اثار السمات الإجرائية الحديثة في خطة المواجهة الأمنية
     تفرض السمات الإجرائية الحديثة آثارها الواضحة والحتمية في خطة المواجهة الأمنية وتعتمد الخطة هنا – على التسلح بذات السمات بل والتفوق عليها بقدر من الوسائل والإمكانات  القادرة على إجهاض تلك السمة وإفقادها لكل فاعليتها بشكل يكفل في النهاية الحيلولة دون وقوع الجريمة أو إنجاحها في تحقيق نتيجتها الإجرامية .

    ويتطلب تنفيذ الخطة الأمنية ضرورة زيادة الخبرات الفنية لرجل الأمن ويقتضي الأمر بداية الوقوف على الأهداف المطلوب تحقيقها وتحديد الأنماط الوظيفية القادرة على إدراك تلك الأهداف ويلزم التنبيه هنا ألا تقتصر الإستراتيجية على مجرد استهداف الوظيفة وتنميتها بل يتعين ضرورة إن نوضح من خلال منظور يؤخذ في الحسبان الوقوف على منجزات العصر من نتائج تقدمه حتى لا تحدث فجوة بين مستوى الأداء الوظيفي وبين ظروف البيئة المتغيرة بشكل يؤدي إلى حدوث سلبيات تحول دون تحقيق الوظيفة لغاياتها وبخاصة في مجال العمل الشرطي كما ينبغي التبصر والأخذ في الاعتبار- في صدد صياغة الاستراتيجية - بكافة المتغيرات الاجتماعية التي تمثل إطارًا للخطة وتعمل برامجها من خلاله ,  بل تسعى إجراءاتها إلى مواجهة ما يحفل به من ظروف وأحداث ولعل ذلك التبصر هو الذي يضمن للاستراتيجية إمكان  تكاملها وحسن انتظامها وارتفاعها إلى مستوى المنظومة التي تتميز بقدرتها على الجمع بين مجرد التصور التخصصي وبين الفاعلية للتطبيق في ضوء الإلمام بكافة عناصر المعرفة وبعمليات الحياة العامة وإمكاناتها .. فالاستراتيجية في مجال الأمن تنفرد عن غيرها بسمات متميزة أهمها مرونتها وقابليتها للتعديل والتغيير لمواجهة المتطلبات الأمنية المتجددة التي فرضتها المتغيرات  الإقليمية والدولية .

    وتستهدف الاستراتيجية في ضوء ما تقدم ,  تحقيق التناسب بين قدرات رجل الأمن وإمكاناته وبين جسامة الجرائم وخطورة نتائجها ,  ويتم ذلك من خلال توصيف أولي للقدرات والإمكانات الأمنية اللازم توافرها لإمكان مواجهة كل جريمة أو مهمة أمنية بعد الربط بينهما بصورة توضح ذلك التناسب بين الغاية المراد الوصول إليها والوسيلة القادرة على ذلك ,  بحيث تبدو عملية التماثل بين الجريمة وأساليب مواجهتها أمرًا يتسم بالواقعية القادرة على تحقيق السيطرة لأجهزة الأمن مهما بلغت الجريمة من خطورة وتنوعت وسائل إتمامها وتطورت فنون مقترفيها .

وفي ضوء ما تقدم جميعا يمكننا استخلاص بعض ملامح خطة الاستراتيجية وهي :

أولا : أن اختيار إحدى الخطط دون الأخرى يتوقف على وجهة نظر المخطط وخبرته والظروف المحيطة ,  وكذلك السياسة العامة التي تسود الدولة التي يجب أن تضعها الشرطة في اعتبارها عند إصدار قرارات خاصة القرارات التي تصدر من الإدارة العليا لجهاز الشرطة وهي ما يطلق عليها القرارات الاستراتيجية .

ثانيا : ومن ملامح الاستراتيجية ضرورة تتبع حركة الجريمة في العالم وخاصة الدول المتحضرة فقد تغير شكل الجريمة عالميا بعد السبعينيات وفي الثمانينيات .

     وامتد هذا التغيير إلى معظم دول العالم التي عانت الكثير من الدول ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة , والجريمة العصرية وانتشار التيارات الفكرية – السياسية – الدينية التي تسعى للامتداد خاصة بين الشباب .

ثالثا : التركيز على ارتفاع القدرات والمهارات الفنية والسلوكية لجهاز الشرطة ,  وبالتدريب والتنمية المخططة – يجعله اقدر على أداء مهامه وواجباته بكفاءة وضمن المعاصرة في المعلومات والمعارف الشرطية العامة .

