النقل البحري الساحلي بين الدول العربية
النقل البحري قصير المدى
تعريف الملاحة البحرية وأقسامها :
المستقر فقهًا وقضًاء وتشريعًا(1)، أن الملاحة البحرية هى تلك التى تتم فى البحر بتحديداته العلمية والطبيعية والجغرافية والجيولوجية، بواسطة منشأة عائمة يمكن أن تتعرض لمخاطر البحر المعتادة(2)، بصرف النظر عن شكل المنشأة القائمة بالملاحة أو حجمها أو الغرض الذى تؤديه.
1-وتنقسم الملاحة البحرية بحسب الغرض منها إلى:
ملاحة رئيسية، وهى تلك التى تهدف إلى نقل البضائع والأشخاص أو الصيد أو النزهة، أو البحث العلمى.
وملاحة مساعدة أو تبعية، وهى الملاحة التى تقوم بها سفن الخدمات مثل سفن القطر وسفن الإنقاذ وسفن الإرشاد(3).
وملاحة عامة، وهى تلك التى تقوم بها سفن الدولة لأغراض غير تجارية، سواء أكانت سفن حربية،  أو سفن مخصصة لخدمة عامة مثل: (سفن المستشفيات، وسفن الإطفاء، وسفن التموين، وسفن البحث العلمى ....وغيرها).
وهذه الملاحة الأخيرة، لاتخضع كأصل عام لأحكام القوانين واللوائح البحرية العربية، وفى هذا الصدد وعلى سبيل المثال تنص المادة الثانية من قانون التجارة البحرية المصري، وكذلك المادة الثانية من القانون التجاري البحري السوري، وكذلك المادة الرابعة من القانون  البحري الأردني على أنه:" عدا الحالات التى ورد بشأنها نص خاص لاتسرى أحكام هذا القانون على السفن الحربية والسفن التى تخصصها الدولة أو أحد الأشخاص العامة لخدمة عامة ولأغراض غير تجارية".
2-      كذلك تنقسم الملاحة البحرية بحسب المسافة التى تقطعها السفينةإلى ملاحة أعالى البحار وإلى ملاحة ساحلية.
أ-ملاحة أعالى البحار:
لم يعرف المشرع المصرى ملاحة أعالى البحار، على أن الفقه الراجح يذهب إلى أن ملاحة أعالى البحار هى التى تتم بين الموانئ المصرية والموانئ الأجنبية(1).
إلا أن معيار ملاحة أعالى البحار يختلف بإختلاف الدول(2)، ففى فرنسا مثلا: حدد المشرَّع ملاحة أعالى البحار بالملاحة التى تتم بعد خطوط طول وخطوط عرض معينة من الأراضى الفرنسية(3)، أما غير ذلك فإنه يعتبر من قبيل الملاحة الساحلية. كما يعرفها القانون اللبنانى بأنها الملاحة التى تتم خارج نطاق البحر المتوسط(4).
ب-الملاحة الساحلية:
والملاحة الساحلية على نوعين، ملاحة ساحلية صغرى وملاحة ساحلية كبرى، والملاحة الساحلية الصغرى هى التى تكون بين مينائين يقعان على بحر واحد كالملاحة التى تتم بين ميناء الإسكندرية وميناء بورسعيد وكلا المينائين على ساحل البحر المتوسط.
أما الملاحة الساحلية الكبرى فهى التى تحصل بين مينائين على بحرين مختلفين، كالملاحة بين ميناء الإسكندرية وميناء سفاجه على ساحل البحر الأحمر. ولاتعرف مصر سوى هذين النوعين من الملاحة الساحلية، ومثال آخر، الملاحة التى تتم مباشرة بين ميناء الدمام فى الخليج العربى، وميناء جده فى البحر الأحمر فهى أيضًا ملاحة ساحلية كبرى بالنسبة للمملكة العربية السعودية.
على أن هناك نوعًا آخر من الملاحة الساحلية هى الملاحة الساحلية الدولية التى تتم بين دولتين مختلفتين ولاتدخل فى ملاحة أعالى البحار. وذلك كالملاحة بين الميناء الفرنسى كاليه والميناء الإنجليزى دوڤر عبر القنال الإنجليزى، حيث تعتبر ملاحة ساحلية دولية طبقًا لكل من التشريعين الفرنسى والإنجليزى(1)، وكالملاحة بين بيروت والإسكندرية والتى تعتبر ملاحة ساحلية دولية طبقًا للقانون اللبنانى(2).
وتعرف مذكرة التفاهم بشأن التعاون فى مجال النقل البحرى فى المشرق العربى المحرره فى مايو2005بمعرفة الإسكوا لصالح اعضائها، النقل الساحلى بأنه النقل البحرى مابين موانئ المنطقة مع مراعاة نظم وتشريعات كل من الأطراف فيما يتعلق بالملاحةالساحلية.
وتظهر أهمية التفرقة بين ملاحة أعالى البحار والملاحة الساحلية من ناحيتين(3)
أولهما، أن الإشتراطات الخاصة بسلامة السفن ومؤهلات العاملين على ظهر السفينة تختلف بحسب نوع الملاحة، وثانيهما، وهو ما يهمنا فى هذا المجال، أن تشريعات الدول عامة تقصر الملاحة الساحلية بين موانيها والصيد فى مياهها الإقليمية على السفن التى ترفع علمها وذلك بقصد تجنب السفن الوطنية خطر مزاحمة السفن الأجنبية فى هذا الميدان. ويضيف البعض سببًا آخر هو إعتبارات الأمن والأمان للصالح الوطنى.
3- قصر الملاحة الساحلية على السفن الوطنية:
تقضي القوانين البحرية لمعظم الدول العربية بحظر النقل الساحلي على غير السفن التي تتمتع بجنسية الدولة الشاطئية،  وعلى سبيل المثال تنص المادة (16/1) من القانون التجاري البحري لدولة الامارات العربية المتحدة على أنه:
"لا يجوز لغير السفن الوطنية القيان بأي عمل من أعمال الملاحة الساحلية بين موانئ الدولة."
كما تقضي المادة (9/1) من القانون البحري السوري بأنه:
"لا يجوز لغير السفن التي تتمتع بالجنسية السورية... ممارسة الملاحة الساحلية بين المرافئ السورية."
وفى هذا الشأن أيضًا تنص المادة الثامنة من قانون التجارة البحرية المصرى لسنة1991على أنه:
(1)      "لايجوز لغير السفن التى تتمتع بالجنسبة المصرية(1) الصيد أو القطر أو الإرشاد فى المياه الإقليمية. كما لايجوز لها الملاحة الساحلية بين الموانئ المصرية".
