نظام الإفلاس هو نظام ذو خصائص معينة لا تتوافر في غيره من الأنظمة القانونية، فهو:
أولا: نظام خاص بالتجار فلا يخضع غير التجار لنظام الإفلاس لأنه أصلاً تجاري وجد لعلاج مشاكل البيئة التجارية، ويمكن إرجاع سبب عدم خضوع غير التجار إلى أحكام الإفلاس إلى أن عدم وفاء غير التاجر بديونه في مواعيد استحقاقها قد يضر بالمصالح الخاصة لدائنه فقط مما لا يؤثر بالضرورة على الوضع الاقتصادي العام وبالتالي لا يمس كثيرا المصلحة العامة([1]). أما توقف احد التجار عن الوفاء بديونه التجارية في مواعيد استحقاقها فانه يمثل أزمة بمجتمع التجار قد تصيبهم بضرر بليغ ومن ثم تمس المصلحة العامة([2])، ويستثنى من ذلك القضاة والموظفين الذين يعملون في التجارة إذ لا يعتبرون تجاراً وإنما يخضعون إلى نظام الإفلاس.
ثانيا: الإفلاس إجراء قضائي ذلك أن شهر إفلاس المدين التاجر لا يكون إلا بحكم قضائي، ولا  يترتب على الوقوف عن دفع الديون قبل صدور هذا الحكم أي اثر ما لم ينص القانون على غير ذلك([3]) وعليه فلا تنشأ حالة الإفلاس إلا بحكم كما تخضع إجراءات التفليسة لرقابة محكمة البداية ومن ثم يعتبر الإفلاس إجراء قضائي بالمعنى الفني الدقيق، كما يعتبر الإفلاس إجراء من إجراءات الحجز على أموال المدين، إلا أن الحجز هنا لا يقع على أموال محددة دون غيرها من أموال المفلس بل يقع على جميع أمواله التي يملكها عند صدور حكم الإفلاس أو أثناء سير التفليسة([4]).
       وإضافة إلى ذلك يعتبر حكم الإفلاس كاشف([5])، حيث انه يقرر أو يكشف حالة وقوف التاجر عن دفع الديون التجارية المستحقة وهي الحالة التي يستند إليها صدور الحكم نفسه، كما أن حكم الإفلاس بتقريره لهذه الحالة التي ينشئ حالة جديدة تتمثل بالتصفية الجماعية وغل يد المدين وحرمانه من حقوقه ووقف الدعاوى والإجراءات الانفرادية.
ثالثا: الإفلاس إجراء جماعي، حيث لا يوجد إلا بوجود جماعة الدائنين والذين تربطهم علاقة اتحاد المصالح ووحدة المصير، فهذه الجماعة يجب أن تتمتع بالحماية والتحرك بصورة جماعية قانونية لتحقيق الهدف وقد وفر لهم المشرع آلية التحرك في الطعن بتصرفات المفلس في فترة الربية([6]) بأن اوجب بطلان بعض التصرفات وأجاز بعضها الآخر([7]).
رابعا: الإفلاس ذو طابع عقابي ذلك أن الإفلاس لا يؤثر فقط على مصالح الدائنين الخاصة بل من شأنه أن يضر بالمصلحة العامة لما يؤدي إليه من خلل يصيب مجتمع التجار، لذا أورد المشرع الكويتي في قانون التجارة رقم 68 لسنة 1980 جرائم الإفلاس([8]) في الباب الخامس منه واعتبر الإفلاس  بالتدليس جناية عقوبتها لا تزيد عن خمس سنوات في حين اعتبر الإفلاس بالتقصير جنحة عقوبتها لا تزيد عن 3 سنوات لكل تاجر شهر إفلاسه بحكم نهائي إذا ثبت انه ارتكب الأعمال التي ذكرها القانون على وجه التفصيل.
