أهم القضايا الخلافية فى مجال حقوق الإنسان
أهم القضايا الخلافية فى مجال حقوق الإنسان

1.   مسألة حريــة  التعبيـر
‌أ.    تعد "حــدود" حرية التعبيـر من أبرز القضايا الخلافية، حيث يعارض ممثلو الدول الغربيــة وضع أى قيد على تلك الحرية، بغض النظر عما قد ينجم عن ممارستها من تماس مع قيم المجتمع أو افتراء على منظومة القيم السائدة فيه، أو ما يمكن أن تؤدى إليه ممارسة بعض أشكال حرية التعبير من اضطرابات اجتماعية أو عرقية، أو انتهاك لحقوق الأفراد والجماعات.
‌ب.  وفى مواجهة ذلك الموقف من جانب الدول الغربية يدفع ممثلو الدول العربية والإسلامية ودول أخرى بالمادة (19) من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية التى تتناول إمكانية تقييد تلك الحرية حفاظاً على النظام العام للمجتمع، وحقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية، بالإضافة إلى المادة (20) التى تحظر التحريض الدينى والعرقى، وذلك للبرهان على أن حرية التعبير ليست مطلقة، بل على العكس هى مقيدة بعدم المساس بمعتقدات ومذاهب وحقوق الآخرين، تفادياً للإضرار بالسلامة العامة للمجتمع.
‌ج.   ويلاحظ أن الدول التى ترفض وضع أى قيد على حرية التعبير، هى ذاتها التى تجرم قوانينها مجرد إبداء الرأى فى الملابسات التاريخية التى أحاطت بقضية ما، كالتشكيك عدد ضحايا المحرقة مثلاً، رغم ما قد ينطوى عليه ذلك من مساس بحرية البحث التاريخى. وعادة ما يشير المفاوضون فى سياق عرضهم لحججهم إلى هذا التناقض فى "المبادئ"، وذلك للتدليل على الانتقائية، وازدواجية المعايير الغربية فى تناول مسألة حرية التعبير. 
2.   حريـة المعتقد والإسـاءة للأديـان
‌أ.     ترتبط هاتان المسألتان ارتباطاً وثيقاً بمسألة حرية التعبير، ويكشف تناول المسائل الثلاث معاً مدى عمق  التناقض فى مواقف الدول الغربيـــة، ففى حين تتمسك بحريتى الدين والتعبير وترفض بقوة وضع قيود على ممارستهما، وخاصة حرية التعبير، فإنها ترفض الاعتراف بمفهوم "الإساءة للأديان"، وتتمسك بأن الإساءة لدين أو لمعتقد هو أمر عادى ومقبول فى إطار الحرية المكفولة لكل فرد فى التعبير.
‌ب.   ويدفع ممثلو الدول الإسلامية بأن ضمان حرية الأديان يفترض صيانتها من العبث والإساءة، وبأن إتهام الأديان بالتخلف وربطها بالإرهاب، بذريعة حرية التعبير، من شأنه إثارة مشاعر العداء والاضطهاد تجاه أتباع تلك الأديان، وما قد يؤدى إليه ذلك لاحقاً من أعمال عنف واعتداءات عليهم، على غرار ما شهدته أوروبا قبيل وخلال الحرب العالمية الثانية، وما تشهده بعض الدول الغربية حالياً من تمييز سلبى متصاعد تجاه المسلمين من مواطنى هذه الدول.
