من رواد الطب:

أبوبكر الرازي 

       عرف باسم "جالينوس العرب" واشتهر بوفرة إنتاجه الذي يزيد عن المائتي كتاب ، لم يبق منها إلا القليل المحفوظ في جامعات أوربا .
       واشهر كتبه "الحاوي في علم التداوي" في ثلاثين مجلداً وقد ترجم إلى اللاتينية واعتمدت عليه الجامعات الأوربية حتى منتصف القرن السابع عشر الميلادي.
       وكتب في كثير من الأمراض ، وكتب في الطعام فصولاً مطولة منها "دفع مضار الأغذية" ، "ترتيب أكل الفاكهة" .
       وله كتاب هام أطلق عليه اسم : "المنصوري" . وخلف كتاباً ظريفاً اسمه : "كتاب من لايحضره الطبيب" قدم فيه نصائح للفقراء الذين لايملكون أجر الطبيب .
       وقد اتسمت كتاباته بالمسحة العلمية والصدق والبراعة في الوصف ، وقد جعله عضد الدولة مديراً للمستشفى المسمى : "المارستان العضدي" .
       ومن مفاخره تمييزه بين مرض الجدري ومرض الحصبة . وكان أول من عرف أن الحمى تجمع قوى الجسم ضد المرض أو العدوى . وكان ينصح بالمعالجة النفسية .

إبن سينا (371 ــ 428 هـ)

يقول سارطون : "انه من أشهر مشاهير العلماء العالميين ولقد كتب عنه المتقدمون والمتأخرون من العرب والإفرنج واعترفوا بأنه من أصحاب الثقافة العالية والاطلاع الواسع والمواهب النادرة والعبقرية الفذة ، اشتغل بالفلسفة والطب وكذلك بالمنطق والرياضيات والفلك"[1]. 
       ولد في بخارى وهو  "أبو علي الحسن بن عبدالله إبن ستار ويلقب بالشيخ الرئيس" . درس كتب اقليدس ، والطبيعيات والمنطق وعكف على دراسة الطب فلم تمض مدة وجيزة حتى أطبقت شهرته الآفاق ودعاه الأمراء لتطبيبهم وفتحوا له خزائن كتبهم ، وقد ألف كتابه : "القانون" في جرجان ، وهذا الكتاب يحوي أسس علوم الطب . عرف العلاج النفسي واستخدمه مع أمير شاب توهم أنه بقرة وطالب بذبحه فجاء إبن سينا وهم بذبحه ثم قال هذه بقرة نحيفة أطعموها حتى تسمن ، فأخذ الشاب يأكل بعد أن كان ممتنعاً ودس له إبن سينا العلاج في الطعام . وكان يحذر دائماً من الإفراط في الطعام والتهالك على النساء.   
وكان يتمثل دائماً ببيتين من الشعر هما : ـ   
اجـعـل غـذاءك كل يـوم مرة        وإحذر طعاماً قبل هضــم الطعام
       واحفـظ منيّك مااستطعت فإنــه       ماء الحـياة يصـب في الأرحـام

       وقد أقبلت أوربا على كتبه فترجمت إلى كثير من اللغات ودرسوها في جـامعـاتهـم زهـاء سـتـة قـرون ، وظـلت يعاد طبعهـا بانتظـام حتى القرن الثامن عشـر
الميلادي ، ولم ينقطع تدريسها في جامعة مونبليه إلا منذ خمسين عاماً فقط[2].

أبوالقاسم القرطبي (نابغة الجراحة)
عاش في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي وتخصص في الجراحة ، وتوصل إلى سحق الحصاة في المثانة ، وكتب أبحاثاً في جراحة الأسنان ، وجراحة العيون ، والفتق ، والولادة ، وفي الكسر والانخلاع ، وكان يستخدم البنج الذي كان يسمى "فتائل المرقد"[3].
       ولو ألقينا نظرة سريعة على عقل المسلم الحديث ـ مع قلة التشجيع ـ لوجدنا مثلاً ناطحات السحاب في أمريكا قد قام بتصميمها مسلمون من باكستان .
       ويعتبر الآن أكبر طبيب في أمراض القلب في أمريكا الدكتور القاضي وكذلك أكبر طبيب في أمراض القلب والجراحات الدقيقة في أمريكا والعالم الدكتور محمد زهني فراج ـ وهما مسلمان من مصر . وكذلك فاروق الباز ـ اعظم عالم مسلم  من مصر في علم المراكب الفضائية .

