الوسائط اللفظيّة أو الرموز اللفظيّة  كلام المُعَلَّم
يندرج كلام المعلم تحت ما يُسَمَّى بالوسائط اللفظيّة أو الرموز اللفظيّة كما عبّر عنها إدجار ديل Edgar Dale في مخروط الخبرة. والرسالة أو الرمز اللفظي إذ أُلقي دون تفاعل بين المُرسل والمرسَل إليه يفقد قيمته، ومن هنا نبعتْ فكرة التفاعل الفصليّ ويُقصد به عمليّة التواصل " والاحتكاك بين المعلم والدَّارس داخل قاعة التَّدريس  لتشكيل المادّة التَّعليميّة من خلال التَّفاعل اللفظيّ Verbal Interaction أو غير اللفظي      Interaction   Non Verbal
والتفاعل أيّاً كان نوعه يعتمد بالدرجة الأولى على القدر الذي يمنحه المعلم من الحرية والتعبير عن الذات لدارسيه، فبعض المعلمين يرون أنّ دورهم يكمن في الإمساك بخيوط اللعبة من أول الدرس إلى آخره، وما على الدارس إلا حُسن الاستماع ، وآخرون لهم رأي مغاير إذ يسمحون بشيء من الديموقراطيّة مما ينتج عنه ضَربٌ من التّفاعل والمشاركة بين المعلم والدارس وقد أكدت البحوث أن التفاعل الموجّه يقود إلى مستوى أفضل من التعلم . وللتفاعل أو الاتصال اللغوي مجالات متعددة أحصاها ريفرز Rivers  وماري تيمبرلي M. Temperly   فيما يلي  :
أ-  تكوين العلاقات الاجتماعية والاحتفاظ بها. ب- تعبير الفرد عن استجاباته للأشياء. جـ- إخفاء الفرد نواياه. د- تخلّص الفرد من متاعبه. هـ - طلب معلومات وإعطاؤها. و- تعلم طريقة عمل الأشياء أو تعليمها للآخرين. ز- المحادثة عبر الهاتف. حـ - حلّ المشكلات. ط – مناقشة الأفكار. ي – اللعب باللغة. ك- لعب الأدوار الاجتماعية. ل – الترويح عن الآخرين. م – تحقيق الفرد لإنجازاته. ن- المشاركة في التَّسليّة وإزجاء الفراغ. والمجالات السابقة هي التي يدور حولها النشاط اللغويّ في الفصل. وقد أقرَّ طعيمة ، بصعوبة حدوث الاتصال الفعليّ في مواقف حيّة في برامج تعليم اللغة العربية بوصفها لغة ثانية، وعلل ذلك بأن القائمينَ بتدريس العربيّة ل2 ليسوا من الناطقين بها فضلاً عن أن الاتصال اللغويّ بين جدران الفصل لا يستهدف نقل معانٍ حقيقيّة بين الدارسين بقدر ما هو تدريب لهم للتفاعل والاتصال بمواقف حيّة.
وعلى الرَّغم من وجاهة ما ذهب إليه طعيمة من رأي ، إلا أن هذا القول لا يعفي معلم العربيّة للناطقين بغيرها من بذل غاية ما في وسعه من أجل تحويل بيئة الفصل إلى بيئة إن لم تكن حقيقية فشبه حقيقية، وذلك حتّى لا يصبّ عمل المعلم في خانة تلقين الكلمات، وحفظ القوائم. فتعليم العربية بوصفها لغة ثانية يتخطّى مرحلة التلقين والحفظ إلى تنمية قدرات الدارسين  العقلية ، واستثمار ما لديهم من طاقات التفكير مع تنمية مشاعرهم نحو اللغة العربية وثقافتها، فضلاً عن إكسابهم مهارات لغويّة.