‌ج.    وعادة ما يشير المفاوضون فى طرحهم إلى أن غالبية الدول الغربية التى تقبل بسهولة الإساءة للأديان، وخاصة الدين الإسلامى منذ أحداث سبتمبر 2001 كإحدى صور حرية التعبير، هى ذات الدول التى تعتبر أن انتقاد السياسات الإسرائيلية أو الحركة الصهيونية شكل من أشكال معاداة للسامية، رغم ما يحيط مفهوم معاداة السامية من لبس متعمد، ومغالطات تاريخية، وخلط مقصود بين العرق والدين والسياسة، لإسباغ الحصانة على أفعال وسياسات إسرائيل تجاه الشعب الفلسطينى تحت مسميات مختلفة كحماية العرق اليهودى من الاضطهاد أو إصلاح أخطاء تاريخية وقعت فى أوروبا فى النصف الأول من القرن الماضى، وهو ما يطلق عليه "ازدواجية المعايير" Double  Standards أو الإنتقائية Selectivity   
3.   مسألة تعريـف الأسـرة ودورهـا
‌أ.     نصت المادة (16) من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على أن الزواج وتكوين الأسرة يكون بين "رجال ونساء"، وعلى أن الأسرة هى"The natural and fundamental group unit of society and is entitled to protection by society and the state” ، وكان مفهوماً لدى اعتماد الإعلان العالمى عام 1948 أن المقصود هنا هو الأسرة بمفهومها التقليدى الراسخ أى اتحاد بين شخصين مختلفى الجنس.
‌ب.   إلا أن مؤتمر الأمم المتحدة للسكـــان والتنميـة (1994) اعتمد صيغة جديدة تتضمن النص على أنThe family is the basic unit of society and as such should be strengthened. It is entitled to receive comprehensive protection and support. In different cultural, political and social systems, various forms of the family exist" وهذه الصيغة وخاصة الشطر الأخير منها، لم تكتف بإضعاف مفهوم الأسرة وموقعها المحورى فى المجتمع بحذف الإشارة إلى أنها الوحدة "الطبيعية" للمجتمع، بل إنها أقرت أيضا بوجود أشكال أخرى من الأسرة بجانب الشكل التقليدى المتعارف عليه.
‌ج.    ورغم أن ما هدف إليه ممثلو الدول الغربية كان إضعاف المفهوم التقليدى للأسرة، والدفع بالأشكال المستحدثة من "التجمعات" وإقحامها على مفهوم الأسرة (كاتحادات الشواذ مثلا)، فإن ممثلى الدول العربية والإسلامية قبلوا بالصيغة الجديدة باعتبارها تتناول أشكالاً أخرى من الأسر مقبولة بالنسبة لهم (زوج + أكثر من زوجة، الأسرة الممتدة Extended Family أى إقامة عدة أجيال معاً كأسرة واحدة ..الخ).
‌د.       وقد كشفت الممارسة الفعلية بعد مؤتمر السكان النوايا الحقيقية وراء تلك الصيغة، والضرر الكبير الذى ألحقته بمفهوم الأسرة، حيث سارعت الدول الغربية، ومعها أجهزة الأمم المتحدة، للاحتفاء بها والترويج لها باعتبارها اعترافاً بزواج المثليين كأحد أشكال الأسرة، أو باعتبارها إسباغاً لوصف الأسرة على العلاقات ممتدة الآجل دون رابطة الزواج الرسمية. بل تمادت الدول الغربية أكثر من ذلك، حيث سعت لحذف أو تعديل الشطر الأول من الفقرة والإشارة إلى الأسرة باعتبارها مجردa basic unit of society وليس the basic unit of society، مع التمسك بإبقاء الإشارة إلى وجود أشكال متعددة من الأسر، باعتبار هذا نصرا غالياً أنجزته فى إطار مساعيها لفرض مفاهيمها على الآخرين.
‌ه.       وأصبح من المتعذر الآن التراجع عن صيغة 1994، خاصة بعدما أعيد تأكيدها فى أكثر من وثيقة لاحقة، ومع ذلك فإن ممثلى الدول الإسلامية مستمرين فى معارضة أى محاولة غربية للبناء على تلك الصيغة أو للذهاب إلى ما هو أبعد منها، وأفضل وسيلة متاحة لتحقيق ذلك هى التهديد بالعودة للصيغة الأصلية للإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وقد تم بالفعل التهديد بذلك أكثر من مرة، مما أدى إلى تراجع مساعى الدول الغربية.
