الدورة الحيوية الجيولوجية الكيميائية 
الدورات البيوجيوكيميائية Biogeochemical  cycles
     تحوى قشرة الأرض جميع عناصر الجدول الدورى الطبيعية ,غير المصنعة في المختبرات وتتفاوت نسبة وجود هذه العناصر في الطبيعة ,فمنها الشائع ومنها النادر.
    والعناصر الثمانية التالية هي الأكثر شيوعا وتشكل أكثر من 99%من مكونات صخور قشرة الأرض ,وهي الأكسجين والسيلكون والالومنيوم والحديد والكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم على الترتيب .
    غير أن العناصر الرئيسية في النظام البيئي الحيوي هي ستة عناصر :الأكسجين والكربون والنيتروجين والهيدروجين والفسفور والكبريت . نضيف إلي ذلك عدداً اكبر من العناصر التي تحتاجها الكائنات الحية .بكميات قليلة .وهي كما تري مختلفة عن العناصر الأكثر وجودا في عالم الجمادات .
    بما أن هذه المواد الكيميائية تنتقل من العالم الحيوي إلي العالم الجيولوجي وبالعكس فإننا نسمي انتقالها هذا بالدورات الحيوية الأرضية الكيميائية (الدورات البيوجيوكيميائية) ولكل مركب أو عنصر كيميائي دورته الخاصة به.

    هنالك أشياء مشتركة بين جميع الدورات .ففي كل دورة هنالك أجزاء منها تسمى مستودعات حيث يتم احتجاز العنصر فيها لفترة طويلة من الزمن وبالمقابل هنالك ايضا خزانات تحجز فيها العناصر لفترة قصيرة من الزمن. والفترة الزمنية التي يستغرقها المركب أو العنصر في المستودعات أو الخزانات تسمي فترة المكوث.
    المحيطات على سبيل المثال مستودعات للماء بينما تمثل الغيوم خزانات .كذلك الحال بالنسبة للمجتمعات الحيوية فان الأنواع الحية فيها تمثل خزانات.
    معظم الطاقة اللازمة لانتقال المركبات أو العناصر من مستودع أو خزان لآخر تأتي من الشمس أو من جوف الأرض.
    وسيجرى التركيز في هذا الفصل علي دراسة دورات الماء والكربون والنيتروجين والفسفور والكبريت لما لها من أهمية في التعرف علي فقر النظام البيئي أو غناه بهذا العنصر أو ذاك.

دورة المياه

    تمثل دورة المياه في الطبيعة نظاما هائلاً تحركه الطاقة الشمسية ويعمل فيه الغلاف الجوي جسرا بين المحيطات والقارات.
    ماء المحيطات وبصورة رئيسية وماء القارات بصورة فرعية يتبخران باستمرار في الغلاف الجوى.وتعمل الرياح علي نقل الهواء الحامل لبخار الماء لمسافات بعيدة والي ارتفاعات شاهقة حيث الرياح تبدأ عمليات معقدة في تكوين الغيوم وحدوث الهطل.
    الماء الساقط علي سطح المحيط ينهي بذلك دورته أما الماء الساقط علي اليابسة فأمامه رحلة طويلة إلي المحيط.
    ما يحدث لماء الهطل علي اليابسة أن جزءاً منه ينساب مع الشعاب والأودية باتجاه البحار والمحيطات ويسمي هذا الجزء بالماء الجاري.
    جزء أخر من الماء يتبخر مرة أخرى ويعود للغلاف الجوى,أو يمتص من قبل النباتات ويعاد للغلاف الجوى من خلال عملية النتح.
    أما الجزء المتبقي فيتخلل إلي باطن الأرض مشكلاً بذلك المصدر الرئيس للمياه الجوفية.ومما يجدر ذكره أن جزءاً من ماء الهطل الساقط علي شكل ثلج أو ماء يمكن أن يبقي محصوراُ ولفترات طويلة في مناطق باردة علي سطح الأرض كالأقطاب أو قسم الجبال أو البحيرات ,أويحصر لفترات قصيرة في أجسام النباتات والحيوانات.
    للربط بين دورة المياه والعناصر البيوجيوكيميائية في الطبيعة علينا أن نتذكر دور الماء في نقل وإذابة العناصر وعملية التمثيل الضوئي.




