بحث الحقوق الاجتماعية
تتداخل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في كثير من الميادين بسبب تشابك علاقات الأفراد وممارستهم لهذه الحقوق  ضمن الأطر العامة للحريات الأساسية التي يكفلها لهم الدستور، وتحددها وتنظمها القوانين الأخرى. وبما أن الحقوق الاجتماعية واسعة وتشمل ميادين عديدة فإننا سنركز على ثلاثة حقوق خاصة بالعمال والأجراء عامة.
1- الحق في العمل:
إن العمل هو الوسيلة الأساسية والمباشرة التي تسمح للفرد بضمان أمنه الاقتصادي، واستقراره العائلي، وتجاوز الخوف من المجهول والإحساس بإنسانيته كعنصر مفيد في خدمة المجتمع، ولذا خصصت الإعلانات والمواثيق والدساتير الديمقراطية الحديثة حيزا هاما للحديث عن هذا الحق الطبيعي، وضرورة تكريسه بشكل عادل، وبما يؤمن كرامة الإنسان، وقد جاء في (المادة 3) للإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
"1- لكل شخص الحق في العمل وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة
2- لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر متساو للعمل
3- لكل فرد يقوم بعمل الحق بأجر عادل مرض يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان، تضاف إليه عند اللزوم وسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
4- لكل شخص الحق في أن ينشئ وينظم إلى نقابات حماية لمصلحته".
2- الحرية النقابية:
وتعني تلك الإمكانية المقررة قانونا لتأليف جمعية مهنية أو الانتماء إليها. ولم تتخذ هذا الشكل إلا نتيجة لنضالات طويلة للشغيلة، وقدر تقرر فعلا في بريطانيا بموجب قانون 1871، وفي فرنسا بقانون 21 مارس1884.
وتبرز أهمية النقابات في المجتمعات الديمقراطية الليبرالية باعتبارها إحدى الوسائل الفعالة في الحوار الاجتماعي والواقع أن من الصعب جدا قيام حوار اجتماعي صحيح أو تسجيل تطور ملموس على صعيد العدالة الاجتماعية في نظام يمنع فيه تواجد النقابات بشتى أشكالها.[1]
ويسمح التنظيم النقابي للعمال وأرباب العمل على السواء بإسماع صوتهم، والتعبير عن طموحاتهم، والدفاع عن مصالحهم وممارسة الضغوط على الحكومة للمشاركة في وضع وتنفيذ السياسة الاجتماعية والاقتصادية.[2]
3- حق الإضراب:
إن حرية العمل النقابي تعني بالدرجة الأولى إفساح المجال أمام العمال لتنظيم صفوفهم، واستخدام حق التفاوض الجماعي الذي يضعهم على قدم واحدة من المساواة مع أرباب العمل، ويسمح لهم بطرح كل المسائل التي تهمهم كظروف العمل أو شروطه أو ضمان حقوق معينة في قضايا محددة ولا يتم اللجوء إلى الإضراب عادة إلا عند فشل المفاوضات، أو وصولها إلى طريق متعثر أو مسدود، والإضراب كما هو معروف وسيلة ضغط يستخدمها العمال لتحقيق مطالبهم، وهو حق تعترف به الأنظمة الديمقراطية التي تعتبره من حريات الإنسان التي يكفلها الدستور، ولعل هذا التكريس الدستوري لحق الإضراب هو الذي يمنحه تلك الفعالية الكبرى في تحقيق مطالب الطبقة العاملة، ويمكن تعريف الإضراب بأنه "التوقف عن العمل الذي يقرره العمال من أجل الدفاع عن مطالب ذات طبيعة مهنية"[3] وبتعبير آخر الإضراب هو التوقف الجماعي عن العمل بناء على قرار يتخذه العمال لتحقيق مطالب معينة بدون النية على تركه.[4]

[1] م.س. ص: 418
[2] م.س. ص: 421
[3] م.س. ص: 421
[4] م.س. ص: 52

Previous Post Next Post