4.   مسألـة التوجـه الجنسـى
‌أ.        المقصود بهذا التعبير هو الشذوذ الجنسى، وقد تم صك هذا المصطلح Sexual Orientation حرصاً من الدول الغربية على تفادى المصطلحات التقليدية التى تصم هذا السلوك بأنه شذوذ عن الفطرة أو الطبيعة البشرية، حيث يعتبرونه فى المجتمعات الغربية مجرد "توجه" لا يفترض بالضرورة أن به خروجا عن المألوف.
‌ب.   وبغض النظر عن هذا المنطق الغربى الذى تعارضه الكنيسة والفاتيكان أيضا، فإن ما يحكم المفاوض هو أمر واحد فقط، وهو ان كان مثل هذا السلوك مقبولا أم مرفوضا من المجتمع الذى يمثله، بما فى ذلك ما يستتبعه من مفاهيم أخرى كإباحة زواج المثليين، حيث أن المهمة الرئيسية للمفاوض فى مجال حقوق الإنسان هى صون منظومة المبادئ والقيم الاجتماعية السائدة فى مجتمعه فى المقام الأول. 
‌ج.    بدأت مجموعة الدول الغربية فى الدفع بهذا المفهوم فى قرارات الأمم المتحدة منذ عام 2002، وتمكنت من تمريره أحياناً وأخفقت أحياناً أكثر، ولكن لم يتم تضمينه فى أى قرار صدر بالتوافق عن أى محفل من محافل الأمم المتحدة.
‌د.       وكانت أبرز المحاولات فى ذلك الشأن تقديم البرازيل مشروع قرار إلى لجنة حقوق الإنسان عام 2003 يعتبر التوجه الجنسى حقاً من حقوق الإنسان. وقد تمت عرقلة اعتماد القرار بتخطيط تكتيكى إذ أعد وفد مصر110 تعديلا على المشروع، رغم أنه تضمن 11 فقرة فقط (أى عشرة تعديلات على كل فقرة، وهى سابقة فى مجال التعديلات أوضحت بجلاء مدى الإصرار على إسقاط مشروع القرار)، وقد أحدثت هذه التعديلات جدلاً إجرائياً وموضوعياً أفضى إلى تأجيل نظر المشروع عاماً بعد آخر والى حين إلغاء اللجنة برمتها عام 2005، وتعد هذه الواقعة مثالا طيبا على ما يمكن تحقيقه من خلال الإلمام الكافى بقواعد الإجراءات وكيفية استخدامها.
‌ه.       وإذا كان المفاوضون يدفعون بعدم إشارة أى من المواثيق المعترف بها دولياً إلى هذه المسألة من قريب أو بعيد، وبأن العهود الدولية تؤكد ضرورة مراعاة الخصوصيات الثقافية لكل مجتمع، فإنه فى المقابل لا توجد صيغة معينة يمكن اقتراحها لمقاومة الإشارة إلى التوجه الجنسى فى قرارات حقوق الإنسان، وستظل هذه المسألة لأمد طويل من المسائل الخلافية فى الأمم المتحدة.
‌و.      وقد لوحظ أيضاً أن الترويج لمفهوم التوجه الجنسى ينظر له فى بعض دوائر سكرتارية الأمم المتحدة باعتباره فرصة لإثبات انفتاحها على القيم الغربية المتقدمة، لذلك كثيرا ما تضمنه السكرتارية فى تقاريرها بهدف تمريره باعتباره مفهوماً مستقراً فى أدبيات حقوق الإنسان، وهو ما جنحت إليه اللجان التعاقدية لحقوق الإنسان أيضاً. 
5.   مسألة حـق الإجهـاض
‌أ.   لازالت الدول الغربية مترددة فى الدفع صراحة بالإجهاض كأحد حقوق الإنسان، لعدم وجود أساس قانونى لذلك فى أى من المواثيق المعترف بها دولياً، لذلك عادة ما يتم طرق المسألة من باب خلفى وهو مسألة ضرورة توفير الخدمات الصحية للنساء والأطفال، أو من باب حق المرأة فى الاختيار بين الإنجاب من عدمه، رغم أن المنطق يفترض زوال هذا الحق فى الاختيار متى تشكل الجنين وصار جسداًً دبت فيه الروح وثبتت له الحقوق، وأولها الحق فى الحياة. 