أثر الحضارة العربية الإسلامية في النهضة الأوربية:

         التواصل والعطاء قديم بين الحضارات ، فما من حضارة قامت إلا وأخذت ممن سبقها ، ثم أضافت أبدعت ، فحركة الحضارة حركة تناوبية ، تأخذ وتعطي ، تتأثر وتؤثر ، فالشرق أول من أعطى ثم أخذ ، ثم أعطى ...
        ولما جاء دور أمتنا في بناء الحضارة ، قامت بالدور المطلوب منها بإتقان على خير وجه ، لقد قامت بعمل إنقاذي له مغزاه الكبير في تاريخ الإنسانية ، فترجمة ، واقتبست ، ثم أضافت أبدعت .وامتاز أجدادنا المسلمون بأنهم كانوا أمناء أوفياء ، نقلوا العلوم ونسبوها إلى أهلها وأصحابها ، ولو وجد الأوربيون انتحالاً ، لفضحوا وهولوا ، وناحوا وعابوا مستصرخين الأمانة العلمية ، مع أنهم لم يكونوا أمناء على تراثنا عندما ترحموه ، إنهم نسبوا قسماً مما نقلوه إلى أنفسهم .
        وعندما أحيا الأوربيون تراث اليونان ثانية ، طمسوا فضل العرب القدماء عليه ، وأزالوا بصمات العرب المسلمين في ترجمته ودراسته ونقده وتصويبه .. وحاولوا ربط  حضارتهم باليونان والرومان مباشرة ، ولكنهم أصبحوا حين يبحثون في تاريخ العلوم والفكر والفنون وينقبون في غياهبه يرتطمون بمصاعب لا يستطيعون لها تذليلاً من جراء طمسهم تلك البصمات ، ولذلك نجدهم يرجعون حيناً بعد حين فيعنون بعض العناية باللمسات العربية الإسلامية ، وينقبون شيئاً من التنقيب عن تاريخ العلوم ، وقل أن تسلم عنايتهم هذه من تعصب حاقد، أو من خدمة مطامع دولهم السياسية والاستعمارية .
وفي القرون التي كانت حضارتنا في أوج ازدهارها ، وبالتالي في قمة عطاءاتها ، كانت هناك معابر وقنوات ، انتقلت وتسربت عبرها علوم هذه الحضارة وثقافتها وفنونها إلى الغرب الأوربي في العصور الوسطى ، قبيل عصر النهضة ، وهذه القنوات هي :
الأندلس " إسبانية ": التي فتحها طارق بن زياد سنة 92هـ/711م ، و" لم تشهد بلاد الأندلس – كما يقول وول ديورانت – في تاريخها كله حكماً أكثر حزماً وعدالة وحرية مما شهدته في أيام فاتحيها المسلمين " .
وتبوأت إسبانية مركز القوة العظمى في العالم مرتين في التاريخ : الأولى في القرن الرابع الهجري ، ( العاشر الميلادي ) زمن الخليفة عبد الرحمن الناصر ، والثانية في القرن السادس عشر الميلادي ، في الفترة التي كانت تتمثل وتهضم الحضارة العربية الإسلامية ، لذلك قال المؤرخ والمفكر الإسباني " سانسيت أولبورنوت " : " إن الفتح الإسلامي لإسبانية ، جلب إليها كل خير " .
        لقد كانت الأندلس بجامعاتها ومدارسها وازدهارها محط أنظار الأوربيين ، ومصدر إشعاع فكري حضاري لمدة ثمانية قرون ، بدأت عام 711م ، وانتهت عام 1492م .
وصقلية : التي فتحها المسلمون سنة 212هـ/827م على يد الفقيه المجاهد أسد بن الفرات ، تلميذ مالك بن أنس ، وبقوا فيها حتى الغزو النورماندي سنة 484هـ/1090م .
          لقد كانت حضارة المسلمين عند فتح صقلية في أوج عظمتها ، فانسابت إليها خلال قرنين من الزمن ألوان الثقافة والعلوم من العالم الإسلامي ، فقامت فيها حضارة رائعة ، وغدت حديقة يافعة ، تزهو بعلومها وتجارتها وصناعتها . واسمرت في الازدهار حيناً من الدهر بعد احتلال النور مانديين لها ، فقد قدروا تفوق المسلمين الحضاري ، فآثروا الانتفاع بعلوم المسلمين وحضارتهم وصناعتهم ، ولذا فقد سمحوا ببقاء جالية إسلامية في صقلية ، تعيش في ظلهم آمنة متمتعة بشعائرها ونشاطها العلمي والصناعي ، فزمن روجر الثاني وضع الإدريسي موسوعته الجغرافية : " نزهة المشتاق في اختراق الآفاق " . أما فردريك الثاني ، فقد كان له فضل كبير في نشر الحضارة الإسلامية في أوروبة ، عندما استيقن أن العلوم والآداب تأبى التميز بالمكان ، وترنوا إلى التلاقي والتعارف والتهادي في حرم لا تدوسه رجل أي متعصب ، وبهذه الروح ساعد مدرسة " سالرنو " الطبية ، التي نشرت الطب العربي الإسلامي ، أسس جامعة " نابولي " منارة العلم للحضارة العربية الإسلامية جنوبي إيطالية .
          وهكذا نجد من نتائج الفتح الإسلامي لصقلية أن فرضت الحضارة الإسلامية نفسها على النورمانديين أولاً ، وعلى أوروبة كلها ، ثانياً ، إن شعاعاً من نور الحضارة الإسلامية اتخذ سبيله إلى أوروبة بدءاً من القرن الثاني عشر الميلادي ، لا عن طريق اللاتين أو البيزنطيين ، بل عن طريق المسلمين بالأندلس وصقلية الإسلاميتين .
         والحروب الصليبية : التي فتحت عيون الغرب على الشرق ، وأنهت عزلة الغرب الأوروبيين عما في الشرق من حضارة ، وألقت ضوءاً على مافيه من تقدم علمي ، وازدهار حضاري .