4-سريان الإتفاقيات الدولية البحرية على الملاحة الساحلية:
يلاحظ أن الإتفاقيات الدولية البحرية لاتسرى بطبيعة الحال على الملاحة الساحلية للدول المختلفة(1). وعلى سبيل المثال فلقد كان بروتوكول توقيع معاهدة بروكسل الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن لسنة 1924 (المعدله ببروتوكول1968)، يجيز للدول الأعضاء فى المعاهدة، أن تخرج الملاحة الساحلية الوطنية من نطاق تطبيق أحكامها.
5-التمييز بين الملاحة الساحلية من منظور التجارة والنقل ومن منظور الإبحار الساحلى:
لكن هل هناك فرق بين المفهوم التجارى للملاحة الساحلية (Cabatage) بإعتبارها تهدف إلى إتمام رحلة بحرية بين مينائين تابعين لنفس الدولة وسواء أكانت ملاحة ساحلية صغرى أو كبرى، وبين مفهوم الملاحة الساحلية (Pilotage)، كما يتبعها الضباطالبحريون عند الإبحار بالقرب من الشواطئ للإسترشاد بالعلامات الأرضية البارزة لتحديد موقع السفينة، أو عند الإقتراب من الموانئ المقصود الدخول إليها أو بإعتبارها أفضل خطوط السير الملاحية لبلوغ ميناء الوصول. وعادةٍ ما تكون هذه الملاحة فى نطاق المياه الإقليمية للدولة الشاطئية سواء أكانت هى نفسها دولة علم السفينة أو دولة أجنبية عنه، وسواء أكانت الرحلة من مينائين تابعين لنفس الدولة أو تابعين لدولتين مختلفتين أى رحلة دولية.
أما الملاحة الساحلة بمفهومها التجارى فشرطها الرئيسى كما أشرنا آنفًا هو أن تتم بين مينائين تابعين لنفس الدولة.
6-كيف نشأت فكرة النقل البحرى قصير المدى((Short Sea Shipping
أو الطرق البحرية(Motorways of the Sea)؟
شرع الإتحاد الأوروبى منذ عام1993فى إستخدام نظام "النقل البحرى الساحلى" كوسيلة بديلة أو مكملة لشبكات النقل على الطرق البرية السريعة (Highways) والنقل النهرى عبر الممرات الملاحية الداخلية، التى تربط أجزاء القارة الأوروبية، وعُرفت حينئذً بإسم الطرق البحرية(Motor Ways of the Sea).
وقد حدث هذا التطور الهام نتيجة للتوسع الكبير فى عضوية الإتحاد الأوروبى، مع حدوث زيادة هائلة فى حجم التجارة البيَّنية المتداولة بين دول الإتحاد، الأمر الذى أدى إلى حدوث إزدحام شديد على شبكات الطرق البرية والنهرية، نتج عنه إرتفاعات خطيرة فى معدلات التلوث حول الطرق السريعة وفى أحواض الأنهار الملاحية التى تمر عبر أراضى دول الإتحاد الأوروبى.
ولقد حققت فكرة إستخدام نظام "النقل البحرى الساحلى" نجاحًا باهرًا فى تحقيق أهدافها خاصة بعد أن قام البرلمان الأوروبى بإصدار التشريعات اللازمة لتحرير وتنشيط وتيسير خدمات النقل البحرى الساحلى بين دول الإتحاد الشاطئية.
ومن ناحية أخرى فقد سعى الإتحاد الأوروبي بعد ذلك إلى ربط دول القارة الأوروبية المطلة على البحر المتوسط بدول جنوب البحر المتوسط بنفس نظام الطرق البحرية Motor Ways of the Seaوخاصة بدول تونس والجزائر والمغرب(1). ويهتم الإتحاد الأوروبى فى شأن النقل البحرى قصير المدى بمنطقة البحر المتوسط والبحر الأسود على وجه الخصوص. ولقد دعا إلى هذا الإهتمام عدة عوامل أهمها:
1-      التزايد المضطرد فى الطلب على خدمات النقل عمومًا.
2-      إختلال التوازن بين ماتقدمه وسائط النقل المختلفة من خدمات.
3-      حالة الكساد التى أصابت الاستثمار فى مجال صناعة النقل البحرى.
4-      الدعوة إلى إقتصاد الطاقة ونظافة البيئة والمقصود بهذا هو تحويل البضاعة من الوسائط البرية إلى الواسطة البحرية.
7-النقل البحرى قصير المدىShort Sea Shipping
7-1    تمهيد:
لايوجد تعريف دولى متفق عليه للنقل البحرى قصير المدى (Short Sea Shipping) إلا أن الإتحاد الأوروبى فى دراسة علمية عن (Mediterranean Short Sea Shipping)، عرَّفه بأنه ذلك النقل الذى يغطى كافة عمليات النقل البحرى فى منطقة البحر المتوسط – بما فيها البحر الأسود – والذى لايتطلب أى رحلات عبر المحيط(1)، وأضاف التعريف أن سفن نقل البضائع التى يمكن أن تضطلع بمثل هذه العمليات يتعين أن لاتزيد حمولاتها الكلية عن5000طن مترى(2).
وعلى ضوء ما تقدم فإن النقل البحرى قصير المدى يمكن وصفه بأنه النقل البحرى الذى يجرى على طول الساحل الجغرافى لمنطقة إقليمية معينة.
ومن الواضح أن النقل البحرى قصير المدى أو الملاحة الساحلية (Cabotage) يختلفان عن خطوط التجارة البحرية(Trade routes)التى تطورت عبر البحار على طول الزمان بين مختلف الدول. إلا أن خطوط التجارة الساحلية لمنطقة جغرافية معينة يمكن أن تكون الأساس الإقتصادى لجـدوى تشغيل المسارات الرئيسية(Mainroutes) للملاحة الساحلية أو النقل البحرى قصير المدى. وهذه المسارات الرئيسية تتشابه مع الجسور البرية(Inlandcorridors) من حيث الخصائص الإقتصادية والأغراض التجارية المستهدفة مع الإعتبار للظروف الجيوبولوتيكية للمناطق التى يجرى الربط بينها والأطر الإدارية والتشريعية المتباينة وطبيعة ومواصفات الأسواق وحاجاتها فى تلك المناطق المقصوده(3).
7-2التعريف "بالطرق البحرية" (Motorways of the Sea)(1):
هى بنية أساسية عائمة تهدف إلى تركيز حركة البضاعة وإنسيابها خلال جسور
نقل(Corridors) بحرية محدده، تربط بين موانئ الدول الأعضاء. وتعبير آخر فإن "الطرق البحرية "هى مسارات ملاحية للسفن تحددها السلطات المختصة فى الدول المشاركة فى مشروع الملاحة الساحلية على غرار الجسور البرية أو الممرات الجوية، بهدف الربط البحرى بين موانئ دول مشروع الملاحة الساحلية.
