المداخل العلاجية المشكلات الاجتماعية
يتدخل الباحثون الاجتماعيون في مواجهة المشكلات الاجتماعية من خلال مستويين أساسيين  يهدفان إلى تحقيق أهداف علاجية أو وقائية وهما:
     1.        المدخل العلاجي : Treatment approach
وهو مستوى يستهدف القضاء على مشكلات قائمة بالفعل ، ويعاني منها السكان. وإذا لم يستطع  القضاء على المشكلات تماما أو نهائيا ، فهو على الأقل يحاول التخفيف منها قدر المستطاع .
وهذا المستوى هو الشائع بين معظم المجتمعات ، حيث يبدأ الاهتمام بالمشكلة بعد أن تظهر فعلا وتتضح مظاهرها ، أي أنه يتعامل مع الأعراض والنتائج دون الحاجة للرجوع للمسببات .
     2.        المدخل الوقائي : Preventive approach
وهو الذي يتوقع فيه المسؤولون عن المجتمع حدوث المشكلات ، نتيجة لعلمهم بأسبابها مقدما، وبالظروف التي تؤدي إليها ومن ثم يبدؤن في اتخاذ العدة لذلك قبل وقوع البلاء، وتكون النتيجة السليمة هي قلة الخسائر ... أو حتى انعدامها ، وهذا أفضل كثيرا بطبيعة الحال ، ولكنه يتطلب الكثير من العلم والجهد والعمل .
ومن المهم أن نذكر هنا ، أن هذا المستوى الوقائي لمقابلة المشكلات الاجتماعية، يعتمد على نتائج العلوم الأخرى وعلى معطياتها مثل : علم النفس ، علم  الاجتماع، علم الإحصاء ، الخدمة الاجتماعية ،  والتربية ... الخ .
ولو ضربنا مثلا من واقع المجتمعات الخليجية ، وبالتحديد من المملكة العربية السعودية فإننا نذكر مثال المنطقة الصناعية ـ سواء في الجبيل أو في ينبع ـ عندما يتم إنشاء المصانع الضخمة فيها ، وحينما يبدأ تشغيلها بكامل طاقتها ، فلسوف يرد إليها آلاف البشر من جميع المستويات ، من العمال غير المهرة ، إلى العمال المهرة ومن المهندسين إلى الفنيين والخبراء ...الخ .
وكما هو الحال في معظم المناطق الصناعية الكبرى ، فسوف يقيم هؤلاء جميعا على مقربة من عملهم، وداخل هذا المجتمع الجديد سوف تنشأ مجموعات من العلاقات الطيبة، كما سوف تعترض الحياة فيها بعض المشكلات الاجتماعية ،  وهذا  أمر عادي ومتوقع .
والذي يستطيع المستوى الوقائي عمله ، لمجابهة المشكلات الاجتماعية هو معرفة أعداد هؤلاء العمال وفئاتهم ، وأعداد أسرهم ، وفئات أعمارهم ، وتوزيعهم جنسيا ... وهذا من عمل رجال الإحصاء .
ثم إن علما مثل علم النفس ينبغي أن يسهم ببحوثه ودراساته ، حول التعامل النفسي مع أصحاب هذه الفئات المختلفة ، وذلك من خلال الدراسات والبحوث السابقة في نفس المجال، ومن خلال الملاحظة المتعمقة لما يجري من تغييرات وممارسات على أرض الواقع . و كذا يستطيع علماء الاجتماع والخدمة الاجتماعية التقدم بما لديهم من دراسات حول المشكلات الاجتماعية التي يمكن أن تنشأ في مثل هذه المجتمعات الجديدة وكيفية مواجهتها .
وختاما يمكننا القول إن المستويين العلاجي والوقائي يمكن أن يسيرا جنبا إلى جنب في نفس الوقت ، بحيث تكون معالجة آثار المشكلة الاجتماعية سائرة في الوقت الذي تكون فيه أمور الإعداد للوقاية من تكرارها ... أو زيادتها واستفحال أمرها آخذة في السريان أيضا .



المنهج الإسلامي في حل المشكلات الاجتماعية
   
مـــقــدمــة :
 يتميز المنهج الإسلامي بخصائص معينة لا تتميز بها المناهج الأخرى، مما جعله أفضل المناهج في علاج المشكلات وتتمثل هذه الخصائص في: .