مقدار كلام المعلم ونوعه
يُعدُّ كلام المعلم من أكثر الوسائل استخداماً داخل الفصل، وهذا ما لفت نظر الباحثين إلى استقصائه وبحثه للوقوف على مزاياه وعيوبه. وكلام المعلم يجب أن يتسم بالبساطة وأن يكون في حدود فهم الدارسين بناءً على القاعدة البلاغيّة لكل مقام مقال. ويلاحظ أن العقود الأخيرة من القرن السابق شهدتْ دراسات كثيرة ركزت على السلوك اللغويّ للمعلم داخل الفصل، ووضعت له معايير مختلفة، وهي معايير كما ذَكَرَ إسحاق الأمين ، غير ملزِّمة نسبة للمتغيرات العديدة في الفصول الدراسيّة فغاية ما تهدف إليه هو تسجيل ما يجري داخل الفصل وعرضه على نحو يثير اهتمام المعلم بلغة الخطاب داخل الفصل مما ينبهه إلى ملامح أساسيّة في طُرق استخدامها.
ولعل ظاهرة كثرة الكلام من قِبل المعلم تبدو ظاهرة بارزة في كلِّ المواد الدراسيّة. والمعلمون يثرثرون داخل الفصل بوعي أو غير وعي منهم، فقد أشارت بعض الدراسات ، إلى أن نسبة كلام المعلم تتراوح بين 60% - 70%، ودراسات  ، أخرى قفزتْ بها إلى 70 – 80%. وهذا التباين بين النسب تحكمه عوامل كثيرة منها شخصيَّة المعلم، وطريقة التدريس المتبعة، والجمهور – الدارسونَ – المخاطب، والبيئة التي يتمُّ فيها التدريس ، والمستوى الدراسيّ، وموضوع الدرس نفسه فالكلام في درس النحو تختلف نسبة كلام المعلم فيه عن نسبة كلامه في درس مهارة الكلام، بل إن الأمر يأخذ منحنًى آخر عندما نتحدث عن تعليم العربية للناطقين بغيرها في غير بيئتها، ففي هذه الحالة يجب أن نضع في الاعتبار أشياء كثيرة منها:
1-      إنَّ الدَّارس في حاجة ماسّة إلى نموذج يحاكيه ويقلده، وهذا النموذج بالطبع هو المعلم، فكلما كثر كلام المعلم وجد الدارس فرصة للاستماع إلى اللغة الهدف.
2-      يجب أن نضع في الحسبان المستويات المختلفة لتدريس العربية فالمستوى الأول يتطلب كلاماً قد يصل إلى 95% من زمن الفصل، وتقلّ النسبة كلما ارتقينا في سُلم المستويات اللغوية.
3-      الالتفات إلى سؤالين مهمين أثارهما ديفيد نونان David Nunan ، وهما:
أ‌-       ما الذي يؤدي إلى زيادة كلام المعلم داخل الفصل؟ وهل هو مخطط له أم عفوِيّ؟ وإذا كان عفوياً ما مردوده على الدارس؟
     ب - ما قيمة الكلام الذي يبدر من المعلم داخل الفصل على اكتساب ل2 بوجه عام   ؟
ومما له أثر على كلام المعلم داخل الفصل المزج أو الخلط بين اللغة الأولى للمعلم، واللغة الهدف وبالتالي أثر ذلك على الدارس. فقد ثبتَ أن مُعلِمي ل2 يلجؤون إلى استخدام ل1 أثناء تدريسهم ل2، وقد وقف الباحث شخصياً من خلال وظيفته سابقاً في التوجيه على أن معلمي اللغة العربية الملايويين يستخدمون الملايوية كثيراً داخل الفصل لاسيما في التوجيه والإرشاد والتعليمات، بل أحياناً يمتد الأمر إلى محتوى الدرس نفسه. وقد أثبتت زيلم Zilm   في دراسة لها حول اللغة الهدف في فصول اللغة الألمانية أن الخلط بين ل1 و ل2 يتأثر بالحقائق الآتية.
1-      طبيعة النشاط اللغويّ.
2-      وجهة نظر المعلم حول الطريقة أو الأسلوب الذي يجب أن يُعلّم به الدارس.
3-      وجهة نظر المعلم حول دور اللغة الأولى، واللغة الهدف ووظيفتهما.
4-      وجهة نظر الدارس حول دور اللغة الأولى، واللغة الهدف ووظيفتهما
5-      استخدام اللغة الإنجليزية بواسطة المعلم.