ويعتقد فى الأوساط الأوروبية أنه على المدى القصير فإن فكرة الطرق البحرية تطبق على النقل المدحرج (Roll-on-roll-off)، أما بالنسبة للمدى الطويل فسوف تطبق أيضًا على نقل الحاويات.
لكن، ماهى العلاقة بين النقل البحرى قصير المدى (SSS) والطرق
البحرية (Motorways of the Sea)؟
النقل البحرى قصير المدى هو الواسطة التى تعمل على الطرق البحرية، كما أن مدلول فكرة النقل قصير المدى أوسع من مدلول فكرة الطرق البحرية. هذا بالإضافة إلى أن النقل البحرى قصير المدى لايتضمن فقط الربط بين موانئ دول المنطقة المشاركة فى مشروع الملاحة الساحلية، شأن الطرق البحرية، ولكن يمكن أن يتضمن أيضًا الربط بين موانئ المنطقة المشاركة وموانئ الدول المجاورة غير المشاركة فى مشروع الملاحة الساحلية، أو الجُزر الواقعة بعيدًا عن أراضى المنطقة المشاركة.
ولقد ورد فى(The White Paper on European Transport Policy for 2010)تأكيدًا قويًا للجنة الأوربية بالعمل على تطوير "الطرق البحرية" بإعتبارها بديل منافس للنقل البرى، وأنه يتعين أن تصبح جزءًا من شبكة النقل عبر أوروبا(Trans-European Network TEN-T). تمامًا مثل الطرق البرية (Land Motorways).
وتهدف فكرة "الطرق البحرية" إلى تطوير سلاسل لوجستية متعددة الوسائط بحرية "الأساس لكل أوروبا. ويعتقد أن هذه السلاسل اللوجستية سوف تكون أكثر إستدامه وأكثر كفاءة تجاريًا من النقل على الطرق البرية بمفردها. وهكذا سوف تؤدى "الطرق البحرية" إلى تحسين مسارات الوصول إلى مختلف الأسواق فى داخل أوروبا(1). ولقد أُختِيرت أربعة جسور لإقامة مشروعات تحقق المصالح الأوروبية(2).
ولقد أضافت اللجنة الأوروبية(3) (European Commission) بعدًا جديدًا إلى تعريف "الطرق البحرية" بأنها يمكن أن تشتمل بالإضافة إلى النقل البحرى، نقل بالسكك الحديدية و/أو نقل بالممرات الملاحية الداخلية، وبذلك يمكن للطرق البحرية، "أن تساهم فى تقديم خدمات مستديمة ومتكاملة من الباب إلى الباب(4).
كما أضافت اللجنة الأوروبية أنه لتطبيق فكرة "الطرق البحرية" فإنه يتعين توافر الخطوات التالية:
1-      التعرف على الوصلات البحرية المجدية(Viable Maritime Links)سواء الموجودة حاليًا أو المستقبلة.
2-      تحليل للحاجات الإجتماعية والإقتصادية اللازمة للوصلات البحرية الجديدة.
3-      التعرف على المعايير والإحتياجات الخاصة بإتمام "الطرق البحرية" اللازمة لإختيار الموانئ التى سوف تدخل فى إطار السلسلة اللوجستية "للطرق البحرية"، مع الوضع فى الإعتبار مواصفات الجسر الخاص بكل طريق من "الطرق البحرية".
4-      إختيار وصلات(Links) "الطرق البحرية" التى تكفل تنافسية وفعالية وشفافية الموانئ الخادمة لهذه الطرق، التى يتعين أن يكون لها ظهير برى مرتبط جيدًا بمختلف وسائط النقل.
5-      عمل دراسات تحليلية متعمقة لمشروعات"الطرق البحرية" من وجهات النظر القانونية والمالية والفنية، والتنسيق مع مجتمعات الموانئ، ومدى القدرات الإستثمارية الإقليمية والوطنية والقطاع الخاص على تمويل عملية إنشاء "الطرق البحرية".
6-      إزالة العقبات التى تعوق إنشاء وتطوير "الطرق البحرية" عن طريق تقليل الأعباء الإدارية المتعلقة الإجراءات الجمركية وعمليات الفحص والتفتيش، وكذلك عنطريق تطبيق نظام الشباك الواحد (One Stop Shop).
7-3أهم العقبات التى تقف حجر عثرة فى وجه تنفيذ النقل البحرى قصير المدى:
تتمثل هذه العقبات فى المتطلبات القانونية والإدارية وفى العمليات التشغيلية بالإضافة إلى تحديات المعارضين لأساس فكرة النقل البحرى قصير المدى ذاتها، والخوف من التغيير.
أما فيما يتعلق بالمتطلبات القانونية والإدارية فيما بين نقطتى القيام والوصول، فإنها يمكن أن تشكل عائقًا مانعًا فى وجه تطوير النقل البحرى قصير المدى بسبب ما قد يترتب عليه من رفع تكاليف عمليات التشغيل ومن قيود بسبب الإلتزامات القانونية والإدارية التى يمكن أن تتعدد بتعدد المياه الإقليمية أو الوطنية التى تمر فيها مسارات النقل البحرى قصير المدى.
أما فيما يتعلق بالعمليات التشغيلية فإنها يمكن أن تشكل إحدى العقبات الرئيسية فى سبيل نجاح هذا النمط من النقل الساحلى، إذا لم تكن البنية الأساسية للموانئ المستقبلة لسفن الملاحة الساحلية معده إعدادًا كاملاً لتقديم الخدمات المينائية بكفاءة ودون حدوث أى أعباء إضافية تؤثر سلبًا على المقدرة الإنتاجية لتلك الموانئ.
أما فيما يتعلق بتحديات المعارضين، فهناك عدم تقبل من جانب الشاحنين ومقدمى خدمات اللوجستيات وكذا مرحلى البضائع(Freightforwarders)للتحويل من وسائط النقل الراسخه والمستقره منذ عهود طويلة، مثل النقل بالشاحنات والنقل بالسكك الحديدية، إلى الواسطة البحرية المتمثلة فى النقل الساحلى، حتى ولو كانت هذه الواسطة الأخيرة تعتبر خيارًا منافسًا وبديلاً أكثر تميزًا.
ولعل سندهم فى هذا هو أن عمليات النقل الساحلى تتصف بالبطئ الشديد مقارنة بالسرعة التى تميز النقل على الطرق البرية بشكل عام. ومن ناحية أخرى فإن الإعتبارات القانونية والإدارية يمكن أن تعوق إنسيابية حركة الحاويات.
7-4أهم المزايا التى يمكن أن تتحقق من وراء تشغيل النقل البحرى قصير المدى:
1-      التغلب على العيوب الكافية فى عدم كفاءة أنظمة السكك الحديدية.
2-      إستخدام أمثل للممرات الملاحية التى تربط بين موانئ النقل البحرى قصير المدى.
