عوارض الأهلية :

  صلاحية الإنسان لأن يُطالب بالأحكام الشرعية ، تقتضي قوة في البدن بالبلوغ ، واكتمال العقل ، ولا بد من توافر القوتين ، وانخرام إحداهما مؤثر في الأخرى ، ولا خلاف أن الأداء يتعلق بقدرتين : قدرة فهم الخطاب وذلك بالعقل ، وقدرة العمل به وهي بالبدن [1] .
وقد يطرأ على العقل أو البدن ما يُنقص من الأهلية أو يلغيها ، أو يكون له أثر في بعض الأحكام ، وهو ما يُسمى بعوارض الأهلية . وفي ما يلي بيان لهذه العوارض في المطلبين التاليين .

المطلب الأول :التعريف اللغوي للعوارض : عوارض : جمع عارضة ، من عرض له كذا : إذا ظهر له أمر يصده عن المضي على ما كان فيه . والمعارضة : المقابلة على سبيل الممانعة . ويسمى السحاب عارضاً لمنعه أثر الشمس وشعاعها [2]، ومنه قوله تعالى : {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم  بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } (  الأحقاف24 ) .

أما في الاصطلاح : فهي خصال أو آفات تطرأ على الإنسان فتزيل أهليته ، أو تنقصها ، أو تغير بعض أحكامها [3] .
 والعوارض التي تطرأ قد تؤثر في أهلية الوجوب فتعدمها ،  ولا يكون ذلك إلا بالموت ، حيث إن مناط هذه الأهلية هي الحياة المستقرة ، ولا يشترط لها بلوغ أو رجاحة عقل ، وإلغاؤها إنما يتحقق بانتهاء الحياة ، ولا يكون ذلك إلا بالموت .
أما أهلية الأداء : فإن تأثير العوارض فيها أكبر وقعاً ، وأوضح صورة ، وأكثر حدوثاً ، إذ إن مناط هذه الأهلية هو العقل .
وما يعدم أهلية الوجوب لا شك أنه يقضي على أهلية الأداء بشقيها ، فلا يُتصور صلاحُ بدنٍ للقيام بفعل ، أو إدراكِ مقصودٍ إن لم يكن ثمة حياة مستقرة .
ولكن : ليس كل ما يصيب العقل يعدم أهلية الوجوب ، فقد تكون حياةٌ مستقرة مع صغر سن ، أو ضعف قدرة عقلية ، وقد يكون البلوغ والعقل متحققين معاً ، ولكن تتغير الأحكام [4] ، والأصل أن يعمل العقل ، ويتحمل البدن مسؤولياته ، وتترتب على الفعل آثاره ، ويكون المرء مسئولاً عما قام به ، ولكن قد يعرض للبدن ـ بما فيه العقل ـ ما يصدّه عن المضي على ما كان عليه ، ويمنعه من القيام بالمهام على الوجه الشرعي ، فتتغيّر الأحكام في حقه ، وهو ما يسمى بعوارض الأهلية ، فكل ما يؤثر في أهلية الوجوب مؤثرٌ في أهلية الأداء ، وليس العكس كذلك .

المطلب الثاني : أنواع عوارض الأهلية :

العوارض التي تطرأ على أهلية الإنسان قد تكون عوارض غير مكتسبة ، بمعنى أن لا دخل للإنسان في إيجادها ، وقد تكون مكتسبة  له فيها قدرة ودخل باكتسابها ، أو ترك إزالتها .
وتسمى العوارض غير المكتسبة بالعوارض السماوية ، وهي أكثر تغييراً ، وأشد تأثيراً ، وبذلك قدمت على غيرها .
وأما العوارض المكتسبة : فهي ما كان للإنسان فيها قدرة واختيار ، ومنها ما يكون من نفس الإنسان كالسُّكر والهزل ، ومنها ما يكون من غيره كالإكراه .
وفي ما يلي بيان لكل من هذين النوعين من العوارض :






المبحث الثالث :

 العوارض السماوية  " غير المكتسبة " :
 وهي التي تثبت من قبل صاحب الشرع دون اختيار العبد .
 وسميت سماوية لأن ما لا اختيار للإنسان فيه يُنسب إلى السماء ، على معنى أنه خارج عن قدرة الإنسان [5] .
ومن العوارض السماوية : ( الصغر ، والجنون ، والعته ، والنسيان ، والنوم ، والإغماء ، والرق ، والمرض ، والحيض ، والنفاس ، والموت ) [6] .
وفيما يلي دراسة لهذه العوارض ، وما لها من آثار على التكليف بالأحكام الشرعية في المطالب التالية :

المطلب الأول :  الصغر :
وهو قبل أن يعقل الصغير، لانتفاء العقل والتمييز ، بل في أول الحال يكون الصغير أدنى حالاً من المجنون ، إذ قد يكون للمجنون تمييزٌ لا عقل ، بينما الصغير عديمهما ومفتقر إليهما ، فليس بأهل للتكليف ، ولكنه إن عقل تأهل للأداء أهلية قاصرة ، فلو أدى شيئاً مما لم يجب عليه أداؤه صح منه دون أن يعتبر واجباً ، كما لو صلى ، أو صام صح منه دون إطلاق اسم واجب على ما فعل ، إلا الإيمان [7] .
وفي ما سبق من بيان أنواع الأهلية وتدرجها في حق الصغير كفاية [8] .