       ففي القانون الكويتي يلزم لمعاقبة المفلس سبق صدور حكم بشهر إفلاسه، ويصدر هذا الحكم من دائرة الإفلاس بالمحكمة، ويعني هذا أن تقدير صفة التاجر أمر متروك للمحكمة المختصة والتي تتحقق من توافر هذه الصفة بالإضافة إلى التحقق من توقف التاجر عن الدفع قبل أن يقضي بشهر إفلاسه، ويترتب على ذلك أن قضاء المحكمة المختصة بقضايا الإفلاس يوقف القضاء الجنائي، فالأمر يتعلق بمسألة أولية من الاختصاص النوعي للمحاكم والتي تستلزم وفقا للتشريع الكويتي وقف الدعاوى الجنائية لحين صدور حكم من المحكمة المختصة بشهر الإفلاس، فإذا صدر حكم بشهر الإفلاس توافر شرط لازم لتحريك الدعوى العمومية وإذا لم يصدر هذا الحكم كانت الدعاوى الجنائية غير مقبولة لتخلف شرط العقاب الذي يتطلبه القانون([9]).
       عرفت المادة  (316) من قانون التجارة الأردني الإفلاس بأنه توقف التاجر  عن دفع ديونه التجارية أو لا يدعم الثقة المالية  به بوسائل غير مشروعة، كما أن اختلاس المال كركن من أركان الإفلاس الاحتيالي هو تعديل التاجر لوضعه المادي أو القانوني بقصد الحيلولة دون استعمال الدائنين حقهم في التنفيذ عليه، أما تبديد المدين لأمواله فهو كل عمل مادي أو تصرف قانوني يأتيه المدين ويكون من شأنه حرمان الدائنين استعادة المال، ويكفي لقيام القصد الجنائي لدى التاجر التوقف عن الدفع أن يكون عالما بأن التصرف الذي يقوم به باختلاس أو إخفاء قسم من أمواله أو تبديدها من شأنه إلحاق الضرر بدائنيه ودون أن يكون لزوما قصد الإضرار بالدائنين وعليه فان قيام المشتكي عليه بتحرير شيكات لا يقابلها رصيد ثمنا للبضاعة التي اشتراها من المشتكين وقيامه بتهريب هذه البضاعة بقصد الإضرار بالدائنين يشكل جرم الإفلاس الاحتيالي ويكون ما ذهب إليه المدعي العام وصادق عليه النائب العام من إن النزاع بين المشتكين والمشتكى عليهما هو نزاع مدني رغم إسناده جرمي إعطاء شيكات بدون رصيد وتهريب الأموال بقصد الإضرار بالدائنين هو قول لا يتفق مع الواقع  والقانون([10]). 
ويمكن تفصيل ذلك من خلال ما يلي:
1.    استنفاذ وسائل الطعن بصحة المديونية يجعل هذه المديونية ثابتة ولا تصح المجادلة والمنازعة فيها، وان عدم قيام المدين بدفع هذه الديون يجعله متوقفا عن الدفع وفقا لمقتضيات المادة (316) من قانون التجارة ويكون الحكم بشهر إفلاسه موافقا للقانون.
2.    اشترط نص المادة (321/1) من قانون التجارة الأردني الباحث في إشهار إفلاس التاجر الذي اعتزل التجارة، أن يتقدم هو بطلب شهر إفلاسه بعد أن يكون قد تقدم بما يثبت اعتزاله التجارة، وطالما أن المميز لم يقدم ما يثبت ذلك، إضافة إلى إن طلب شهر الإفلاس جرى تقديمه ضمن مدة السنة المحددة بالمادة (321) من قانون التجارة الأردني فيكون الحكم بشهر إفلاسه موافقا للواقع والقانون.
3.    قيام محكمة الاستئناف باحتساب المدة التي توقف المميز فيها عن الدفع طبقا لحكم المادة (4/322) من قانون التجارة الأردني لتصويب قرار محكمة البداية في كيفية احتساب هذه المدة لتحديد تاريخ التوقف عن الدفع إجراء لا يخالف القانون ([11]).


نظام الافلاس في
نظام الافلاس الجديد
مشروع نظام الإفلاس
مشروع نظام الافلاس وزارة
نظام الافلاس الجديد
بحث عن الافلاس في القانون التجاري
اشهار الافلاس في النظام
نظام الافلاس القديم


([1]) حسني المصري، القانون التجاري، الإفلاس، دور النشر الكبرى بالقاهرة، ط1، 1987، ص6 وما بعدها.