          1.         الشمول والتكامل : 
  فالمنهج الإسلامي منهج رباني يسعى إلى تكوين الإنسان الصالح. والإسلام هو دين الفطرة قال تعالى } فطرة الله التي فطر الناس عليها * لا تبديل لخلق الله * ذلك الدين القيم{. فالمنهج الإسلامي يهتم بجميع جوانب الإنسان الجسمية والروحية و العقلية ونشاطه الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي و غير ذلك من الأنشطة ، ويشمل دنيا الإنسان و آخرته ،  عمله الظاهر و خواطره التي يكنها في نفسه ، بل ويشمل النية بها ولو لم يفعل،  ومن هنا فهو أشمل منهج عرفته البشرية.

     2.        التوازن:
توازن المنهج الإسلامي توازن بين طاقة الجسم و طاقة العقل و طاقة الروح. توازن بين ماديات الإنسان ومعنوياته.  بين ضروراته و أشواقه ، بين الحياة في الواقع و الحياة في الخيال ، بين الإيمان بالواقع المحسوس و الإيمان بالغيب الذي لا تدركه الحواس ... توازن بين النزعة الفردية و النزعة الجماعية.  توازن في النظم الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية. توازن في كل شيء في الحياة قال تعالى: }وكذلك جعلناكم أمة وسطاً{ ، وسطاً في كل شيء ، متوازيين في كل ما نقوم به من نشاط.

     3.        الإيجابية السوية:
من نتائج المزج بين طاقات الإنسان كلها و ربطها بعضها البعض، أن يتحول المخلوق البشري إلى طاقة إيجابية عاملة في واقع الحياة. والإنسان كما يريده الله - قوة فاعلة موجهة ، ومن ثم فهو قوة موجبة في واقع الحياة ، قوة تسيطر على  القوى المادية  و تستغلها في عمارة.الأرض،  قوة يغير الله  واقع البشر عن طريقها} إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم{، قوة تنشئ واقعها حسب المنهج الذي تؤمن به ، فتأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر وتقيم بنفسها نظامها } كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر وتؤمنون بالله {.

     4.        الواقعية المثالية:
الإسلام يأخذ الكائن البشري بواقعه الذي هو عليه ،  يعرف حدود طاقاته ويعرف مطالبه و ضروراته ، ويقدر هذه و تلك ، قال تعالى:  }لا يكلف الله نفسا إلا وسعها{.  ويعرف ضعفه إزاء المغريات ، و ضعفه إزاء التكاليف } يريد الله أن يخفف عنكم و خلق الإنسان ضعيفا {.  يعرف كل ذلك فيساير فطرته في واقعها  و لا يفرض عليه من التكاليف ما ينوء به كاهله و يعجز عن أدائه قال تعالى:}هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج {.  و يجعل التكليف الملزم في حدود الطاقة الممكنة ، ولكنه مع ذلك لا يتركه لفطرته الضعيفة دون تقويم ،  فتظل تهبط و تتراجع عن موقفها إلى موقف دون.  و الإسلام وهو يجاري واقع الفطرة بما فيها من ضعف و طاقة محدودة لا يغفل عن تلك الطاقة المكنونة التي تحقق المثال. ومن ثم يسير في نهجه على واقعية تشمـل المثال في طياتها ولكنها لا تغفل واقع الحياة .
كل هذه الخصائص التي يتميز بها المنهج الإسلامي تدعونا إلى إتباع هذا المنهج في رعاية الإنسان و علاج مشكلاته الاجتماعية إلى جانب علاج مشكلاته النفسية و الاقتصادية و التعليمية وأيضاً شغل وقت الفراغ لديه .  و سنعرض فيما يلي بشكل موجز – المنهج الإسلامي في علاج هذه المشكلات ...


