مادة تاريخ اوروبا الحديث و المعاصر 



مادة تاريخ اوروبا الحديث و المعاصر
تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر
تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر
موسوعة تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر
ملخص تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر
مصادر ومراجع تاريخ اوروبا الحديث
تاريخ اوربا في العصر الحديث
اسئلة تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر
موسوعة تاريخ اوروبا الحديث والمعاص



 ( أجب عن سؤالين فقط )   مما يلي : -
أكتب ما تعرفة عن : -
    1- عصر النهضة الأوربية موضحاٌ : ـ
أ‌-      خصائص النهضة الأوربية .
ب‌-    لماذا حركة النهضة قد ظهرت في إيطاليا قبل غيرها من الأقطار الأوربية .
ج-    النهضة خارج إيطاليا .
2  – حركة الأصلاح الديني  موضحاٌ : ـ
أ‌-      العوامل التي أدت إلي ظهور حركة الإصلاح الديني .
ب‌-    العوامل التي ساعدت علي أنتشار حركة مارتن لوثر .
ج-     موقف الأمبراطور شارل الخامس من حركة مارتن لوثر .

 3-          أسباب و نتائج  الحرب العالمية الأولي .                                                                                                                                                                                                      مع أطيب الامنيات بالنجاح    
   1- عصر النهضة الأوربية موضحاٌ : ـ
ت‌-    خصائص النهضة الأوربية .
ث‌-    لماذا حركة النهضة قد ظهرت في إيطاليا قبل غيرها من الأقطار الأوربية .
ج-    النهضة خارج إيطاليا .
اكتنفت حركة النهضة تيارات متنوعة، فهناك تيارات من العصر اليوناني الروماني القديم، وتيارات من العصر الوسيط، وتيارات حديثة منبثقة من واقع عصر النهضة نفسه وقد أثرت هذه التيارات بعضها في بعض، ونتج من تشابكها وامتزجها وتفاعلها حضارة عصر النهضة.
وقد تميزت النهضة الحديثة بعدة خصائص منها:
        أنها كانت علمانية، أي لم تنشأ في رحاب الكنيسة ولم تخضع لتوجيهاتها، بل على النقيض كان الطابع الغالب عليها هو الابتعاد عن الكنيسة والخروج على تعليمها. كما جاءت النهضة بمفاهيم جديدة وآراء جديدة، وأحدثت تغييرات جذرية تسللت إلى مختلف القطاعات السياسية والدينية والثقافية والفنية والاجتماعية.
        كذلك تميزت هذه الفترة بظهور بعض الكتاب والأدباء الذين ثاروا على الروح القديمة، في بعض نواحيها، وحرروا عقولهم، من بعض قيود العصور الوسطى. فأخذوا يكتبون بلغات شعوبهم وألفوا الروايات والأغاني التي ذاعت بين الجماهير التي أقبلت على إنشادها في شتى المناسبات، كذلك عمل هؤلاء الكتاب على إدخال التحسينات والإصلاحات اللازمة على هذه اللغات، مما أفضى إلى رفع مستواها، حتى أضحت صالحة لتدريس العلوم الآداب.
        واعتمدت النهضة في نموها وانتشارها على مركز القوة الذي وصلت إليه المدن في أواخر العصور الوسطى، إذ أضحت المدن تشكل وحدات سياسية مستقلة في وسط إقطاعي متزمت، كما غدت أرضاً طيبة لظهور الطبقة الوسطى ونمو الشعور القومي. وأن تكون عاملاً مؤثراً في القضاء على النظام الإقطاعي والحد من نفوذ الكنيسة وقد تجمعت في المدن الثروات وبخاصة الأموال السائلة، لأن سكان المدن اعتمدوا على التجارة والصناعة وابتعدوا عن سيطرة النبلاء الإقطاعيين في إقطاعياتهم الزراعية. وبذلك أضحت المدينة مركز الاجتماعي والنشاط، وهو المركز الذي كانت تحتله قلعة الإقطاعي في العصور الوسطى. ومن هنا قامت النهضة على أكتاف سكان المدن وهم أفراد الطبقة الوسطى.
        ومن خصائص النهضة نمو شخصية الفرد، فشخصية الفرد في العصور الوسطى كانت مختفية في الجماعة أو الطائفة أو النقابة الحرفية التي ينتمي إليها، وحرم الفرد من التعبير عن نفسه، بينما في عصر النهضة ظهر الفرد فيها متمتعاً بشخصية مستقلة له حرية الرأي والتصرف، وأضحت الخلية، الأولى في بناء المجتمع، وتعددت أمام الفرد مجالات عديدة من أجل القيام بدور بارز في المجتمع الذي يعيش فيه لاستغلال مواهبه وقدراته بعد أن كانت الفرص معدومة أمامه طوال العصور الوسطى بسبب استبداد النظام الإقطاعي وصرامة تعاليم الكنيسة، ولم يكن أمام الشخص الطموح المغمور سوى الانتظام في سلك الكهنوت بهدف الوصول في آخر المشوار على وظيفة كبيرة في الكنيسة يدر عليها مرتباً ضخماً.
        ومن خصائص النهضة أيضاً أنها لم تظهر في جميع البلاد الأوروبية في وقت واحد بل ظهرت فيها تباعاً، بدأت في شبه الجزيرة الإيطالية حتى إذا اكتملت واستوى عودها تسربت إلى سائر البلاد في غرب أوروبا.
        ومما لا شك فيه أن حركة النهضة قد ظهرت في إيطالية قبل غيرها من الأقطار الأوروبية، ويرجع ذلك لأسباب كثيرة، من بينها:
أولاً: الموقع الجغرافي:
        اكتسبت  شبه الجزيرة الإيطالية أهمية كبرى بسبب موقعها الجغرافي الفريد بالنسبة للبحر المتوسط، في وقت كان فيه هذا البحر مركز للتجارة العالمية، ومركز الاحتكاك الفكري بين الشرق والغرب.
ثانياً: الرخاء الاقتصادي:
        تمتعت المدن الواقعة في شبه الجزيرة الإيطالية مثل البندقية وجنوه وفلورنسا وميلان برخاء اقتصادي بفضل سيطرتها على أسواق التجارة في البحر المتوسط، وقيام الإيطاليين بنقل المتاجر الشرقية إلى المواني الإيطالية، ومنها توزع على الأسواق في سائر البلاد الأوروبية.وقد أفضى هذا النشاط التجاري إلى ظهور الرأسمالية ووجود طبقة جديدة تمتع بالغنى والثراء. والثراء يولد الرغبة في الحرية، ويكسب القوة والاعتزاز بالنفس، ويمهد السبيل للاشتغال بدراسة الفنون والعلوم والآداب، وبخاصة أن أغلب تجار هذا العصر كانوا أصحاب فن وذوق رفيع.