    بهذا نتبين أن دورة المياه تمثل حركة مستمرة للمياه من المحيطات إلي الغلاف الجوى ,ومن الغلاف الجوى إلى اليابسة, ومن اليابسة إلى المحيطات.وما التغير المستمر في تضاريس سطح الأرض إلا نتاج لهذه الخطوات.

دورة الكربون 

     الكربون عنصر الحياة فهو اللبنة الأساسية في بناء المركبات العضوية التي تبنى منها من الخلايا وبالتالي من الكائنات الحية .ومن ثم فهو عنصر رئيسي في تركيب الكائنات الحية ولكنه ثانوي في تركيب قشرة الأرض الصخرية حتى يبلغ تركيزه 0.032% ترتيبه الرابع عشر ويعتبر البعض دورة الكربون دورة الأكسجين والهيدروجين والكربون بسبب ارتباط هذه العناصر في دورة واحدة.غير أن الأكسجين يكاد يكون موجود في دورات جميع العناصر الأخرى .
    تبدأ دورة الكربون في الطبيعة بعميلة التمثيل الضوئي فهي التي تحرك الكربون في الطبيعة لو توقفت لتوقف وجود هذا العنصر في الأشكال الأخرى الحاملة له.وفي هذه العملية يأخذ النبات غاز ثان أكسيد الكربون من الجو والضوء من أشعه الشمس والماء والتربة ليصنع منها الكربوهيدارات في مجموعة من المعادلات نجملها في المعادلة التالية:
    6CO2 + 6H2O  ___ C6H12O6 + 6O2
    وفي هذه العميلة يستهلك النبات ثاني أكسيد الكربون الجوى ويطلق الأكسجين .
    لاحظ كيف تقوم النباتات وما في حكمها من الكائنات القادرة على التمثيل الضوئي بتخليص الجو ومياه البحار وكميات من ثاني أكسيد الكربون المتزايد في الطبيعة من جراء حرق الوقود الاحفورى.




    تقوم المنتجات والمستهلكات بحرق جزء من المادة العضوية في أجسادها في عملياتها الحيوية كالتنفس مثلا فتأخذ لذلك الأكسجين الجو وتطلق CO2.وهي بهذا تغلق دورة صغيرة للكربون داخل دوراتها الكبرى وتفعل المحللات شيئا مماثلاً.
    يمكن أن تتجمع الكتلة الحية الموجودة في الكائنات البحرية الدقيقة مع رسوبيات قيعان البحار غير العميقة تحت ظروف معينة لينتج عنه البترول والغاز الطبيعي والصخور الزيتي بعد حين.ويحدث شئ مماثل في المستنقعات لتكوين الفحم الحجري مع بقايا النباتات.هذه هي مصادر الوقود الاحفورى وهى مستودع ضخم من مستودعات عنصر الكربون في الطبيعة يحرقه الإنسان في المواصلات والصناعة ليعود على الشكل CO2 إلى الجو.هذه دورة أطول كثيراً قد تستغرق عشرات أو مئات ملايين السنين.
    ثم ان CO2الجو يذوب في مياه البحار والمحيطات. وقد يعود من هذه المياه إلي الجو.يتحكم في ذلك حرارة المياه ودرجة تشبيعها به.ومن المعلوم انه يزداد ذوبان CO2كلما بردت المياه .ومن ثم فان مياه البحار والمحيطات تمثل خزانا ضخما لغاز ثاني أكسيد الكربون يساعد في إنقاص نسبته في الجو.
    تقوم مجموعة من الكائنات الحية البحرية بأخذ  CO2الذائب في الماء لتبنى أصدافها وهياكلها الصلبة كالمرجان والقواقع وغيرها كثير.تتكون هذه الأجزاء الصلبة من مادة كربونات الكالسيوم CaCO3على شكل معادن الكالسيت والاراغونيت وغيرها.
    عندما تموت تتجمع أجزاءها الصلبة تتكون الصخرة الحجرية (الكلسية) كالحجر الجيري والدولوميت التى تراها بكثرة التي منها يبنى الناس بيوتهم.ومن ثم فالصخور هذه مستودع ضخم لعنصر الكربون.




