التجمهر غير المشروع والشغب وغير ذلك من الجرائم المخلة بالطمأنينة العامة 
    يعد قانون العقوبات وسيلة الدولة الفعالة ليس في حماية حقوقها وحماية حقوق أفرادها إذ يجرم كل سلوك من شأنه المساس بأمنها وسيادتها  على أراضيها ووحدة إقليمها، كما يجرم كل  سلوك من شانه أن يخل بالنظام العام  والهدوء والطمأنينة والسكينة داخل مجتمعها، إذ وضع لهذا السلوك الأخير عقوبات تتناسب وخطورته بغية الحفاظ على أمن المواطنين وحماية أموالهم وأشخاصهم .

تابع .. المبحث الثاني : التجمهر غير المشروع والشغب وغير ذلك من الجرائم المخلة بالطمأنينة العامة 

    لذلك أن نجد أن المشرع الفلسطيني قد جرم كل فعل من افعال التجمع الذي من شانه أن يكد صفو الطمأنينة العامة أو يدخل الهلع او الرعب في قلوب المواطنين. وذلك في مواد الفصل الحادي عشر من قانون العقوبات والذي جاء بعنوان التجمهر غير المشروع والشغب وغير ذلك من الجرائم المخلة بالطمأنينة العامة .

المطلب الاول: جريمة التجمهر غير المشروع

    الفقرة الاولي: تعريف التجمهر غير المشروع
    نصت المادة 79 علي تعريف التجمهر غير المشروع بنصها
    (1) إذا تجمهر ثلاثة أشخاص أو أكثر بقصد ارتكاب جرم، أو كانوا مجتمعين بقصد تحقيق غاية مشتركة فيما بينهم وتصرفوا تصرفاً من شأنه أن يحمل من في ذلك الجوار على أن يتوقعوا، ضمن دائرة المعقول، بأنهم سيكدرون الطمأنينة العامة أو أنهم بتجمهرهم سيستفزون دون ضرورة أو سبب معقول، أشخاصاً آخرين لتكدير صفو الطمأنينة العامة، فيعتبر تجمهرهم هذا تجمهراً غير مشروع.
    (2) لا عبرة أكان التجمهر الأصلي مشروعاً أو غير مشروع إذا كان المتجمهرون قد تصرفوا على الوجه المشار إليه أعلاه تحقيقاً لغاية مشتركة فيما بينهم.
    وعليه نجد ان التجمهر في القانون الفلسطيني يمكن أن يتمثل في احد صورتين:

تابع .. الفقرة الاولي: تعريف التجمهر غير المشروع

    أولا: التجمهر بقصد ارتكاب جرم
    تشير هذه الصورة الاولى من صور التجمهر الغير مشروع الى اجتماع ثلاثة اشخاص بقصد ارتكاب جرم بغض النظر عن وصف الجرم او نوعه سواء مثل جريمة جناية أو جنحة او جناية، وهذه الصورة تفيد ان التجمع كان بقصد ارتكاب جرم دون الشروع في ذلك الجرم او تمامه، ذلك ان شروع المجتمعين بارتكاب الجرم او تمامه انما ينطبق عليه وصف ذلك الفعل الاجرامي وبالتالي يخضعون للنصوص المنظمة لذلك الجرم .
    ويمكن استنتاج نية المجتمعين على ارتكاب الجرم من ظروف وملابسات اجتماعهم، كحالة قيام المجتمعين بحيازة وسائل ارتكاب ذلك الجرم أو حالة توزيع مهام ارتكابه عليهم أو كون اجتماعهم بغية رصد المجني عليه أو رصد المكان المنوى ارتكاب الجرم فيه أو عليه، وغير ذلك من الدلائل والقرائن التي من شانها أن تؤكد عزم أو نية المجتمعين على ارتكاب جرم.

