حقوق الأقارب
للقريب الذي يتصل بك في القرابة كالأخ والعم والخال  وأولادهم وكل من ينتمي إليك بصلة فله حق هذه القرابة بحسب قربه قال الله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ( ).
وقال: وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى( ).
فيجب على كل قريب أن يصل قريبه بالمعروف ببذل الجاه والنفع البدني والنفع المالي بحسب ما تتطلبه قوة القرابة والحاجة وهذا ما يقتضيه الشرع والعقل والفطرة.
وقد كثرت النصوص في الحث على صلة الرحم وهو القريب والترغيب في ذلك ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي  قال: "إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال الله نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك. قالت: بلى. قال: فذلك لك" ثم قال رسول الله : اقرأوا إن شئتم فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ( ).
وقال النبي : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه"( ).
وكثير من الناس مضيعون لهذا الحق مفرطون فيه تجد الواحد منهم لا يعرف قرابته بصلة لا بالمال ولا بالجاه ولا بالخلق تمضي الأيام والشهور ما رآهم ولا قام بزيارتهم ولا تودد إليهم بهدية ولا دفع عنهم ضرورة أو حاجة بل ربما أساء إليهم بالقول أو بالفعل أو بالقول والفعل جميعاً يصل البعيد ويقطع القريب.
ومن الناس من يصل أقاربه إن وصلوه ويقطعهم إذا قطعوه وهذا ليس بواصل في الحقيقة وإنما هو مكافئ للمعروف بمثله وهو حاصل للقريب وغيره فإن المكافأة لا تختص بالقريب. والواصل حقيقة هو الذي يصل قرابته لله ولا يبالي سواءً وصلوه أم لا، كما في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي  قال: "ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها". وسأله رجل فقال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال النبي : "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك" رواه مسلم.
ولو لم يكن في صلة الرحم إلا أن الله يصل الواصل في الدنيا والآخرة فيمده بالرحمة وييسر له الأمور ويفرج عنه الكربات مع ما في صلة الرحم من تقارب الأسرة وتوادهم وحنو بعضهم على بعض ومعاونة بعضهم بعضاً في الشدائد والسرور والبهجة الحاصلة بذلك كما هو مجرب معلوم. وكل هذه الفوائد تنعكس حينما تحل القطيعة ويحصل التباعد( ).

تذكير الأنام
بشأن صلة الأرحام
بقلم الشيخ عبد الله بن صالح القصير
عضو الوعظ والإرشاد بمركز الدعوة
برئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
الحمد لله الملك القدوس السلام أمر بصلة الأرحام وجعلها من خصال أهل الإسلام الذين وعدهم الجنة دار السلام وأصلي وأسلم على نبينا محمد أتقى الناس لربه وأوصلهم لرحمه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون وسلم تسليماً.
أما بعد: فإن صلة الرحم حاجة فطرية ضرورة اجتماعية تقتضيها الفطرة الصحيحة وتميل إليها الطباع السليمة فإنه يتم بها الأنس وتنتشر بواسطتها المحبة وتسود المودة وهي دليل الكرم وعلامة المروءة تكسب الشخص والعشيرة عزة وهيبة وقوة ومنعة وفوق ذلك فإنها من أنفس القرب وأجل الطاعات وأعلاها منزلة وأعظمها بركة وأعمها نفعاً في الدنيا والآخرة ولذلك يتنافس فيها الكرام أولوا الأحلام ويتظاهر بقطيعتها اللئام سفهاء الأحلام مع أن قطيعتها من أفظع أنواع المعاصي قبحاً وأخطرها شؤماً وأسرعها عقوبة وأسوئها عاقبة في العاجل والآجل. ومع ذلك فإن كثيراً من الناس في هذا الزمن قد قصروا في صلتها وتظاهروا بقطيعتها جهلاً بحكمها وغفلة عن حكمها أو نسياناً لحقها وتهاوناً بخطر قطيعتها ونسبة من الذين يقومون بشيء من الصلة إنما يفعلون ذلك من باب المجاملة أو على سبيل المكافأة ومع أنهم على شيء من الخير إلا أنه يفوتهم خير كثير وأجر كبير فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" [متفق عليه]. لذا رأيت أنه من الضروري التذكير بهذا الواجب العظيم والتنبيه بخصوصه لتقسيم النيات وتصلح الأعمال وتتنوع الصلة وتعم وتتسع فكتبت هذه النبذة - المباركة إن شاء الله - عملاً بما كان يأخذه صلى الله عليه وسلم على أصحابه عند البيعة وهو "النصح لكل مسلم" وطمعاً في النفع بالتذكير فقد قال تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات: 55] وأسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينفع لها من كتبها وقرأها وسمعها وسعى في نشرها لتعم فائدتها إنه سميع قريب مجيب كريم آمين.

Previous Post Next Post