    عندما يستعمل الإنسان هذه  الصخور في الصناعة كصناعه الاسمنت أو الجير مثل تتحلل الكربونات الكالسيوم بالحرارة ليخرج CO2إلي الجو ليكمل دورة طويلة جداً تشبه دورة الكربون في توليد البترول.
    ثم إن ماء المطر بسبب حموضته اليسيرة يذيب جزء من الصخور الحجرية ويحولها إلى البيكربونات Ca(HCO3)2التي ما تلبث أن تترسب من الكربونات ويخرج غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الجو.وعلى الرغم من بطئ هذه الظاهرة إلى أن الزمن الجيولوجي الطويل كفيل بتحرير كميات كبيرة من هذا الغاز من الصخور الجيرية.
    نضيف إلي كل ذلك ثاني أكسيد الكربون الذي يخرج من غازات البراكين من حرق الغابات الاستوائية.وكذلك غاز الميثان الذي يخرج من تحليل المادة العضوية لا هوائياً في المستنقعات وبيئات الأراضي الرطبة وزراعات الأرز وغيرها .

دورة النيتروجين 

    تحتاج جميع الكائنات الحية إلي عنصر النيتروجين الذي يدخل في تركيب الأحماض الامينية ,والبروتينيات والمادة الوراثية مع أن غازا لنيتروجين N2 يشكل 78% من الغلاف الجوى ,إلا أن المنتجات والكائنات الأخرى في النظم البيئية الطبيعية لا تستطيع استخلاصه مباشرة من الغلاف الجوى والاستفادة منه.وغيران بوسعها القيام بذلك إذا تتحول عنصر النيتروجين
    من الحالة الغازية الخاملة  N2إلى ايونات الامونيوم NH4+ أو النترات_ NO3وتسمى هذه العملية تثبيت النيتروجين ويمكن أن تتم بالطرق التالية :




أولا التثبيت الحيوي :


    تعيش بكتيريا تثبيت النيتروجين(ريزوبيوم) في عقيدات على جذور البقوليات كالفول والحمص والعدس .وتستطيع البكتيريا العقدية هذه تحويل غاز النيتروجين الجوى إلى ايون الامونيوم NH4 + ثم تقوم أنواع أخرى بتحويل الامونيوم إلى ايونات النتريت NO2-وذلك باتجاه الامونيا مع الأكسجين.
    في النهاية تقوم بكتيريا أخرى بتحويل النيتريت إلى نترات NO3- والنترات هي المادة التي تستطيع النباتات الخضراء امتصاصها بجذورها واستعمالها في بناء مركباتها العضوية النيتروجينية. دعنا نسمى العملتين الأخيرتين, اي تحويل الامونيوم إلى نيتريت فنترات,عملية النترجة ويمكن تبسيط ما سبق وفق المعادلة التالية:
    نيتروجين جوى_تثبيت_امونيوم__نترجة ____نتريت__نترجة____نترات