3-      تحسين حركة البضائع عن طريق زيادة سعة وسائل النقل وتنوعها وإيجاد بدائل متنوعة تفيد فى رفع كفاءة النقل متعدد الوسائط الذى يشمل رحلة نقل بحرى قصير المدى (ملاحة ساحلية)، كما تفيد فى إزالة أى تكدس للحاويات فى الموانئ المزدحمة.
4-      تحسين حركة البضائع من خلال تلافى الإختناقات على الطرق البرية، بتقليل عدد الشاحنات التى تستخدمها ونقل هذه البضائع عن طريق النقل البحرى قصير المدى.
5-      تحسين نوعية البيئة ونقاء الهواء وتخفيض درجة الضوضاء، وذلك أن خدمات النقل الساحلى توفر إستهلاك أمثل للوقود مقارنة بإستهلاك الشاحنات. وعلى سبيل المثال فإن سفينة ساحلية واحدة منخرطة فى النقل البحرى قصير المدى يمكنها أن تنقل من البضائع ما يُعادل سعة58شاحنة(1).
وهكذا إذا تم سحب مثل هذا العدد الكبير من الشاحنات التى تعاظم نموها على الطرق البرية مقابل سفينة واحدة، فيمكن تصور كمية وقود السيارات التى سوف يتم توفيرها، مع تقليل إنبعاثات الغازات الناتجة عن العادم وتلطيف الأجواء وتقليل الضوضاء وأخيرًا وليس آخر تقليل حوادث الطرق البرية(2).
6-      تقليل الحاجة أو الدوافع إنشاء طرق برية جديدة أو خطوط سكك حديدية جديدة، ومن ثَم توفير التكاليف الباهظة.
7-5    المبادئ القانونية الأساسية التى يتعين أن يؤسس عليها نظام النقل البحرى الساحلى بين الدول العربية:
(1)      تطبيق مبدأ الدولة الأولى بالرعاية ومبدأ المعاملة بالمثل، فيما بين الدول المشاركة فى نظام النقل البحرى الساحلى. وبناءً عليه سوف تعامل سفن الدول المشاركة عند دخولها موانئ الدول الأخرى بنفس معاملة السفن الوطنية، من حيث قيمة الرسوم المستحقة نظير إستخدام منشآت وخدمات الميناء، ومن حيث الحصول على أسبقية التراكى والدخول أو الخروج من الميناء وأى تسهيلات أو مميزات أخرى.
(2)      إعطاء القواعد القانونية المنظمة للنقل البحرى الساحلى أسبقية أو سيادة على ما قد يتعارض معها من أحكام القوانين الداخلية أو من نصوص أى إتفاقيات أخرى ثنائية أو إقليمية.
(3)      فتح الملاحة الساحلية الحرة وإزالة القيود المفروضة عليها لصالح سفن جميع الدول العربية المشتركة فى نظام النقل البحرى الساحلى.
(4)      تقييد الملاحة الساحلية بالنسبة للسفن الأجنبية فيما يتعلق بالدول العربية المشاركة فى نظام النقل البحرى الساحلى، مع مراعاة مبادئ القانون الدولى العام البحرى. معنى ذلك عدم السماح للسفن غير العربية الجنسية فى أن تنقل البضائع أو الأشخاص بين الموانئ العربية.
(5)      توحيد شروط تمتع السفن العربية المشاركة فى نظام النقل البحرى الساحلى بجنسية الدولة التابعة لها السفينة من حيث جنسية مُلاك السفينة ومقر مركز الإدارة الرئيسى.
(6)      دعوة الدول العربية التى لم تنضم بعد إلى "الإتفاقية الدولية لتسهيل حركة الملاحة البحرية الدولية" لعام1965 (FAL Convention)(1)ويبلغ عدد أعضائها (112 دولة) من بينهم8دول عربية فقط وهى: تونس، سوريا، العراق، اليمن، الجزائر، مصر، الأردن، لبنان. ومن شأن إنضمام كافة الدول العربية إلى هذه الإتفاقية الملاحية الهامة، تمهيد الطريق إلى إبرام "إتفاقية عربية مشتركة للنقل البحرى الساحلى ما بين الدول العربية"، بإعتبار أن الإتفاقية (FAL) تعتبر البنية الأساسية التشريعية لإقامة أى إتفاقيات ملاحية إقليمية بين الدول.
  والجدير بالذكر أن "إتفاقية تسهيل الملاحة البحرية الدولية" المذكورة، تحظى بإهتمام شديد من اللجنة الفنية للنقل البحرى التابعة للأمانة الفنية لمجلس وزراء النقل العرب بغرض تفعيل الإتفاقية بالنسبة للدول العربية التى إنضمت إليها، ودعوة باقى الدول التى لم تنضم إليها لمناقشة مسألة التوقيع على الإتفاقية.
8-الدعوة لعقد إتفاقية جديدة للنقل البحرى العربى الساحلى:
8-1    تمهيد:
تقودنا هذه الدراسة إلى فكرة الدعوة لصياغة إتفاقية جديدة للنقل البحرى العربى الساحلى، تضم فى عضويتها سائر الدول العربية، وتتضمن أحقية سفن هذه الدول على قدم المساواة فى النقل البحرى الحر للبضائع والركاب فيما بين الموانئ العربية.... من الدار البيضاء غربًا، إلى الموانئ الخليجية والعراقية شرقًا، ومن الموانئ السورية واللبناية والأردنية والمصرية شمالاً إلى موانئ السودان واليمن جنوبًا.
8-2    الهدف والأغراض المتوخاه من الإتفاقية:
الهدف الرئيسى من وراء إبرام إتفاقية للنقل البحرى الساحلى فيما بين الدول العربية، إنما يتمثل فى تحقيق الفكرة المُثلى فى خلق مساحة أو حيز ملاحى شاطئي للنقل البحرى العربى الساحلى، بدون أى عوائق أو تميز فى وجه السفن العربية المستخدمة لهذا الحيز الملاحى(1).
أما الأغراض المستهدفة من هذه الإتفاقية فهى إزالة أو تبسيط إجراءات الفحص الوثائقى والمادى سواء بالنسبة للبضائع أو السفن المبحره فى الحيز الملاحى العربى والتى تستخدم الموانئ العربية.
كما تستهدف الإتفاقية إزالة كافة العقبات فى وجه الحركة الحرة للسفن والبضائع فى الحيز الملاحى العربى، الأمر الذى يستلزم إدخال بعض التعديلات على الإجراءات السارية حاليًا بموجب القوانين المحلية للدول العربية على إتجاهين رئيسيين: الأول يتعلق بالسفن فى ذاتها وبتشغيل هذه السفن، أما الثانى فيتعلق بالبضائع التى يجرى نقلها فى إطار الملاحة الساحلية العربية. وهذه التعديلات المنوه عنها هى التى تكون محور الإتفاقية المقترحه.