رابعا : ضرورة إشراك أو إسهام المواطنين في مكافحة الجريمة ,  إذ إن الشرطة لا تستطيع بمفردها أن تتصدى للجريمة بضراوتها وآثارها المدمرة والخطيرة ,  وهذا يتطلب بالضرورة إنشاء جسور التعاون بين الشرطة والمواطنين وينبغي أن تبدأ الخطوة الأولى في سبيل هذه العلاقة من جانب الشرطة ,  وهذه الروابط لا سبيل إلى إقامتها إلا بالجهد والمثابرة الدائمة ,  ووضع منهاج لذلك يمكن من خلال تطبيقه الوصول إلى الغاية..  وقد أسفرت هذه المشاركة عن كشف غموض كثير من الجرائم.

خامسا : ضرورة توافر المقومات والمتطلبات اللازمة لقيام الاستراتيجية وهذه المقومات ضرورة لا غنى عنها لنجاحها ,  وسبق أن اشرنا إليها في موضعه.

    ونكرر هنا مرة أخرى ما سبق أن نوهنا إليه من ضرورة رصد الاعتمادات  المالية اللازمة لتوفير تلك الأمنيات المادية .

سادسا :  ضرورة توافر المقومات التنظيمية اللازمة لقيام الاستراتيجية ,  إذ لا يغيب عن البال أن نجاح أية استراتيجية يعتمد – بالدرجة الأولى – على وحدة القيادة المنوط بها الإشراف على تنفيذها .

    وأخيرًا , فان الاستراتيجية بمتطلباتها ومقوماتها وبمراعاة الاعتبارات المتقدمة تحقق أهدافها في توفير الأمن والاستقرار بحسبانهما هما أساس التقدم والتنمية .


الهوامش

1. ويقصد بالجريمة المنظمة ، ذلك التنظيم الذي يبنى على أساس تشكيل هرمي من مجرمين محترفين يعملون في احترام وإطاعة قواعد خاصة ، يخططون لارتكاب أعمال غير مشروعة ، ثم استخدام التهديد والعنف والقوة والإدارة المتعمدة للإفساد للحصول على منافع مادية ، والاحتفاظ بالسطوة ( ولمزيد من التفاصيل ، يراجع د. أحمد جلال عز الدين ، الملامح العامة للجريمة المنظمة ، مجلة الفكر الشرطي ، الصادرة عن شرطة الشارقة ، دولة الإمارات العربية المتحدة ، عدد ديسمبر 1994).

2. الإرهاب نوع خطير من الإجرام له وسائله والخاصة وأهدافه غير المشروعة ، وله آثاره الضارة وتأثيراته على الأفراد والممتلكات الخاصة.  لمزيد من التفاصيل ، راجع د. ابراهيم عيد نايل ، جرائم الإرهاب ، السياسية الجنائية في مواجهة الإرهاب في القانونين الفرنسي والمصري دار النهضة العربية 1995 ، ص 5 ، وأيضًا د. محمد عبداللطيف عبدالعال ، جريمة الإرهاب ، دار النهضة 1994 ، ص3 وما تلاها ).

وراجع في هذا الشأن : د. حسن عبدالكريم ملحم ، العنف بين التطرف والإرهاب ، قراءة على هامش مؤتمر الأمم المتحدة التاسع لمنع الجريمة 1995 ، مجلة الفكر الشرطي ، المجلد الرابع ، العدد الأول ، يونيو 1995.

3. راجع د. محمد فاروق عبدالحميد كامل ، قواعد العمل الشرطي لتنمية وعي ومشاركة الجماهير في عمليات الوقائية ، مجلة الفكر الشرطي ، المجلد الرابع ، العدد الأول يونيو 1995 ، ص97 وما تلاها.

4. في هذا المعنى ، راجع محمد عزت حجازي ، الضبط الاجتماعي ... الأسس التي يقوم عليها والأدوات التي يعمل من خلالها ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 6، ص34.

5. عزت عبدالفتاح ، الاتجاهات الحديثة لمنع الجريمة ، مجلة الفكر الشرطي ، المجلد الأول ، العدد الثاني ، اكتوبر 1992.

6.   نيازى حتاته ، اسهام الجمهور في مكافحة الجريمة ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 25 ص3.

7.   عبدالعظيم فهمي ، فلسفة الأمن الداخلي ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد3 ص2.

8. حسن فتح الباب ، العوامل المؤثرة في احتياجات الشرطة ، الأمن العام المصرية العدد 32 ، ص75 وما تلاها.