    كما عرفنا سابقا, تسمي هذه العلاقة بين البكتيريا العقيدية والبقوليات المعيشية التكافلية.إذ تستفيد البقوليات من النيتروجين الذي تثبته البقوليات ,بينما تستفيد البكتيريا من المواد الغذائية (الطاقة) والماء الذي تزودها بها جذور البقوليتات  وقد أدرك المزارعون ذلك واستعملوه في ما يعرف بالدورات الزراعية التي تتكرر كل سنتين أو ثلاث سنوات .حيث تزرع الأرض في سنة منها بالقوليات لغنائها بالنيتروجين بدل إضافة الأسمدة .
    في بعض الحالات تعيش بكتيريا تثبيت النيتروجين معيشة تكافلية مع بعض الحيوانات  المجترة في أمعائها كالبقر والغزلان والزرافة .وإذا تزود البكتيريا هذه الحيوانات بحوالي نصف احتياجها من النيتروجين والنصف الآخر من البروتين في النبات الخضراء التي تأكلها. في المقابل تحصل البكتيريا علي الغذاء من المواد العضوية في معدة الحيوان,تساعد أيضا في هضم المركبات العضوية النباتية كالأنسجة الخشبية التي لا تستطيع معده الحيوان هضمها بدون مساعدة البكتيريا.




ثانياً تثبيت الجوى :
    يمكن للطاقة الكبيرة الكامنة في البرق والصواعق أن تقوم بتحويل غاز النيتروجين من الجو إلى غاز ثاني أكسيد النيتروجين NO2 فنترات NO3وبذلك يصل النيتروجين إلى سطح الأرض والتربة مع الأمطار في متناول النباتات الاستفادة منه .غيران كمية النيتروجين المثبتة بهذه الطريقة قليلة جداً إذا ما قورنت بطريقة التثبيت الحيوي.

ثالثاً تثبيت الاصطناعي :
     ويتم هذا النوع من التثبيت في مصانع الأسمدة الكيميائية.حيث تنتج صناعياً مركبات الامونيوم أو النترات أو غيرها التي تعتبر المكونات الرئيسية للأسمدة النيتروجينية .
    قد تكون الأسمدة نيتروجينية فقط أو نيتروجينية فوسفاتية أو نيتروجينية فوسفاتية بوتاسية.وهذه الأخيرة تضم عناصر الغذاء الرئيسية الثلاثة.تستعمل كميات كبيرة من الأسمدة خاصة في الزراعة (العمودية) في مثل هذه الحالة فان جزء من السماد النيتروجينى (على شكل نترات مثلا) يخرج مع مياه الري الزائدة (مياه البزل) ليصل إلى مياه السطحية أو الجوفية فيلوثها .