أولاً:  المشكلات الاجتماعية:
لقد وضع الإسلام منهجاً متكاملاً لعلاج المشكلات الأسرية  و بناء الأسرة على أساس من التآلف و التراحم و المودة قال تعالى :  } ومن آيته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة ورحمة {.  فالهدف من الزواج هو غض البصر عن المحارم و إحصان الفرج و صلة قربى قال صلى الله عليه وسلم : (... ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه ،  أو يصل رحمة، بارك الله له فيها وبارك لها فيه ) .
وأباح الإسلام بأن يؤدب الزوج زوجته وأن يتدرج في تأديبها ، فأولا يؤدبها بالموعظة و التحذير و التخويف ، وإن لم يجدي هذا الأسلوب يتبع الأسلوب الثاني وهو هجر زوجته في مضجعه ، أي ينفرد عنها بالفراش و يهجرها وهو في البيت معها من ليلة إلى ثلاث ليال ، وإذا لم يجدي هذا الأسلوب يتبع الزوج الأسلوب الثالث وهو أسلوب الضرب بأن يضرب زوجته ضرباً غير مبرح بحيث يبتعد عن ضرب الوجه.  و الضرب هو وسيلة ضمن الوسائل المتعددة للعقوبة ، وكان ضرورياً أن تختلف الوسائل باختلاف الطبائع بين النساء.
وأباح الإسلام تعدد الزوجات للضرورة ،  وحدده بأربعة من النسوة فقط.  وأوجب الإسلام على الزوج واحدة إذا لم يستطع العدل بين زوجاته قال تعالى :}وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا {.
وتعدد الزوجات في الإسلام فيه علاج لكثير من المشاكل وحماية للأسرة من بعض الانحرافات الشخصية التي قد تحدث من بعض أعضائها . ومن المعروف أن الأزواج في أوروبا اليوم كثيراً ما يتخذون زوجات غير شرعيات مما يدل على أن أوروبا المسيحية بدأت تسير نحو التعدد ، يقول أحد فلاسفتهم : " لقد أصاب الشرقيون في تقريرهم لمبدأ تعدد الزوجات لأنه مبدأ تحتمه و تبرره الإنسانية ، و العجب أن الأوروبيين في الوقت الذي ينكرون فيه هذا المبدأ يتبعونه عملياً فما أحسب أن بينهم من ينفذ مبدأ الزوجة الواحدة على وجهه الصحيح ".
ويمكن أن يقضي تعدد الزوجات في الإسلام على الخليلات غير الشرعيات في المجتمعات الغير إسلامية حيث ينتج عنه أطفالاُ غير شرعيين.  و إذا عدل الزوج بين زوجاته في المعاملة فإنه لن تحدث مشكلات ، و قد ينتج عن تعدد الزوجات بعض المشكلات وهذه قد تكون لعدم العدل بين الزوجات في المعاملة.
وحث الإسلام الآباء على أن يراقبوا أولادهم ، ليعرفوا من يخالطون و يصاحبون، وإلى أي الأماكن يذهبون.  كما وجههم أن يحذروهم من خلطاء الشر ، و رفاق السوء ، ويختاروا لهم الرفقة الصالحة ، ليكتسبوا منهم كل خلق كريم ، ومن توجيهات الإسلام وتحذيراته من قرناء الشر ، و رفاق السوء ... قال تعالى:  } يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني * وكان الشيطان للإنسان خذولاً {.  و قوله تعالى: } قال قرينه * ربنا ما أطغيته *
ولكن كان في ضلال بعيد {.  وقوله تعالى: }الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو * إلا  المتقين{. و قوله عليه الصلاة و السلام : (المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل). و قوله عليه السلام : ( إياك و قرين السوء فإنك به تعرف ).
ومن حيث معاملة الأبناء أمر الإسلام بالعدل بين الأبناء وحسن معاملتهم والرفق بهم ،  قال تعالى:  } إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى {.  و قوله عليه الصلاة والسلام :  ( إذا أراد الله تعالى بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق ، وإن الرفق لو كان خلقاً لما رأى الناس خلقاً أحسن منه ….).  وقد أكد عليه الصلاة والسلام على وجوب العناية بالأبناء فقال:  ( أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم ).
وحث الإسلام على المشورة داخل أفراد الأسرة في الأمور المختلفة لقوله تعالى: }وشاورهم في الأمر { و قوله سبحانه:  } و أمرهم شورى بينهم {.
وتعويد الأبناء على أسلوب المناقشة داخل الأسرة و خارجها ، مع حسن النقاش لقوله تعالى:  }  وجادلهم بالتي هي أحسن {.
وحث الإسلام على المحافظة على المواعيد و الوفاء بالوعود لقوله صلى الله عليه وسلم :  ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، و إذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان).
وهكذا نرى أن الإسلام وضع منهجاً متكاملاً في علاج المشكلات الاجتماعية و أسس الوقاية منها…