([2]) تنص المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 42 لسنة 88 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن معاملات الأسهم بالأجل والصادر بالكويت "إن توقف بعض المتعاملين في سوق الأوراق المالية عن الوفاء بالتزاماتهم وما واكب ذلك من تشابك المعاملات والمطالبات بين عدد كبير من المتعاملين في تلك السوق سببا في تفجير الأزمة الاقتصادية التي عرفت بأزمة سوق الأوراق المالية ونظرا لما عكسته تلك الأزمة من آثار خطيرة على الاقتصاد القومي والنشاط التجاري في الكويت.
([3]) تنص المادة (556) من قانون التجارة الكويتي 61 لسنة 80 على: "لا تنشأ حالة الإفلاس إلا بحكم يصدر بشهر الإفلاس ،ولا يترتب على الوقوف عن دفع الديون قبل صدور هذا الحكم أي أثر ما لم ينص القانون على غير ذلك".
([4]) حسني المصري، المرجع السابق، ص11.
([5]) سعيد محمد الهياجنة، آثار حكم شهر الإفلاس على جماعة الدائنين، الناشر المؤلف 1992، ص35.
([6]) وهي الفترة الواقعة بعد حادثة التوقف عن الدفع وصدور الحكم بشهر إفلاسه –انظر عزيز العكيلي، النظام القانوني لتصرفات المفلس خلال قترة الربية، مجلة الحقوق السنة السادسة، العدد الرابع، الكويت، ص35.
([7]) انظر المادة 584 من قانون التجارة الكويتي" 1- لا يجوز التمسك في مواجهة جماعة الدائنين بالتصرفات الآتية إذا قام بها المدين بعد تاريخ الوقوف عن الدفع وقبل الحكم بشهر الإفلاس: أ- جميع التبرعات ما عدا الهدايا الصغيرة التي يجري بها العرف. ب- وفاء الديون قبل حلول الأجل أيا كانت كيفية هذا الوفاء ويعتبر إنشاء مقابل وفاء ورقة تجارية لم يحل ميعاد استحقاقها في حكم الوفاء قبل حلول الأجل. ج- وفاء الديون الحالة بغير الشيء المتفق عليه ويعتبر الوفاء بطريق الأوراق التجارية أو النقل المصرفي كالوفاء بالنقود. د- كل عرض أو تأمين اتفاقي آخر. 2- وكل ما أجراه المفلس من تصرفات غير ما تقدم في الفقرة السابقة وخلال الفترة المذكورة فيها، يجوز الحكم بعدم نفاذه في مواجهة جماعة الدائنين، إذا كان التصرف ضارا بها، وكان المتصرف إليه يعلم وقت وقوعه بوقوف المفلس عن الدفع.
([8]) انظر قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 80 المواد 788 – 800 في  جرائم الإفلاس والصلح الواقي منه، وكذلك انظر نظام المحكمة التجارية السعودي المواد (136 – 233)، وانظر قانون التجارة الإماراتي المواد (878 – 900).
([9]) غنام محمد غنام، المسئولية الجنائية للتاجر ومدير الشركة عن جرائم الإفلاس، جامعة الكويت، 1993، ص37.
 وكذلك انظر الطعن رقم 132/86 جزائي والصاد بجلسة 10/11/86 والذي جاء فيه (وإذا رفع المفلس أو رفعت عليه دعوى جنائية أو دعوى متعلقة بشخصه أو أحواله الشخصية وجب إدخال مدير التفليسة فيها) ويبين من حكم التمييز هذا افتراض وجود حكم بشهر الإفلاس مسبقا.
([10]) ادوارد عيد، أحكام الإفلاس وتوقف المصارف عن الدفع، مطبعة باخوس وشرتوني، 1973، ص33.
([11]) المبادئ القانونية للمادة: رقم-  316  من قانون-   12 لعام- 1966  .

Previous Post Next Post