‌ب. وظاهرياً، يبدو مصطلح Health Services مصطلحاً محايداً، لكن التدقيق فيما تشمله الخدمات المقدمة يظهر أنها تتضمن الإجهاض، وتعارض الدول الغربية إستبداله بمصطلح آخر يؤدى لنفس المعنى المحايد، إذا كان المقصود هو توفير الرعاية الصحية، وهو Health Care   أو  Health Care Services
‌ج.    وبناء عليه، فعلى المفاوضين معارضة استخدام مصطلح Health Services وطرح أحد المصطلحين البديلين المشار إليهما مع شرح المنطق وراء ذلك، مع الدفع بأنه إذا كان المقصود مجرد توفير الرعاية والخدمات الصحية دون الإجهاض فإن أيا من المصطلحين البديلين يفى بالغرض. 
‌د.       ويبيح القانون المصرى الإجهاض فقط فى حالة الضرورة التى يفرضها الحفاظ على حياة الأم ذاتها، لذا فإنه بمقدور المفاوض المصرى قبول الإشارة إلى الإجهاض إذا ما اقتصرت على هذه الحالة تحديداً.
6.   المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام
‌أ.     نصت المادة (6) من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية على أن لكل إنسان الحق فى الحياة،  وعلى عدم تجريد أى إنسان من هذا الحق بصورة تعسفية. وتستند الدول الغربية للشطر الأول من الفقرة للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، رغم أن الشطر الثانى يظهر أن الممنوع هنا ليس تجريد الإنسان من الحق فى الحياة، وإنما تجريده من هذا الحق بصورة غير قانونية.
‌ب.   ومما يضعف كثيراً من الدفع الغربى، أن ذات المادة تشير إلى الضمانات القانونية الواجب توافرها فى حالة تطبيق عقوبة الإعدام، بما يعنى أن العهد الدولى لم يطالب بإلغاء هذه العقوبة، بل اكتفى بوضع ضمانات تنظم تطبيقها العادل.
‌ج.       ورغم ذلك، فقد نجحت الدول الغربية منذ عدة سنوات فى تمرير مشروع قرار يدعو لفرض حظر طوعى على تنفيذ عقوبة الإعدام، وقد وقع ذلك بسبب طرق هذه الدول للمسألة من مدخل الحق فى الحياة، وصياغة الطرح بمهارة جعلت من الصعب على الغالبية معارضته، حيث لم تطالب بإلغاء العقوبة ذاتها، وإنما بمجرد وقف تنفيذها moratorium، وهو طرح استقطب تأييد العديد من الدول، ومن بينها دول عربية وإسلامية.
‌د.    وتجدر الإشارة إلى أن الدول الغربية التى نظمت حملتها لإلغاء عقوبة الإعدام على أساس مخالفة هذه العقوبة للحق فى الحياة، تناقض نفسها حين تروج للإجهاض باعتباره حقاً من حقوق الإنسان، على ما يتضمنه هذا من إفتئات على حق الجنين فى الحياة، رغم أن المنطق يقول انه إذا كان هناك سبب للمطالبة بالإبقاء على حياة مذنب مدان، فما بالنا بحياة جنين لم يقترف ذنبا، بل لم يولد بعد. وهو طرح إضافى يمكن للمفاوض استخدامه لمقاومة مساعى إلغاء عقوبة الإعدام.  

7.  تكامل حقوق الإنسان والحريات الأساسية
§       عادة ما يسعى ممثلو الدول المتقدمة للتركيز على الحقوق المدنية والسياسية وتكثيف الإشارات إليها فى قرارات حقوق الإنسان، مقابل سعى ذات الدول للتقليل من شأن وحجية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، رغم ما تمثله الأخيرة من أولوية متقدمة للدول النامية، وهنا يتمسك ممثلو الدول النامية بالإشارة إلى تكاملية كافة الحقوق والحريات الأساسية وعدم إمكانية تجزئتها أو الانتقاء من بينها، والمطالبة بأن تتضمن كافة الفقرات ذات الصلة الإشارة إلى "كافة/all" حقوق الإنسان، والإصرار دائماً على اقتران الإشارة إلى الحقوق المدنية والسياسية بالإشارة إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.  
