إجراءات اشهار إفلاس شركات الأشخاص


اجراءات تصفية شركة
اجراءات تصفية الشركات
اجراءات فسخ شركة
تصفية شركات الاشخاص
صيغة دعوى فسخ عقد شركة تضامن
انقضاء شركة التضامن
دعوى تصفية شركة تضامن
تصفية الشركات
       الشركة كعقد يخضع للقواعد العامة التي تحكم العقود بوجه عام، تظهر بصورة خاصة في شركات الأشخاص، فإن مبدأ سلطان الإدارة لا يزال يقوم بدوره في نطاق هذه الشركات، فإرادة الشركات هي  التي تهيمن على الشركة وتنظم الروابط التي تقوم بين الشركات إلى استثناء للمحافظة على النظام العام.
       تعتبر الشركات التجارية (بصفتها شخصاً معنوياً) عرضة للإفلاس أسوة بما هو الحال عليه لدى الشخص الطبيعي، وبالتالي فإن الأحكام والقواعد الخاصة بالإفلاس والتي ورد النص عليها في قانون التجارة تطبق على إفلاس الشركات التجارية([1])، مع مراعاة عدم إمكانية تطبيق بعض الأحكام على الشخص المعنوي، كسقوط الحقوق السياسية عن المفلس وما شابه([2]).
       ورغم أن المشرع الأردني لم ينص صراحة على هذا المبدأ في نصوص قانون التجارة والتي عالجت الإفلاس بكامل مراحله، إلا أنه أكد على مدى صحته في نص المادة (257/ج) من قانون الشركات، والتي جاء فيها: "تسري أحكام الباب الثاني من قانون التجارة الأردني المتعلقة بالإفلاس على الشركات والأشخاص وأعضاء مجالس الإدارة أو من في حكمهم الوارد ذكرهم في هذا القانون).
       وقد أكدت محكمة التمييز الأردنية هذا القول بحكمها الذي جاء فيه (إن ما ينبني على المادة 9/1 من قانون التجارة التي اعتبرت الشركات التجارية من التجار أن حكم المادة 316 من ذات القانون ينطبق على الشركات التجارية بحيث يجوز إشهار إفلاسها إذا توقفت عن دفع ديونها التجارية شأنها في ذلك شأن الأشخاص الطبيعيين الذين يمتهنون التجارة) ([3]).
       كما ويشترط لإفلاس الشركات التجارية الشروط التالية:
-       الشرط الأول: أن تكون الشركة تجارية، إذ أن نظام الإفلاس مطبق فقط على فئة التجار سواء كانوا أفراداً أو شركات([4])، 







وتعتبر الشركة تجارية حسب طبيعة الأعمال والنشاطات التي تزاولها، فإذا كانت أعمالاً ذات طبيعة تجارية والغرض الذي تسعى إليه تجارياً، عندها تعتبر الشركة تجارية سنداً للفقرة (ب/1 من المادة 9) من قانون التجارة الأردني والتي جاء فيها "1. التجار هم... ب- الشركات التي يكون موضوعها تجاريا) وعليه ستخضع الشركات التجارية لنظام الإفلاس حال توقف عن أداء ديونها، كما ورد النص في المادة (6) من ذات القانون، على ما يؤكد أن طبيعة الأعمال التي تمارسها شركات التأجير التمويلي يعد من قبيل الأعمال التجارية، والتي جاء فيها: 
"1. تعد الأعمال التالية بحكم ماهيتها أعمالاً تجارية برية: 
أ- شراء البضائع وغيرها من المنقولات المادية لأجل بيعها بربح سواء بيعت على حالتها أم بعد شغلها أو تحويلها. 
ب- شراء تلك الأشياء المنقولة نفسها لأجل تأجيرها أو استئجارها لأجل تأجيرها ثانية.
ج- البيع أو الاستئجار أو التأجير ثانية للأشياء المشتراة أو المستأجرة على الوجه المبين فيما تقدم".
-       الشرط الثاني: التوقف عن الدفع، بمعنى أن تتوقف الشركة عن دفع ديونها المستحقة الأداء للدائنين في مواعيدها([5])، ولا عبرة بموجودات الشركة التي قد تكون مالكة للعديد من الأصول والأموال، إذ أن ذلك لا يعني تبريراً لتوقفها عن الدفع، والذي إن ثبت فعلاً فسيؤدي إلى شهر إفلاسها بغض النظر عن حجم موجوداتها وأملاكها، خاصة وأنه ثمة فرق بين الإفلاس والإعسار عموماً والذي فيه ينظر إلى موجودات الجهة المراد الحكم بإعسارها، والتي إن زادت أصولها على ديونها كان ذلك سبب كافٍ ليشفع لها، بعكس ما هو عليه الحال في نظام الإفلاس الذي لا يعتد بالموجودات بقدر ما يهتم بواقعة التوقف عن الدفع([6]).