    تبعا لخطوات الاسترشادية لمنظمة الصحة العالمية فان النترات في مياه الشرب أن لا تزيد عن 45مليغرام / لتر وقد تصل النترات إلي مصادر المياه من المياه العادمة أيضا.
    يعد قياس تركيز النترات في المياه احد الطرق المستعملة في التعرف على تلوث المياه .
    ودعنا نضيف إلى صناعة الأسمدة طريقة أخرى من طريق التثبيت الصناعي القسري اي غير المرغوب فيها وهي انه بفعل درجات الحرارة العالية التي تنتج في آلات الاحتراق الداخلي التي تستعمل الوقود الاحفوري يتحد الأكسجين مع النيتروجين لتكوين اكاسيد النيتروجين التي تصعد إلى الجو وتنزل علي شكل أمطار حمضية على الرغم من تحويل النيتروجين إلى نترات يمكن أن يستفيد منها النبات لان الأثر البيئي التخريبي للمطر الحمضي أضعاف أضعاف هذه الفائدة المتواضعة .انظر فصل تلوث الهواء .
    ما بعد التثبيت :
    وبعد تثبيت النيتروجين بإحدى الطرق السابقة تتمكن النباتات من الاستفادة منه واستعماله في بناء جزيئات البروتين النباتي. وبدوره ينتقل النيتروجين إلي المستهلكات عبر السلسلة الغذائية حيث يتكون البروتين الحيواني.وبعد موت النباتات والمستهلكات ,تقوم المحللات من بكتيريا وفطريات بتحليل البروتين النباتي أو الحيواني وإطلاق الامونيا (قد تصعد إلى الجو) أو ايونات الامونيوم التي يمكن أن ينتج منها ايونات النترات وتصبح بدورها مصدرا جديدا للنيتروجين في التربة تمتصه النباتات التي تعيش فيها.ولا تعتبر النباتات والحيوانات الميتة وأزهارها وثمارها المتساقطة,ومن الحيوانات شعرها المتساقط وريشها وجلدها وهيكلها الخارجي  بالإضافة إلى إفرازاتها الصلبة (برازها) وإفرازاتها السائلة (البول) المحتوية علي مركبات نيتروجينية. وتصبح التربة خصبة من تحلل هذه المركبات العضوية الغنية بالنيتروجين.
    كذلك فان نيتروجين التربة المثبت بأي من الطرق السابقة قد تحمله مياه الري الزائدة إلي البحيرات أو خزانات السدود.وقد تقوم مياه الأمطار بجرف التربة بما فيها من نيتروجين مثبت إلى البحيرات أو السدود. وتفعل الأنهار شيئا مشابها عند تجوية سطح الأرض مرسلة حمولتها إلى البحار أو البحيرات.وتعيش الطحالب البحرية علي النيتروجين الذي يصلها تماما كما تفعل النباتات على اليابسة.غير انه إذا زادت كمية النيتروجين في مياه البحيرات أو السدود مثلا عن حد معين تكاثرت الطحالب كثيراً .مما يؤدى إلي استهلاك الأكسجين الذائب في المياه في تلك البحيرة وبالتالي قتل الأحياء التي تتنفس الأكسجين كالأسماك مثلا.نطلق على هذه الحالة الإثراء الغذائي. ويجدر القول أن عنصر الفسفور يشارك النيتروجين في عملية الإثراء الغذائي.


    ويمكن إغلاق دورة النيتروجين,بإعادة غاز النيتروجين إلى الغلاف الجوى خلال عملية يطلق عليها الزنترة, وتقوم بها أنواع من البكتيريا تعيش في التربة أو مباشرة في مياه البحيرات والبحار والمحيطات.حيث تقوم باختزال (تحويل) النترات أو النتريت الموجود في التربة أو في المياه إلي النيتروجين الجزيئي (أو غاز النيتروجين) N2 الذي يتصاعد إلي الغلاف الجوى .
دورة الفوسفور 

    تختلف دورة الفوسفور في الطبيعة عن دورات الماء والكربون والأكسجين والنيتروجين في كون الغلاف الجوى ليس احد  خزاناتها.
    يوجد الفوسفور في القشرة الأرضية كعنصر على شكل فوسفات حيث تتحد أربع ذرات من الأوكسجين مع ذرة منه مشكلة ايون الفوسفات الذي يتحد بدوره مع ايون موجب كايون الكالسيوم مكونا معدن الابتيت (فوسفات الكالسيوم) والموجود في كثير من صخور القشرة الأرضية النازية منها والرسوبية.
    عندما تتجوى الصخور الحاوية على الفوسفات ينتقل ايون الفوسفات إلي الماء ومن ثم إلى النباتات(المنتجات)عبر التربة .وبعد ذلك إلى الكائنات الحية (المستهلكات) حيث يصبح مكونا رئيسيا من مكونات أغشية الخلايا, RNA ,DNA  ( ATP ثلاثي فوسفات الادينوسين).





