القيمة العادلة في المحاسبة
القيمة العادلة والتكلفة التاريخية

مفهوم القيمة العادلة في الفكر المحاسبي والمبررات الرئيسية لظهورها.
1.   المبررات الرئيسية لظهور القيمة العادلة: يمكن استنباط المبررات الرئيسية التي تدافع عن قيام القيمة العادلة في القياس المحاسبي من المنطلق التي تهدف إليه التقارير المحاسبية التي تسعى إلى تزويد مستخدميها بمعلومات مفيدة في اتخاذ القرارات، وهذا يمثل الهدف الأولى للمحاسبة  فيقول (1)Sterling  أن الفائدة  - الملاءمة – في المعلومات تظهر من خلال الأحداث أو الصفات التي تقوم المحاسبة بقياسها من خلال التعرف على خصائص الشيء المقاس. إلا أن تزويد المستخدم بالمعلومات التي يريدها بما يتوافق مع رغباته هو أمر بعيد عن الموضوعية.
إن تقديم المعلومات لابد وأن يصور الواقع القائم فعلا، وليس في ظل خلق تصور عن الواقع وتكيف المعلومات بما يتلاءم معه، إن ربط تقديم المعلومات بالأهداف والأحداث أو ببعض مستخدميها يحد استقلالية المحاسبة، وتصبح مخرجاتها قابلة للتحريف والتشويه طالما يمكن أن تتغير بتغير غايات مستخدمي المعلومات.إلا أن وجهة نظر Sterling - والتي تتعلق بربط تقديم المعلومات بالأهداف أو الأحداث أو ببعض المستخدمين – تختلف عن هذا المنظور. ويقولSterlin: (2) في مخالفة لوجهة النظر السابقة  بأنه هناك عدة أسباب تجعل عملية إعداد المعلومات بشكل يتوافق مع رغبات متخذي القرارات أمراً بعيداً عن الموضوعية، وهذه الأسباب هي:
‌أ.       إذا قمنا بهذا العمل – إي توافق المعلومات مع الرغبات – فإن متخذ القرار سيكون لديه الخيار باستخدام المعلومات المحاسبية أو عدم استخدامها، أو اتخاذ القرار حتى في غياب هذه المعلومات، وبالتالي لم يعد للمحاسبة أي حضور في خدمتها للغايات التي ظهرت من أجلها؛
‌ب.  إن متخذي القرار متنوعون بشكل كبير، ويتخذون قراراتهم على أسس متعددة وكثيرة، قد تبتعد في كثير من الأحيان عن العقلانية، وفي ظل هذا التعدد فمن المستحيل اقتصاديا تزويد كل المعلومات لكل القرارات المراد اتخاذها؛
‌ج.   إن تقديم معلومات تحاول أن تقدم تصوراً عن  المستقبل الذي يرغب متخذو القرارات بمعرفته هو أمر لا يمكن الوثوق به، حتى وإن كانوا من مستخدمون هذه المعلومات.
ومن أجل تحقيق غاية المحاسبة دون النظر إلى غايات المستخدمين، يرتأى Sterling (3): بأنه لا بد وأن تكون المعلومات المقدمة لهم في مجال القرارات التي يمكن أن يتخذوها، والتي منها البدائل الاستثمارية في السوق والتفضيلات الشخصية وتفسيرات السعار القائمة في السوق والمتعلقة بقرارات المقترضين والمستثمرين، وهذه القرارات في مجملها تعتمد على بعض المسائل هي:
‌أ.       النقد المتوفر  حالياً للاستثمار في المشروع المرتقب؛
‌ب.  مقدار النقد المراد توفره لاستثماره في المشروع المرتقب؛
‌ج.   نسبة الخطر التي تمكن متخذ القرار من المقارنة بين التفضيلات؛
‌د.      إن الأسعار يتم تفسيرها في ظل معدلات المخاطرة في السوق.