المطلب الثاني : الجنون :
هو  اختلال العقل بحيث بمنع جريان الأفعال والأقوال على نهجه إلا نادراً [9] .
ويحصل الجنون إما [10] :
 1 )   لنقصان جُبل عليه دماغه ، فلا يصلح لقبول ما أُعدّ له كعمى العين ، وخرس اللسان ، وهذا لا يُرجى زواله ، ولا ينتفي اعتلاله ، وهذا مما لا منفعة في الاشتغال بعلاجه ، وهو مما يسمى بالجنون الأصلي [11] .
 2 )   وإما لخروج مزاج الدماغ من الاعتدال بسبب خلط أو رطوبة أو يبوسة متناهية ، وهذا يمكن معالجته بما خلق الله تعالى من الدواء .
 3 )   وإما باستيلاء الشيطان وإلقاء الخيالات الفاسدة إليه ، فلا يجتمع له ذهن ، ولا يصفو له قلب ، مع سلامة في محل العقل ، ومن أصابه مثل هذا النوع يُسمى ممسوساً ، وموسوساً لما ألقاه الشيطان في قلبه ، ويعالج هذا النوع بالتعاويذ والرقى ، ولا يُحكم بزوال العقل فيه [12] .
وبذلك فإن الجنون إما أن يكون أصلياً ممتداً ويمكن تسميته بالجنون المطبق والجنون التام ، وإما أن يكون طارئاً عارضاً [13] .
فالجنون الأصلي : ما كان متصلاً بزمان الصبا ، بأن جُنّ قبل البلوغ ، فبلغ مجنوناً ، ولا يرجى شفاء من أصيب به .
والطارئ العارض : هو ما كان بعد البلوغ ، بأن بلغ عاقلاً ثم جُنّ بعد ذلك ، ويرجى لمن أصيب به الشفاء بالاستطباب بما يسّر الله من الدواء .
ومما يندرج ضمن هذا المطلب الفرعان التاليان :

الفرع الأول :  أثر الجنون في التكليف بالأحكام الشرعية :
لا شك أن لصفة الجنون أثراً في التكليف بالأحكام الشرعية :
والأصل في الجنون أن يكون مسقطاً للعبادات كلها ، أي مانعاً لوجوبها ، سواء أكان أصلياً أم عارضاً ، قليلاً كان أو كثيراً ، وهو ما ذهب إليه زفر والشافعي ، حتى ورد عنهما أنه لو أفاق المجنون في بعض شهر رمضان فلا يلزمه قضاء ما فاته من الشهر[14] ، شأنه في ذلك كالصبي إذا بلغ , أو الكافر إذا أسلم لا يؤمر بقضاء ما مضى ، ولو أفاق قبل تمام يوم وليلة لم يجب عليه قضاء ما فاته من الصلوات ، لأن الجنون ينافي القدرة على فهم الخطاب ، إذ تحصل بقوة البدن والعقل ، والجنون يزيل العقل ، فهو ينافي القدرة ، وبانتفائها يفوت الأداء ، فينعدم الوجوب ، إذ لا فائدة من وجوب لا يتحقق معه أداء ، فلا يجب القضاء [15] .
ومما يدل على ذلك : أن الصبي وهو أحسن حالاً من المجنون لنقصان عقله في بعض أحواله ، وهو غير مأمور بقضاء ما فاته بسبب صغره ، والمجنون أولى بذلك ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الجنون لا نهاية له معلومة ، بخلاف الصبي العاقل [16] .
أما المغمى عليه :    فيجب عليه قضاء ما مضى من الصوم عند الإفاقة ، وقضاء الصلوات إذا كان الإغماء أقل من يوم وليلة ، لأن أهليته قائمة لقيام العقل ، إذ الإغماء لا ينافي العقل ، بل هو عجز عن استعمال آلة القدرة على الفهم ، ويعتبر كالنوم .
فمقتضى القياس أن يسقط بالجنون كل العبادات ، لكن علماء الحنفية تركوا القياس في الجنون غير الممتد ، ومالوا إلى الاستحسان فيه ، فألحقوه بالنوم لعدم الحرج ، وجعلوه كأن لم يكن ، ولم يُسقطوا عن صاحبه قضاء ما فاته من عبادات واجبة .
ووجه قولهم : أن الجنون غير الممتد وصف عارض ، فألحقوه بالنوم والإغماء بجامع أن كل واحد عذر عارض زال قبل الامتداد ، بينما لو مات في نومه ، أو امتد الإغماء إلى أن مات فلا قضاء [17] .
وكذا الحكم في كل عذر عارض كالحيض والنفاس في وجوب قضاء الصوم .
أما من حيث الإثم : فلا إثم ، إذ هو ساقط بنص حديث رسول الله r " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَعْقِلَ " ، وفي رواية " وعن المجنون حتى يفيق " [18] ، وقوله تعالى : {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } (  البقرة286 ) .
ويُحجر على المجنون ، ويُمنع من التصرفات المالية ، وتعتبر تصرفاته كلها باطلة ، ولا تتوقف على إجازة الوصي ، إذ هي لا تقبل الإجازة ، وليس مسئولاً عن تصرفاته الجنائية التي تترتب عليها آثار شرعية من حيث ترتب العقوبة ، فلا يُقطع إن سرق ، ولا يُحدّ إن شرب خمراً ، ولا يُقتل إن قتل ، ولا يُجلد إن قذف ، ولا يعتبر طلاقه ، ويتبع أبويه من حيث الإيمان أو الكفر أو الردة ، ما لم يكن جنونه بعد إسلامه ، فإنه يظل مسلماً ولا يتبع لأبويه في الردة [19] .