8.    العلاقة بين الفقر وحقوق الإنسان
‌أ.  اتصالاً بالنقطة السابقة، يدور التساؤل عن العلاقة السببية بين الفقر وتدنى مستوى إحترام حقوق الإنسان، أى هل الإنسان فقير لأن دولته تحرمه من حقوقه الإنسانية؟ (كما تدفع بذلك الدول الغربية) أم أنه محروم من تلك الحقوق بسبب فقر دولته وعجزها عن توفير حقوقه؟ (كما تدفع الدول النامية).
‌ب.   ويمكن القول بأن كلا الطرحين خاطئ. فلا يكفى القول بأن حرمان الإنسان من حقوقه السياسية هو السبب فيما يعانيه من فقر اقتصادى، إذ لابد أيضاً من الحديث عن الممارسات التجارية الدولية غير المنصفة وتأثيرها السلبى على التنمية الاجتماعية بالدول النامية، وبذات القدر لا يكفى القول بأن ضعف الظروف الاقتصادية للدولة مبرر كاف لحرمان الفرد من ممارسة حقوقه المدنية والسياسية.
‌ج.       تظل صياغة العلاقة بين الفقر وتردى أوضاع حقوق الإنسان مسألة بالغة الدقة، خاصة عند تناول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعلاقتها بالحقوق المدنية والسياسية. ومما يزيد من صعوبة المسألة عدم وجود صياغة معينة تم التوافق عليها فى مواثيق دولية يمكنها فض التماس بين وجهتى النظر، لذا فإن المفاوض ينظر إلى الصياغات المقترحة من زاوية الموازنة بين حقوق المجتمع على أفراده وواجباته تجاههم، مع السعى لتضمين إشارات قوية لضرورة تعزيز التعاون الدولى، وتلافى آثار السياسات الاقتصادية الدولية على جهود التنمية فى الدول النامية.
9.       حقوق الإنسان وجهود مكافحة الإرهاب
‌أ.   هل الإرهاب فى حد ذاته انتهاك لحقوق الإنسان؟ وهل يمكن التجاوز عن بعض الضوابط القانونية لحقوق الإنسان فى إطار مكافحة الإرهاب؟
‌ب.   هذان تساؤلان لم تفلح الأمم المتحدة حتى الآن فى الاتفاق على صيغة موحدة بشأنهما، حيث اعتمدت عدة قرارات تؤكد أن الإرهاب يعد من صور انتهاك حقوق الإنسان، وهى قرارات صوتت الدول الغربية ضدها بدعوى أن "انتهاك حقوق الإنسان" هو عمل يمكن للدولة فقط وليس للأفراد القيام به، أما ما يقوم به الأفراد ضد بعضهم البعض فهو يندرج فى مجال الجريمة ولا يمكن اعتباره انتهاكاً لحقوق الإنسان.
‌ج.    وفى المقابل اعتمدت الأمم المتحدة قرارات أخرى تشير إلى ضرورة احترام حقوق الإنسان خلال مكافحة الإرهاب، وأن مكافحة الإرهاب لا يجب أن تكون ذريعة للإخلال بالضمانات القانونية الأساسية لحقوق الإنسان، وهى قرارات نشأت الحاجة إليها عقب أحداث سبتمبر 2001 كرد فعل، وبمبادرة من المكسيك، على الإجراءات الأمريكية المتعسفة ضد الوافدين الى الولايات المتحدة عقب تلك الأحداث.
‌د.       ولعل أفضل موقف تفاوضى فى هذا الشأن هو ما تتبعه مصر، وهو الجمع بين الطرحين، حيث تشارك فى تبنى وجهتى النظر معاً، بحيث يمكن إيجاز الموقف المصرى بأن الإرهاب انتهاك للعديد من حقوق الإنسان، مع تأكيد ضرورة إلتزام جهود مكافحة الإرهاب بمعايير حقوق الإنسان. 