ثالثاً: المدن الإيطاليـة
        اتسمت شبه الجزيرة الإيطالية من الناحية السياسية بانقسامها إلى دويلات سياسية وقيام حكومات مستنيرة فيها اشتد التنافس بينها على تشجيع الآداب والفنون، وقد ساعد تحرر المدن الإيطالية من أعباء الحد الإقطاعي، مبكراً من غيرها من المدن الأوروبية تساعد على أعمال الفكر وتحرره حتى امتلأت الحياة فيها بمختلف أنواع الغايات، وأضحت أقرب ما تكون إلى الكمال.
رابعاً: مهد الحضارة الرومانية:
        ومما ساعد على جعل إيطاليا من أسبق الدول إلى الدخول في ميدان النهضة، أنها كانت مهد الحضارة الرومانية، وكانت إيطاليا تزخر بقدر كبير من تراث هذه الحضارة من مبان وتماثيل ومخطوطات ونقوش، فمكن ذلك الإيطاليين أن يكونوا على اتصال دائم بآداب الرومان وفنونهم وقوانينهم، فتأثروا بذلك وتطلعوا أن يكونوا ورثة أجدادهم الرومان، وأنهم أجدر الناس بالقيام على إحياء تراث الرومان واستعادة أمجادهم.
خامساً: تمتع إيطاليا بالسلام:
        تمتعت إيطاليا بالسلام والأمن فترة طويلة، وفي هذا المناخ ازدهرت المدن الإيطالية، وتوفر للنهضة الظروف الصحية للنمو والازدهار، فتقدمت العلوم والفنون بخطوات واسعة خلال تلك الفترة السلمية.
سادساً: إنشاء المكتبات:
        تناست المدن الإيطالية المختلفة على إنشاء المكتبات، واقتناء الكتب النفيسة والمخطوطات الغالية والصور البديعة، وهكذا انتشرت في شبه الجزيرة الإيطالية مكتبات زخرت بالمخطوطات والمجلدات والكتب وغيرها، وروعي في إنشاء هذه المكتبات وضع الكتالوجات يسهل الاطلاع على ما فيها من كتب ومخطوطات. وكانت مكتبة (أو بينو) تحتفظ بكتالوجات لمكتبات الفاتيكان وسان ماركو بفلورنسا ومكتبة بافيا، وحتى مكتبة اكسفورد بانجلترا.
سابعاً: اختراع آلة الطباعة:
        أفضى الاهتمام بالقراءة والكتابة وانتشارها إلى الحاجة الملحة إلى اختراع وسيلة يسهل بها انتشار التعليم، والحاجة أم الاختراع، فدخلت الطباعة إيطاليا في عام 1464، وكان من نتيجة اختراع آلة الطباعة أن انتشرت عدد الكتب وانخفض ثمنها، وزاد إقبال الناس على العلم، ولم تعد الثقافة والمعرفة حكراً على رجال الكنيسة، بل أضحت في متناول عامة الناس، وتحولت طباعة الكتب إلى صناعة كبيرة في بعض المدن، أهمها باريس والبندقية وبازل.
        ومما لا شك فيه أن اختراع الطباعة كان أداة الشعب الإيطالي في دعم الدراسات الكلاسيكية. وكان أبزر أعلام الطباعة الإيطالية الدوس مانوتيوس (توفى عام 1515) الناقد والمؤرخ الأدبي الذي أنشأ المطبعة التي عرفت باسمه في البندقية.

ثامناً: تأثر إيطاليا بالحضارة الإسلامية:
        أخذت الحضارة الإسلامية تزحف إلى أوروبا بصفة عامة وإيطاليا بصفة خاصة منذ أواخر القرن الحادي عشر الميلادي وسلكت في طريقها عدة معابر أهمها: هي شبه الجزيرة الأيبرية، وجزيرة صقلية، وبلا الشرق الأدنى. كما أسرع طلاب العلم من كل أنحاء أوروبا إلى مراكز الحضارة الإسلامية ينهلون من مواردها: يدرسون ويترجمون ويقتبسون الكثير من معالم هذه الحضارة فتأثر الإيطاليين بثقافة المسلمين واستنارت عقولهم بما اقتبسوه من الحضارة الإسلامية التي كانت أرقى منهم مدنية.
تاسعاً: مقر البابوية :
        إن وجود مقر البابوية  في روما كان عاملاً مساعداً على ازدهار النهضة في شبه الجزيرة الإيطالية، وكان له أثر كبير في نفوس الإيطاليين، فاكسبهم شعوراً بالسيطرة الدينية على بقية أنحاء أوروبا. كما حقق الإيطاليون كسباً آخر من الناحية المادية نتيجة وجود مقر البابوية  في بلادهم، إذ كانوا يظفرون بمعظم وظائف الكنيسة، وكانوا يتقاضون مرتبات ضخمة منها.
        ولما كان الإيطاليون أقرب الشعوب إلى مقر البابوية ، أضحىوا أشد من غيرهم ألفة واختلاطاً برجال الكنيسة، وأكثرهم نقداً لرجال الدين، ولهذا لم يخشو من تهديد الكنيسة ولا سلطة رجال الدين، ومن هنا كانوا أسبق الشعوب في تحطيم قيود العصور الوسطى وأغلال الكنيسة، وأقبلوا قبل غيرهم على دراسة العلوم والأدب والفنون القديمة في جو كامل من الحرية.
أهم مراكز النهضة في إيطاليا:
        أضحت المدن الإيطالية عبارة عن مراكز للنهضة وكانت أهم هذه المراكز.
1- فلورنسـا:
        كانت فلورنسا تحت حكم آل مديتشي عاصمة الآداب والفنون في أوروبا الغربية، فبرع تحت رعايتهم في فن النحت لورنزو جيبرتي (1378م-1455م) وكذلك دوناتللو (1386م-1466م). وشهدت فلورنسا تطور كبير في فن البناء ومنها انتقل إلى بقية أنحاء شبه الجزيرة الإيطالية، ومن أشهر النوابغ في فن العمارة في مطلع عصر النهضة فيليب برينلشكي (1377م-1446م) وهو من مواليد فلورنسا.
        وقد أضحت فلورنسا مركز للإشعاع الحضاري في إيطاليا في عهد الأمير كوزيمودي مديتشي (1434م-1464م) الذي اهتم بجمع المخطوطات والجواهر والمسكوكات والنقوش، وأصبغ حمايته على العلماء والنساخين والمصورين والنحاتين، ودعم مكتبة سان ماركو بفلورنسا.
        وسار لورنزو (1469م-1492م) على نهج جده كوزيمو في تشجيع الآداب والفنون، وبذل الأموال الطائلة على اقتناء التحف الفنية وفي سبيل التعليم، حتى أضحى عهده من أزهى عهود النهضة الأدبية والفنية في إيطاليا، وكان مما ساعد على ذلك أن شهدت فلورنسا في عهده رخاء اقتصادياً كبيراً، ووردت إلى أسواقها المتاجر من جميع أنحاء العالم.
        ويعتبر (ليونا ردو دافنشي)، و(مايكل أنجلو) زعيماً المدرسة الفلورنسية، ويتميزان بأن نشاطها الفني لا يقتصر على الرسم بل يتعداه إلى بعض الفنون الأخرى كالتصوير والنحت والموسيقى والأدب والعلوم الطبيعية بالنسبة (لدافنشي)، بينما (انجلو) برع أيضاً على جانب الرسم في النحت وهندسة البناء والشعر الإيطالي.