تابع ... أولا: التجمهر بقصد ارتكاب جرم

    الملاحظ على نص هذه المادة أن المشرع لم  يشترط حصول التجمهر فى طريق أو محل عام وإنما يكفى أن يكون على مرآى من الناس. بمعنى انه لا يجب للعقاب على التجمهر أن يكون حصوله فى طريق أو محل عام وإنما يجب فقط أن يكون على مرآى من الناس ولو لم يكن فى ذات الطريق أو المحل العام، فإذا حصل التجمهر فى حقل على مقربة من الطرق العمومية معرضا لأنظار المارة فقد حق العقاب على المتجمهرين. والقول بأنه يجب للعقاب على التجمهر أن يكون علنيا إن صح الأخذ به فى تخصيص النص الذى جاء فى القانون عاما مطلقا وعلى غرار القوانين الأجنبية التى أخذ عنها والتى لا تعرف هذا القيد فلا يمكن أن يكون القائل به قد قصد أن العلانية لا تكون إلا إذا كان التجمع فى ذات الطريق أو المحل العام، وإنما القصد أن يحصل التجمع فى أى مكان يمكن الناس أن يروا المتجمعين فيه، أو يمكن العامة بمجرد مشيئتهم أن - ينضموا إليهم فيزداد خطره على السلم العام، إذ الشخص فى زمرة المتجمهرين، يختلف عنه خارج التجمهر، من حيث استهتاره بالمسئولية وإنقياده إلى أهواء الغير. أما القول بغير ذلك فإنما يؤدى إلى تعطيل حكم القانون، إذ بناء عليه يكفى للإفلات من العقاب أن يعمل المتجمهرون على أن يكون تجمعهم فى غير الطريق العام ولو على قيد شبر منه، وهذا لا يمكن قبوله لا فى العقل ولا فى القانون. وهو أمر استقر عليه قضاء محكمة النقض المصرية وهي بصدد تفسيرها لمفهوم التجمع الذي ينطبق عليه وصف التجمهر الغير مشروع وفقا للطعن رقم 1366 سنة 13 ق جلسة 7/6/1943

ثانياً: التجمهر الضار بالطمأنينة العامة   

    تنص المادة 79 ... أو كانوا مجتمعين بقصد تحقيق غاية مشتركة فيما بينهم وتصرفوا تصرفاً من شأنه أن يحمل من في ذلك الجوار على أن يتوقعوا، ضمن دائرة المعقول، بأنهم سيكدرون الطمأنينة العامة أو أنهم بتجمهرهم سيستفزون دون ضرورة أو سبب معقول، أشخاصاً آخرين لتكدير صفو الطمأنينة العامة، فيعتبر تجمهرهم هذا تجمهراً غير مشروع.
    (2) لا عبرة أكان التجمهر الأصلي مشروعاً أو غير مشروع إذا كان المتجمهرون قد تصرفوا على الوجه المشار إليه أعلاه تحقيقاً لغاية مشتركة فيما بينهم.
    
    أن التجمع - وأن كان بريئا فى بدء تكوينه - إلا أنه قد يقع فيه ما يجعله مهددا للسلم العام ومهددا لصفو الطمأنينة العامة. فلا يشترط لتوافر جريمة التجمهر في هذه الصورة وجوب قيام إتفاق سابق بين المتجمهرين إذ أن التجمع قد يبدأ بريئا ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقبا عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامى الذى يهدفون إليه مع علمهم بذلك.

تابع ... ثانياً: التجمهر الضار بالطمأنينة العامة 

    ويرجع تقدير تكدير صفو الطمأنينة العامة الى المستقر عند جوار التجمع في حدود المعقول، وهو امر يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع للقول بان تصرف المجتمعين قد أضر بتلك الطمأنينة من عدمه.
    وتتحقق هذه الصورة بغض النظر عن سبب التجمع او غايته اكان مشروعا او غير مشروع، فطالما كان من شأن هذا التجمع ان يكد صفو تلك الطمأنينة فتقوم جريمة التجمهر في صورتها الثانية بحق المجتمعون.

الفقرة الثانية : عقوبة التجمهر غير المشروع

    حددت المادة 80 من قانون العقوبات عقوبة التجمهر غير المشروع بصورتيه ”التجمهر بقصد ارتكاب جرم او التجمهر الضار بالطمأنينة العامة“ وبينت وصفه الاجرامي بنصها ” كل من اشترك في تجمهر غير مشروع يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة سنة واحدة.

Previous Post Next Post