10. قرارات أوضاع حقوق الإنسان داخل الدول
‌أ.       لعل هذه النوعية من القرارات الأكثر تعقيداً فيما يواجه المفاوض فى مجال حقوق الإنسان، وذلك للاعتبارات التالية:
1)   أنها أقوى صور الإعراب عن قلق المجتمع الدولى تجاه أوضاع حقوق الإنسان فى دولة ما، حيث يعد تمرير القرار بمثابة إدانة دولية قوية لسياسة الدولة محل القرار فى مجال حقوق الإنسان، بما يلحق ضرراً بالغاً بسمعتها وهيبتها. 
2)   أن هذه النوعية من القرارات تستخدم عادة لتحقيق أهداف سياسية نادراً ما تتعلق بحقوق الإنسان، فعلى سبيل المثال دأبت الدول الغربية على تقديم مشروع قرار حول حقوق الإنسان فى العراق طوال فترة العهد السابق، وكانت آخر مرة يقدم فيها هذا القرار عشية سقوط بغداد عام 2003، ومنذ ذلك الحين لم تر هذه الدول فى أوضاع حقوق الإنسان فى العراق أية مدعاة للقلق تدفعها لتقديم مشروع القرار مرة أخرى. والأمثلة المشابهة كثيرة وكلها تظهر بجلاء مدى تسييس هذه القرارات، وأن الحرص على حقوق الإنسان ليس بالضرورة ضمن دوافع تقديمها.
3)   أن نمط التصويت على هذه القرارات قلما يقيم وزناً لأوضاع حقوق الإنسان داخل الدولة محل القرار، فلن تؤيد أى دولة مشروع قرار يدين أوضاع حقوق الإنسان فى دولة تربطها بها علاقات سياسية طيبة، مهما تردت أوضاع حقوق الإنسان فى الأخيرة. وبالمثل، فلن تعارض أى دولة مشروع قرار يدين أوضاع حقوق الإنسان فى دولة مناوئة لها سياسياً، مهما كان القرار متجنياً على هذه الدولة.  
‌ب.  لا تظهر الاعتبارات المتقدمة مدى تعقيد تلك القرارات فقط ولكن أيضا مدى الحساسية التى تحيط بالتفاوض بشأنها، لذا تخفى غالبية الدول نمط تصويتها حتى اللحظة الأخيرة، سواء انتظاراً لتعليمات من العاصمة، أو تفادياً للحرج مع الدولة التى أعدت مشروع القرار أو الدولة المقدم ضدها.
‌ج.   وبينما يتذبذب نمط تصويت كثير من الدول على تلك القرارات من عام لآخر وفقا لما تتعرض له من ضغوط وترجيحها لمصالحها السياسية مع هذا الطرف أو ذاك، فإن دولة مثل الهند مثلاً تحصن نفسها ضد أية ضغوط بإتباع نهج ثابت بالامتناع عن التصويت على أية قرارات تتعرض لأوضاع حقوق الإنسان داخل أى دولة أيا كانت، بينما تتخذ دولة مثل مصر موقفاً أكثر وضوحاً بالتصويت ضد كافة القرارات التى تتعرض لأوضاع حقوق الإنسان فى الدول الأخرى، وبغض النظر عن الدولة المعنية، وذلك انطلاقاً من رفض مـصــر للنهج الانتقائى فى العلاقات الدولية والذى يقارب الابتزاز السياسى المتستر خلف الحرص على حماية وتعزيز حقوق الإنسان.


هم القضايا الخلافية فى مجال حقوق الإنسان

أنواع حقوق الإنسان
مواضيع عن حقوق الانسان
اهم قضايا حقوق الانسان
ما هي حقوق الانسان
مفهوم حقوق الانسان
حقوق الانسان في الاسلام
حقوق الانسان
بحث كامل عن حقوق الانسان

Previous Post Next Post