التزامات العامل
تتحدد التزامات العامل على وجه الخصوص فيما يلي:
اولاً: القيام بالعمل المطلوب
ثانياً: بدل عناية الرجل العادي
ثالثاً: المحافظة علي اسرار العمل
رابعاً: عدم منافسة رب العمل
خامساً: التزامات العامل المتعلقة بالاختراعات
سادساً: الالتزام بالقيام بالعمل وفق اعتبارات حسن النية
سابعاً: الالتزام بتنفيذ أوامر وتعليمات رب العمل
اولاً: القيام بالعمل المطلوب
    يعتبر الالتزام بالعمل المطلوب من بديهيات الالتزامات المتربة على العمل لا بل يعتبر هذا  الالتزام أحد العناصر الجوهرية لعقد العمل باعتباره جزء من محل هذا العقد.
    ومن المعروف أن العمل المطلوب من العامل قد يتم تحديده عند قيام علاقة العمل وقد يكون قابلا للتعين حيث يتم تحديد العمل عندئذ وفق العرف السائد عن اصحاب نفس المهنة 
    أو الحرفة وهذا لا خلاف فيه ولا يثير أي اشكال في كلا الحالتين.
    ولكن الامر يدق عندما يمارس العامل عمله المحدد أو الذي تم تحديده فترة زمنية معينة ثم يرغب رب العمل أو العامل في تغير هذا العمل تغيرا يغاير طبيعة هذا العمل.
    ففي حالة اذا ما كان هذا التغير تعبيرا عن رغبة الطرفان وبإرادتهما فنكون حينها امام تغير اتفاقي ملزم لكلا طرفيه ومنتجا لأثاره القانونية دون أي شك أو ريب.

تابع: اولاً: القيام بالعمل المطلوب

    ولكن قد يأتي التغير في طبيعة العمل بناء على رغبة طرف دون اخر، وفي هذا الصدد اقر قانون العمل الفلسطيني مسايرة للفقه القانوني ثلاث حالات يمكن من خلالها لرب العمل تغير طبيعة العمل، فقد نصت المادة (32) ”لا يجوز تكليف العامل بعمل يختلف اختلافا بيناً عن طبيعة العمل المتفق عليه في عقد العمل، الا اذا دعت الضرورة الى ذلك منعا لوقوع حادث، او في حالة القوة القاهرة على أن يكون ذلك بصفة مؤقته بما لا يتجاوز شهرين“.

ويتبين من هذا النص ان المشرع الفلسطيني قد اجاز تغير العمل من طرف رب العمل في ثلاث حالات:
1- حالة الضرورة
2- حالة القوة القاهرة
3- حالة التغير الغير جوهري ”الاختلاف الغير بين“
1- حالة الضرورة
    حالة الضرورة من الحالات التي قد تفرضها ظروف العمل وملابساته، وتكون غالبا نتيجة حدث عرضي للحيلولة دون وقوع هذا الحدث او للوقاية منه أو لمعالجته، ومثاله اصابة ادوات العمل أو آلاته بعطب أو خلل يستلزم الصيانة أو تعرضه لاحتمال وقوع هذا الخلل أو العطب
2- حالة القوة القاهرة
    حالة القوة القاهرة تكون نتاج ظروف عامة المت بالعمل ولكنها غير مقصورة عليه، وقد تستدعي هذه الظروف تغير طبيعة عمل العامل، كتغير طبيعة عمل العامل القائم على اعمال التصدير نتيجة اغلاق المعابر.
    ويعتبر التغير في الحالتين السابقتين امر مستلزم وحتمي لضرورة الاستمرار في العمل وحسن سير المنشأة بما يكفل مصلحة العامل ورب العمل.