          إن يقظة أوروبية شاملة – في شتى المجالات – دخلت المجتمع الأوربي في عصر الحروب الصليبية ، حتى أطلق عليها " سكنز " اسم : " النهضة الأوروبية في القرن الثاني عشر " ، فليس من المصادفة ابداً أن تبدء أوروبة نهضتها العلمية ، ويقظتها الفكرية من المناطق التي وصل إليها المسلمون ، ذلك لأنهم تركوا تراثاً حضارياً رائعاً ، كان له أثر حضاري في المناطق التي وصل إليها ، مشكلاً عاملاً من أهم عوامل اليقظة الأوروبية ، ونهضتها الحديثة ، والأمر بديهي ، فالمسلمون في القرون الوسطى كانوا متفردين في العلوم والفلسفة والفنون ، ونشروها أينما حلت أقدامهم ، وتسربت من عندهم إلى أوروبة منذ القرن الثاني عشر الميلادي ، عندما بدأت حركة ضخمة لترجمة الكتب ، وخلاصة الفكر العربي الإسلامي ، من العربية إلى اللاتينية ، وكنا نقول بقيت هذه الكتب تدرس حتى القرن السابع عشر الميلادي ، بينما جاء في المجلة التي يصدرها اليونسكو " بريد اليونسكو " عدد تشرين الأول 1980م ، في الصفحة 38 ، أن كتاب القانون بقي يدرس في جامعة بروكسل حتى في سنة 1909م . لذلك قال    د .أوسلر : لقد عاش كتاب القانون مدة أطول من أي كتاب آخر ، كمرجع أو حد في الطب . لقد وصلت عدد طبعاته إلى خمس عشرة طبعة في الثلاثين سنة الأخيرة من القرن الخامس عشر ، وعشرين طبعة في القرن السادس عشر ، وقد زاد عدد الطبعات أكثر في القرن السابع عشر .. فابن سينا مكن علماء الغرب من الشروع بالثورة العلمية ، التي بدأت فعلاً في القرن الثالث عشر ، وبلغت مرحلتها الأساسية في القرن السابع عشر .
             رغم هذا .. فنظرة أكثر الأوروبيين نحونا نظرة تعصب ، تجعلهم يشيعون أن أي شيء سيفشل في الوطن العربي  ، ومن هنا جاءت نظرتهم اليوم – على العموم – نظرة هضمت حقنا يوم أبدعنا .
         ومع ذلك ، قامت صيحات علمية موضعية منصفة ، وعلى قلتها أعطت حضارتنا وأعلامها الكبار ، جزءاً ولو يسيراً من الحق والإنصاف ، فكتاب زيغريد هونكه " شمس العرب تسطع على الغرب " مشهور معروف ، وكتاب غوستاف لوبون " حضارة العرب " معروف أيضاً ، وقدم ماكس فانتيجو كتابه " المعجزة العربية " ، وفي مؤتمر الحضارة العربية الإسلامية ، الذي عقد في جامعة " برنستون " في واشنطن عام 1953م ، فتقرر أن كل الشواهد تؤكد أن العلم الغربي مدين بوجوده إلى الحضارة العربية الإسلامية ، كما وأن النهج العلمي الحديث القائم على البحث والملاحظة والتجربة ، والذي أخذبه علماء أوروبة ، إنما كان نتاج اتصال العلماء الأوروبيين بالعالم الإسلامي ، عن طريق دولة العرب المسلمين في الأندلس .
           ولكن اقتباس هذه الحضارة الرائعة من قبل الأوروبيين كان أبتر ، وهذا الأخذ كان ناقصاً ، لأنهم أخذوا الجانب العلمي المادي ، وتركوا الجانب الروحي الإنساني ، لذلك ستقضي حضارتهم المبتورة والتي أغرقت في المادية على نفسها بنفسها ، ودليل فراغها الروحي الهائل ، أن كل دعوة ، ولو كانت تافهة هواء ، تلقى قبولاً ، وتجد اتباعاً ، حتى من جاء من الهند يبشر بالضحك في الحياة ، والضحك ليس غير ، وجد اتباعاً ومريدين .
          وأخيراً .. لقد قرأت عبارات مؤثرة بخط إسباني ، عند كهف الملك ميلوس في بلدة معلولا قرب دمشق ، تقول : " أنا من العرق العربي ، صديق الشمس القديم ، الذي ربح كل شيء ثم خسره " إنه من نسل عرب الأندلس ، الذين سطعت شمس حضارتهم على العالم ، علوماً وإخاءً وإنسانية وعدالة ورفاهية وطمأنينة فربح كل شيء ، ثم خسر هذه المعاني عندما لم يقتبس الغرب قيم حضارة المسلمين الروحية ، وأغرق بماديته .
قال تعالى : ) ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير([4] .
 لقد كانت جامعاتنا في العصور الوسطى مفتوحة للطلبة الأوروبيين الذين نزحوا إليها من بلادهم طلباً للعلم ، وكان ملوك وأمراء أوروبة يغدون على بلاد المسلمين ليعالجوا فيها ، فكانت بلاد العرب المسلمين مصدر إشعاع فكري وعلمي حضاري إلى أوربة ، إن جربرت الفرنسي درس في مدارس إشبيلية وقرطبة ، وتزود بالحضارة العربية الإسلامية ، ثم إن البابا في رومة سلفستر الثاني ، أدخل معارف عرب الشرق والغرب إلى أوربة .
           وتمنى " غوستاف لوبون " لو أن المسلمين استولوا على فرنسة لتغدوا باريس مثل قرطبة في إسبانية ، مركزاً للحضارة والعلم ، حيث كان رجل الشارع فيها يقرأ ويكتب ، في الوقت الذي كان فيه ملوك أوربة لا يعرفون كتابة أسمائهم ، ويبصمون بأختامهم .
          ويضيف " لوبون " ساخراً ممن يقارن العرب المسلمين في العصور الوسطى بالأوروبيين في نفس الوقت : " فقد كان الوضع على عكس الوقت الحاضر تماماً ، العرب ـ يقصد المسلمين العرب ـ هم المتحضرون ، والأوروبيون هم المتأخرون ، ولا أدل على ذلك من أننا نسمي تاريخ أوربة في ذلك الوقت بالعصور المظلمة "[5]  .
                    