وقد توصلتْ زيلم Zilm  إلى ما سبق أن أشرنا إليه وهو أنها كلما أكثرت من الكلام باللغة الألمانيّة زاد كلام الدارسين بالألمانية.
نخلص إلى أن كلام المعلم تحكمه ظروف وعوامل مختلفة تجعل من الصعب تحديد نسبة محددة تعمم على جميع المواقف التَّعليميّة. وسبقتْ الإشارة إلى ضرورة ضبط السلوك اللغوي ليتناسب مع مستوى الدارسين، وهذه الـمُسلَّمة معمول بها في كلِّ المواد الدراسيّة، ولكنها ذات أهمية قصوى في تعليم اللغة الثانية، ويعبر عنها بتعديل كلام المعلم.
 Speech Modification Made By Teacher         تعديل كلام المعلم
            يُلاحظ أن معلم ل2 يهدف إلى تبسيط وتعديل وتحوير لغة خطابه داخل الفصل، لتُناسب الجمهور أو الدارسين الذين يخاطبهم ، وهذا التعديل يَمسُّ كلَّ عناصر اللغة من مفردات وتراكيب، وذلك؛ لأنّ معلم ل2 يفترض أن هذا التعديل يساعد في إمكانية فهم اللغة واكتسابها. وقد لخّص شاودرون،  التعديلات التي يُجريها المعلم على كلامه، وهي:  chaudron 
1-  يتميز كلام المعلم بالبطء ليتيحَ للدارسين متابعته.
2-  الوقفات بين الجُمل طويلة نوعاً ما.
3- يتمُّ نطق الأصوات ببطءٍ يشوبه شيء من المبالغة.
4- استخدام ذخيرة لغويّة أساسيّة وبسيطة.
5- الإقلال من الجُمل الثانوية أي تلك التي ترتبط بجُمل رئيسية ضمن جُمل مركّبة.
6- استخدام الجـُمل الثانوية الصَّريحة والمثبتة أكثر من الأسئلة.
7- يُكثر من تكرار كلامه، وإعادة صياغته.
 لم تتحد وجهة نظر الدارسات فيما يختص بتعديل كلام المعلم، فبعضها يُحبِّذ التعديل الذي يعني تقديم المعلومة في قالب لغويّ بسيط ينأى عن التعقيد، وبعضها الآخر يميل إلى تقديم المادّة كما هي من غير تعديل. ومن حسن الحظِّ أنَّ دراساتٍ  قد أجريت على فئتين من الدارسين الفئة الأولى قُدِّم لها نصٌّ مُعدّل في مهارة الاستماع، والفئة الثانية تعاملت مع نصٍّ غير مُعدّل، وكانت النتيجة متقاربة.
      ويرى الباحث من الأفضل أن يتمّ التعديل والتَّحوير في لغة معلم ل2 حتّى لا ينفرَ الدَّارسون من اللغة الهدف، والغاية هي أن نصل بالدارس إلى اكتساب اللغة الهدف بأيسر الطُّرق وأقصرها.
ومما يدخل في كلام المُعلِّم ما يأتي:
أولاً: الأسئلة
             يُعَدُّ طرح الأسئلة من أكثر الأساليب الشائعة في التَّدريس، وقد تأتي في مقدمة الدرس للتهيئة أو الرَّبط بين مَا مضَى والدّرس الحالي، أو في ثناياه للتأكد من فهم الدارسين لفكرة ما، أو للفت الانتباه عند الإحساس بشرود بعض الدارسين ذهنياً، ويبقى أهمُّ الأسئلةِ ما يوجّه منها في نهاية الدرس لتقييمه. وجدير بالذِّكر أننا لا نقصد بالأسئلة المعنَى القاموسيّ لها إذ يندرج تحتها ما يرد بالصيغة المثبتة نحو: اذكر الحالات التي يُبنى فيها الفعل المضارع، أو اخبرني - يا محمدُ - عن حالة يكون فيها المضارع مبنياً.