 وقد قدّر علماء الحنفية الامتداد أو الكثرة في كل عبادة بما يناسبها [20] :
الفرع الثاني : أثر الجنون على الأهلية : 
لا تأثير للجنون على أهلية الوجوب عند الإنسان ، لأن مناط هذه الأهلية الحياة المستقرة المستقلة الدائمة ، ولا ارتباط لها بالعقل ، وهي ثابتة للمجنون ، إذ له نصيبه من الميراث ، وتثبت له الوصية ، والوقف ، والملك ، وثبوت النسب ، والملك لا يكون بدون الذمة .
أما أهلية الأداء : فإن الجنون المطبق يلغي هذه الأهلية ، فلا يكون المتصف به مكلفاً ، لأن مناط هذا النوع من الأهلية العقل ، وقد اختل عند المجنون جنوناً مطبقاً ، فلم يعد محلاً للتكليف بالعبادات . أما الزكاة : فواجبة في ماله ، ويتولى وصيه إخراجها ، لأنها عبادة مرتبطة بالمال وليس بالبدن ، خلافاً للصلاة والصيام إذ هما بدنيتان .
أما ضمان ما أتلف من الأموال فهو على سبيل الكمال ، إذ هو أهل لحكمه ، وهو أداء المال بأداء الولي لأن فعله غير مقصود ، وقد أهدر الشرع أقوال المجنون دوت أفعاله ، فيؤاخذ بضمان الأفعال دون الأقوال حتى لا يعتبر إقراره ، ولا يصح إيمانه لعدم ركنه وهوه التصديق بالجنان ، والإقرار باللسان ، لأن ذلك إنما يكون بالعقل [21] .
أما الجنون غير المطبق : وهو الجنون غير الممتد ، أي المتقطع ، وهو ما كان أقل من خمس صلوات بالنسبة للصلاة ، وأقل من أيام الشهر بالنسبة للصيام ، وأقل من الحول بالنسبة للزكاة ، فيفيق هذا المجنون وتظهر عليه علامات العقل ، ويتصرف تصرف العقلاء ، وينضبط سلوكه ، وتحسن تصرفاته ، فإن هذا النوع من الجنون لا يؤثر في أهلية الوجوب ، إذ هي كاملة .
أما أهلية الأداء : فإن كان جنونه منتظماً ، وله وقت معلوم : فإنه يجري عليه ما يجري على المغمى عليه ، فلا يُخاطب أثناء جنونه بالأحكام الشرعية ، وإن أفاق يكون مخاطباً بها ، وتصح عقوده التي يبرمها في وقت إفاقته ، حكمه حكم العاقل .
وإن كان غير منتظم الجنون والإفاقة ، وليس له وقت معلوم : فإن حكمه في حال إفاقته حكم الصبي المميز ، لا تنفذ تصرفاته إلا بإجازة الولي .

