتيني بمعنى (يولد- to be born- Nasci) بمعنى أن أصول الأمم اليوم تعود إلى قبائل الأمس([4]).هذا التأصيل التاريخي  وجهة نظر تطورية، ترجع كل قوم إلى شجرة أنساب خاصة ومتفردة، وعلق (انتوني د.سميث) على هذا التفسير للأمة بأنه بدائوية لاعتماده على الروابط العرقية واللغوية البدائية، وهذه الروابط بذاتها تعود إلى أوقات موغلة في التاريخ([5]). ولا ينكر أحد أن هذه الجماعات التقليدية قد وجدت منذ القدم، ولكن المهم هو الصلة بين هذه الإثنيات والجماعات التقليدية البدائية والأمم الحديثة التي نراها اليوم حولنا·.
ويرى (سميث) بأن الأمم الحديثة هي شكل حديث وخاص من الجماعة الإثنية، يمزج بين الهوية الثقافية والمتطلبات السياسية والواقع أن هذه الصلة هي الشيء الحديث جداً من حيث الظهور في مسألة القومية وقد وضع (انتوني سميث) مع باحث آخر عدداً من الفرضيات حول القومية وهي كالآتي:- ([6]).
      
(أ-1) يتألف العالم من فسيفساء من الأمم.
(أ-2) يتوقف النظام والاستقرار في المنظومة العالمية على  التفاعل الحر لهذه الأمم إحداها مع الأخرى.
(ب-1) الأمم هي الوحدات الطبيعية للتعبير عن المجتمعات.
(ب-2) تتمتع كل أمة بثقافتها الخاصة القائمة على أسس وتاريخ مشترك.
(ب-3) كل أمة تحتاج إلى دولتها السيادية التي تعبر من خلالها عن ثقافتها.
(ب-4) تتمتع كل الأمم (وليست الدول)، بالحق المطلق في أرضها أو وطنها.
(ج-1) لا بد لكل إنسان (فرد) أن ينتمي إلى أمة ما.
(ج-2) الولاء الأول لكل إنسان (فرد) لأمته.
(ج-3) لا حرية حقيقية للإنسان الفرد إلا من خلال الأمة التي ينتمي إليه.
وفي علاقة الأمم الحديثة مع التاريخ، يحدد (انتوني سميث) ثلاثة أشكال من التاريخ القومي، وهي تاريخ حقيقي لأمم لها حضور فعال وبارز في التاريخ، وتاريخ مبتدع لأمم لم يكن لها نصيب وافر من الأحداث والإنجازات في الماضي، وتاريخ ملفق، مزور([7]). وهناك اتفاق بين (انتوني سميث) والآخرين (اندرسون، غيلنر، هوبزباوم) على دور التاريخ في القومية، حتى لو كان مبتدعاً وملفقاً بالكامل، (ويصف توم نارين) القومية بأنها (يانوس جديد) وهو الإله الكلاسيكي الذي كان يتطلع نحو الأمام بوجه وبآخر إلى الخلف في آن واحد، وهذا ما تتطلع إليه القوميات في عالمنا الحديث([8]).



الحداثة وما بعد الحداثة التعريف، المميزات ، الخصائص

ما بعد الحداثة

عصر الحداثة

ما بعد الحداثة في العمارة

ما بعد الحداثة في الفن

الحداثة وما بعد الحداثة

فلسفة ما بعد الحداثة

ما بعد الحداثة في الأدب



([1]) مه ريوان وريا قانيع، نه ته وه وناسيوناليزم، م.س.ذ، ص149.
* البدائوي- من (البدائي)، وذلك لكونهم...
([2]  المصدر السابق ، ص150.
([3])Anthony D, Smith , National Identity , opcit.p43
([4])  Anthony D, Smith, Nationalism And  Modernism ,opcit,p29 ; Anthony D. Smith, Nationalism, opcit,p51
([5]) بيتر تيلور؛ كولن فلنت، الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر، م.س.ذ، ص10.
· يتفق علي عباس مراد و عامر حسن فياض مع هذه الرؤية التي يعرضانها في كتابهما (الظاهرة القومية)، م س ذ.
([6])بيتر تيلور؛ كولن فلنت، الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر، م.س.ذ، ص ص16،17.
([7])Anthony D, Smith, Nationalism And  Modernism, opcit,p45.
([8])بيتر تيلور؛ كولن فلنت،م س ذ ، ص21.

Previous Post Next Post