3- حالة التغير الغير جوهري ”الاختلاف الغير بين“

    يقصد بالتغير الغير الجوهري ذلك التغير او التعديل الذي ادخلته الارادة المشتركة للمتعاقدين عند ابرام عقد العمل، بحيث لا يتعارض التغير مع اعتبارات حسن النية لكليهما، فالتغير الغير الجوهري هو التغير الذي لا يصيب جنس العمل بل نوعه أي انه تغيرا لا يصيب طبيعة العمل بل تبقى تلك الطبيعة على حالها باعتبار ان هذا التغير لا يغير طبيعة العمل تغيرا جذريا، ومثاله تغير المساقات المكلف بها الموظف الاكاديمي داخل مؤسسة تعليمية أو تغير المهام القانونية للمستشار القانوني.
وجوب قيام العامل بأداء العمل بنفسه
    من مستلزمات اداء العمل ان يقوم العمل باداء العمل بنفسه، ذلك ان علاقة العمل لها طابع شخصي قائم على مجموعة من الاعتبارات مثل خبرة العامل وحسن سيرته وسلوكه وشهاداته العلمية وكذلك احترام الثقة التي اولها رب العمل له، بالإضافة الى ان قيام الغير بالعمل المطلوب يتناقض مع مفهوم احترام رغبة الدائن وهو رب العمل.
    وعليه فيجب قيام العامل بالعمل بنفسه، واذا ما انتحل العامل شخصية اخر للقيام بالعمل جاز لرب العمل انهاء عقد العمل، فقد نصت المادة (40) من قانون العمل في فقرتها الاولى ”لصاحب العمل إنهاء عقد العمل من طرف واحد دون إشعار مع حقه في مطالبة العامل بكافة الحقوق الأخرى عند ارتكابه أيا من المخالفات التالية: 1/ انتحاله شخصية غير شخصيته او تقديمه شهادات أو وثائق مزورة لصاحب العمل.

ثانياً: بدل عناية الرجل العادي

    من المستقر ان العامل عند قيامه بالعمل يقع عليه التزام ببذل عناية الرجل العادي الذي يبذله قرناءه من العاملين في نفس المهنة أو المجال كما او كيفا، وبالتالي لا يلزم العامل ببذل عناية الرجل الحريص الذي يبذلها عند القيام بالأعمال الخاصة به.
    وقد اختلف الفقه في درجة الخطأ الذ يمكن للعامل اقترافه عند القيام بالعمل، والمستقر عليه ان العامل لا يؤاخذ بالأخطاء اليسيرة التي يمكن ان يقع فيها الشخص العادي، بل يؤاخذ ويكون مسئولا عن الاخطاء الجسيمة التي من شانها الحاق ضرر بالعمل او بالمؤسسة أو الغير.
    ورغم ان القانون الفلسطيني لم يتحدث عن درجة الخطأ التي توجب مسؤولية العامل الا انه نص في مادته (33) ”يلتزم العامل بتأدية عمله بإخلاص وأمانة وبالمحافظة على أسرار العمل وأدواته ولا يعتبر العامل مسؤولا عن خلل الأدوات أو صياغتها نتيجة أي ظرف طارئ خارج عن إرادته أو قوة قاهرة ”

ثالثاً: المحافظة علي اسرار العمل

    حظر قانون العمل الفلسطيني على العامل افشاء اسرار العمل، وهو التزام يتحدد من نص الفقرة السادسة من المادة (40) واليت تنص ” لصاحب العمل إنهاء عقد العمل من طرف واحد دون إشعار مع حقه في مطالبة العامل بكافة الحقوق الأخرى عند ارتكابه أيا من المخالفات التالية: 6/ إفشاءه للأسرار الخاصة بالعمل التي من شأنها أن تسبب الضرر الجسيم“.
    واذا كان المشرع الفلسطيني لم يخصص هذا الالتزام بنصا صريحا الا انه يستشف ضمنيا من النص السابق والذي جعل اسباب فسخ عقد العمل من طرف رب العمل دون ان يعتبر الفسخ تعسفيا افشاء العامل اسرار العمل لاسيما اذا اقترن هذا الفعل بإلحاق ضرر جسيم بالعمل او المنشأة.
    وسواء تعلق موضوع هذه الاسرار بالأسرار الداخلية للمنشاة مثل المعلومات المتعلقة بظروف الانتاج أو بطبيعة المواد المستخدمة في التصنيع او بمقدارها، او تعلقت بالأسرار الخارجية للمنشأة مثل ظروف الاستيراد والتصدير وأسماء العملاء والزبائن والموردين والمستوردين والأسعار وغير ذلك.
    ولكن يثور موضوع تعلق هذه الاسرار حال تعلقها بارتكاب مخالفة قانونية من طرف رب العمل، حيث ان المستقر أن افشاء العامل لهذه الاسرار في تلك الحالة لا يعتبر افشاء لاسرار العمل، بل دفاعا عن المصلحة التي يحميها القانون لا بل يعتبر سكوت العامل احيانا تستر علي ارتكاب جريمة اذا ما كانت الاسرار متعلقة بارتكاب جرائم داخل المؤسسة او المنشأة كمن يضع مواد مخدرة في محتويات المواد التي تنتجها.