2- رومــا:
        كان من المتوقع أن يتصدى الباباااوات للدفاع عن أفكار العصور الوسطى ومعارضة النهضة ولكن نجدهم على العكس قد جرفهم مظاهر النهضة فساندوها على اعتبار أن لغة الإغريق وعلومهم تساعد رجال الدين على معرفة أصول دينهم.
        وقدساهم الباباااوات في النهوض بالعلوم ونشر المعرفة بإنشاء المكتبات وشراء المخطوطات واقتناء الكتب وإقامة الأكاديميات وجمع الكنوز الفنية وتجميل مدينة روما، ومن ثم أخذ الباباااوات ينافسون الأمراء الإيطاليين في تشجيع الأدب ورعاية الفنون، وكان الأدباء والفنانون يهرعون على بلاط البابا   يطمعون في كرم العطاء.
        ويطلق على هؤلاء الباباااوات في التاريخ الأوروبي الحديث اسم "بابوات النهضة" وكان على رأس هؤلاء الباباااوات البابااا نقولا الخامس (1447م-1455م) الذي بسط رعايته على العلماء ورجال الفنون والآداب، جمع خمسة آلاف مخطوط، كانت نواة لمكتبة الفاتيكان التي أنشأها. وبلغت النهضة زروتها في روما في عهد البابا   ليو العاشر (1513-1521) الذي كان يؤيد الفن والأدب، وشرع في تشييد كنيسة القديس بطرس.
        وهكذا ظهرت النهضة في إيطاليا، ثم أخذت في النمو والانتشار، وتشق طريقها قدماً في ربوع شبه الجزيرة الإيطالية، ولما اكتمل نموها ونضجها تعرضت لعاملين اجتمعا في القضاء عليها، تمثل العامل الأول في الحروب الإيطالية التي كانت مظهراً من مظاهر التنافس بين فرنسا وأسبانيا، وكانت شبه الجزيرة الإيطالية هي ميدان هذه الحروب في معظم أدوارها واستمرت ما يقرب من خمس وستين عاما (1494م-1559م) وكان استيلاء قوات الدولة الرومانية المقدسة على روما في عام 1537م إيذاناً بانهيار النهضة الإيطالية وانطفاء شعلتها ونهاية عصرها.
        أما العامل الثاني فتمثل في الثورة الدينية بزعامة مارتن لوثر في ألمانيا، وهدفها التحرر من سيطرة الكنيسة الكاثوليكية، مما أفضى إلى نقمة الباباااوات على هذه الحركة واعتبروها نتيجة من نتائج حركة إحياء العلوم، والآداب والفنون، ومن ثم نشطوا في محاربة تلك الحركة الدينية محاربة لا هوادة فيها.
النهضة خارج إيطاليا
        تسربت روح ومظاهر النهضة عبر الألب إلى أنحاء شتى من القارة الأوروبية على يد الطلاب الذين كانوا قد توافدوا من أنحاء أوروبا إلى المدن الإيطالية ينهلون من مراكز النهضة منها ما شاء لهم شغفهم بالتحصيل العلمي –ولما عاد هؤلاء الوافدون إلى بلادهم معهم حماسهم إلى نشر الآراء الجديدة بين مواطنيهم.
1- النهضة في الأراضي المنخفضة:
        أخذت الدراسات الإنسانية في الأراضي المنخفضة في النمو والإزدهار بسرعة حتى أضحت جامعة ليدن في خلال نصف قرن مركزاً عالمياً للدراسات الإنسانية وانصب اهتمامها بصفة خاصة بالتاريخ، والآثار والدراسات الإغريقية. والطب (ويعد ديديه إرزمس) في مقدمة الإنسانيين الهولنديين. إذ حاصر في اللغتين الإغريقية واللاتينية في عدة دول أوربية مثل فرنسا وانجلترا وألمانيا، وقد شغفت بالبحث عن الكتب القديمة وجمعها والتعليق عليها ونشرا للإفادة منها، ووضع عدة مؤلفات باللغة اللاتينية.
        وكانت الناحية الدينية هي الدراسة المفضلة لدى إرزمس، فنشر النسخة الإغريقية الأصلية للإنجيل وأرفقها بترجمة لاتينية سليمة وتعليقات جديدة مبسطة، وكان يدرك أن التدهور الذي أصاب الكنيسة نتيجة سلوك كبار رجال الدين وحياة البذخ والفساد التي يحيونها وضعف مستواهم العلمي. ومعنى ذلك أن (أرز مس) كان في طليعة الرواد الذين دعوا إلى الإصلاح الديني.
        وقد نافس سكان الأراضي المنخفضة سكان فلورنسا والبندقية في تقديرهم للجهود الأدبية والفنية، ويعتبر (رامبرانت) من أعظم المصورين والنقاش الهولنديين.
النهضـة في ألمانيـا:
        تميزت النهضة في ألمانيا باتجاهها الديني الفلسفي، وبالطابع الجدي الصارم البعيد عن تقديس الجمال، فلم يتحمس الألمان إلى محاكاة الإغريق والرومان في طريق معيشتهم وأزيائهم وتقاليدهم كما فعل الإيطاليون. وقد ظهر هذا الفارق أوضح ما يكون في فن البناء، اتجه الفنانون الإيطاليون إلى محاكاة النماذج الإغريقية والرومانية تمسك الفنانون الألمان بالطراز القوطي، وهو الطراز الذي كان منتشراً في العصور الوسطى.
        وممن اشتهروا في ألمانيا (حنا روخلن) (1455م-1522م) الذي درس الأدبين اليوناني واللاتيني وجاهد في سبيل نشر الدراسات الإغريقية بين مواطنيه، ثم تعمق في دراسة العبرية من أجل خدمة الديانة المسيحية على اعتبار أن العبرية هي الوسيلة العملية لدراسة وتفهم كتاب "العهد القديم". وفي الحقيقة أن هذا هو الاتجاه المميز للحركة الإنسانية في مرحلتها الأولى في ألمانيا.
النهضة في فرنسـا:
        ظفرت النهضة في فرنسا بالمناخ الصحي الذي ساعد على ازدهارها، إذ أن انتهاء حروب المائة عام وتخليص البلاد من نكسات الحروب الطويلة ضد انجلترا، وامتداد الحكم المركزي الملكي إلى كل مقاطعات المملكة الواسعة من العوامل التي ساعدت حركة النهضة على أن تشق طريقها في فرنسا بخطوات واسعة.
        وقد ساهم ملوك فرنسا في انتشار الدراسات الإنسانية ببناء الكليات والأكاديميات، فأنشأ (فرانسوا الأول) عام 1530م كلية فرنسا في باريس، وعين لها أساتذة متخصصين في اللغة الإغريقية بوجه خاص. ونشطت في باريس حركة نشر الكتب الإغريقية، وأسست مطبعة يونانية متخصصة لنشر هذه المؤلفات.ومن التقاليد التي أرسيت قواعدها في فرنسا زمن النهضة أن أصحاب المطابع لم يكونوا رجال أعمال فحسب، بل جمعوا بين الثقافة العميقة الواسعة وبين مهنة الطباعة.