انهيار العالم الإسلامي:
 كان لسيطرة الترف على العالم الإسلامي ، وانتشار الخرافات بين سكانه أثر في تزعزع الإيمان في نفوسهم مما كان بداية النهاية ، ثم حدثت حوادث عديدة جعلت
الظلام يخيم على العالم الإسلامي ، منها الكوارث التي مرت عليه مثل :ـ
1 - الغزو المغولي البربري الذي دمر كل ماصادفه وخصوصاً بغداد التي دمروا مكتباتها بكل مافيها من علم وفن ، وألقوا بعض الكتب في دجلة حتى استحال لونه إلى السواد لإختلاط الحبر به .
2 - الغزو الصليبي : الذي أقام في بلاد المسلمين تسعين عاماً دمر خلالها تراثهم ، وأقلق أهل البلاد ، وكان السبب الرئيسي في نقل العلوم إلى الغرب .
3 - المجاعة التي حدثت في القاهرة أيام الفاطميين والتي أدت إلى حدوث الفتن وكانت النتيجة ان نهبت المكتبات ودمرت على يد المرتزقة ، وألقى بعضها في النيل ، وأحرق البعض الآخر ، أما الباقي فقد اندثر معظمه بسبب الإهمال أو سوء التخزين والصيانة .
4 - خروج المسلمين من الأندلس وفيها ماتبقى من تراثهم .
5 - سقوط الخلافة الإسلامية وما حصل بسبب ذلك من التناحر والتقاتل بين المسلمين بسبب الحدود التي وضعها الاستعمار ، استناداً إلى قاعدة [فرق تسد] فقد اشتغل المسلمون بعضهم في بعض حسب السياسات التي تمليها المصالح الشخصية دون مراعاة المصالح العامة ، فانشغل المسلمون عن التحصيل العلمي إلى الصراع السياسي وكلُّ يغني على ليلاه ويدّعي أن الحق معه ...
6 - ومنها الضغوط الموجه من قبل أعداء المسلمين من صليبيين ويهود وغيرهم تجاه المسلمين ألا يطوروا أنفسهم بأنفسهم خاصة بالعلوم التجريبية في شتى ميادينها ، بحيث يظل المسلمون عالة على الغرب والشرق إذا وجدوا مثلاً السلاح قد لايجدوا ذخيرته ، وإن وجدوا الذخيرة قد يحرمون من السلاح ، وهكذا وذلك حتى تظل بلاد المسلمين سوقاً لمنتجاتهم العلمية والصناعية بأنواعها المتعددة ، وحتى لا يطور المسلمون انفسهم ويتقدموا في مجالات الحياة ، وأكبر مثال على ذلك ، تلك الحرب الاعلامية ضد المسلمين بسبب تملك بعض دولهم كباكستان للسلاح النووي السلمي ، علماً أن إسرائيل والهند تملكان من السلاح النووي والصواريخ البعيدة المدى ما يعجز القلم عن وصفه .
          وعلى العموم ـ فلابد للمسلمين أن يعتمدوا على الله ثم على أنفسهم ويفعلوا الأسباب لهذا الجانب ولا يلقوا بالاً لهذا التهديد والضغط الغربي ، فها هي اليابان تسابق دول الغرب في شتى ميادين الصناعة ولم تلق بالاً للضغوط الغربية ، ولقد قرأت كلاماً عجيباً عن أهل اليابان وحرصهم على التقدم العلمي في شتى الميادين غير مبالين بالتهديدات الغربية ، ومن المتعارف عليه أن الطلاب اليابانيين الذين يبعثون للدراسة في البلاد الأوربية يغلب عليهم طابع الجد والاجتهاد والحرص على فهم الصناعة الغربية وسر تركيبها ومن ثم نقلها إلى بلادهم ، والويل كل الويل للطالب الياباني المبتعث إذا وقع في فخ الأوربيين أو انحرف سلوكياً فهناك لجان مهمتها تعقب هؤلاء الطلاب ولها صلاحيات في العقوبة تصل إلى حد القتل وذلك حتى يؤدوا المهمة التي أرسلوا من اجلها . وهذا ماجعل اليابان تنافس الدول الكبرى بل تتفوق عليهم في كثير من الصناعات ، إذن فالمسلمون أولى من اليابان وغيرها في ضرورة التقدم العلمي وأخذ أسبابه وعليهم أن يتوكلوا على خالقهم ويسيروا غير مبالين بالتهديدات الغربية ، قال تعالى : ) ومن يتوكل على الله فهو حسبه([6].