              وقد كشفتْ بعض الدراسات عن أن المعلمين يميلون إلى طرح الأسئلة داخل الفصل بنسبة تصل إلى 80% من جملة سلوكهم اللفظي داخل الفصل، وأن أغلبيّة هذه الأسئلة تعتمد على الذاكرة الصمَّاء للإجابة عنها  . وعمليّة طرح الأسئلة ما هي بالأمر الفطريّ، بل هي مهارة تُكتسب بالدُّربة والمران. ومن شروط أسئلة المعلم الجيّدة داخل الفصل ما يأتي :
1- الوضوح، وهو لا يعني فقط وضوح السؤال من حيث صياغته، بل - أيضاً – يعني سهولة وصول الدارس للإجابة عنه.
2- القيمة التعليميّة، هل الأسئلة قادرة على إثارة التفكير الإبداعي وإحداث استجابات قادرة على المساهمة في تحقيق أهداف الدرس؟ أم هي مجرد أسئلة لسد الفراغ الزمني؟
3- المَيْلُ والرَّغبة، هل يجد الدارسون في السؤال الموجّه إليهم إثارةً، وتحدياً، وتشويقاً؟
4- السُّهولة، هل يستطيع معظم الدَّارسينَ الإجابة عن الأسئلة؟ أم هي قاصرة على المتقدمين والنُّجباء؟
ويُلاحظ أن الوقفة التي يقفها المعلم ريثما يستجيب الدارس كلما طالت زمنياً زادت عددية الدارسين الـمُسْتَجِبينَ.
5- الامتداد، هل السؤال قادر على توليد أسئلة أخرى متنوعة؟ وبالقدر نفسه هل به قدرة على إثارة إجابات متنوعة؟
6- ردُّ فعل المُعلِّم، هل الدّارسون على يقين بأن إجاباتهم سوف يستقبلها الـمُعلِّم بأريحيّة وصدر رَحْب، وإن جاءت مخالفة للإجابة الصحيحة، أو ما يتوقعه المعلم؟
   تصنيف بلوم Bloom للأسئلة
صَنَّف بلوم Bloom  الأسئلة إلى ستة مجالات، وهي:
1-      أسئلة التذكر، أي استرجاع المعلومات. نحو: ما الأسلوب الأدبي؟ ومنها الأسئلة المبدوءة بـ مَنْ، ماذا، متَى ...؟
2-      أسئلة الفهم، وهي تتعدى مسألة استرجاع المعلومات إلى القدرة على صياغة المعلومة بأسلوب الدارس الخاصّ، ومعرفة. العلاقات التي تربط بين الحقائق المختلفة. نحو: ما الفكرة الأساس التي ينادي بها الكاتب في النص السابق؟ أو لخِّص النص فيما لا يزيد عن 50 كلمةً. ومن أمثلة أسئلة الفهم: صِفْ، قارنْ، اشرحْ، أعدْ صياغة هذا النص ....
3-      أسئلة التَّطبيق، وهي تدريب للدارس على استخدام ما دَرَسَه من معلومات ومهارات في حلّ المشكلات.  ومن أنماطها: بعد شرح الأساليب الثلاثة (علمي، وأدبي، وعلمي متأدب) يوزّع المعلم على الدارسين نصوصاً تُمثل الأساليب السابقة، ويُطلب منهم أن يُميزوا بينها. ومن أمثلة أسئلة التطبيق: اكتبْ مثالاً، صَنِّف، استخدم، برهن.
4-      أسئلة التَّحليل، وهي تعتني بالتفكير الناقد الذي يعمل على تحليل المعلومة وصولاً لتدعيم النتائج. نحو: علل لتدني مستوى الطلاب لغوياً في الجامعة الإسلاميّة العالمية في ماليزيا. ومن أمثلة أسئلة التحليل. دعّم، حلل، ميّز، وازنْ.....
5-      أسئلة التركيب، وهي تتطلب تفكيراً ابتكارياً يستدعي مهارات عِدّة. نحو: اكتب رسالة إلى مدير الجامعة تتناول فيها مشكلات الدارسين الاجتماعية. ومن أمثلة أسئلة التركيب: خطط، أضف، أَعِدْ.