        وبرز من أعلام النهضة في فرنسا الكاتب الرومانسي (انطوان دي لاسال) (1390م-1464م) وهو من رواد القصة الحديثة، والمؤرخ (فيليب دي كومين) (1445م-1509م) والذي تعتبر مذكراته عن عهدي لويس الحادي عشر وشارل الثامن والمنشورة لأول مرة عام 1532م ، أهم ما كتب باللغة الفرنسية في القرن الخامس عشر، أما (فرنسوا رابلية) (1483م-1553م) فقد درس الإغريقية والقانون الروماني، والطب، وأضحى أستاذاً في علم التشريح، وكان أول من خالف أمر البابا   وشرح جثة إنسان، وأضحى مهتماً بالبحث العلمي، ونشر أبحاثه في أسلوب مبسط.
        ومن الجدير بالذكر أن هناك فارقاً بين موقف العلماء الإيطاليين وموقف العلماء الفرنسيين في عصر النهضة بخصوص موقف كل منهما تجاه الدراسات الإنسانية، فبينما بهرت المخلفات القديمة أفئدة العلماء والفنانين الإيطاليين، واعتقدوا أنها أروع وأجمل ما يمكن أن تنتجه عقول البشر، فاتخذوها مثلاً أعلى يستوحون منه إنتاجهم الأدبي والفني دون محاولة لإضافة مزيد من اللمسات أو التعديلات، وكانت النتيجة المنطقية أن إنتاجهم الأدبي والفني أضحى صورة من المخلفات القديمة، بينما نظر العلماء الفرنسيون إلى هذه الآثار الأدبية والفنية نظرة ملؤها التقدير، وأخذوا منها ما يوافقهم، مزجوه بخصائص فكرهم الذاتي، ومن ثم كان إنتاجهم مزجاً بين القديم والجديد. ويتضح هذا الفارق بين الإنتاج الفرنسي في الأدب والبناء والنحت.
النهضـة في انجلتـرا:
        شهدت إنجلترا ركوداً في الحياة الفكرية نتيجة للحروب التي خاضتها في الخارج والداخل، وبسبب استخدام الملكية وسائل العنف ضد الحرية الفكرية وبخاصة في جامعة اكسفورد هي وقتال أعظم الجامعات الأوروبية نفوذاً وحرية فكرية ولما استتب الأمن في انجلترا في عهد أسرة تيودور أخذت الحياة الفكرية طريقها إلى إنجلترا.
        ومما لا شك فيه أن الدراسات الإنسانية قد شغلت مكاناً في الحياة الفكرية الإنجليزية، وذلك بالاهتمام بدراسات اللغات اليونانية واللاتينية، ودخلت الدراسات الإنسانية برامج المدارس الإنجليزية، وكان أقدم المدارس التي أسست لهذه الدراسات مدرسة (سانت بول) وتتابع إنشاء مدارس أخرى على شاكلتها في لندن وضواحيها.
        ومن أعلام النهضة في إنجلترا (توماس كولت) الذي أدخل تعليم اللغة الإغريقية في جامعة أكسفورد، ور (توماس مور) وكلاهما كان صديقاً لارزمس. وتعاونا الثلاثة على نشر الإنجيل.
        ومن خصائص النهضة في انجلترا أنها أخذت طابعاً دينياً يستهدف خدمة المسيحية، ولذلك لم تكن النهضة في انجلترا مقصورة على الآداب والفنون بل حوت أيضاً الدين، وحاولت التوفيق بين الفن والعقيدة وبين الجمال والدين.

2  – حركة الأصلاح الديني  موضحاٌ : ـ

ت‌-    العوامل التي أدت إلي ظهور حركة الإصلاح الديني .
ث‌-    العوامل التي ساعدت علي أنتشار حركة مارتن لوثر .
ج-     موقف الأمبراطور شارل الخامس من حركة مارتن لوثر .

أسباب الإصلاح الديني: مرت المناداة بالإصلاح الديني بمرحلتين واضحتين:
        المرحلة الأولى: وهي مرحلة مطالبة الكنيسة بأن تقوم بإزالة مفاسدها وتعمل على تنظيم شئونها على أيدي رجالها، أي من داخل الكنيسة، وبمعرفة الكنيسة ذاتها. ومن هنا حاول رجال الدين الكاثوليك عقد المجالس الدينية لإدخال الإصلاح اللازم للكنيسة، ولكن محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح.
        أما المرحلة الثانية: وهي محاولة مطالبة الكنيسة بالإصلاح والضغط عليها لقبوله على أيدي مجموعة من الناس الخارجين عن الكنيسة، وهذا ما يعبر عنه بالإصلاح من الخارج، وكان من كبار المصلحين في هذه المرحلة مارتن لوثر ويوحنا كلفن.
وعلى أية حال فقد تضافرت عدة عوامل في ظهور حركة الإصلاح الديني أهمها ما يلي:
1- فسـاد الكنيسـة:
        فقدت الباباوية من أسباب نفوذها وهيبتها وعظمتها منذ القرن الرابع عشر نتيجة للانشقاق الديني الكبير الذي ترتب عليه وجود ثلاث بابوات على رأس العالم المسيحي الغربي، أولها في مدينة أفنيون الفرنسية، وثانيهما في مدينة روما، وثالثهما في مدينة بيزا في إيطاليا. وأضحى كل واحد منهم يعمد على تسفيه منافسيه ويطعن فيهما وفي صلاحيتهما لتولي كرسي البابوية ، لدرجة أن بعضهم لم يتورع عن إصدار الحرمان ضد البابا الآخر. فاهتزت في نظر المسيحيين الصورة الوضيئة الطاهرة التي كانت قد تمثلت في أذهانهم عن البابوية  في عصورها الأولى. وكان من الأسباب التي أفضت إلى فقدان الكنيسة هيبتها تكالب رجال الدين على المناصب الدينية وتمسكهم بها والبعد عن الإيثار والتضحية فتكشف للكل حقيقتهم.
        ومضت السنوات ومركز الكنيسة يهتز في أعين المسيحيين الذين شعروا بضرورة إدخال تعديلات جوهرية في نظم الكنيسة ولم يستطع مسيحي عاقل أن ينكر حاجة الكنيسة إلى مثل هذا الإصلاح مهما بلغ عمق ولائه للبابا ومهما كان متمسكاً بالتقاليد، ففي النصف الأخير من القرن الخامس عشر كان عدد كبير من رجال الدين وعلى رأسهم الذين يعيشون عيشة البذخ والترف، وزجوا بأنفسهم في غمار الحياة السياسية وتحولت الولايات البابوية  إلى دولة علمانية استخدم فيها البابا كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة من التآمر والغدر والاغتيال بالسم وإثارة الحروب لتحقيق أغراض سياسية وبيع وظائف الكنيسة لتحقيق مزيد من الثراء.