المطلب الثالث : العته  :   وهو آفة توجب خللاً في العقل فيصير صاحبه مختلط الكلام ، فيشبه بعض كلامه كلام العقلاء ، وبعض كلامه كلام المجانين [22] ، وكذلك تكون تصرفاته على غير اتزان ، فقد يتصرف تصرف العاقل ، وقد يتصرف تصرف المجنون أو الصبي .
والفرق بين العته والجنون : أن العته ضعف في العقل ينشأ عنه ضعف في الوعي والإدراك .
أما الجنون فهو اختلال في العقل ينشأ عنه اضطراب أو هيجان [23] .
وبناءً على ذلك يمكن القول بأن العته نوعان :
الأول : عته لا يكون معه إدراك لحقيقة ما يتصرفه ، ولا يميز فيه بين مصلحة ومفسدة .
وحكم من اتصف به :  أنه كالمجنون ، وتنطبق عليه أحكامه كلها .
والثاني : عته يكون معه إدراك وتمييز لكنه ليس على وجه الكمال ، ولا يصل إلى إدراك العقلاء وتمييزهم .
وحكم هذا النوع :  أنه تجري عليه أحكام الصبي المميز ، وتثبت له أهلية أداء ناقصة ، أما أهلية الوجوب فهي ثابتة له لا يعتريها انتقاص .
قال فخر الإسلام البزدوي  : ( وأما الصبي العاقل والمعتوه العاقل فلا يفترقان ) [24] .
وعليه :   فإنه لا يجب على المعتوه أداء العبادات ، وما فعل منها صح منه ذلك من غير إثم على تركها ، إذ الخطاب موضوع عنه كما وُضع عن الصبي ، ولا تصح ولايته على غيره ،  ولا تثبت في حقه العقوبات إن ارتكب ما يوجبها ، ولكنه يضمن قيمة ما أتلف ، ويتولى وليه أداءه .

المطلب الرابع : النسيان :  
النسيان معنى يعتري الإنسان بدون اختياره فيوجب الغفلة عن الحفظ [25] . وقيل : هو عبارة عن الجهل الطارئ .
ومما يؤخذ عليهما أنهما لا يفرقان بين النسيان والنوم والإغماء .
ولعل أقرب المعاني هو أنه : " جهل ضروري بما كان يعلمه الإنسان ، مع علمه بأمور كثيرة لا بآفة " [26].
واحترز بقوله : " مع علمه " عن النائم والمغمى عليه ، فإنهما بالنوم والإغماء خرجا من أن يكونا عالمين بأشياء كانا يعلمانها قبل النوم والإغماء . وبقوله : " لا بآفة " عن الجنون .
وقال ابن الهمام في بيانه [27] : هو عدم الاستحضار في وقت حاجته .
أي هو عدم استحضار الشيء في وقت الحاجة إلى استحضاره . وبذلك شمل هذا التعريف النسيان والسهو ، لأن اللغة لا تفرق بينهما .
والنسيان لا يُنافي الأهلية بنوهيها في قليل أو كثير ، ولا يُنقص منها ، فحياة الناسي موجودة ومستقلة ، ولا تنعدم أهلية الأداء بالنسيان لأنه لا ينافي العقل ، ولكنه يحتمل أن يكون عذراً في حق الله تعالى لأنه يعدم القصد فتسقط المؤاخذة .
فالصائم في نهار رمضان إن أكل ناسياً فصومه صحيح مع أنه نقض ركن الصوم وهو الإمساك ، لكنه غير متعمد [28] ، ومستند ذلك قوله r : " إذا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ الله وَسَقَاهُ " [29] .
أما من حيث الإثم :    فلا إثم على الناسي لعدم القصد [30] .

المطلب الخامس : الإغماء  :
الإغماء فتور يُزيل القوى ويعجز به ذو العقل عن استعماله مع قيامه حقيقة [31] .
فهو حالة تتعطل فيها القوى العقلية المحركة للإنسان أو المدركة دون أن يزول العقل [32] ، فهو يشبه النوم ، فكل منهما يعطل العقل والقوى المدركة في الإنسان ، فكانت أحكامهما متقاربة ، بل إن الإغماء أشد من النوم ، لأن النوم حالة طبيعية ، وفترة أصلية لا يخلو منها إنسان في حال صحته ، وهو وإن كان عارضاً إلا أنه يمكن أن يزول بالتنبيه ، أما الإغماء فليس كذلك ، لأن الإنسان يمكن أن يخلو منه طيلة عمره ، وهو من الحالات النادرة ، ولا يمكن إزالته بالتنبيه ، ولذلك كان أثره أشد من النوم .
 والإغماء يقتضي تأخير أداء الواجب إلى حين تحقق الإفاقة ، وتمكّن المغمى عليه من الأداء على وجه الاختيار .
ومن الجدير بالملاحظة أن الإغماء ليس على وزان واحد من حيث أثره على القضاء ، إذ قد يصاب به الإنسان دون إرادة أو اختيار منه ، فهو آفة سماوية لا قدرة له على ردها ، وهذا ما قد ورد بيان أحكامه .
أما إذا كان الإغماء بسبب من المكلف ذاته ، أو بسبب تقصير منه : كأن شرب دواء ً، أو فعل في نفسه ما أدى إلى حاله لا يسقط عنه القضاء لأنه حصل بما هو معصية فلا يوجب التخفيف والترفيه ، هو ما ذهب إليه أبو حنيفة لأن النص ورد في إغماء حصل بآفة سماوية ، وهذا بصنع العبد .
 وذهب محمد بن الحسن إلى أنه يسقط عنه القضاء متى كثر لأنه حصل بما هو مباح فصار كما لو أغمي عليه بمرض [33] .
أما إذا أغمي عليه بسبب خوف من سبع أو آدمي أكثرَ من يوم وليلة فلا يلزمه القضاء بالإجماع [34] .