ثانياً:  المشكلات النـفسية:
لقد اهتم الإسلام بالجوانب الاجتماعية و النفسية للإنسان فحث الوالدين منذ ولادة الطفل بل و قبل ولادته على تهيئة الجو المناسب الذي ينشأ فيه الطفل و تربيته التربية الصالحة حتى يشب خالياً من العقد النفسية و يشعر بالسعادة و الارتياح.
و أمر الإسلام الإنسان بالابتعاد عن الحقد و الكراهية و مختلف المشاعر السلبية و البعد عن اليأس ، قال تعالى :} ولا تيأسوا من روح الله أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون {.
وعالج رسول الله صلى الله عليه و سلم الغضب بأن أمر المسلم أن يملك نفسه عند الغضب  و يوصي بعدم الغضب ، فقال:  ( ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب ). وأمر الإسلام المؤمنين و المؤمنات بكظم الغيظ ، والدفع بالتالي هي أحسن ، والإعراض عن الجاهلين ، حتى يتحقق للمجتمع مودته ويتم للمسلمين تآلفهم، قال تعالى : }ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن * فإذا الذي بينك وبينه عداوة وكأنه ولي حميم{. وقوله سبحانه }..والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين{ ، وقوله تعالى : }وإذا ما غضبوا هم يغفرون {. وقوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا غضب أحدكم فليسكت) .
كما يحثنا ديننا على عدم الخوف والقلق على الرزق ، قال تعالى :}وفي السماء رزقكم وما توعدون { .
ومما يدخل الطمأنينة في نفس المؤمن اعتقاده  بأن كل ما يصيبه هو من عند الله لقوله تعالى :  }قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا { .
وعالج الإسلام الوساوس التي تصيب الإنسان ، فقال عليه السلام :  ( اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك ) .
وإذا لم تتحقق بعض حاجات الإنسان في الحياة فيجب عليه ألا ييأس ولا يقلق أو يحزن وإنما عليه أن يتقبل الأمر كما يقع لعله يكون فيه خير له ، لقوله تعالى :  }وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم * وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم { .
ومن أسباب عدم تكيف الفرد تعرضه للأزمات النفسية رغبته وتطلعه إلى ما في يد غيره وإلى أهداف فوق مستوى قدراته المادية والجسمية والعقلية فيشعر بالنقص ، وقد يدفعه هذا الشعور إلى الانحراف حتى يصل إلى ما وصل إليه غيره ، فعالج القرآن الكريم ذلك بطلب القناعة من المسلم  فقال تعالى : }  ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض{ .  
هذا وفي العبادات وإقامة الشعائر الإسلامية وتلاوة القرآن الكريم ما يجعل المؤمن يشعر بالطمأنينة والراحة النفسية .
ولقد عالج الإسلام المشكلات الجنسية وإشباع الغريزة الجنسية وذلك عن طريق الزواج والابتعاد عن المثيرات الجنسية، وضبط الغريزة الجنسية عن طريق الإيمان بالله، ويمكن تصريف الطاقة الجنسية في اتجاهات عليا ونبيلة عن طريق الأنشطة المختلفة . قال تعالى :} وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن { .

ثالثا : المشكلات الاقتصادية :
إن الدين الإسلامي شامل لجميع جوانب الحياة ويعالج جميع مشاكل الإنسان ، ويعالج المشكلات الاقتصادية عن طريق العمل والاستثمار وعدم الإسراف والموازنة بين الإيرادات والمصروفات .
حث الإسلام على العمل: }وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين {،  كما حث الإسلام على عدم الإسراف والتبذير مع عدم التقتير في قوله تعالى}: ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملموما محسورا { ، وقوله سبحانه : }والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا * وكان بين ذلك قواما{ . والإسلام دين يدعوا إلى العمل والمثابرة ، ويبين الفرق بين من يعمل ومن لا يعمل قال تعالى : } وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى { .والسنة النبوية الشريفة تدعوا إلى نبذ التواكل والكسل كطريق إلى الكد وإتقان العمل . فيبدي الرسول عليه الصلاة والسلام امتعاضه من الكسل والتواكل حين يقول :  ( أشد الناس عذابا يوم القيامة المكفي الفارغ ) ] أي المتعطل العالة على غيره [ ، ويقول عليه السلام : ( أخشى ما خشيت على أمتي كبر البطن ومداومة النوم والكسل).
وهذا رجل يشكوا إلى النبي فقره وحاجته رغم تعبده فيأمره النبي بالعمل فيقول : ( لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه) .
ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه قولته المشهورة عندما رأى أحد المسلمين كسولا منقطعا للعبادة في المسجد :  ] لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول : اللهم ارزقني ، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة [ . وفي هذا توجيه للاهتمام بالعمل والجد والاجتهاد .