9.   صادق حلاوة ، الأمن العام ، فلسفة وخطته ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 28 ، ص58.

10.                     نيازى حتاته ، مجرم العصر الحديث ، مجلة الأمن العام المصرية ، 44 ، ص 24.

11.      راجع لطفي جمعه ، دور الشرطة في حفظ السكينة والنظام ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 24 ، ص9.

12.      محمد حازم سليم ، التدريب على منع الجريمة ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 65 ، ص116.

13.      نيازى حتاته ، اسهام الجمهور في مكافحة الجريمة ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 57 ، ص161.

14.                     نيازى حتاته ، البحث العلمي في مجال الشرطة ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 56 ، ص3.

15.      محمد حسين محمود ، الجريمة العصرية ، مزيج رهيب من العنف والتكنولوجيا ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 70.

16.      في هذا المعنى ، د.عبدالكريم درويش ، ليلى تكلا ، أصول الإدارة العامة ، 1968 ، ص259 وما تلاها.

17.      محسن العبودي ، عمليات الشرطة ، لطلبة السنة الثانية بكلية الشرطة بجمهورية مصر العربية ، 89 ، 90 ص 43.

18.      حسن فتح الباب ، دور الرأى الأم في مكافحة الجريمة ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 54 ، ص128.

19.      جميل فرج الله ، التخطيط من مهام القيادة الشرطية ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 116 , ص30 وما تلاها.

20.         في هذا المعنى م ماجد الحلو ، علم الإدارة العامة ، دار المطبوعات الجامعية بالاسكندرية ، 1987 ، ص274.

21.      عبدالكريم درويش ، نحو فلسفة جديدة لتدريب الضباط ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 56 ، ص91.

22.                     محمد حسين محمود ، رجل الشرطة في الميدان ، مجلة الأمن العام المصرية العدد 95، ص55.

23.      عبدالكريم درويش ، التدريب منظور علمي وعملي ، المجلة العربية للتدريب ، العدد الثاني ، يناير – فبراير ، 1988 ، ص11.

24.      سمير محمد حسن ، الإعلام ، والاتصال بالجماهير والرأي العام ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، 1984 ، عالم الكتب ، ص299.

25.      أحمد باشات ، أسس التدريب ، الطبعة الأولى ، 1978 ، دار النهضة العربية ص 2138 وفي هذا المعنى حسين محمد الدوري ، الإعداد والتدريب بين النظرية والتطبيق ، رسالة ، 1976 ، ص166 وما تلاها.

26.      مشار إليه في مقال عبدالكريم درويش ، إعداد قيادات الشرطة لمواجهة مسئوليات العصر ، مجلة الأمن العام العدد 74 ، ص109.

27.         نبيل فوده ، الاتجاهات الحديثة في تسليح الشرطة ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 82 – 83 / ص28 وما تلاها.

28.      عبدالكريم درويش ، استخدام الدوائر التليفزيونية المغلقة في تدريب الشرطة ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 55 ، ص111.

29.      أحمد رجائي المراغي ، الحاسبات الالكترونية ، الشرطة تدخل عصر التكنولوجيا الحديثة ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 71 ، ص 15 وفي هذا المعنى شريف السماحي ، الحاسب الالكتروني وتطبيقاته في عمليات الشرطة المختلفة ، مجلة الأمن العام العدد 55 ، ص 119.

30.      في هذا المعنى ، عادل الحفناوي ، مساعدات التعليم والتدريب وأثرها في رفع كفاية العاملين في أجهزة الأمن العام مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 57 ص 189 وما تلاها.

31.                     في هذا المعنى ، يراجع د. محسن العبودي ، عمليات الشرطة ، مشار إليه ، ص4.

32.      في هذا المعنى عبدالكريم نافع ، تنمية القادة أهميتها وعناصر مقاومتها ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 88 ص 11 وما بعدها .

33.      في هذا المعنى ، عبدالعظيم لاشين ، دور الإدارة في الاحتفال باليوبيل الفضي للذكرى الخامس والعشرين من 25 يناير 1952 ، مجلة الأمن العام المصرية ، العدد 80 ، ص 44 وما تلاها.


كيفية وضع خطة امنية

بحوث امنية

بحوث امنية جاهزة

الخطة الاستراتيجية لوزارة الداخلية

الاستراتيجية الامنية الجزائرية

الخطط الامنية

مقترحات لتطوير العمل الشرطي

التنظيم في جهاز الشرطة


Previous Post Next Post