6-      أسئلة التقويم، وهي تشترك مع التحليليّة والتركيبيّة في الانتساب إلى العمليات العقليّة العليا. وأسئلة التقويم تتطلب الحكم على فكرة معينة، أو حلّ مشكلة أو تقويم عمل فنيّ. ومن أمثلتها: هل توافق على رأي مَنْ يقول: إنّ القصائد الجاهليّة كلها منتحلة؟ ابسط القول، ودعِّم إجابتك بالشواهد. ومنها: وازن، ناقش.
وهذه المجالات الستة متداخلة فيها بينها فهي أشبه ما يكون بتداخل الليل والنهار أي ليس هناك حدّ فاصل واضح بين كلَّّ مجال والآخر، ولكن الأمر الواضح فيها أننا كلما صعدنا إلى أعلى صار المجال - السؤال - ذا قيمة تربويّة كبيرة. غاية ما في الأمر يجب أن يتسم السؤال اللغويّ بهدف واضح يسعى إلى ربط الدارسين بالمادة اللغويّة بصورة فعّالة عن طريق الكلام، وكما
 - سبق القول – أَنْ يكون السؤال قادراً على توليد أسئلة فوريّة، وإحداث تفاعل بين المعلم والدارسين ، فالسؤال الذي لا يجد صدى له داخل الفصل، أو يتلقفه عددٌ محدود من الدارسين، هو سؤال في حاجة إلى إعادة صياغة. فعلى المعلم عند إعداده للأسئلة أن يَنْأى عن الأسئلة التي تقيس الذاكرة فقط، وأن يعمل على تنويع أسئلته مع التركيز على أسئلة العمليات العقليّة العليا (تركيب، تحليل، تقويم).
     وقد نتسآل لِمَ يميل المعلمون إلى طرح الأسئلة داخل الفصل؟ الإجابة عن هذا السؤال قد تكون لسبب أو أكثر من الأسباب الآتية:
1-      لتوفير مثال أو نموذج لغويّ أو فكرِيّ.
2-      لاستنباط بعض الحقائق أو الأفكار من الدارسين.
3-      لاختبار معارف الدارسين ومهارتهم.
4-      حفز أو تشجيع الدارسين على المشاركة داخل الفصل.
5-      لتوجيه أو جذب انتباه الدارسين للدرس.
6-      اشتراك الدارسين في العمليّة التعليميّة، وذلك باختيار أفضل إجابة مطروحة من قِبل الدّارسين.
7-      إتاحة الفُرصة للضَّعاف من الدارسين للمشاركة.
8-      إثارة التّفكير المنطقيّ، والتأمليّ، والتحليليّ.
9-      حفر الدارسين على مراجعة المادة اللغوية وممارستها.
10-    حفز الدارسين على التَّعبير عن أنفسهم.
11-    إشعار الدارسين بقيمة أفكارهم لدى المعلم.
استراتيجيّة توزيع الأسئلة داخل الفصل
   على المعلم أن يتّبع الطُّرق الآتية في توزيع أسئلته:
1-      اطرحْ السؤال أولاً، ثم اخترْ أحد الراغبين في الإجابة عنه.
2-      حاولْ توزيع الفُرص على جميع أنحاء الفصل (المقدمة، الوسط، المؤخرة).
3-      لا تقتصرْ على النَّابهين فقط، بلْ عليك تشجيع الطائفة الـمُحْجِمة عن الإجابة، ويمكن إثارتهم ببعض المفاتيح التي تقودهم إلى الإجابة؛ لأننا إذا كنا نؤمن بالقولة المشهورة: "الشخص يتعلم الكلامَ بالكلامِ" فمثل هؤلاء الدارسين إذا لم يُلتفت إليهم فسيكونون خارج دائرة الاهتمام، وهذا ظلم واضح يقع عليهم.
4-      ابدأ بالأسئلة السهلة، واستهدف بها الضِّعاف من الدارسين.