كما أن من بين ما تبغاه الإتفاقية، العمل على التقليل بدرجة ملحوظة من النفقات المنصرفة، ومن الوقت المستغرق داخل الموانئ، مما يعود بالفائدة على النقل البحرى العربى وعلى دوره فى تنفيذ التجارة البيتًّية العربية، كما يؤدى إلى إقامة التوازن بين مختلف وسائط النقل (البحرى، والطرقى والسككى، والجوىّ).
كذلك فإن الإتفاقية تهدف إلى التقليل من حجم المعلومات التى يتكرر إرسالها إلى مختلف سلطات الميناء(1)، مما يُشكل ضياعًا للجهد والوقت والنفقات أيضًا. ولتحقيق هذا الهدف فإن الإتفاقية يمكن أن تقتضى إرسال كافة معلومات السفينة قبل دخولها إلى الميناء إلكترونيًا لمختلف سلطات الميناء مرة واحدة وذلك من خلال نماذج الإرسال الإلكترونى (FAL Forms).
وهكذا فإن الهدف الأسمى للإتفاقية المقترحه، هو تحريروتيسير خدمات النقل البحرى الساحلى بين الدول العربية فى سبيل تعزيز وتنمية الروابط الإقتصادية فيما بينها، تحقيقاً لنص المادة الثانية من ميثاق جامعة الدول العربية، ومن وجوب قيام تعاون وثيق بين دول الجامعة فى الشئون الإقتصادية والتجارية.
ولاشك أن الدول العربية شأنها فى ذلك شأن دول الإتحاد الأوروبى ودول جنوب شرق آسيا، ومجموعة دول أمريكا اللاتينية، فى أشد الحاجة إلى الإستفادة من مزايا ومكاسب تحرير وتيسير تجارة النقل البحرى الساحلى فى حيز المنطقة العربية، حيث أنه لا تتوافر فيما بين الدول العربية شبكات الطرق السريعة التى يمكن أن تربط الدول العربية بعضها بالبعض الآخر، سواء أكانت طرق برية أو سكك حديدية.
8-3    خطوات إيجابية على طريق عقد إتفاقية للنقل البحرى العربى الساحلى:
لما كان تعظيم التجارة البيَّنية للدول العربية بشكل هدفًا استرتيجيًا هاماً، لذلك لابديل عن العمل على التحرير الكامل لخدمات النقل البحرى الساحلى بين جميع الدول العربية لفتح الطريق البحرى الساحلى فى وجه السفن العربية للتمتع بما يحققه من مزايا.
ولقد سبق أن أثيرت الدعوة إلى عقد الإتفاقية المقترحه، بواسطة الإتحاد العربى لغرف الملاحة البحرية خلال إجتماع اللجنة الفنية للنقل البحرى لوزراء النقل العرب، المنعقد بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة أيام 24، 25، 26 فبراير 2009، حيث لاقى استحسانا وقبولاً من الحاضرين.
وبعرض موضوع الإتفاقية المقترحه على الدورة (24) للمكتب التنفيذى لمجلس وزراء النقل العرب فى 6/5/2009، قرر إحالة الموضوع إلى اللجنة الفنية للنقل البحرى لدراسة إعداد إتفاقية تمنح السفن العربية تسهيلات تفضيلية فى الموانئ العربية.
ومما يعزز هذه الدعوة لععقد الإتفاقية الجديدة، القرار رقم 309 بتاريخ 23 مارس 2005 الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية المنعقد على مستوى القمه فى دورته السابعة عشرة فى الجزائر بشأن أهمية وضع إطار قانونى للتعاون العربى فى مختلف مجالات النقل البحرى، بما يحقق أساسًا متينًا لإستغلال إمكانات القطاع الملاحى العربى الخاص على النحو الأمثل.
هذا، ومن ناحية أخرى قامت اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا" بعمل "مذكرة تفاهم بشأن التعاون فى مجال النقل البحرى فى المشرق العربى للتوقيع عليها بواسطة الدول الأعضاء فى "الإسكوا"، وهذا إدراكًا منها بأن النقل البحرى يؤدى دورًا هامًا فى تعزيز التجارة البيَّنية والخارجية، ودعم التكامل الإقتصادى والإجتماعى فى منطقة "الإسكوا" والمنطقة العربية وعمومًا.
ولقد تعرضت مذكرة التفاهم المذكورة أعلاه للنقل الساحلى بين موانئ أطرافها، وذلك فى المادة الخامسة منها موضحة إتفاق الأطراف على تطوير النقل الساحلى بين موانئها بهدف زيادة حجم التبادل التجارى البينى، وذلك بالوسائل التالية:
1-      تشجيع حركة النقل الساحلى بين الموانئ والمرافئ، وتقديم التسهيلات والدعم لشركات النقل الساحلى الوطنية.
2-      إتاحة خدمات النقل الساحلى، وتطويره وتجهيزه بالإمكانات والتسهيلات المناسبة.
3-      تسهيل إستقبال سفن ومراكب النقل الساحلى وتقديم الخدمات والتسهيلات المناسبة لها فى الموانئ والمرافئ.
4-      تبسيط وتسهيل إجراءات الموانئ والجمارك وسائر الإجراءات لسفن وبضائع النقل الساحلى فى موانئ ومرافئ الأعضاء.
8-4    النقل الساحلي بين دول الإتحاد الأوروبي:
لجأ الإتحاد الأوروبى إلى إستخدام النقل البحرى الساحلى كوسيلة بديلة أو مكملة لشبكات النقل على الطرق السريعة والأنهار الملاحية التى تربط بين دول القارة المختلفة وسماها (Motor Ways of the Sea)، والتى حققت نجاحاً باهراً بعد أن قام البرلمان الأوروبى بإصدار التشريعات اللازمة لتحرير خدمات النقل البحرى الساحلى (Maritime Cabotage) بين دول الإتحاد الأوروبى المختلفة، كذلك سعى الإتحاد الأروربي بعد ذلك إلى ربط دول القارة مع دول جنوب البحر المتوسط بنفس أسلوب (Motor Ways of the Sea) ونحن في عالمنا العربي لأحق وأحوج من الإتحاد الأوروبي في إستخدام هذه الوسيلة الناجحة لأسباب كثيرة.
9-      الأسباب الملحة لتحرير خدمات النقل البحري الساحلي للتكامل بين الدول العربية:
1-      لاتتوافر لدينا شبكة الطرق السريعةHighWaysأو الأنهار الملاحية التى تربط دولنا بعضها البعض.
2-      الإزدحام والتلوث وتدهور الطرق الرئيسية المرتبطة بالنقل البري والتي ستنخفض بدرجة كبيرة إذا كان هناك تحول ملحوظ لصالح النقل البحري الساحلي.
3-      تحت وطأة الأزمة المالية الركود العالمي لا مفر أمامنا إلا تعظيم حجم ونوع التجارة البينية بين دولنا المختلفة، الأمر الذي يدعونا لضرورة تعزيز النقل البحري الساحلي بين الدول العربية.