وهذه الأسباب تتطلب جميعها معرفة الموال التي يمكن أن تتوفر حالياً، وهذا يعتمد على كل من أسعار البيع الحالية للأصول المملوكة والقدرة على الاقتراض والقدرة على زيادة رأس المال، وباختلاف هذه القرارات والظروف  والتي يمكن أن تساعد متخذي القرارات على التنبؤ بها، فإن القيمة السوقية العادلة – أو سعر البيع الحالي-  تستطيع أن توفر كل هذه المعلومات، وتصبح المعلومات المقدمة من خلالها مفيدة وملائمة للجميع بغض النظر عن تكييف هذه المعلومات للغايات السابقة، لذلك فإن Sterling يرى أن بنود الميزانية لا بد وأن تظهر بهذه القيم لكي تحقق المحاسبة الفائدة للجميع دون التحيز لأي طرف من الأطراف.
2.   مفهوم القيمة العادلة في الفكر المحاسبي: يعرف البعض القيمة السوقية العادلة بأنها المبلغ الذي يمكن استلامه من بيع أصل ما عند وجود رغبة وقدرة مالية بيم مشتري وبائع وذلك في ظل عدم وجود ظروف غير طبيعية مثل التصفية أو الإفلاس أو ظروف احتمالية.
كما يعرفها البعض الأخر بأنها السعر الذي يتم من خلاله تحويل أصل ما من بائع راغب في البيع ومشتري راغب في الشراء، وكلاهما لديه القدرة على الوصول إلى جميع الحقائق ذات الصلة ويعمل بحرية واستقلال.
كما أن أشهر تعريف للقيمة السوقية العادلة هو دلك التعريف الذي وضعته مصلحة الإيرادات الأمريكية في مارس 1959 والذي يعرف بأنها( السعر الذي يجعل الملكية تتبدل بين مشترى راغب في الشراء وبائع راغب في البيع حينما لا يكون الأول مكره على الشراء ولا يكون الثاني مكره على البيع، وان يكون لدى كلا الطرفين معرفة معقولة بالحقائق المرتبطة بالعملية).
كما عرفتها لجنة معايير التقييم الدولية (IVSC) في المعيار الثالث الخاص بتقييم الأصول لأغراض إعداد القوائم المالية والحسابات المرتبطة بها كما يلي: " هي مبلغ تقديري يمكن في مقابلة تبادل أصل في تاريخ التقييم بين مشترى وبائع راغبين في عقد صفقة، وفي ظل سوق محايد بحيث يتوفر لكل منهما المعلومات الكافية وله مطلق الحرية وبدون وجود إكراه على إتمام الصفقة "(4).
وتعرف القيمة العادلة في ظل معايير المحاسبة الدولية بأنها: " المبلغ الذي يمكن أن يتبادل بها صل ما بين مشترى وبائع يتوافر لدى كل منهما الدراية والراغبة في إتمام الصفقة، وتتم الصفقة في إطار متوازن، وتعرف الصفقة المتوازنة في هذا الإطار بأنها صفقة تتم بين أطراف غير ذوي علاقة آو تبعية وتتم بين مشترى راغب وبائع راغب وكلاهما يعمل للحصول على اكبر منفعة لنفسه، ويبنى التسعير في مثل هذه الصفقات على أسس القيم السوقية العادلة، وذلك لان التفاوض يتم على أفضل الشروط وفي ظل ظروف طبيعية".
وحددت لجنة معايير المحاسبة الدولية التابعة للإتحاد الدولي للمحاسبين مفهوم القيمة العادلة في العديد من معايير المحاسبة التي أصدرتها ( IAS No. 30, IAS No. 32. IAS No.38.  IAS No. 39 , IAS No. 40 , IAS No. 41   ) المبلغ الذي يمكن أن تتم مبادلة الأصل به، أو سداد الالتزام بين أطراف مطلعة وراغبة في التعامل علي أساس تجاري بحت(5).