خاتمة في السبل التي تكفل عودة المسلمين إلى الصدارة:
       إن الوسيلة الوحيدة لذلك هي التمسك بالإسلام والعض عليه بالنواجذ ، يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- : "إنكم كنتم أول الناس وأحقر الناس وأقل الناس فأعزكم الله بالإسلام فمهما تطلبوا العز بغيره يذلكم الله"[7].وسوف يهدينا الإسلام ويقودنا إلى الصدارة لنحمل مشعل الحضارة ونقود العالم إلى حياة أفضل تنيرها شريعة الله ، على أنه توجد خطوات يجب على القادر أن ينفذها لنصل إلى هذه النتيجة :ـ
1 -  الحكم بشريعة الإسلام في شتى ميادين الحياة في سائر العالم الإسلامي .
2 -  غرس الإيمان وعقيدة الإسلام في نفوس الناس ، وخصوصاً الشباب عن طريق التركيز على مواد التربية الإسلامية في المدارس والمعاهـد والجامعــات ، وتذكيرهم بأمجاد آبائهم عن طريق جميع وسائل الإعلام .
3 -  الإصلاح الإجتماعي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك لنخلص الشباب من التناقض الذي يعيشونه بين مثاليات المدرسة وواقع الحياة .
4 -  تشجيع العلماء وتكريمهم والإنفاق عليهم وتسهيل القيام بمهتهم في عالمهم الإسلامي .
5 -  منع هجرة العقول إلى الدول الغربية بعد تهيئة الجو المناسب لهم .
6 -  اجتذاب العلماء المهاجرين بالتشجيع المادي والمغري وتوفير الاستقرار المادي والمعنوي لهم ، واجتلاب العلوم الحديثة معهم ، وكلنا نعلم أن أمريكا ما قامت صناعتها وتقدمها إلا بسبب تشجيعها الهجرة إليها من قبل هؤلاء العلماء والمنكرين ، وهم من خارج أرضها  .
7 -  عدم ابتعاث الطلبة بدون حساب وبحيث لا يبتعث إلا من يتأكد من صلاحه ،وتقواه واخلاصه في طلب العلم وبعد نضجه من حيث السن .
8 -  الترجمة إلى اللغة العربية التي أثبتت قدرتها على استيعاب المصطلحات العلمية ، والتخلص من الألفاظ الأجنبية الدخيلة ، ثم تعريب المناهج الجامعية ، والحرص على تدريس العلوم التجريبية باللغة العربية .
9 -  تشجيع التنمية الصناعية في العالم الإسلامي ، وإقامة المراكز الصناعية المشتركة في العالم الإسلامي ، وإقامة سوق إسلامية مشتركة لهذا الجانب وتسهيل منتجات المسلمين بعضهم مع بعض ، والتضييق على منتجات الأعداء بشتى الوسائل ، والعمل على تنمية مواهب الشباب للإبداع والإبتكار المبكر في المدارس والجامعات ، ووضع الحوافز والجوائز لهذا الجانب .
10 - العمل الجاد على تطوير الوحدة الإسلامية ، والمزيد من التضامن الإسلامي في عالمنا الإسلامي ، بما يتفق مع الشرع المطهر ، فهذا كفيل بإذن الله بإعادة الأمة الإسلامية إلى سابق عهدها ومجدها وفرض وجودها في العالم ، خاصة أن أمة الإسلام رسالتها عالمية ، قال تعالى ) وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ([8]. وأخيراً ليحدد كل من الشباب مصيره وأين يضع قدمه وليسخروا عقولهم لخدمة العلم حتى يتقووا به لنشر الدين وتعاليمه في ربوع العالم كي يسودوا العالم كما ساده الآباء والأجداد من قبل . وما ذلك على الله بعزيز .
            