        وكانت النتيجة الحتمية لذلك أن هوت سمعة البابوية  إلى الحضيض وأضحى معظم رجال الدين موضع سخرية من المجتمع، وبالتالي فقدت الكنيسة المكانة العالمية التي كانت قد تبوأتها، واهتز الأساس الروحي والأخلاقي، الذي قامت عليه نفوذها بل وجبروتها في العصور الوسطى، وبات المسيحيون في غرب أوروبا يتحدثون عن ضرورة الإصلاح والقضاء على الانحرافات الخطيرة التي ظهرت بين رجالها وتطوير نظمها وتنظيم علاقاتها مع أرجاء العالم المسيحي.
2- النهضة وأثرها في ظهور روح النقد:
        انتشرت روح النقد وظهرت شخصية الفرد على أثر حركة إحياء العلوم في عصر نهضة فتحرر المفكرون من القيود الثقيلة التي كانت تفوضها الكنيسة على حرية الفكر وحرية البحث العلمي وسلطوا نور العقل المنطق على جميع الأنظمة التي خضع لها المجتمع. وفي مقدمتها الأنظمة الدينية. واختلفت مقاييس النقد باختلاف البيئات والشعوب، فأهل جنوبي أوروبا وبخاصة في إيطاليا خرجوا على تعالمي الكنيسة واستهوتهم حياة اللهو والمرح، أما أهل شمالي أوروبا فكانوا يعالجون مشكلاتهم بالعقل والمنطق والحكمة، ولم تستهوهم حياة المرح.
        وقد أفضى النقد إلى السخط على الأوضاع والأفكار والعقائد التي سيطرت على العالم المسيحي مدة العصور الوسطى، وأطلق العنان لحياة الحرية الطليقة من القيود على درجة التطرف في الأخلاق والعادات وفي مسلك الإنسان عموماً نحو الكنيسة ونحو المجتمع. ومن ثم ظهرت حركة قوية تنادي بالعودة إلى الحياة المسيحية الصحيحة دون أن تدنسها الأطماع الدنيوية، وأن يكون الكتاب المقدس هو المصدر الأساسي للعقيدة.
3- موقف حكام ألمانيـا:
        كانت ألمانيا تنقسم إلى وحدات سياسية عديدة تجاوز عددها نحو ثلاثمائة وخمسين حكومة. وكان حكام هذه المقاطعات يرون أن سلطات البابا   تحد من حريتهم واستقلالهم. وكان هناك أكثر من سبب جعل حكام الواحدات السياسية الألمانية يشجعون حركة الإصلاح الديني للتخلص من تدخل الكنيسة والبابا  ، فقد كان لهما حق تعيين الرؤساء الدينيين، وكانت هناك ضرائب تجمع باسم البابا   ترسل حصيلتها إلى روما، وكانت للكنيسة أراض واسعة تتمتع بالإعفاء الضريبي وكانت كنيسة روما هي المستفيدة من هذا الإعفاء. لذلك شعر حكام المقاطعات الألمانية بأن استقلالهم في الحقيقة استقلال ناقص، وأنه يجب انتهاز هذه الفرصة للتخلص من سيطرة روما والاستحواذ على أملاك الكنيسة، ومن ثم كان الترحيب ثم التأييد للحركة الدينية التي تزعمها مارتن لوثر ضد كنيسة روما.
4- صكوك الغفـران:
        نشأت صكوك الغفران عن فكرة دينية روج لها رجال الكنيسة، ومؤداها أن الإنسان إذا ارتكب خطيئة وتاب منها واعترف بذنبه، فإنه لا يدخل الجنة مباشرة بل يظل فترة من الزمن في المطهر حتى يتطهر من الذنوب التي علقت به. وقد رأت الكنيسة أن العذاب الذي يلقاه المذنب في المطهر يمكن تخفيفه بالحج إلى كنائس معينة في روما والصلاة فيها، ثم توسعت في فكرة تخفيف عذاب المطهر وأجازت تقديم الهبات المالية بشراء صكوك الغفران بدلاً من تحمل مشقة الحج إلى روما.
        وقد أقبل الأفراد على شراء هذه الصكوك، كل حسب مقدرته المالية، ووجدت البابوية  في عملية بيع صكوك الغفران مكسباً مالياً ضخماً، فتوسعت في عمليات توزيعها وزعمت إن أثرها يمتد إلى الموتى. وقررت أن في استطاعة كل إنسان حي، له عزيز احتواه القبر أن يشتري له نيابة عنه صكوك الغفران. ومن هنا كثر انتقاد المفكرين لتصرفات الكنيسة وبدأ طلب الإصلاح.
حركة الإصلاح الديني في ألمانيـا
مارتن لوثـر (1483م-1546م):
        ولد مارتن لوثر في 10 نوفمبر في قرية إيزلن وهي بلدة صغيرة في مقاطعة سكوننا الألمانية. وكان الوسط الذي نشأ فيه لوثر هو وسط حياة الريف الألمانية، ملؤها الكد والجهد والخشونة، ولكن أتيح له حين بلغ أشده أن يلتحق بجامعة إرفورت حيث درس القانون، ومكث في هذه الجامعة نحو أربع سنوات، وفجأة انصرف عن الحياة العلمية اتجه للخدمة الدينية فالتحق بأحد أديرة القديس أوغسطين في عام 1505م حتى عام 1507م فعكف خلال هذه الفترة على دراسة اللاهوت، وفي سنة 1508م التحق بجامعة وتنبرج ليستكمل دراساته في اللاهوت، وأتيحت له فرصة زيارة مدينة روما في سنة 1511م فتبرك بزيارة الأماكن المقدسة فيها. ولكن أزعجه ما شهده من فساد وأخلاق رجال الدين، فعاد وقلبه غاضب عليهم بالسخط على رجال الكنيسة. وفي عام 1512م عين أستاذا لكرسي اللاهوت في جامعة وتنبرج، وجعل رسالته الأولى في الحياة التدريس والوعظ. 
وقد وجه لوثر اهتمامه نحو مسألة الغفران وابتذال الكنيسة في جمع المال عن طريق بيع صكوك الغفران إذ أضحت مسألة الغفران تشتري بالمال بعد أن كانت ترتجي أو يتوصل إليها الإنسان بالتوبة والاعتراف والصوم. إذ سنحت له الفرصة في سنة 1517م لإظهار ما يكنه صدره تجاه بيع صكوك الغفران، ذلك أن فى عهد البابا "ليو العاشر" ذهب إلى مدينة ريتبرج راهباً يدعى (جون تنزل) ليبيع صكوك الغفران، فما كان من لوثر إلا أن علق على باب الكنيسة احتجاج يتضمن خمسة وتسعين بنداً ضد صكوك الغفران ضعفها آراءه ومواقفه من قضية صكوك الغفران، ودعا الأمراء الألمان على تزعم حركة الإصلاح في كل بلاده، وإقامة كنائس وطنية ذات استقلال ذاتي وذاع أمر هذه الوثيقة وطبعت ووزعت في طول البلاد وعرضها.