المطلب السادس : النوم : 
النوم فترة طبيعية تحدث في الإنسان بلا اختيار منه تمنع الحواس الظاهرة عن العمل مع سلامتها واستعمال العقل مع قيامه [35] .
وبالنوم يعجز الإنسان عن أداء الحقوق لحصول العجز عن الإدراكات الحسية والأحوال الاختيارية كالقيام والقعود والذهاب ونحوها ، فهو يعجز بالنوم عن تحصيل القدرة التي تمكنه من القيام بأداء الحقوق .وفي هذا المطلب فرعان :

الفرع الأول : أثر النوم على التكليف : لا تكليف على النائم ، قال ابن السمعاني: ( وأما النائم فالأولى أن يقال لا تكليف عليه في حال النوم لأن النبي r قال : " رفع القلم عن ثلاثة ، وذكر منهم النائم ) [36]  ، ثم إن النوم مباح ، ولا يُجعل النائم بمنزلة اليقظان ، ولأن النوم يُزيل الحس ، ولا يجوز تكليف من لا حس له ولا علم .
 ولا يخل النوم بأهلية الوجوب ، لأن مناطها الحياة وهي متحققة ، وكذا أهلية الأداء لأن مناطها العقل وهو أيضاً موجود ، والنائم له ذمة حتى وإن كان نائماً ، ولكن أهلية الأداء تتأثر بالنوم لأن مناطها العقل ، والنوم مانع من عمل العقل على الوجه الأكمل ، ومن الاختيار ، وهذا يوجب تأخير خطاب الأداء إلى زوال النوم ، ولا يسقط أصل الوجوب ، بل الواجب الأداء حين الاستيقاظ إن كان في الوقت ، وإلا فالواجب القضاء إن خرج الوقت بدليل قوله r :  " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها " [37] ، وهو يدل بإشارته على أن الواجب لم يسقط بالنوم أو النسيان ، وإنما تأخر وقت الأداء دون ترتب إثم على التأخير .  
ونظراً لانعدام الاختيار أثناء النوم وفقدان قدرة للنائم على التمييز لم يعتد بعباراته في ما ينبني على الاختيار مثل : الطلاق والعتاق ، والإسلام والردة ، والبيع والعقود المختلفة ، وصار كلامه في نومه لغواً لا تترتب عليه آثار شرعية ، ولا اعتبار لها [38] لعدم التمييز والاختيار ، وهو ما يدل عليه قوله r : " رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ..... " [39] .
أما إذا ترتب على فعل النائم ضرر بغيره فإنه يضمن قيمة ما أتلف وليس ذلك من باب التكليف بالأحكام وإنما هو من باب ربط المسبب بالسبب [40] ، والنتائج بالمقدمات ، فيجب عليه الضمان كما لو انقلب النائم على من بجانبه فقتله ، فتجب الدية ولا قصاص ، لانعدام القصد إلى القتل ، وبالتالي فُقِدَ شرطُ العمدية ، وليس فيه قصد العدوان [41] .