وفي الواقع فإن هذا التعريف ليس الوحيد للقيمة العادلة في المعايير المحاسبية الدولية على مر الزمن، بل إن هناك تعاريف أخرى تطرقت لها المعايير  يمكن إدراجها في الجدول التالي:
الجدول رقم (01): تعاريف القيمة العادلة الواردة في معايير المحاسبة الدولية.
رقم المعيار   رقم الفقرة    تعريف القيمــــــة العادلــــــــــة     السنة
16    6      القيمة العادلة هي القيمة التي يمكن مبادلة الأصل بها بين أطراف راغبة وذوي معرفة بموجب عملية تبادل حقيقية. 1993
1998
17    3      القيمة العادلة هي القيمة التي يمكن مبادلة الأصل أو سداد الالتزام بها بين أطراف راغبة وذوي معرفة بموجب عملية تبادل حقيقية.       1997
18    7      كما هي في 17\3   1993
19    3      كما هي في 17\3   1988
20    3      القيمة العادلة هي القيمة التي يمكن مبادلة الأصل بها بين مشتري راغب وذي معرفة وبائع راغب وذي معرفة بموجب عملية تبادل حقيقية.  1982
21    7      كما هي في 18\7.  1993
22    8      كما هي في 19\3.  1998
1993
25    4      كما هي في 20\3.  1985
32    11    كما هي في 18\7.  1998
1995
33    9      كما هي في 18\7.  1997
38    7      كما هي في 16\6.  1998
39    69    كما هي في 18\7.  1998
40    4      كما هي في 16\6.  2000
41    8      كما هي في 18\7.  2001
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على نصوص معايير المحاسبة الدولية.
ويعرف القاموس الخاص ببيان المفاهيم رقم(7) لمجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكي القيمة العادلة لأصل ما أو التزام ما بهذه الطريقة: "هي المبلغ الذي يمكن بيه شراء أو (تحميل) أصل ما (أو التزام) أو بيعه (أو تسويته) في صفقة حالية بين الطرفين راغبين في إتمام الصفقة أي بخلاف البيع الجبري أو التصفية"
وهذا التعريف بسيط ومناسب بشكل معقول، فالقيمة العادلة هي سعر يوافق عليه طرفان في صفقة تبادل وهذا سهل بدرجة كافية عند وجود أسواق مستقرة، ولكن ما الموقف عندما لا توجد أطراف مستعدة لشراء أصول المؤسسة أو يتحملوا التزاماتها؟ وكيف يمكن لمحاسب أن يقوم بتقييم معقول للقيمة العادلة؟.
ويتضح من التعاريف السابقة أن مفهوم القيمة العادلة يقوم على  نقطتين  أساسيتين وهما: (6)
النقطة الأول: الأطراف الداخلة في الصفقة، ويفترض توافر ما يلي:
1.   أن تتم الصفقة بين أطراف غير ذوي علاقة: فأحد الجوانب الهامة للطريقة التي تفسر بها القوائم المالية هي أن الصفقات والعمليات عادة ما تتم على أساس متوازن بمعنى أن الصفقة تمت بين طرفين مستقلين، وكلا منها يسعى للتفاوض على أحسن شروط يمكن الحصول عليها؛
2.   أن تتم الصفقة بين أطراف راغبة في عقد الصفقة ومطلعة على الحقائق الأساسية ذات الصلة، ولا توجد معلومات هامة لدى طرف دون الآخر، وهو الأمر الذي يطلق عليه عدم تماثل المعلومات.
        النقطة الثانية: الظروف التي تتم فيها الصفقة: حيث يشترط أن تكون هذه الظروف طبيعية (عادية)، فالصفقات التي تتم مثلا في ظل ظروف التصفية لا تعبر عن القيمة العادل، لأن البائع يكون مجبرا على البيع وكلما زاد ضغط الوقت للعثور على مشتري كلما زاد التحريف عن القيمة العادلة.

Previous Post Next Post