وقد بذلت محاولات للقبض على لوثر وترحيله إلى روما وقد فشلت هذه المحاولة بفضل تدخل فردريك أمير سكسونيا، فرأى البابا أن يسلك مع لوثر طريق الإقناع، فأرسل إليه البابا   رجال الكنيسة لإقناعه بالعدول عن آرائه، فدارت مناظره بين تلاميذ مارتن لوثر ورجال الكنيسة أفضت إلى إعلان لوثر أن صكوك الغفران والبابوية  كلها بدع مستحدثة لم تكن معروفة أيام الرسل الأولين، أعلن أن الكتاب المقدس وحده قانون العقائد ومصدر الدين.


حدد لوثر عدة مبادئ لحركة الإصلاح الديني التي دعى إليها وكان من بين هذه
المبادئ:
1-     إخضاع رجال الدين للسلطة المدنية.
2-     ليس البابا   الحق في احتكار تفسير الإنجيل.
3-     إباحة الزواج للقسيس.
4-     إباحة الطلاق للمسيحيين.
وقد جمع أسس عقيدته الدينية والسياسية وأخرجها في رسائل ثلاثة، أطلق عليها رسائل الإصلاح. الأولى موجهة للمدنيين بالألمانية يحثهم على المساهمة في إصلاح الكنيسة، والثانية باللاتينية موجهة إلى رجال الدين والثالثة بشأن الحرية المسيحية وموجهة إلى البابا   ليو العاشر.
وكانت هذه الرسائل بمثابة انفصال لوثر عن الكنيسة وجعلت من المستحيل إصلاح علاقته بالبابا  . فقد أرسل عليه البابا   رسالة يدعوه فيها للخضوع للكنيسة ولسلطته البابا   الدينية دون قيد أو شرط. ولكن لوثر أحرق كتاب البابا هذا على ملأ من الناس في 10 ديسمبر عام 1520م. وإزاء هذا التحدي السافر الذي بدأ من لوثر وإصراره على موقفه أصدر البابا قرار بحرمانه من رحمة الكنيسة. وطلب البابا   على شارل الخامس إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة تنفيذ قرار الحرمان الباباوي على اعتبار أن لوثر يقيم في إقليم سكسونيا الداخل في أراض هذه الدولة.
وبينما كان لوثر مهدداً بالقبض عليه في أي وقت حمله بعض أصحابه إلى أحد حصون سكسونيا في حماية أميرها وظل مختبئاً به عامين، ترجم في أثنائها الكتاب المقدس من الإغريقية إلى اللغة الألمانية، فكان ذلك أول كتاب قيم طبع بهذه اللغة.
العوامل التي ساعدت على انتشار حركة مارتن لوثر:
1-     شخصية لوثر وقوة إيمانه بمذهبه، فقد كان يتصف بشجاعة لا تقهر وقوة عظيمة بعثته على إقناع أتباعه بالثقة الكاملة من هدفه، مما جعل كثيراً من الشعب الألماني يعتقدون أنهم يستطيعون بقيادة لوثر الوصول إلى الحقيقة الخالصة، التي ظلت فترة طويلة مختفية بين طيات فساد الكثير من الكتب الكاثوليكية، وان تلك الحقيقة لو نأفضى بها لوثر خارج ألمانيا لتقبلها العالم كله. ومن ثم نشأ في ألمانيا أمل جديد في حياة مستقبلية أفضل من الناحية الدينية والسياسية والاجتماعية. ومما لا شك فيه أن شخصية لوثر القوية قد جذبت إليه النفوس، فهو قد فهم الروح الألمانية فهماً عميقاً، فصار خير معبر عن أمالها ورغباتها.
2-     كانت أحوال ألمانيا السياسية كذلك مشجعة لنمو الحركة الجديدة وانتشارها فقد كانت ألمانيا مقسمة سياسياً، إذ كانت إمبراطورية بالاسم وكانت في الواقع اتحاداً فيدرالياً يضم الولايات المستقلة التي لا تقبل التدخل في شئونها. فلم يكن في استطاعة الإمبراطور دون معونة دويلات ألمانيا أن يفرض ضرائب أو يجمع جيشاً أو يعلن حرباً، ولم يكن من السهل عليه أن يحصل على موافقة تلك الدويلات الألمانية. وكان لذلك أثره في نجاح لوثر. ولو ملك الإمبراطور ما ينبغي له من قوة لاستطاع بها القضاء على لوثر وحركته.
3-     لاقت هذه الحركة رواجاً وتشجيعاً لأنها اعتبرت حركة تحريرية قومية ضد الأجنبي. فقد كان يسود ألمانيا شعور الكراهية للتدخل الأجنبي في شئونها، فكان الألمان يكرهون (شارل الخامس) لأنه كان أسبانياًن والبابا   لأنه إيطالي، ولذلك نجح لوثر في اجتناب عدد كبير من الألمان كان ينادي بأن ألمانيا يجب أن تكون للألمانيين.
4-     رحب الأمراء الألمان بهذه الحركة اعتنقوا العقيدة الجديدة لكي تكون خطوة فى سبيل تحقيق استقلالهم السياسي إلى جانب انفصالهم الديني.
5-     وجود جامعة ناشئة خاضعة للوثر ومخلصة لتعاليمه ألا وهي جامعة فتنبرج التي أضحت المركز الرئيسي لدعوة مارتن لوثر، فقد كانت كعبة العلماء وعلى وجهة الخصوص ألمانيا، فهي التي نشرت مؤلفات لوثر الأولى وكانت بلغة يفهمها الألمان.
نتائج حركة مارتن لوثر:
        إذا كانت الظروف السياسية التي أحاطت بألمانيا ساعدت على انتشار الحركة اللوثرية، فإن الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي سادت أنحاء ألمانيا جعلت الحركة تأخذ في مسارها اتجاهات معينة فيخرج من أنصارها طوائف من السكان وتلتصق بها طوائف أخرى.
        وأياً ما كان الأمر، فعندما ظهر مارتن لوثر بدعوته الإصلاحية، كان من المتوقع أن يشتط المؤيدون لحركته الإصلاحية في الخروج على الأنظمة الموجودة. واختلطت مطالب الطبقات المختلفة بدعوة الإصلاحات الدينية المجردة، فنشأ من ذلك جميعه، حدوث الاضطرابات الواسعة في ألمانيا أثناء انزواء لوثر في عزلته. وكان أهم هذه الاضطرابات والحركات الثورية المتطرفة.
1- ثورة الفرسان أو صغار النبـلاء:
        كان الفرسان يشكلون طبقة تختلف كل الاختلاف عن بقية أفراد الشعب فقد كان الفارس يملك إقطاعية صغيرة من الأرض يتوسطها قصره المشيد على هيئة معقل أو قلعة، ولا يعترفون بالسيادة إلا للإمبراطور نفسه. وفي بداية العصور الحديثة فقدوا الكثير من هيبتهم وقوتهم بسبب انحلال النظام الإقطاعي بوجه عام في غربي أوروبا، وقد دفعهم سوء حالهم على التعويض عما وصلوا إليه بمحاولة إظهار لقوة البطش. فكان بعضهم يهاجم أراض الفلاحين لنهب محصولاتهم أو يبتز الأموال من التجار.