رابعا : المشكلات التعليمية :
 العلم نعمة يمن الله بها على عباده قال تعالى : }وعلمك ما لم تكن تعلم { . }إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته * ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين { .  وقوله سبحانه :   }هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون{.  كما يوضح لنا سبحانه في كتابه الكريم آثار العلم الصحيح وثماره في  قوله : } إنما يخشى الله من عباده العلماء{، فإذا عمل كل فرد في المجتمع الإسلامي بما علم فقد وقى نفسه وأمته من أخطائه وزلاته .
ومن آثار العلم الصحيح وثماره ، معرفة النجاح الحق في الدنيا قال تعالى: }الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا {.
وينص القرآن في منهاجه التعليمي على وجوب التيقن والتثبت مما يتعلمه المرء المسلم ، ويضرب مثلا للمعرفة الكاملة الصادقة بأنها كمعرفة الرجل لأبنه ، ويحذر من الظن والحسد ، كما يحذر من الامتراء والمحاجة وإتباع الأهواء عند بيان الحق وعند عدم العلم بالحقيقة ، فيقول سبحانه : } ولا تقف ما ليس لك به علم* إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا {   } فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم * والله يعلم وأنتم لا تعلمون {. وقوله سبحانه : } وإن الظن لا يغني من الحق شيئا {  

ويرشد القرآن إلى آداب رائعة ليتأدب بها طلاب العلم ، يرشدهم سبحانه إلى التوجه إليه بالدعاء والرجاء أن يزيدهم علما }  وقل ربي زدني علما * وإن نسوا شيئا من علمهم أن يلهمهم ذكرا{ ، }  واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا {.
ويؤكد منهج القرآن الكريم على أن هناك مفتاحين لمغاليق الـعلم هـما الإيمـان والتـقـوى .
} ومن يؤمن بالله يهدي قلبه{ ،}  وإن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا { .
كما يلفت العقول إلى وجوب التواضع الدائم ، لأن الله هو الذي } علم الإنسان ما لم يعلم{ . ومهما بلغ الإنسان من علم فهو بالنسبة لما لديه سبحانه قليل وضئيل . لقوله تعالى: } وما أوتيتم من العلم إلا قليلا { . وهذا هو منهاج التعليم في ديننا الحنيف .

خامسا : مشكلات شغل وقت الـفراغ :
يحرص الإسلام على استثمار وقت الإنسان من يقظته إلى نومه ، ويحسن توزيع وقت  الإنسان بين العبادة والعمل الجاد والراحة والترفيه الهادف والاستمتاع بالطيبات . ولا يهدف الدين الإسلامي إلى استنفاد طاقة الإنسان فهو يدعو إلى الاعتدال وعدم الإفراط أو التطرف ، ويعترف بحق العقل والنفس والبدن وحق الإنسان في الترويح الطيب البريء، ويدعو إلى توزيع الوقت بين العبادة والعمل الجاد والتعلم والتفكر في الكون من أجل فهم سنن الله سبحانه ، هذا إلى جانب السمر الطيب والترفيه المقبول والتزاور وممارسة أنواع الرياضة الهادفة كالسباحة والرماية وركوب الخيل … الخ قال سبحانه : } وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا{.
ويحث الإسلام على استثمار وقت الفراغ وشغله في كل ما يعود على الإنسان بالخير والفائدة لقوله عليه الصلاة والسلام : ( اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، و فراغك قبل شغلك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل موتك ) وقوله عليه السلام : (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ، ولا تعجز ) .
ولو التزم المربون بهذه التوجيهات الإسلامية لأكسبوا أولادهم صحة وعلما وقوة ولحالوا بينهم وبين تشردهم وانحرافهم ولملأوا فراغهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم وآخرتهم . قال عليه السلام : ( لن تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه … ) .
وهكذا نرى الإسلام حريص على شغل الإنسان شغلا كاملا منذ يقظته إلى منامه بحيث لا يجد الفراغ الذي يشكو منه أو يدعوه إلى سوء استغلاله حيث قسم وقت الإنسان بين العمل والعبادة والراحة ، فليست المشغلة كلها إجهادا واستنفاذا لطاقة ، فمنها العبادة ، وذكر الله في القلب ، ومنها غفوة الظهيرة في الهاجرة ، ومنها السمر البريء مع الأهل والأصحاب ، والتزاور ، ومنها الدعابة اللطيفة النظيفة … الخ من أنواع الترويح .
وحين ألغى الإسلام عادات الجاهلية وأعيادها ومواسمها وطرائق حياتها ، لم يترك ذلك فراغا يتحير المسلمون في ملئه ، أو يملؤونه دون شعور منهم فيما لا يفيد ، بل جعل لهم عادات أخرى وأعيادا أو مواسم وطرائق حياة تملأ الفراغ . وهكذا عالج الإسلام مشكلات شغل الفراغ علاجاً جذرياً .

حل المشكلات الاجتماعية
المشاكل الاجتماعية وحلولها
تعريف المشاكل الاجتماعية
كيفية حل المشاكل الاسرية
المشكلات الاجتماعية المعاصرة
انواع المشاكل الاجتماعية
طرق حل المشكلات المدرسية
بحث عن المشاكل الاجتماعية
اهم المشاكل الاجتماعية
Previous Post Next Post