لكل شخصيةٍ لغتها التي تعبر بواسطتها عن مشاعرها ومشاكلها، وعليه فإن على الأدب أن يعتمد لغة التخاطب، فالكتابة عبارة عن تمزقٍ أو حالةٍ من الفصام، فاللغة والكتابة هما أول وسائل الاتصال، واللغة ليست مجرد شكل ظاهري للمحتوى الجمالي، فالعلاقة بين اللغة والفن تكمن في المحتوى  ذاته، ولما كانت الجماهير لا تشكل وحدةً متجانسة، فإن لكل فئةٍ منها أوضاعها وتقاليدها ومفاهيمها، وبالتالي لغتها الخاصة، فاللغة التي توصلنا إلى العمال تختلف عن اللغة التي توصلنا إلى الفلاحين، أو المثقفين، أو غيرهم لأن ما يهم الشخصية لابد له أن ينعكس دوماً على خصائص الأسلوب، فهناك ضربٌ من التماهي بين المحتويات الداخلية للشخصيات وبين الخصائص العامة للأسلوب الأدبي، فإذا كانت الشخصيات ضحلة أو فاترة جاء الأسلوب ضحلاً أو فاتراً
      وقد لجأت بعض الأعمال الروائية إلى استخدام اللغة العامية بسبب كونها أكثر تلقائية وعفوية من اللغة الفصيحة، وقد واجهت العامية معارضة شديدةً من كثيرٍ من الكتاب ، وعليه فقد اقتصر استعمالها على التعبير عن مرحلة ما قبل الكلام (تيار الوعي) ، أما الفصيحة فقد اضطلعت بمهمة الكلام، لما تميزت به من القدرة على الاتصال،فاللغة لا تنفصل عن خصوصية الوعي، وهي تتكون وتتغير حسب تغير الأحاسيس، ونحن نجد أن اختيار الكلمات وطبيعة الجمل له دلالة هامة، فالجمل التي تبدأ بفعلٍ ماضٍ مبني للمجهول تمثل الابتعاد عن زمن القول، وغياب الشخصية عن الحدث، أما الجمل الاسمية فتقدم الوعي، والجمل الفعلية تقدم الحركة الخارجية للشخصية، وكلما زادت مشاركة الشخصية، اختفت قواعد القص التقليدي.
       والشخصية تعمل على عدة مستويات في ذات الوقت، مستوى ما تراه الشخصية،ومستوى ما تفكر به، ومستوى الحركة الخارجية، وهذه المستويات المختلفة للسرد تعمل متكاملةً، مما يعطي للألفاظ دلالات خاصة،(40) وعندما تكون الشخصيات متوترة يجيء الأسلوب ملوناً بالتوتر والتماوج والانتقالات الفجائية الحادة، والصعود والهبوط المباغتين بدلاً من الاستقامة الرأسية.(41)
      وفي الأعمال الروائية المعاصرة نجد أن الزمن يشكل الشخصية الرئيسية، وقد أصبحت العودة إلى الماضي، وقطع التسلسل الزمني في الرواية ركناً أساسياً من أركان الحكايـة وبنائها الفني.(42)
      ولا بد للشخصية من وجودٍ حقيقي وواقعي، هذا الوجود الحقيقي يساعد على إعادة بناء الشخصية وإعطائها ملامحها الدقيقة، وليس معنى هذا أن الروائي يكتفي بالتقاط الصور من الحياة كما هي، بل إنه يقوم بإعادة صياغتها وتشكيلها،" فالشخصية الروائية هي محصلة لكثيرٍ من الشخصيات الواقعية في نفس الوقت."(43) والشخصية في الأدب الاشتراكي والواقعي ليست وقفاً على طبقةٍ اجتماعيةٍ معينةٍ، فقد أصبح أفراد عاديون شخوصاً بل أبطالاً للروايات المعاصرة. " ففي الفن الواقعي ينعكس المجموع في الفرد، والفرد في المجموع، وفيه يعمل كل فردٍ مستقلاً، ويؤكد ذاته ككائنٍ اجتماعي."(44)
      والنص الأدبي له ركائز أساسية لا يقوم بدونها(مبدع " مرسل " ـ قارئ " مستقبل"ـ العمل الأدبي "رسالة ")، فهو يعتمد على مبدعٍ يبدعه، ولا يشترط أن يكون المبدع هو ذلك الشخص الفيزيقي من لحمٍ ودمٍ وعظام، والذي نطلق عليه المؤلف، وإنما هو شخصية أدبية تتقمص المؤلف الحقيقي، كما يعتمد النص الأدبي على قارئ يقرأ النص، وهو غير القارئ الحقيقي المكون من لحمٍ ودم، ولكنه شخصية أدبية تتوازى في تعريفها مع المبدع، إنه القارئ الفنان المنتج الذي يستطيع تأويل النص بطريقةٍ مبدعةٍ وخلاقة، ولكن ، هل يمكن للمبدع أن يمارس النقد كما يمارس الإبداع؟ إن الحوار بين النقد والإبداع لا يكون مريحاً، فانتقال المبدع بين أرض كتابية وأخرى " الإبداع والنقد" هو تجربة حافلة بالمشقة، التي يكمن مبعثها في أن انتقال المبدع يتم بين أرضين غير متجانستين، ولكي يكون انتقال المبدع مثمراً يجب عليه أن يغير أدواته، وذبذبات مزاجه بطريقة فعالة.()

مواضيع ذات صلة 


لغة الشخصية:
الشخصية القوية للمراة
صفات الشخصية الضعيفة
الشخصية القيادية
الشخصية القوية الجذابة
الشخصية القوية للرجل
الشخصية الساحرة
الشخصية المحبوبة
صفات الشخصيه القويه



Previous Post Next Post