معايير الحقيقة
-  ان الحديث عن الحقيقة يدعونا إلى الحديث عن معاييرها
فما هي معايير الحقيقة والصدق واليقين؟ هل تكمن في مطابقتها للتجربة والواقع أم ترتبط بالبداهة و التمايز، أم تقترن بالأحكام المنطقية الصورية ؟
* إذا كان "ديكارت" يحدد الأفكار الدقيقة من خلال توفرها على خصائص البداهة  ، الوضوح، التمايز والبساطة اذ يقول { لا نقبل إلا الافكار الواضحة والمتميزة } فان "ليبنز" يرفض معاير البداهة والتمايز في الافكار الحقيقية اذ يقول ان الفكرة الحقيقية هي تلك التي تخضع للبرهنة والاستدلال المنطقي . هكذا اذن فمعيار الصدق في الافكار هو بعدها المنطقي.
*  في ذات السياق ينخرط الفيلسوف الالماني " كانط "  الذي يبحث عن معيار كوني  للحقيقة فأين يكمن هذا المعيار الكوني  هل في ماهو مادي ام في ماهو صوري ؟ يرى كانط بأنه من غير الممكن ان يوجد معيار مادى كوني للحقيقة لأن هذا الامر سيكون متناقدا في حد ذاته وذلك بالنظر الى الواقع المادي المتغير والمختلف بإستمرار ومن ثم يمكن ان يكون هذا المعيار الكوني للحقيقة الا معيارا صوريا . آن ذاك تكون الحقيقة الصورية في مطابقتها للمعرفة ذاتها بغض النظر عن الموضوعات وعن الاختلاف بينها  فالحقيقة الصورية ليست شيئا آخر سوى المعيار المنطقي والكوني التي تقوم على المطابقة بين المعرفة وذاتها.
* وعلى النقيد من هذا التصور يؤسس الفيلسوف الوضعي  "فتجنشتاين"تصورا مختلفا. فاذا كان ديكارت يربط معيار الحقيقة بالبداهة وكان  ليبنز يربطه بالاستدلال والبرهنة المنطقية وكان كانط يربطه بمعيار كوني صوري مطابق لمبادئ العقل فان فتجنشتاين يربط معيار الحقيقة بما هو واقعي تجريبي فالافكار الحقيقية لاتكون كذلك الا اذا كانت معبرة عن الواقع وقابلة لاختبارها تجريبيا فلا وجود لتحقيقه خارج اطار الواقع والاختبار التجريبي.

Previous Post Next Post