                     والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .           د/ فهد بن حمود العصيمي

             المراجــــع
        ـ صحيح البخـــــاري.
       ـ التـــرمــــــزي.
       ـ ابن ماجــــــــه.
       ـ الدارمـــــــــي.
       ـ مسند أحمد بن حنبــل.
       ـ مجموع فتاوي ابن تيمية .
       ـ درء تعارض العقل والنقل / ابن تيمية .
       ـ موافقه صريح المعقول بصحيح المنقول في هامش منهاج السنة / ابن تيمية
       ـ البداية والنهاية / ابن كثيـــــــر .
       ـ عناصر القوة في الاسلام / السيد سابق .
       ـ المكتبات في الاسلام / محمد ماهر حماده .
       ـ العلم عند العرب / الدوميلي.
       ـ كيف اسهم المسلمون في الحضارة الانسانية / حيدر بامات .
       ـ الكيمياء عند العرب / روحي الخالدي .
       ـ العلوم عند العرب / محمد ابراهيم .
       ـ العلوم عند العرب / قدري حافظ طوفان .
       ـ تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك / قدري طوفان .
       ـ تاريخ العلوم عند العرب / عمر فروخ .
       ـ تاريخ العلم ودوره / د ــ عبدالحليم منتصر .
       ـ الذرات والالكترونيات من سلسلة " كتبا المعرفة " / الناشر / شركةترداكسيم.                       
       / شركة مساهمة سويسرية / جنيف .
        ـ تاريخ الرياضيات / سميث .
       ـ جريدة الحياة .
               ـ لمحات في تاريخ العلوم الكونية عند المسلمين/ د :عبدالله حجازي.
               ـ الطب الأسلامي عبر القرون / د :الفاضل العبيد عمر.
             ـ الحضارة العربية الإسلامية /شوقي أبو خليل.
               ـ شمس العرب تسطع على الغرب/د.زيغريد هونكه.
             ـ في التاريخ العباسي والأندلسي / د.أحمد مختار العبادي