المطلب السابع : الحيض والنفاس :
 وهما من العوارض السماوية تتعرض لها النساء ، ولا قدرة لهن في دفع هذا العارض بدليل ما قاله رسول الله r لعائشة رضي الله عنها حين حاضت في الحج : " إن حيضتك ليست في يدك " [42].
والنفاس : دم يخرج من الرحم عقب الولادة ، وأقله يوم ، وأوسطه أربعون ، وأكثره ستون يوماً .
والحيض لا يوجب عجزاً من حيث ذهاب قدرة البدن أو قدرة القلب بعلمه وعقله ، ولكن يوجب عجزاً حكمياً من حيث فوات شرط الأداء في الصلاة والصيام ، فهما ـ الحيض والنفاس ـ دون العجز بالنوم ، فكان القياس [43] :
   أ .   أنهما لا يسقطان أصل الوجوب ، بل يؤخر حكمه إلى حين القدرة ثم يتم القضاء .
  ب .  وأنهما لا يؤثران في أهلية الوجوب ، إذ مناطها الحياة المستقلة ، وهي متوفرة ولو كانت المرأة غير عاقلة .
 ج .   لا أثر لهما في أهلية الأداء ، إذ مناطها العقل وهو متوفر .
 ولكنا تركنا العمل بالقياس لما لهذه الحالة من تأثير في بعض الأحكام في ما يتعلق بتكليف المرأة الحائض [44] :
وهناك حكمان يختصان ببعض النساء وهما [45] :
الأول : البلوغ : إذ إن الحيض علامة بلوغ المرأة ، فإن كانت عاقلة فيصح تكليفها ، وتوجيه الخطاب الشرعي إليها ، وكذلك دفع مالها إليها إن كانت راشدة .
والثاني : العدة : إذ تختلف عدة المرأة باختلاف حالها :
 أ ) فالمرأة المطلقة عن كانت من ذوات الحيض فعدتها ثلاثة قروء [46] .
ب ) الآيس التي انقطع حيضها ، والصغيرة التي لم تحض : عدة كل منهما ثلاثة أشهر[47] .
وبذلك كان الحيض ذا أثر في العدة .
والذي يهمنا هنا هو التكليف بالعبادات من صلاة وصيام ، إذ محظور عليها فعلها في حيضها أو نفاسها ، مع أنها قد تكون قادرة من الناحية البدنية  ، ومدركة للأمر من الناحية العقلية ، ولكن منعها من الأداء إنما كان بأمر الشارع الحكيم ، ولم يُلتفت إلى قدرتها وعلمها وإمكان إتيانها بالواجب .
ونظراً لتكرر الحيض ، وطول فترة النفاس فقد راعت الشريعة الغراء هذا الأمر في تكليف المرأة بالقضاء ، وقد يدوم حيضها أياماً ، ولما كان في قضاء الصلاة حرج ومشقة لتكرر أفعالها كل يوم خمس مرات ، فإن هذا سيؤدي إلى الحرج في قضاء ما فاتها ، فلم يوجب الشارع عليها قضاء الصلاة ، خلافاً للصوم [48] ، فهو لا يتكرر في السنة في غير رمضان ، ولا يستوعب الحيض الشهر كله ، خلافاً للنفاس فقد يزيد عليه ، ولكن لا حرج عليها في القضاء [49] .
المطلب الثامن : المرض  :   وهو من العوارض السماوية ، وهو ما يعرض البدن فيخرجه عن الاعتدال الخاص ، وقد يقال : حالة غير طبيعية في بدن الإنسان تكون بسببها الأفعال الطبيعية والنفسانية والحيوانية غير مسلمة [50] .
  والمرض قدر رباني يُبتلى به المؤمن ، وهو كفارة لسيئاته ، ورفع لدرجاته ، وامتحان لصبره ، يسبب له حالة من الضعف في الحركة والنشاط ، وقد يؤدي إلى اختلال في تفكيره ، وسرعة فهمه ، وقدرته على الإدراك ، لكنه لا يُزيل العقل ، ولا يلغي الذمة ، وقد ينتهي به إلى الموت ، وهو مما يسمى بمرض الموت .
أثر المرض على الأحكام :
 لا ينافي المرض أهلية الحكم سواء كان من حقوق الله كالصلاة والزكاة ، أو حقوق العباد كالقصاص ونفقة الزوجات والأولاد [51] ، فهو لا يؤثر في أهلية الوجوب التي مناطها وجودُ حياةٍ مستقلة وهي متوفرة عند المريض ، ولا يؤثر في أهلية الأداء التي مناطها العقل ، وهو متحصل عند المريض ما لم يُغلب على عقله ، إذ المرض لا يمنع من استعمال العقل حتى صح نكاحه ، وطلاقه ، وإسلامه ، وعقوده التي يبرمها .
والأصل أن المريض مكلف بجميع الأحكام شأنه شأن السليم ، وتجب عليه العبادات كاملة لتوفر الأهليتين في حقه ، إلا أنه يؤثر في قدرة المريض على القيام ببعض الأحكام ، تخفيفاً عن المريض ، ومراعاة لظرفه ،  وتيسيراً عليه لما فيه من سبب العجز ، فشُرعت العبادات على قدر المكَنَةِ ، فمن لم يقدر على الصلاة قائماً إما لانتفاء القدرة على القيام ، أو لازدياد المرض صلى قاعداً ، فإن عجز عنهما صلى مضطجعاً ، أو على الحالة التي يستطيعها أخذاً بقوله تعالى : {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } (  البقرة286 ).

المطلب التاسع : الموت :
الموت زوال الحياة وانعدامها عما من شأنه الحياة ، لأن الموت وجودي لقوله تعالى : {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ } (  الملك2 ) ، ولما كان ضدَّ الحياة فإنه يلزم من وجوده زوال الحياة .
والموت انقطاعُ تعلق الروح بالبدن ومفارقته ، وتبدل حال ، وانتقال من دار إلى دار [52] .
      ولما كانت الحياة من أسباب القدرة كان الموت موجباً للعجز لا محالة لفوات شرط القدرة [53] . فهو عجز كلي ، يترتب عليه فقد الأهلية بنوعيها الوجوب والأداء ، لأن مناط الأولى الحياة وقد انعدمت ، والثانية مناطها العقل وقد فسد وزال بالموت ، وبالتالي سقوط التكليف بها في الدنيا ضرورة ، فلا تكليف بصلاة ولا صيام أو غيرهما ، ولا يجري عليه عقاب بفعل محرم إذ لا يُتصور صدور فعل من الميت . لقد توقف توجيه الخطاب إليه .