رابعاً: عدم منافسة رب العمل

    لم يضع المشرع الفلسطيني نصوصا خاصة حول هذا الالتزام الذي قد يفرضه رب العمل على العامل، فقد يشترط رب العمل ضمن شروط العقد عدم منافسة العامل أو قيامه بمثل محل العمل فترة زمنية معينة.
    واذا كان المشرع الفلسطيني لم يتطرق لمثل هذا الالتزام فان قرنيه المصري والذي كان مطبقا في قطاع غزة قد تعرض لهذا الامر، حيث اجاز لرب العمل اشتراط التزام العامل بهذا الالتزام ولكن لمشرع المصري قد قيد هذا الالتزام بضرورة توافر ثلاث شروط.
    1- ان يكون العامل بالغا عند ابرام عقد العمل
    2- اشتراط هذا الالتزام صراحة في عقد العمل
    ان يكون هذا الالتزام مقصورا من حيث زمان ومكان ونوع العمل

خامساً: التزامات العامل المتعلقة بالاختراعات

    من المعلوم ان الاختراع يرتب مجموعة من الحقوق المعنوية والمالية لصاحبه، وقد يتوصل العامل لاختراع ما فما مدى تمتع العامل بالحقوق التي يرتبها الاختراع؟
    يختلف الامر هنا باختلاف نوع الاختراع وكيفية الوصول اليه بن ثلاث أنواع من الاختراعات.
    أولاً: اختراع الخدمة: ويقصد به ذلك الاختراع الذي يتوصل اليه العامل الذي يتحدد طبيعة عمله اصلا في الوصول الى الاختراعات وفي هذا النوع فان الحقوق التي تترتب علي الاختراع تعود لرب العمل.
    ثانياً: الاختراع العرضي: وهو الاختراع الذي يتوصل اليه العامل بشكل عرضي اثناء وبمناسبة قيامه بعمله الاصلي الخارج عن نطاق الوصول الى الاختراعات، وفي هذا النوع من الاختراعات فان الحقوق التي يتربها الاختراع تعود لرب العمل باعتباره دائن للعامل بالجهد والوقت وهو من وفر الادوات والالات التي توصل بها العامل لهذا النوع من الاختراعات.
    ثالثاً: الاختراع الحر: وهو الاختراع الذي يتوصل اليه العامل خارج نطاق العمل زمانا ومكانا، ولا شك ان الحقوق التي يرتبها هذا النوع من الاختراع تعود للعامل شكل كامل.

سادساً: الالتزام بالقيام بالعمل وفق اعتبارات حسن النية

    الاصل وبشكل عام ان يقوم كل متعاقد سواء في عقد العمل او غيره من العقود الاخرى ان يقوم ياداء الالتزامات الملقاة على كاهل بحسن نية، ومرجه ذلك في عقد العمل الطابع الشخصي للعقد، وعلاقة التبعية التي تصبغه، فلا يجوز للعامل القيام باي عمل يخرج عن اعتبارات حسن النية، مثل قيامه بجمع تبرعات عند قيامه بالعمل أو باسم العمل او بمناسبة القيام به، او امتناعه عن عمل مكلف به، او تكليف غيره من العمال للقيام به، او تنظيم اجتماعات دون موافقة رب العمل، او اساءة الادوات الخاصة بالمنشأة.

سابعاً: الالتزام بتنفيذ أوامر وتعليمات رب العمل

    يعتبر هذا الالتزام نتيجة بديهية لمفهوم التبعية باعتبارها أحد شروط علاقة العمل وتطبيق مقتضيات القانون الخاص به.
    ومن قبيل الالتزام بتنفيذ اوامر وتعليمات رب العمل الالتزام بالأوقات المحددة للعمل عند الحضور والانصراف والالتزام باللوائح الداخلية للمنشاة والالتزام بالتعليمات الشفاهية او المكتوبة الصادرة عن رب العمل، والالتزام باداء العمل المحدد والمطلوب.

Previous Post Next Post