-       الشرط الثالث: أن تتمتع الشركة بشخصية معنوية، بمعنى أن يكون لها شخصيتها المستقلة عن شخصية الشركاء فيها([7])، ويمكن تعريف الشخصية المعنوية للشركة بأنها: "صلاحية الشركة لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات، لأن الشخص القانوني هو عبارة عن مجموعة من الحقوق الشخصية والالتزامات والمسؤوليات"([8]).
وبالتالي فإن الشركة إن لم تتمتع بشخصية مستقلة كان من غير الجائز شهر إفلاسها، بل يجب أن يوجه الإفلاس إلى الشركات فيها([9])، وعليه فإنه لا مجال للقول بشهر إفلاس شركة المحاصة (والتي عالجها المشرع الأردني في المواد من 49 إلى 52 من قانون الشركات) كونها لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية، بدلالة نص المادة (49) من القانون والتي جاء فيها (.. ولا تتمتع شركة المحاصة بالشخصية الاعتبارية).
وتقسم الشركات إلى نوعين: شركات الأشخاص وشركات الأموال، وسيتم الحديث عن القواعد العامة لإفلاس كل نوع منها في المطلبين التاليين:
       وتعرف شركات الأشخاص بأنها تلك التي تتكون من عدد محدد من الشركاء، نظراً لعلاقة المعرفة أو القرابة التي تجمع بينهم([10])، وبالتالي تأسيس شراكتهم على مبدأ الثقة المتبادلة وهو الذي يعتبر الدافع لالتقاء إرادة الشركاء لتكوين هذا النوع من الشركات والقائم على أساس الاعتبار الشخصي، كون شخصية كل شريك هو محل اعتبار للشريك الآخر، إذ يترتي على زوال الخاصية انقضاء الشركة من حيث المبدأ([11])، هذا بالإضافة إلى أن الشريك في هذا النوع من الشركات يعتبر ضامناً لديون الشركة والتزاماتها ليس فقط بمقدار حصته في رأس المال بل بكامل أمواله الخاصة حيث تعتبر ضامنة لديون الدائنين والمترتبة في ذمة الشركة([12])، ويضم هذا النوع من الشركات كلا من شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة.
       وبما أن هذا النوع من الشركات يمتاز بالاعتبار الشخصي للشخص الشريك فيها، مما يترتب ونتيجة لذلك، فإن وفاة المستأجر أو إشهار إفلاسه أو الحجز عليه، يعني كقاعدة عامة إعلان انقضاء الشركة لانهيار الاعتبار الشخصي للشريك فيها، والذي تم التعاقد معه ابتداء كأمر أعلاه، فضلاً عن أنه لا يمكن للشريك في هذا النوع من الشركات التنازل عن حصته للغير إلا بموافقة بقية الشركاء حيث أن المتنازل إليه ليس بالضرورة محلاً لثقة الشركاء أو أهلاً لمشاركته، كما كان في الشريك المتنازل، لذا لا بد من أن يوافق بقية الشركاء على شخص الشريك المتنازل إليه حتى يصح التنازل، وذلك احتراماً لمبدأ الاعتبار الشخصي الذي يقوم عليه هذا النوع من الشركات([13]).
       وكما ذكرت فإن شركات الأشخاص تنحصر في شركة التضامن والتي عالجها قانون الشركات الأردني في المواد من (9 إلى 40)، وشركة التوصية البسيطة والتي عالجها المشرع في المواد من (41 إلى 48) من ذات القانون.
       ويعتبر الإفلاس أحد أهم أسباب انقضاء شركات الأشخاص، إذ أن شهر إفلاس الشركة يعني زوال وجود الشركاء فيها بالنتيجة، فضلاً عن أن الإفلاس يعني انقضاء الشركة وتوزيع موجوداتها لسداد ديونها ليتم تقسيم ما تبقى إن بقي شيء على الشركاء([14]).