[1] )  الدبوسي ، تقويم الأدلة 420 ،  البخاري ، كشف الأسرار 4 / 411 0
[2] ) البخاري ، كشف الأسرار 4 / 435  0
[3] ) أمير باد شاه ، تيسير التحرير 2 / 258 0
[4] ) كما هو الحال في حق المسافر : فقد يكون بالغاً عاقلاً ، وقادراً على القيام بالفعل ، ولكن تتغير الأحكام في حقه ، كقصر الصلاة  ، والجمع فيها ، والمسح على الخفين ، وسقوط الجمعة ، وغيرها ، وكالمكره : فقد يكون بالغاً عاقلاً ، ولكنه لا قدرة له على الاختيار 0
[5] ) أمير باد شاه ، تيسير التحرير 2 / 258 ، زيدان ، الوجيز في أصول الفقه 101 0
[6] ) أمير باد شاه ، تيسير التحرير 2 / 258 0
[7] ) المرجع نفسه 2 / 259 ، ابن أمير الحاج ، التقرير والتحبير 2 / 173 0
[8]  ) راجع صفحة  255 - 259 0
[9] ) صدر الشريعة ، التوضيح لمتن التنقيح 2 / 167 0
[10]  ) أمير باد شاه ، تيسير التحرير 2 / 259 0
[11] ) البخاري ، كشف الأسرار عن أصول البزدوي 4 / 463 0
[12] ) المرجع نفسه 4 / 463 ، ابن أمير الحاج ، التقرير والتحبير 2 / 173 0
[13] ) التفتازاني ، التلويح 2 / 167 ، و أمير باد شاه ، تيسير التحرير 2 / 259 0
[14] ) الغزالي ، الوسيط في المذهب 2 / 452 ، الزنجاني ، تخريج الفروع على الأصول / 130 0
[15] ) البخاري ، كشف الأسرار 4 / 438 ، النسفي ، كشف الأسرار 2 / 480 0
[16] ) ابن أمير الحاج ، التقرير والتحبير 2 / 175 0
[17] ) اللكنوي ، قمر الأقمار 2 / 221
[18] ) سبق تخريجه ص ( 241 ) 0
[19] ) ابن أمير الحاج ، التقرير والتحبير 2 / 175 0
[20] )  ففي الصلاة : قدره أبو حنيفة وأبو يوسف بما زاد عن يوم وليلة ، وقال محمد بأنه ما زاد على ستة فروض ، فإذا خرج وقت الصلاة السادسة سقط القضاء .
وفي الصيام : يقدر الامتداد المسقط للقضاء بخروج الشهر ليله ونهاره وهو على حاله ، ولو أفاق في جزء من الشهر يجب عليه القضاء [20] .
وفي الزكاة والحج : قدر باستغراق الحول . وأقام أبو يوسف أكثر الحول مقام الحول كله .
أما المعاملات : فلا اعتبار لتصرفات المجنون ، ولا تصح عقوده ، ولا يُعتدّ بإقراره ، ولا يقع طلاقه [20]، ولا ينفذ عِتاقه ، وعليه ضمان ما أتلف من مال لغيره ، تعويضاً لهم ، ودفعاً للحرج ، إذ لو لم يضمن لأصبح المال بلا قيمة .
ويُحجر على المجنون ، ويُمنع من التصرفات المالية ، وتعتبر تصرفاته كلها باطلة ، ولا تتوقف على إجازة الوصي ، إذ هي لا تقبل الإجازة ، وليس مسئولاً عن تصرفاته الجنائية التي تترتب عليها آثار شرعية من حيث ترتب العقوبة ، فلا يُقطع إن سرق ، ولا يُحدّ إن شرب خمراً ، ولا يُقتل إن قتل ، ولا يُجلد إن قذف ، ولا يعتبر طلاقه ، ويتبع أبويه من حيث الإيمان أو الكفر أو الردة ، ما لم يكن جنونه بعد إسلامه ، فإنه يظل مسلماً ولا يتبع لأبويه في الردة  .
البخاري ، كشف الأسرار 4 / 442 – 445 ، أمير باد شاه ، تيسير التحرير 2 / 262 ، اللكنوي ، قمر الأقمار 2 / 220 0
[21] ) النسفي ، كشف الأسرار 2 / 484 0
[22] ) ابن الهمام ، التحرير , وشرحه تيسير التحرير 2 / 262 – 263 0
[23] ) الزرقا ، المدخل الفقهي العام 2 / 843 0
[24] ) البزدوي ، أصول البزدوي ، انظر : كشف الأسرار للبخاري 4 / 454 0
[25] ) البخاري ، كشف الأسرار 4 / 455 0
[26] ) البخاري ، كشف الأسرار 4 / 455 ، النسفي ، كشف الأسرار 2 / 485 0
[27] ) ابن الهمام ، التحرير / تيسير التحرير 2 / 263 0
[28] ) هذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء ، المرغيناني ، الهداية  1 / 120 0
وذهب المالكية إلى بطلان صيام الناسي ، لوجود ما يضاد الصوم حقيقة ، فصار كالكلام في الصلاة ، الإمام مالك ، المدونة الكبرى 1 / 192 0