4-      في كثير من الحالات يوفر النقل البحري أسعاراً أرخص من أسعار الشحن البري أو الشحن الجوي والعم على تقليل الحواجز التي تحول دون استخدامه من شأنه أن يعزز القدرة التنافسية في التجارة الخارجية والنقل المحلي، وتعزيز التكامل الإقتصادي بين بلدان المنطقة العربية.
5-      الإجراءات الروتينية المعقدة والتكاليف الباهظة والعدد القليل المتاح من الرحلات البحرية الساحلية المنتظمة بين الموانئ العربية تسهم جميعاً في أن تكون الغالبية العظمى من خدمات النقل بين موانئ دولة ما تم عن طريق النقل البري مثل النقل البري بين موانئ جمهورية مصر العربية.
6-      في كثير من البلدان من المنطقة العربية يوجد عدد كبير من السفن الأجنبية التى تتردد على أكثر من ميناء من الموانئ المحلية في البحر المتوسط والأحمر والخليج  العربي، ولكن يحظر عليهم الاستفادة من هذه الرحلات لنقل البضائع بين هذه الموانئ.
7-      على ضوء ضعف قدرات الأسطول البحري التجاري لمعظم الدول العربية وقلة المزايا النسبية وعدم القدرة على المنافسة العالمية مع التحالفات والإندماجات الضخمة بين أساطيل الشركات العملاقة مثلGrand Alliance، New World Allianceوغيرها.....، يجب التركيز على الأقل على النقل البحري الساحلي بين الموانئ العربية.
10-    سبل تعزيز النقل البحري الساحلي للتكامل بين الدول العربية:
-        تعزيز القدرة على المنافسة مع النقل البري:العوامل الخارجية السلبية المرتبطة بالشاحنات والتى تشمل التلوث والضجيج والإزدحام وحوادث المرور، هى أقل بكثير في حالة النقل البحري وعلى المدى الطويل، يجب أن تكون سياسة النقل "أن يكون هدفها الرئيسي أن تصل إلى نتيجة تتيح للمستخدمين حرية الإختيار في السوق من بين مختلف وسائل المختلفة التى تلبي إحتياجاتهم االخاصة، وفي الوقت نفسه تعمل على تعظيم المصلحة القومية المشتركة أو مصالح المجتمع بصفة عامة". وهذا يفرض على الدولة أن تقدم ما يمكن من أن يسمى بإرشادات للتعرف على التوجيهات الصادرة عن السوق، مما يدفع الناقلين إلى دمج العناصر الخارجية المؤثرة في قراراتهم.
-        تقليص الإجراءات الإدارية والروتينية:كثير من المتطلبات الإدارية والتفتيش المتعلقة بحرية التجارة الساحلية ترجع إلى حقيقة أن السلطات لاتميز بين حركة البضائع المحلية أو الإقليمية والتجارة الدولية الخارجية. وعمليات المراقبة التى تقوم بها الأجهزة المسئولة عن الأمن والهجرة والخدمات الزراعية والشرطة من بين أمور كثيرة أخرى، ينبغي أن تكون أكثر مرونة في حالة التجارة الساحلية البينية وربما أيضاً في حالة التجارة مع البلدان التى تشكل جزء من نفس الكتلة الإقتصادية مثل حالة الدول العربية.
-        معاملة التجارة البحرية الساحلية بطريقة مختلفة عن خدمات سفن الروافدFeeders: إن من وجهة نظر الشاحن فإنه لا يهم ما إذا كانت بضائعه ستكون ترانزيت موانئ محلية أو أجنبية. بل ومن المحتمل أنه لا يعرف ما إذا كانت بضاعته سيتم إعادة شحنها أم لا.
-        التخلي عن الإتفاقيات الثنائية:يجب أن يكون تحرير خدمات النقل البحري الساحلي بين الدول العربية في إطار إتفاقية جماعية شاملة تشمل جميع الدول من المغرب غرباً وحتى سوريا والعراق شرقاً والبعد عن الإتفاقيات الثنائية والتكتلات الإقليمية لإمكان الإستفادة الكاملة من عملية التحرير والتعزيز الكامل لحرية التجارة بين الدول العربية.
-        جوهر الإتفاقية المقترحة هو أساس المعاملة بالمثل: في الإتحاد الأوروبي، تم فتح جميع المعاملات التجارية بين دول الإتحاد للمنافسة وأصبحت التجارة الساحلية مفتوحة لجمع شركات النقل البحري للدول الأعضاء، مع بعض الاستثناءات المؤقتة المتعلقة بالسفن ذات حمولة أقل من 650 من الحمولة الكلية المسجلة (GRT) والنقل البحري الذي يربط الجزر في أسبانيا واليونان (اللائحة رقم92/3577) وتمتد حماية هذا الإتفاق المبني على أساس المعاملة بالمثل، في سوق الإتحاد الأوروبي إلى مالكي السفن. وذلك للحماية من المنافسة مع السفن التى ترفع أعلاما لغير الأعضاء في الإتحاد الأوروبي. فشركات النقل البحري فقط من الأعضاء في الإتحاد الأوروبي يسمح لهم بالجمع بين خدمات النقل البحري الدولي والتجارة البحرية الساحلية. ونتيجة لذلك فهم قادرون على تحقيق طفرات إقتصادية وقادرين على أن يكونوا أكثر قدرة على المنافسة في الإتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية غير الأوروبية، وإذا قامت مجموعة الدول العربية بإبرام إتفاق مماثل لإتفاق الإتحاد الأوروبي فإنه من الواضح أن الفوز في النهاية سيكون للمنطقة العربية لها، فأولاً قبل كل شيئ سيكون هناك المزيد من خيارات النقل للناقلين العرب وثانياً فيما يخص النقل البحري بين بلدان جامعة الدول العربية وشركات النقل البحري العربية التى ستغطيها الإتفاقية المقترحه فإنها ستكون قادرة على التحرك بين الموانئ العربية في المياه الإقليمية Cabotage والدولية في حين أن الشركات الأجنبية لن تستطيع ذلك نظراً للحقوق المصرية لشركات النقل البحري العربي.
11- النتائج المتوقعة من تحرير خدمات النقل البحري الساحلي بين الدول العربية:
-        تخفيض أسعار الشحن:لا شك أن السماح لسفن كل دولة عربية بالنقل الساحلي بين موانئ الدول العربية الأخرى سيكون أول نتائجه حدوث تخفيضات ملموسة في أسعار الشحن بصفة عامة.