       وقد عالج المشرع الأردني الإفلاس كسبب من أسباب انقضاء شركات الأشخاص، وذلك في معرض الحديث عن انقضاء شركة التضامن حيث نصت المادة (32/هـ+و) منه: 
       المادة (32/هـ) "إشهار إفلاس الشركة، وفي هذه الحالة يترتب على إفلاس الشركة إفلاس الشركاء". وعليه ولما كان إفلاس الشركة يعني انقضاءها بالنتيجة، كون إفلاس الشركة عائد لعجزها عن أداء التزاماتها وديونها المستحقة للغير، ولما كان هذا العجز راجع بالطبع للشركاء فيها والقائمين على إداراتها والتعامل باسمها (كون الشركة شخص معنوي يستلزمه من يعبر عن أعماله) وبالتالي ولما لم يكن باستطاعة الشركاء الحفاظ على الشركة من الإفلاس وذلك بالمسارعة إلى تسديد كامل التزاماتها، فإن شهر إفلاس الشركة يستتبع بالنتيجة شهر إفلاسهم أيضاً؛ وذلك نظراً للارتباط والاعتبارات الشخصية التي تربط الشركاء فيها([15]).
       كما نصت الفقرة (و) من المادة (32) من قانون الشركات الأردني على "بإشهار إفلاس أحد الشركاء فيها أو بالحجر عليه، ما لم يقرر باقي الشركاء جميعهم استمرار الشركة بينهم وفقاً لعقد الشركة". وبالتالي فإن شهر إفلاس أحد الشركاء في الشركة يعني انهيار الثقة الممنوحة له منذ البداية، وبالتالي فإن الاعتبار الشخصي سيزول حتماً فضلاً عن أن إفلاسه يعني بالنتيجة التنفيذ على أمواله ومن ضمنها حصته في رأس مال الشركة مما يعني زوالها بالتبعية([16])، إلا أن الفقرة (و) عادت وخففت من حكمها وأعطت لبقية الشركاء الفرصة في الاستمرار بالشركة حتى بعد شهر إفلاس أحدهم، وذلك بالاتفاق في عقد تأسيس الشركة منذ البداية على استمرار العمل بالشركة حتى بعد شهر إفلاس أحد الشركاء فيها.
       ويمكننا القول أن ما يطبق على شركات التضامن فيما ورد ذكره أعلاه، ينطبق أيضاً على شركة التوصية البسيطة، بدلالة المادة (48) من قانون الشركات الأردني، والتي أحالت على شركات التضامن في كل ما لم يرد ذكره في شركة التوصية البسيطة.
       مع الإشارة إلى أن نص الفقرة (و) من المادة (32) أعلاه لا ينطبق على شركات التوصية البسيطة بكل ما جاء فيه، حيث نصت المادة (47) من القانون على "لا تفسخ شركة التوصية البسيطة بإفلاس الشريك الموصي أو إعساره أو وفاته أو فقدانه الأهلية أو إصابته بعجز دائم". وبالتالي فإن إفلاس الشريك الموصي ليس سبباً من أسباب انقضاء الشركة، بل يبقى العمل فيها مستمراً، في الوقت الذي إذا أفلس الشريك المتضامن في شركة التوصية البسيطة سيترتب عليه إفلاس الشركة هنا لذات العلل والأسباب السابقة والمبينة أعلاه، إلا إذا قرر الشركاء المتضامنون والموصون الاستمرار في الشركة فلهم ذلك طالما أن عقد الشركة يخولهم هذا الحق([17]).
       وتجدر الإشارة إلى أن استعمال خيار الاستمرار في الشركة بعد إفلاس الشريك فيها، يستلزم أن يتم إعلام مراقب عام الشركات بذلك خلال (30) يوماً من تاريخ التغيير وأن يتم التعديل في عقد الشركة ونظامها الأساسي، سنداً للمادة (14) من قانون الشركات الأردني.
       وعند شهر إفلاس شركات الأشخاص وما يستتبعه من شهر إفلاس الشركاء فيها سنكون أمام تفليستين منفصلتين:
-       التفليسة الأولى: وهي تفليسة الشركة (بصفتها شخصاً معنوياًَ) حيث سيتم توزيع موجوداتها سداداً لديونها في مواجهة الغير ثم تقسيم ما تبقى على الشركاء فيها([18]).