[29] ) البخاري ، الجامع الصحيح ، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً  2 / 682 0
[30] ) الغزالي ، المستصفى 1 / 84 0
[31] ) البخاري ، كشف الأسرار 4 / 460 0
[32] ) أمير باد شاة ، تيسير التحرير 2 / 266 0
[33] ) أمير باد شاة ، تيسير التحرير 2 / 467 0
[34] ) أمير باد شاة ، تيسير التحرير 2 / 467 0
[35] ) البخاري ، كشف الأسرار 4 / 457 ، التفتازاني ، التلويح شرح التوضيح 2 / 169 0
[36] ) ابن السمعاني ، قواطع الأدلة / 191 – 192 0
[37] ) سبق تخريجه ص ( 249 ) 0
[38] ) البخاري ، كشف الأسرار 4 / 458 0
[39] ) سبق تخريجه ص ( 239 ) 0
[40] ) الطوفي ، شرح مختصر الروضة 1 / 190 0
[41] ) التفتازاني ، التلويح على التوضيح 2 / 169 0
[42] ) مسلم ، صحيح مسلم ، باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله 2 / 162 ، 2 / 164 0
[43] ) الدبوسي ، تقويم الأدلة 436 0
[44] ) وهي سبعة أحكام  :
الأول : أنها تمنع من الصلاة ، ويسقط عنها قضاء الصلوات التي فاتتها أثناءه لحديث : " فإذا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ "  .
الثاني : تُمنع من الصيام ، ولكن يجب عليها قضاء الأيام التي أفطرتها لحديث مُعَاذَةَ قالت سَأَلْتُ عَائِشَةَ فقلت ما بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ ولا تَقْضِي الصَّلَاةَ ؟ فقالت أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ ؟ قلت لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ . قالت : كان يُصِيبُنَا ذلك فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ ولا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ [44].
الثالث : لا تطوف بالبيت الحرام ، لقوله r لعائشة وقد حاضت وهي في الحج  : " فَاقْضِي ما يَقْضِي الْحَاجُّ غير أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حتى تَغْتَسِلِي " ، إذ الطواف صلاة ، وتشترط له الطهارة .
الرابع : دخول المسجد ، والمكث فيه ، ولو أمنت التلويث فإن المكث فيه محرم  .
الخامس : مس المصحف  ، لقوله تعالى :  {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } (  الواقعة79 ) 0
السادس : قراءة القرآن ، لقوله r لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن "  ، وخالف في ذلك مالك بن أنس  .
السابع : الوطء ، فلا يحل قربان الزوجة الحائض لقوله تعالى : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ } (  البقرة222 ) .
الماوردي ، الحاوي الكبير 1 / 383 – 384 ، الشيرازي ، المهذب 1 / 141- 142 ، الرافعي ، فتح العزيز 1 / 293 – 295 0
[45] ) الماوردي ، الحاوي الكبير 1 / 385 0
[46] ) بدليل قوله تعالى  : {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ } (  البقرة228) 0
[47] ) وهو ما يدل عليه قوله تعالى : {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ } (  الطلاق4 ) 0
[48] ) الأنصاري ، مسلم الثبوت ، وشرحه فواتح الرحموت 1 / 169 ، السمرقندي ، تحفة الفقهاء 1 / 350 0
[49] ) والأصل في وجوب قضاء الصيام على الحائض والنفساء ما روته عائشة رضي الله عنها " كان يصيبنا ذلك فنؤمر 
    بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة " ،  رواه مسلم ، صحيح مسلم ، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض 
    دون الصلاة 1 / 265 0
[50] ) أمير باد شاة ، تيسير التحرير 2 / 277 0
[51] ) البخاري ، كشف الأسرار 4 / 499 ، التفتازاني ، التلويح على التوضيح 2 / 177 0
[52] ) الأنصاري ، فواتح الرحموت ، وشرحه مسلم الثبوت 1 / 175 ، أمير باد شاة ، تيسير التحرير 2 / 281 0
[53] ) البخاري ، كشف الأسرار 4 / 508 – 509 0

Previous Post Next Post