الوقفة    Wait Time
                        تُعد من ضمن الاستراتيجيات التي يجب أن يتبعها المعلم داخل الفصل، ويقصد بالوقفة الفترة الزمنية التي يقفها المعلم بعد طرح سؤاله، فقد لاحظ الباحث من خلال عمله في التوجيه أنَّ بعض المعلمين يقف ثانية واحدة أو ثانيتين على أحسن الفروض، وبعضهم يطرح السؤال، ولا يترك فرصة للدارس المتطوع بإكمال الإجابة فبمجرد شروعه فيها يتدخل المعلم، قائلاً: شخص آخر، أو يُعيد صياغة السؤال من غير حاجة إلى ذلك. وكلها أساليب خاطئة تربوياًّ. وقد أثبتت الدراسات  كلما زاد زمن الوقفة Wait Time ازداد عدد الراغبين في الإجابة، ففي دراسة قامت بها روي Rowe  1974م كشفتْ عن أن متوسط الوقفة أقلّ من ثانية عند بعض المعلمين، والمدهش في الأمر أن حالهم لم ينصلح حتى بعد أن نالوا تدريباً على الوقفات بين الأسئلة ! وقد أوضحت روي Rowe مدى تأثير إطالة وقت الوقفة من 3 إلى 5 ثوان بعد طرح السؤال، ونُلخِّص ما توصلتْ إليه في النقاط الآتية  :
1-      زيادة في الإجابات من حيث الطول.
2-      زيادة عدد الـمُستجِِبينَ من الدارسين.
3-      انحدرتْ نسبة  غير الـمُستجِِبينَ.
4-      زادتْ نسبة الإجابات التأمليّة والاستنتاجيّة.
5-      زادتْ نسبة الدارسين في الاستفسار والسؤال.
6-      زادتْ نسبة التَّعبيرات الاستدلاليّة.
7-      زادَ التفاعل بين المعلم والدارسين.
وبناءً على ما تقدم نرى من الأصوب إطالة فترة الوقفة إلى 3 ثوانٍ في الأسئلة التي لا تتطلب إعمال العقل كثيراً، وتمدد الفترة إلى خمس ثوان إذا كان السُّؤال ينتمى إلى العمليات العقليّة العليا. وعلى المعلم أن يضع في حسبانه أنه يُخاطب دارسين ناطقين بلغة أولى غير العربية، وهي حالة تتداخل فيها عوامل نفسيّة جَمّة ليس هذا مجال ذكرها.
ثانياً: التَّغذيّة الرَّاجعة
                   تُعَدُّ التغذية الراجعة من الأساسيات التي يجب أن يلتفت إليها المعلم، وتظهر التغذية الراجعة خلال التفاعل الفصليّ الذي يحدث بين المعلم والدارس، فالمعلم يسأل والدَّارس يُجيب، والإجابة تكون موضع التغذية الراجعة إيجاباً أو سلباً. والمعلم في حاجة أن يفهم أن الخطأ أمر مألوف نشاهده عند تعلّم أي مهارة من المهارات، فالشخص لا يمكن أن يتعلّم ركوب الدراجة   – مثلاً -  إلاّ بعد الوقوع في أخطاء كثيرة، تساعده أو يستفيد منها في تحسين مهارته. والأمر نفسه ينطبق على تعلم اللغة فالدارس يخطئ، والمُعلم يقوم بالتصويب. ويرى علماء النفس  ضرورة أن يكون التَّصويب فورياً؛ لأنَّ التصويب المتأخر غير مؤثر، ويرون-  أيضاً – ألا يُكتَفى بتصويب الخطأ مرّة واحدة، بل يجب تتبعه والعمل على تصويبه كلّما وقع.
             والكلام السابق موقع نظر؛ لأن كثرة التصويبات، والمقاطعات قد تحمل الدارسين على الإحجام عن الكلام ظنا منهم أنَّ إنتاجهم اللغويّ مشحون بالأخطاء  ونرى أن مهمة المعلم أن يكون بمثابة مصفاة Filter  تسمح بمرور الأخطاء الصغيرة التي لا تعيق فهم الرسالة، وتحول دون مرور الأخطاء الكبيرة التي تعيق فهم الرسالة. أي على المعلم أن يُشجع الدارسين على الاتصال اللغوي، ويحضهم على التفاعل الفصلي، غاضّا الطّرف عن الأخطاء الصغيرة، وبهذا الصَّنيع سيزرع الثّقة في نفوسهم، ولاشك أن الثقة بالنفس مفتاح النجاح.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن ما المقصود بالأخطاء الكبيرة التي يجب أن يتداركها المعلم؟
وهي لا تخرج عن واحدة مما يأتي:
1-      الأخطاء التي تحول دون فهم الرسالة.