        وعندما ظهرت حرة مارتن لوثر، رأي الفرسان في أقوال لوثر ذريعة لمهاجمة أملاك الأسقفيات الكبرى في ألمانيا، وكان لوثر يريد تجريد الكنيسة من ثروتها ومن أراضيها حتى يمكن إرغامها على استعادة بسلطاتها وسيرتها الأولى. ثم أراد الفرسان هدم سيطرة الأمراء أو كبار النبلاء الذين اعتبروهم أعداء لهم، فقاموا بحركة ثورية أضفوا عليها الطابع الديني، فاقتحموا الكنائس وحطموا ما كانت تزخر به من تماثيل وصور وزخارف وهجموا على الأديرة واخرجوا من بها من الرهبان والراهبات.
        ونشبت الحروب بين الفرسان وأحد الأساقفة وهب الأمراء لمساعدة الأخير ففشلت حرب الفرسان بعد أن تمكن الأمراء من دك حصونهم، فخسروا الحرب وحرموا من امتيازاتهم السياسية التي تبقت لهم، واستبعدوا منذ هزيمتهم كعامل هام في الحياة الألمانية.
        والحق أن الفرسان لم يعودوا أنداداً من ناحية القوة العسكرية لكبار الأمراء حكام المقاطعات الألمانية الكبرى، لأن هؤلاء الأمراء كانوا قد طوروا قواتهم المسلحة باستخدام الأسلحة الحديثة، بينما ظل الفرسان يعتمدون على سلاحهم التقليدي وهو الحصان والدرع والسيف. ومثل هذا السلاح لا يقوى على الصمود أمام الأسلحة النارية. وهكذا فإن زمن الفرسان وتفوقهم الحربي كان قد ولى ومضى.
2- ثورة الفلاحين 1534:
كانت طبقة الفلاحين تعاني صنوفاً من الظلم والضنك الاقتصادي، وكانوا يعيشون على هامش الحياة بمعزل عن التطورات العميقة التي شهدتها المدن الألمانية. كما كان عليها أن يؤدوا وفق نظام السخرة أعمالاً مختلفة وعديدة من أجل أسيادهم الإقطاعيين، وقع عليهم عبء المطالب المالية لسد حاجات الأمراء والفرسان وأفراد الطبقة الوسطى. بالإضافة إلى أنهم كانوا محرومين من ممارسة الكثير من الحقوق، وعلى سبيل المثال، كان يحال بينهم وبين صيد الأسماك في الأنهار والقنوات، وصيد الحيوانات في الغابات.
وهكذا بلغت حالتهم منتهى السوء، فاستمالتهم دعوة لوثر إلى الحرية والإنسانية والإخاء الألماني، معنى ذلك أن الفلاحين عند اعتناقهم عقيدة لوثر قد استرشدوا باعتبارات اجتماعية واقتصادية ناجمة من موجة التذمر الشديد الذي انتشر بينهم، وسرعان ما صارت ثورة الفلاحين حباً هداماً وموجهة ضد كل سلطة قائمة، كما أضحىت الفرص مهيئة لإقامة مجتمع مسيحي جديد على أساس المساواة المطلقة وشيوعية الملكية.
وقد قابل الأمراء والنبلاء تلك الثورة بكل قوة وعنف، وعملوا على تحطيمها، فأخمدوها بدون رحمة ولا شفقة، وقتلوا من الفلاحين عشرات الألوف، وتم القبض على زعماء الثورة واعدموا وانتهت ثورة الفلاحين في آخر عام 1525م، ولم تجن طبقة الفلاحين منها إلا الدمار، وعادت إلى حياتها الأولى من الذل والهوان.
موقف الإمبراطور شارل الخامس من حركة مارتن لوثر:
        شعر الأمراء الكاثوليك بالخطر من استفحال أمر اللوثرية إذا تركوها وشأنها، لذا طلب هؤلاء الأمراء من الإمبراطور شارل الخامس أن يتدخل في الأمر، واستمع الإمبراطور لهم، لما رآه من قيام الثورات في كل مكان.
        ومن ثم أخذ الإمبراطور شارل الخامس على عاتقه عقد المجالس للفصل في المسألة الدينية وكان من أهم هذه المجالس، مجلس أوخربرج عام 1555م وهو المجلس الذي تولى رئاسته فرديناند شقيق شارل الخامس لتقرير الصلح مع الأمراء البروتستنت، ووافق المجلس على ما يسمى بصلح (أوجزبرج الديني) وأهم شروط هذا الصلح مايلي:
1-     الحرية الدينية للإمارات اللوثرية، وتعهد الإمبراطور والأمراء بأن يتركوا الولايات البروتستنتية تؤدي شعائرها الدينية بكل حرية، وبألا يتعرضوا لهم بأي أذى – كما قرر ذلك الصلح أن يحترم الأمراء البروتستنت والمقاطعات البروتستنتية الحرية الدينية للأمراء والمقاطعات التي لا زالت مخلصة للدين القديم إلا وهو الكاثوليكية.
2-     نص ذلك الصلح في قراراته على عدم الاعتراف بأي مذهب آخر غير المذهبين المذكورين (الكاثوليك والبروتستنت).
3-     السماح للرعايا الراغبين في الانتقال من ولاية إلى أخرى ببيع ممتلكاتهم دون التعرض لهم بسوء.
4-     نص هذا الصلح على أن تبقى الأراضي التي اغتصبت قبل عام 1552م في يد مغتصبيها، بينما تعاد تلك التي اغتصبت بعد ذلك التاريخ إلى حالتها الأولى. وكان الغرض من ذلك النص المحافظة على أملاك الكنيسة الكاثوليكية.
5-     من حق كل فرد يعتنق مذهباً مخالفاً لمذهب الولاية التي يقطنها أن يهاجر إلى ولاية أخرى تدين بالمذهب الذي يعتنقه.
وفي الحقيقة أن صلح أوجزبرج ان محاولة لوضع حد للمشكلة الدينية التي واجهت ألمانيا في مطلع العصر الحديث. ولكن هذه المحاولة لم يقدر لها أن تعيش طويلا. وذلك لأن الحروب الدينية نشبت بعد ذلك بصورة أشد عنفاً وأكثر قسوة واشتركت فيها كل ألمانيا والدانمرك والسويد وانجلترا وهي الحروب التي عرفت باسم حرب الثلاثين عاما (1618م-1648م). ولذا فإن صلح أوجزبرج يعتبر نهاية مرحلة من مراحل الصراع الديني بين الكاثوليك والبروتستنت.


 3-          أسباب و نتائج  الحرب العالمية الأولي .    