-        زيادة استغلال السعات الفائضة: كثير من السفن التى تكون ضمن خط منتظم تتردد أيضاً على السواحل العربية. ومن الواضح أنه من غير المنطقي والعملي عدم السماح لهذه السفن بإستخدام كامل سعتها المتاحه. وبالنظر إلى أن نسبة كبيرة من تكاليف تشغيل السفينة ثابتة وليس له علاقة بالكميات المنقولة ففي نهاية الرحلة تضطر شركة الشحن إلى محاسبة المستخدم بتكلفة أعلى عن كل وحدة شحن وهذا يعني أن كلاً من الشحن الساحلي والدولي قد أصبح أكثر تكلفة.
-        زيادة معدل تردد الخدمة: من الممكن الإستفادة من تكرار تردد السفن التى ترفع علم غير علم الدولة التى تدخل موانئها وتواتر خدماتها في زيادة النقل البحري الساحلي المقدمة من كل ميناء تدخله أضعافاً كثيرة.
-        زيادة المنافسة: إن الإنتقادات التى توجه إلى عملية تحرير خدمات النقل البحري الساحلي تتركز في المقام الأول على التخوف من حدوث مخالفات إحتكارية من شركات النقل البحري الدولية في حالة منح هذه الحقوق الحصرية لجميع الشركات العاملة في مجال النقل البحري بدون تمييز ولكننا بصدد إتفاقية بين الدول العربية تمنح هذه الحقوق الحصرية Cabotage لكل سفينة ترفع علماً وتكون مملوكة لشخص عربي الجنسية ولكن حتى التجارب التى سبقتنا إليها أقليم مثل أوروبا وأمريكا اللاتينية أثبتت أنه كلما زاد عدد الشركات التى يسمح لها بحق النقل البحري الساحلي كلما إنخفضت المخالفات الإحتكارية وإنخفضت أسعار الشحن على المدى الطويل.
-        الإعفاءات والاستثناءات: كقاعدة عامة أن وجود الكثير من الإجراءات الخاصة والتصاريح الاستثنائية يؤدي إلى ظهور العقبات البيروقراطية، الأمر الذي يعطي الموظفين العموميين والجمعيات وإتحاد الشركات الخاصة درجة من السلطة التقديرية لا مبرر لها وفي كثير من الدول العربية من الممكن التقدم بطلب للحصول على الإعفاءات – إصدار تصاريح خاصة للنقل البحري الساحلي بإستخدام السفن الأجنبية لذلك فإن من الأفضل تقنين هذه التصاريح بمنح حقوق النقل البحري الساحلي لجميع السفن التى ترفع علماً عربياً ويمتلكها ملاك عرب.
-        زيادة البضائع المحولة بحراً: إذا كانت الجهود لتعزيز التجارة الساحلية وتحسين تكامل خدمات النقل المحلي والدولي ناجحة فمن المحتمل أن يكون هناك نوعين من التطورات التي من شأنها أن تساعد في زيادة حجم البضائع التي تنقل عن طريق النقل البحري الساحلي وتقوم بها الخطوط الملاحية العربية. أولاً : سوف يكون أيضاً عامل على تعزيز التجارة الخارجية ثانياً: ستصبح تلك الوسيلة في النقل أكثر قدرة على منافسة النقل البري وإن مقارنة نقل البضائع بواسطة الشاحنات بنقلها عن طريق النقل البحري الساحلي في دول لها سواحل طويلة نجد أن مشاركة النقل البحري الساحلي في مجال النقل عامة لا تكاد تزيد عن 5% ومن الواضح أنه سيكون من غير الواقعي أن نتوقع أن وسيلة النقل الرئيسية وهى الشاحنات والسكك الحديدية المستخدمة لنقل معظم هذه البضائع قد يتحول سريعاً من الشاحنات إلى السفن إلا أنه إذا كان من الممكن تحويل من 7 : 10% من حجم البضائع التى يتم نقلها حالياً عن طريق البر بالشاحنات لمسافات طويلة بين الموانئ المختلفة لدولة ساحلية، إلى نقلها عن طريق البحر فإن البضائع العامة التى تقوم النقل البحري الساحلي بنقلها سيتضاعف بالتدريج.
وخلاصة القول فإن جميع الدلائل تشير إلى أنه من الممكن أن يعمل تحرير النقل البحري الساحلي بين دول العربية إلى تحقيق الآتي:
1-      خفض أسعار الشحن.
2-      تحسين استغلال الطاقة الإستيعابية للسفن.
3-      تقديم خدمات أكثر تكرار أو أقل حاجة إلى الإعفاءات الخاصة والتصاريح.
4-      زيادة المنافسة في السوق.
5-      زيادة حجم البضائع التي يتم نقلها بحراً.
6-      حماية البيئة والإنبعاث الحراري الناتج من إستخدام النقل البري حيث أن النقل البحري أقل تلوثاً.
12-    مقترحبشأن فتح  وإتاحة المياه الإقليمية للدول العربية لأغراض الملاحة الساحلية لسفن كافة الدول العربية على قدم المساواة مع السفن الوطنية:
12-1   الحيثيات
سعيًا من الدول العربية فى سبيل تعزيز وتنمية الروابط الإقتصادية فيما بينها، وتطويرًا ودعمًا لعلاقات التعاون والتكامل التجارى بينها، وتحقيقًا لما نصت عليه المادة الثانية من ميثاق جامعة الدول العربية، من وجوب قيام تعاون وثيق بين دول الجامعة فى الشئون الإقتصادية والتجارية.
واستجابة للحاجة الماسة إلى تنظيم وتيسير إنتقال السلع بين الدول العربية عن طريق النقل البحرى،
وإذا كان النقل البحرى يؤدى دورًا جوهريًا فى خلق وتنشيط التجارة البينية العربية، وإيمانًا بضورة العمل على إحداث تطور مطرد للأساطيل التجارية البحرية الوطنية لدعم التطور الإقتصادى والتجارى ما بين الدول العربية.
وتفهمًا للدور الحديث للموانئ البحرية باعتبارها حلقات فى سلسلة إمداد البضائع، ومراكز لوجستية ودوليًا، ومدى أهمية هذا الدور فى سبيل تحقيق إنسيابية عبور البضاعة صادرة أو واردة،
وحيث أن الدول العربية بشكل عام قد شهدت خلال السنوات القليلة الماضية نموًا متسارعًا فى حركة النقل وعلى الطرق البرية، وأصبحت الشاحنات هى الوسيلة المفضلة للنقل داخل المنطقة العربية،
وتقديرًا لما آلت إليه الطرق السريعة لنقل البضائع بالشاحنات سواء داخل الدول العربية أو فيما بينها، من تكدس وإزدحام قارب حد التشبع إن لم يكن فعلاً قد بلغه فى أماكن عديدة من العالم العربى، ومع ما يترتب على كل هذا من آثر على التجارة والإقتصاد. هذا ومع مراعاة ما سوف يصير إليه حال الإزدحام على الطرق خلال السنوات القادمة، وزيادة نسبة التلوث بشكل يثير القلق لعادم السيارات.