دورة الكبريت Sulfur Cycle 

    تبدأ دورة الكبريت الممثلة بخروج الكبريت من بعض أنواع الصخور التي تحتويه مثل صخور الجبس ( التي تتكون من معدن الجبس CaSO4.2H2O وخام الكبريت الحر Native Sulfur خلال عملية التجوية الكيميائية .
    ينتقل الكبريت على شكل كبريتات ذاتية SO4 -2   مع المياه السطحية أو الجوفية الجارية حيث ويصل الجزء  الأكبر منه لمياه البحار والمحيطات ، وجزء أقل يصل إلى التربة . وينتهي المطاف بالكبريتات الذائبة في البحار والمحيطات إلى ترسيبها على شكل رسوبيات تتحول مع الزمن الطويل إلى صخور الجبس والانهيدريت . وبذلك تغلق دورة الكبريت  .
    أما الكبريت الذي يصل إلى التربة فيمكن للنباتات أن تمصه على شكل كبريتات ذائبة حيث يدخل في تركيب موادها العضوية وخاصة البروتينات النباتية. ويمكن أن ينتقل هذا الكبريت إلى المستهلكات برتبها المختلفة خلال السلسلة الغذائية وبعد موت المستهلكات والنباتات تقوم المحللات بتحليل المواد العضوية المحتوية على الكبريت إما هوائيا أو لاهوائيا ، وتكون النتيجة في كلتا الحالتين عودة الكبريت إلى التربة لتعود فتمتصه نباتات أخرى ، أو ينتقل خلال غسيل التربة بواسطة مياه الأمطار الراشحة خلالها إلى المياه السطحية الجارية أو المياه الجوفية  وهذه بدورها تصل في النهاية إلى البحار والمحيطات لتترسب بعد ذالك وتكون الرسوبيات ومن ثم الصخور الرسوبية المحتوية على الكبريت خلال الزمن الجيولوجي الطويل أو يمكن للماد العضوية النباتية  المحتوية على الكبريت والمتراكمة في بيئي مائية فقيرة بالأكسجين كالمستنقعات أن تتحلل لاهوائيا وتتراكم وتتحول مع الزمن الطويل إلى الفحم الحجري المحتوي على الكبريت.




    وتمتاز دورة الكبريت عن دورة الفسفور بتكون طور غازي للكبريت لا نجد مثله في دورة الفسفور .
    يصل الكبريت إلى الغلاف الجوي على شكل عدة أنواع من الغازات ومنها: ثاني أكسيد الكبريت SO2 وكبريتيد الهيدروجين H2S .
    ينتج غاز ثاني أكسيد الكبريت بشكل رئيسي من حرق الوقود الاحفوري المحتوي أصلا على الكبريت بإحدى أشكاله ، مثل معدن البايريت FeS2 أو المواد العضوية المحتوية على الكبريت والموجودة في الفحم الحجري . وعادة يتفاعل غاز ثاني أكسيد الكبريت في الجو مع الماء ليكون حمض الكبريتيك H2SO4 الذي يسهم في تكون المطر الحمضي Acid Rain والذي يهطل على سطح الأرض ويسبب العديد من المشكلات البيئية.
    يمكن أن ينتج غاز ثاني أكسيد الكبريت من أكسيد الكبريت من مركباته بفعل بكتيريا الكبريت (Thiobacillus)  ذاتية التغذية الكيميائية .
    أما مصدر غاز كبريتيد الهيدروجين الذي يصل إلى الغلاف الجوي فهو التحلل اللاهوائي للمركبات  العضوية المحتوية على الكبريت . إذ تقوم بعض أنواع البكتيريا مثل بكتيريا Sporovibrio باختزال الكبريت في المناطق التي يقل وجود الأكسيجين فيها كالتربة المشبعة بالمياه والمستنقعات الراكدة وشبكات نقل المياه العادمة وزرائب الحيوانات .
    ينتج من هذا الاختزال غاز كبريتيد الهيدروجين الذي يعتبر من ملوثات الجو لأنه غاز سام وله رائحة كريهة تشبه رائحة البيض الفاسد.
    وتجدر الإضافة هنا إلى أن غازي ثاني أكسيد الكبريت وكبريتيد الهيدروجين قد يصلا إلى الغلاف الجوي من مصدر آخر وهو البراكين.

Previous Post Next Post