أدى تفاقم النزاعات داخل القارة الأوربية في خضم التنافس الإمبريالي إلى اندلاع أول حرب عالمية ما بين 1914 و1918م، خسرت فيها الدول الأوربية أزيد من نصف الثروات التي راكمتها طيلة القرن 19م، فترتب عن ذلك فقدان أوربا صدارتها الاقتصادية والمالية.
     فما هي أسباب هذه الحرب؟
     وما هي أهم مراحلها؟
     وفيم تمثلت النتائج التي ترتبت عنها؟
تعددت أسباب الحرب وتنوعت خصائصها:
الأسباب الغير المباشرة:
تتمثل الأسباب غير المباشر للحرب العالمية الأولى في:
     توتر العلاقات الدولية عند مطلع القرن 20م بسبب توالي الأزمات، كأزمة البلقان، والصراع الفرنسي الألماني حول الحدود، بالإضافة إلى نمو النزعة القومية داخل أوربا وتطلع بعض الأقليات إلى الاستقلال.
     تزايد التنافس الاقتصادي والتجاري بين الدول الامبريالية لاقتسام النفوذ عبر العالم، والسيطرة على الأسواق لتصريف فائض الإنتاج الصناعي والمالي، والتزود بالمواد الأولية.
     دخول الدول الامبريالية في تحالفات ووفاقات سياسية وعسكرية متنافسة ومنها: دول الوفاق الثلاثي (ألمانيا، إيطاليا، والنمسا)، ودول التحالف (روسيا، انجلترا، والولايات المتحدة الأمريكية).
     السباق نحو التسلح بين الدول المتنافسة التي رفعت من نفقاتها العسكرية.
الأسباب المباشرة:
اغتيال ولي عهد النمسا فرنسو فردنالند على يد طالب صربي في 28 يونيو 1914م، حيت ستعلن الإمبراطورية النمساوية المجرية الحرب على صربيا باعتبار أن صربيا محمية روسية ستتدخل روسيا لحمايتها قبل أن يتسع الخلاف، وبذلك بدأت الدول في دخول الحرب تباعا إلى أن تحولت إلى حرب عالمية.
مرت الحرب العالمية الأولى بمرحلتين اثنتين أساسيتين:
اندلعت الحرب العالمية الأولى سنة 1914م، وانتهت سنة 1918م بانتصار الوفاق الثلاثي (ألمانيا، إيطاليا، والنمسا)، بعد أن مرت بمرحلتين متباينتين:
     المرحلة الأولى (1914-1917م): تميزت بتفوق وانتصارات دول الوفاق بزعامة ألمانيا مستفيدة من تفوقها العسكري، وأهمية الإستراتيجية الحربية (حرب الخنادق).
     المرحلة الثانية (1917ـ1918): تميزت بانسحاب روسيا (بعد قيام الثورة البلشفية)، ودخول الولايات المتحدة الحرب (بعد تضرر مصالحها الاقتصادية)، فانقلبت الكفة لصالح دول الوفاق، ولم تعد ألمانيا تتحمل الحرب فاستسلمت.
وقد تميزت الحرب العالمية الأولى بمجموعة من الخصائص جعلتها تختلف عما سبقتها من الحروب، منها:
     طول مدتها (أكثر من أربع سنوات).
     اشتراك عدة دول من مختلف مناطق العالم في الحرب.
     استخدام أعداد هائلة من الجنود والعتاد الحربي، بالإضافة إلى استخدام أسلحة جديدة لأول مرة (الدبابات، الطائرات الحربية ، الخنادق، الغازات السامة ...).
     تعبئة موارد بشرية واقتصادية هائلة.
خلفت الحرب العالمية الأولى خسائر بشرية واقتصادية ونتائج سياسية:
الخسائر البشرية:
خلفت الحرب العالمية الأولى خسائر بشرية هامة نتيجة للأسلحة الفتاكة التي استخدمت فيها، وقد تحملت أوربا الجزء الأكبر من هذه الخسائر، مما أدى إلى نزيف بشري ساهم في انخفاض معدل الولادات، وانتشار ظاهرة الشيخوخة، وتراجع نسبة السكان النشطين وما رافق ذلك من آثار نفسية عميقة خاصة بالدول الأوربية، بالإضافة إلى دخول المرأة سوق الشغل نتيجة للطلب المتزايد على اليد العملة.
الخسائر الاقتصادية:
تدمير وتخريب المنشآت الإنتاجية (مصانع، معامل، طرق، مطارات، موانئ ...)، وأراضي زراعية ومنشآت عمرانية (مباني، البنيات التحتية ...)، بالإضافة إلى تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار، وتزايد مديونية الدول المتصارعة لسد تكاليف الحرب، وقد نتج عن ذلك فقدان أوربا لصدارتها الاقتصادية لفائدة قوى اقتصادية صاعدة (الولايات المتحدة الأمريكية واليابان).
النتائج السياسية:
انتهت الحرب العالمية الأولى بانهزام دول الوفاق بزعامة ألمانيا، وانتصار دول التحالف مما أدى إلى توقيع عدة معاهدات:
     عقد مؤتمر فرساي سنة 1919 بدون حضور الدول المنهزمة، والتي فرضت المعاهدة شروطا قاسية على ألمانيا المنهزمة، حيث حملت مسؤولية الحرب وإجبارها على دفع تعويض قدر ب 132 مليار مارك، واقتطعت أجزاء من أراضيها لصالح البلدان المجاورة، والتقليص من عدد جنودها وانتزاع سلاحها.
     معاهدة سان جرمان مع النمسا سنة 1919م: نصت على الاعتراف بانفصال النمسا عن المجر، والاعتراف باستقلال الدول القومية.
     معاهدة تويبي مع بلغاريا 1919م، ومعاهدة تريانون مع المجر1920م واللتان نصتا على اقتطاع أراضي لصالح الدول المجاورة.
إلا أن هذه المعاهدات كانت مخيبة لآمال الدول المنهزمة (دول الوفاق)، حيث فرضت عليها شروط قاسية ساهمت في قيام توتر جديد بين دول أوربا مؤثرة على خريطتها السياسية، حيث انهارت الإمبراطوريات القديمة (الألمانية، الروسية، النمساوية المجرية، العثمانية)، وظهرت دول جديدة (المجر، تشيكوسلوفاكيا، يوغوسلافيا ...)
         حاول العالم إعادة بناء السلم العلمي:
أسست الدول المنتصرة منظمة دولية سميت بعصبة الأمم في يناير 1920م، والتي حدد هدفها الرئيس في توثيق التعاون بين الدول، وضمان السلم والأمن العالميين بشكل دائم ومستمر، وتتألف عصبة الأمم من عدة أجهزة أهمها: الأمانة العامة، والجمعية العمومية، ومجلس التنفيذي، ومحكمة العدل الدولية، والمكتب الدولي للشغل، والبنك الدولي.
خاتمة:
خلفت الحرب العالمية الأولى نتائج كارثية على الدول الأوربية ستعمل على تجاوزها بكل الوسائل، مما سيؤدي إلى اصطدام الدول الأوربية من جديد سنة 1939م في حرب عالمية ثانية.


Previous Post Next Post