-       التفليسة الثانية: وهي تفليسة الشركاء فيها([19])؛ إذ أن الشريك لد ديونه الخاصة ودائنيه بعيداً عن تعاملات الشركة ودائنيها، وبالتالي فهو يدخل بصفته الشخصية في تفليسة خاصة سدادا لديونه،مع الإشارة إلى نص المادة (31) من قانون الشركات الأردني والتي نصت على "إذا أفلس احد الشركاء في شركة التضامن فيكون لدائني الشركة حق الامتياز في طابق إفلاسه على ديونه الخاصة، وأما إذا أفلست الشركة فتعطي ديون دائنيها حق الامتياز على ديون الشركاء". وبالتالي فإن لدائني الشركة الحق في التدخل في تفليسة الشريك المستقلة للمطالبة بحقوقهم في مواجهة الشركة على أن تمنح فيها حقوقهم حق امتياز على ديون الشريك الخاصة.
ويترتب على وجود تفليستين منفصلتين عن شهر إفلاس شركات الأشخاص ما يلي:
1-  الاختلاف في تاريخ التوقف عن الدفع ولغايات تحديد بدء فترة الريبة التي تسبق شهر الإفلاس، إذ أن تاريخ توقف الشركة عن دفع ديونها ليس بالضرورة ذاته تاريخ توقف الشريك فيها عن دفع ديونه([20]).
2-  الاختلاف في أصول وخصوم الشركة إذ تتمثل أصول الشركة في موجوداتها ورأس مالها، أما الشركاء فأصولهم هي أموالهم الخاصة ومساهماتهم في رأس المال، إضافة إلى أن خصوم الشركة هم دائنوها، في الوقت الذي يعتبر خصوم الشركاء هو دائنيهم الشخصيين بالإضافة إلى دائني الشركة([21]).
3-  إن تحقيق الديون والاعتراض عليها منفصل بين دائني الشركة، وبين دائني الشريك الخصوصي؛ للاختلاف في ديون كل منهم وبالتالي الاختلاف في آلية تحقيقها والاعتراض عليها([22]).
4-  الاستقلال في الحصول على الصلح (المنعقد بعد شهر الإفلاس) إذ قد يحصل الشريك على صلح مستقل عن الصلح الممنوح للشركة، كما أنه ليس بالضرورة حصول جميع الشركاء على الصلح أسوة بأس من الشركاء([23]).

([1]) سمير أمين، الإفلاس معلقاً عليه بأحدث أحكام محكمة النقض، الطبعة الثانية، مطبعة النسر الذهبي، 1998، ص453.
([2]) ادوارد عيد، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص 420.
([3]) تمييز حقوق، 431/1986، منشورات مركز عدالة.
([4]) عزت عبد القادر، مرجع سابق، ص 174.
([5]) عبد الحميد شواربي، الإفلاس، الإسكندرية، منشأة المعارف، بدون سنة نشر، ص264.
([6]) عبد علي شخانبة، النظام القانوني لتصفية الشركات التجارية، عمان، جمعية عمال المطابع التعاونية، 1992، ص399.
([7]) سمير أمين، مرجع سابق، ص 457.
([8]) عبد علي شخابنة، مرجع سابق، ص 195.
([9]) محمدي فتح الله حسين، الموسوعة الشاملة في الشركات، الجزء الأول، ط1، القاهرة، دار السماح للإصدارات القانونية، 2007، ص98.
([10]) أسامة نائل محيسن، مرجع سابق، ص 27.
([11]) عزيز عكيلي، شرح القانون التجاري، الجزء الرابع، في الشركات التجارية، الطبعة الأولى، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2002، ص6.
([12]) أحمد محمد روس،الموسوعة التجارية الحديثة،الكتاب الأول في التجار والشركات والمحال التجارية،الدار الجامعية،دون سنة نشر،ص136.
([13]) مصطفى كمال طه، الشركات التجارية، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة، 1997، ص61.
([14]) فوزي محمد سامي، الشركات التجارية الأحكام العامة والخاصة (دراسة مقارنة)، ط1، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1999، ص133.
([15]) ادوارد عيد، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص 428.
([16]) عزيز عكيلي، شرح القانون التجاري، الجزء الرابع، مرجع سابق، ص 146.
([17]) فوزي محمد سامي، مرجع سابق، ص 167.
([18]) مفيدة سويدان، الإفلاس والصلح الوقائي، الجزء الأول، 1994، ص73.
([19]) عبد الحميد شواربي، مرجع سابق، ص 268.
([20]) ادوارد عيد، مرجع سابق، ص 436.
([21]) مفيدة سويدان، مرجع سابق، ص 76.
([22]) ادوارد عيد، مرجع سابق، ص 438.
([23]) عزت عبد القادر، الإفلاس والصلح الوقائي، المجلة الكبرى، دار الكتب القانونية، 1994، ص178.

Previous Post Next Post