وإقتناعًا بما سبقنا إليه الآخرون فى الإتحاد الأوروبى وفى دول إتفاقية النافتا وغيرهم فى تطبيق النظام البحرى المعروف بإسمShort Sea Shipping / Motorways ofthe Sea  الذى أمكن عنى طريقه إمتصاص حوالى 50% من حمولات النقل على الطرق البرية وتحويلها إلى النقل البحرى قصير المدى، وهذا النقل البحرى يستطيع إعادة التوازن إلى الطرق البرية وأن يزيح الإختناقات البرية فهو نظام نقل بحرى يحقق الأمان والإستدامة والإعتمادية ويتميز غالبًا بأنه نقل ساحلى.
وحيث أن القوانين والقرارات المنظمة للنقل البحرى فى الدول العربية، تقصر عمليات النقل الساحلي– بين الموانئ الوطنية، على السفن الوطنية أى التى تحمل علم الدولة، وسواء كانت هذه الملاحة ساحلية صغرى أى فى مياه بحر واحد، أو ملاحة ساحلية كبرى أى فى مياه بحريين ملاصقين جغرافيًا لأراضى الدولة، لذلك وبناء على ما تقدم:
12-2   الإقتراح:
دعوة الدول العربية إلى تعزيز وتنشيط الملاحة الساحلية على المستوى الإقليمى العربى والسماح للسفن التجارية لكل الدول العربية بالإبحار فى المياه الساحلية لمختلف الدول العربية والدخول إلى الموانئ البحرية العربية على قدم المساواة مع السفن الوطنية أى منحها حق التمتع بنفس الحقوق التى تمتع بها السفن الوطنية من حيث الرسوم وأسبقية التراكى وأسعار خدمات الميناء وغيرها.
13-تعـليق عدد مـن الدول العربية حـولمسألة النقل البحري الساحلي
سبق أن تلقت الأمانة العامة للجامعة العربية ورقة العمل المقدمة من الإتحاد العربي لغرف الملاحة البحرية حول النقل البحري الساحلي بين الدول العربية في ضوء التجربة الناجحة للإتحاد الأوروبي منذ يناير 1993 في إستخدام النقل البحري الساحلي كوسيلة بديلة أو مكملة لشبكة الطرق السريعة والأنهار الملاحية التي تربط بين دول الإتحاد تحت مسمى: (Motor Ways of the Sea) وذلك نتيجة للتوسع الكبير في عضوية الإتحاد الأوروبي وحدوث زيادة هائلة في حجم التجارة البينية المتداولة بين دول الإتحاد، مما أدى إلى الإزدحام الشديد للطرق البرية والنهرية، الأمر الذي نتج عنه زيادة كبيرة في معدلات النلوث حول الطرق السريعة وفي الأنهار الملاحية التي تربط بين دول الإتحاد الأوروبي.
وبعرض الموضوع على الدورة (43) للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء النقل العرب 6/9/2009 قرر إحالة الموضوع إلى اللجنة الفنية للنقل البحري لدراسة إعداد إتفاقية تمنح السفن العربية تسهيلات تفضيلية في الموانئ العربية ورفع التوصيات بشأن ذلك إلى المكتب التنفيذي لمجلس وزراء النقل العرب.
ولقد قامت الأمانة العامة بتعميم المقترح على الدول العربية إبداء الرأى والملاحظات بشأنه وتلقت إلى الحين ردودًا من المملكة الأردنية الهاشمية، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، المملكة العربية السعودية، الجمهورية العربية السورية، جمهورية مصر العربية.
وتتركز ملاحظات الدول حول المقترح فيما يلي:
المملكة الأردنية الهاشمية:
تؤيد فكرة تعزيز النقل البحري الساحلي بين الدول العربية.
يتوقف النظر في عقد لإتفاقية لهذا الغرض على نتائج وتوصيات الدراسة التي تعدها الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري لتقييم الإجراءات المتعلقة بالنقل البحري والملاحة البحرية في الدول العربية.
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية:
إن ضعف المبادلات التجارية بين الدول العربية هو الذي أدى إلى عدم وضع تنظيمات إقتصادية لتحرير النقل البحري فيما بينها، وحتى الإتفاقيات الثنائية في مجال النقل البحري فهى غير مفعلة لنفس هذا السبب. وعليه، يكون من الأجدر التركيز حول دراسة السبل الكفيلة بتشجيع خدمات النقل البحري بين الدول العربية من خلال العمل على زيادة المبادلات التجارية.
وبالنسبة لعقد إتفاقية للنقل البحري الساحلي فمن الملائم أن يكون هذا الموضوع ضمن إتفاق شامل خاص بالتعاون في مجال النقل البحري بين الدول العربية، على أن يبحث العائق القانوني القادم في التشريعات الوطنية العربية التي تخصص خدمات النقل البحري الساحلي للشركات البحرية الوطنية.
المملكة العربية السعودية:
تؤيد إقتراح عقد إتفاقية إقليمية للنقل البحري العربي.
الجمهورية العربية السورية:
أرتأت أن تتضمن الإتفاقية المذكورة عددًا من الموضوعات ذات العلاقة بكافة مجالات النقل البححري، وهى واردة بالمذكرة المرفقة، ومن أهم تلك الموضوعات ذات الصلة بمقترح إتفاقية النقل البحري العربي الساحلي ما يلي:
-        العمل على إنشاء شركة عربية للنقل البحري الساحلي (أو شركات) تعطي إمتيازات على المستوى العربي.
-        توحيد تعريفة النقل الساحلي.
-        تخفيض الرسوم على السفن التي ترفع علم أى دولة عربية ومعاملتها معاملة السفن الوطنية.
جمهورية مصر العربية:
لا مانع من منح السفن العربية المترددة على الموانئ المصرية كافة التسهيلات الممنوحة للسفن الوطنية (عدا المعاملة من الناحية النقدية)، ويمكن منح نسبة خصم في الرسوم ومقابل خدمات الموانئ وفقًا لما يتم عليه مع كافة الدول العربية.
سلطنة عًمان:
بالنسبة لتحرير النقل البحري الساحلي بين الدول العربية، توجد إتفاقيات إمتياز بين الحكومة والشركات العالمية لإدارة وتشغيل بعض الموانئ لذا سيكون هناك بعض الإشكاليات عند قيام الحكومة بفرض إجراءات تدعو إدارات الموانئ بالتعامل الخاص مع السفن لعربية دون السفن التابعة لتلك الشركات التي تديري وتشغل الموانئ.
فيما يتعلق بإنشاء شركة عربية للنقل البحري الساحلي، فهو موضوع تجاري تحدده حاجة السوق. وبالإمكان إحالته إلى إتحاد الغرف التجارية بالدول العربية لتشحيع القطاع الخاص على تبني هذه المبادرة.

Previous Post Next Post