الفهــــــرس المواضيع

الموضــــوع
الصفحة
مقدمه
2
الأدلة من الكتاب والسنة على تشجيع العلم والعلماء
3
1  ــ من الكتاب
3
2  ــ من السنة
5
الحضارة الإسلامية
6

التقدم العلمي وسيلة لا غاية عند المسلمين
6
أنواع المكتبات
7
رعاية الهيئات والمعاهد العلمية
8
الحياة الفكرية للمسلمين
8
حركة التعريب والترجمة
10
الحق ما شهد به عدوك
11
اتهام ورده
12
عملية تصنيع التقطير والبترول والأحماض
13
البترول
13
الحوامض
14
العلوم التي تفوق بها المسلمون
15
1 - مجال الفلك
15
2 - في علم الكيمياء
16
3- في الفيزياء
18
مآثر المسلمين في الرياضيات والجبر والحساب والهندسة
19
مآثر المسلمين في الجبر
20
5- في علم الطب
22
6- في علم الاجتماع
24
7- في علم الجغرافيا
24
في علم الفلسفة والمنطق
25
ترجمة لبعض من اشتهر بالعلوم الطبيعية ونحوها : ــ
27
1 - محمد بن موسى الخوارزمي
27
2 - الكندي
27
3 - موسى بن شاكر وأولاده / الطبيعيات
28
4 - ثابت بن قرة / في الطب
28
5 - البتاني / بالفلك
28
6 - الكرخي في الرياضيات
29
7 - البيروني / المثلثات والفيزياء
29
8 - السموأل / في العلوم الرياضيات والطبيعة
30
9 - الكاشي / في المراصد الفلكية
30
10- أبو بكر الرازي / في الطب
30
11- ابن سينا / في الطب
31
12- أبو القاسم القرطبي / في الجراحة
31
أثر الحضارة العربية الإسلامية في النهضة الأوروبية
32
انهيار العالم الإسلامي
35
خاتمة في السبل التي تكفل عودة المسلمين إلى الصدارة
36
المراجع
38




  



[1]  العلوم عند العرب ـ خير الله طلفاح ـ ص 171.
[2]  العلوم عند العرب ـ محمد الصيحي ـ ص 45 .
[3]  على العموم لايفهم من الاشادة بهؤلاء الأعلام الذين مر ذكرهم انهم احسنوا في شتى الميادين العلمية ـ حيث أن بعضاً منهم ـ له آراء وأفكار فلسفية قد تخرجه من الإسلام إذا اعتقدها ـ وقد ناقش بعض علماءنا الشرعيين الكبار بعض آراء وأفكار هؤلاء العلماء في مجال العلوم الإنسانية خاصة وبالذات علم الفلسفة والمنطق والأديان والسلوك والأخلاق والعقائد ونحو ذلك . وخير من تصدى لهم وزيف أفكارهم وبين انحرافهم العقائدي والفكري العالم الكبير [إبن تيمية] في مثل كتابه [الرد على المنطقيين] وفي الرد على إبن سينا . وغيره من الفلاسفة المنحرفين عن خط الإسلام ـ يراجع فتاوي إبن تيمية قسم المنطق ج 9 ص 9 و 35 و 36 و ص 133 و 135 و ص 272 و 273 و 274 و 275 و ص 277 ط الأولى 1382 مطابع الرياض ـ ويراجع من البحث ص28.

[4]  الحجرات ، آية (13).
[5]  "في التاريخ العباسي والأندلسي " ، د.أحمد مختار العبادي ، صفحة(294 ـ 295).
[6]  سورة الطلاق ـ آية 3.
[7]  البداية والنهاية لإبن كثير جـ 7 ص 60.
[8]  سورة سبأ ـ آية 28

Previous Post Next Post