2-      الأخطاء التي تؤثر سلبياً على مُسْتَقْبِل الرسالة.
3-      الأخطاء الثابتة والمتكررة عند الدَارس، أي مُرسِل الرسالة.
وتكمن أهمية التغذية الراجعة بالنسبة للمعلم والدَّارس، في النقاط التي ذكرها محمد نور  ، وهي:
1-      من السلوك السائد الذي لا يكاد تخلو منه عمليّة التعليم الفصليّ.
2-      من الآليات التي تساعد المُعلّم في بلورة الدرس أو المادة التعليميّة وصياغتها، فضلاً عن أنها تزود الدارس بمعلومات تشير إلى مدى استجابته.
3-      من الأساليب التي تضبط أداء الدارس وتعززه.
4-      من الوسائل التي تُشجع الدارس على التفاعل الفصلي.
 وعلى المعلم أن يكون حذراً في التغذية الراجعة بشقيها الإيجابي والسلبي. فعند طرح الجانب الإيجابي يستحسن انتقاء ألفاظ المدح، نحو: جزاك الله خيراً، أحسنتَ، ممتاز، حسن وغيرها. وأن يختار لكل لفظ الموضع المناسب من غير مبالغة، وألاّ يكون اللفظ بمثابة لازمة للمعلم، فقد يتلفظ بها الدارس قبله؛ لأنّ المعلم الذي يكثر من تكرار – ممتاز مثلاً – كلما أجاب دارس على إجابة سهلة أو صعبة يُفرغ لفظ "ممتاز" من مدلوله، ويصير مجرد لازمة كما ذكرنا سابقاًً تجري على لسان المعلم. ومما يجب الإشارة إليه ضرورة حفز وتشجيع الضِّعاف لغوياً بتوجيه الأسئلة السهلة لهم حتى يجد المعلم فرصة للثناء عليهم. وعلى المعلم أن يوضح للدارسين سبب الثناء أي أن يُفصِّل العمل اللغويِّ موضع المدح. وعلى العموم يجب أن يدرك المعلم قيمة المدح في الموقف التعليمي، وقدرته على إثراء التفاعل الفصلي.
                أما التغذية الراجعة السالبة فهي محك الاختبار للمعلم، فعلية أن يكون حصيفاً وذكياً عند تصويب الأخطاء أي لا يهين الدارس، ولا يعيقه في تواصله اللغوي. وذكر هكتر  ضرورة أن تُصحب التغذية اللغويّة السالبة – كلما أمكن – بتغذية راجعة اتصاليّة إيجابيّة ومؤثرة.
            ومما هو مفيد في تصحيح الأخطاء أن يقوم الدارس بنفسه بتصحيح خطئه تحت إشراف المعلم، فيجب على الأخير ألاَّ يتعجل تصحيح خطأ الدارس، فالدارس إذا استطاع إدراك خطئه يَصعُب أن يكرره مرّة ثانية.



تقنيات التعليم والاتصال
الرموز اللفظية وغير اللفظية بين المعلم والمتعلم
سائل اتصال تعليمية أو وسائل تعليمية Instructional Media
الوسائل التعليمية
الوسائل التعليمية والتكنولوجيا
الرموز اللفظية والبصرية .
تصنيفات وسائل الاتصال التعليمية
الاتصال التعليمي
رموز الرسالة اللفظية أو غير اللفظية
الوسائط اللفظيّة أو الرموز اللفظيّة كلام المُعَلَّم
مفهوم الاتصال التعليمي
العوامل المؤثرة في عملية الاتصال
معوقات عملية الاتصال
تعريف عملية الاتصال
الاتصال التعليمي
أنواع الاتصال
عناصر عملية الاتصال
عناصر الاتصال التعليمي



Previous Post Next Post