أهم المشكلات التي تعاني منها المدن :
قبل أن أذكر المشكلات التي تعاني منها المدن سوف أتحدث عن أسباب ظهور هذه المشكلات :
لكل مستوطنة مدنية مشكلاتها الخاصة بها. وقد تنفرد بعض المدن بمشكلة معينة بينما تتشابه معظم المدن في أغلب الأحيان في مشكلاتها وإن اختلفت مسبباتها وأحجامها. وقد أدى النمو المتزايد للمدن في العصر  الحديث سواء من حيث الحجم أو الامتداد المساحي إلى مضاعفة المشكلات التي تعاني منها المدن، وإلى ظهور مشكلات جديدة غيرها.

ومن أبرز المشكلات المدينة في العصر الحديث نقص كميات المياه وخاصة مياه الشرب والغذاء عن تلبية احتياجات السكان، وطول مدة زمن الرحلة وتعقيدها خاصة في ساعات الذروة بين أطراف وهوامش المدينة إلى الناطق المركزية فيها بسبب الأتساع المفرط في مساحاتها والامتدادات الهامشية المتزايدة لها، وما ينجم عن ذلك من تعقد حركة في المدن الكبرى.
ومن هذه المشكلات أيضا فقد مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الجيدة الصالحة للإنتاج بسبب طغيان حركة البناء في هوامش المدن، ومنها انتشار المناطق القديمة والأحياء الفقيرة الكالحة في بعض أجزاء المدينة خاصة في المنطقة الوسطي منها، إلى جانب تلوث بيئة المدن بسبب كثرة المصانع التي تفسد الهواء بدخانها أو كثرة عدد السيارات التي تنفث الغازات السامة من أجسامها أثناء جريانها في شوارع المدن. أو صعوبة التخلص من الفضلات والقاذورات خاصة البقايا الصلبة. وتنتج معظم هذه المشكلات من ضعف السلطات المحلية وعجزها عن القيام بالأشراف الكامل على المدن التي تديرها.

1) ضواحي الأكواخ (أو مدن القصدير والصفيح) :
تعتبر ضواحي الأكواخ وأحياء القصدير والصفيح من أبر المشكلات التي تعاني منها مدن العالم الإسلامي وبخاصة المدن الكبرى فيه. وأن لكل مدينة صفيح تاريخا خاصا وطريقة تكونت من خلالها أحياؤها العشوائية . غير أن الطريقة الأغلب شيوعا هي (الغزو المفاجئ)التي أدت مثلا في نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات. وهي عبارة عن مستوطنات عفوية غير مخططو ويشار إليها بأسماء مختلفة عديدة مثل الباريداس Barriedas أو الهوامش والأطراف، والفافيلا Favelas ، والبوستيس Bustees كما تعرف باسم الجوكندو Gecekondu في تركيا وهي تعبر عن أوضاعها غير النظامية، وباسم مستوطنات وضع اليد المغتصبة في انجلترا، ويعرفها لارنرLerner مدن الصفيح المعلبة التي تبتلى بها كل المراكز المتروبوليتانية في كل الدول النامية بدءا من القاهرة حتى أقصى مدن الشرق وتعرف في العالم الإسلامي باسم (الصرايف) في العراق وباسم (أحياء القصدير) في المغرب العربي، وباسم (العشش) في مصر، وباسم (الصنادق) في شبة الجزيرة العربية.
ولهذه الضواحي وظيفة واحدة في أية مدينة توجد فيها، هي إيواء معظم القادمين الجدد الذين لا يمتلكون إلا موارد ضئيلة وليس لهم مكان آخر يذهبون إليه ويقدر عدد تضمهم هذه الضواحي بأكثر من ثلث إجمالي سكان المدن التي توجد فيها. وتبني الأكواخ والقصدير بطريقة عشوائية من مواد بناء فقيرة ، وتقوم على أرض مغتصبة لا سند لملكيتها مما يجعلها غير قادرة على مطالبة بمد الخدمات المدينة السياسية إليها كالمياه والمجاري. وهي تفتقر إلى الشوارع المرصوف، وإلى حماية الشرطة والدفاع المدني، وإن كانت الكهرباء عي المرفق الوحيد الموجود فيها بصورة أكثرا انتشارا وذلك لسهولة مد أسلاكها من ضاحية إلى أخرى.
وفي هذه الضواحي تزداد المشكلات الصحية بسبب التزاحم الشديد الذي يصل إلى نحو عشرين شخصا في الغرفة الواحدة، كما تنقص إمكانيات تصريف مياه المجاري والفضلات، وتتدهور الأوضاع الاجتماعية والأخلاقية بسبب شدة البؤس وهجرة العاطلين من الريف هربا من بؤس مؤكد إلى غنى غير مؤكد.

2) مشكلة نقص المرافق والخدمات العامة:
وتعتبر هذه المشكلة من أخطر المشكلات التي تواجه المدن عامة والكبرى منها خاصة في الدول الفقيرة من العالم الإسلامي. فتزويد مدينة كبيرة بالمياه الكافية لاحتياجاتها يتطلب إحضارها من مسافات بعيدة بتكاليف مرتفعة جدا، وإنشاء شبكة كافية لتصريف مياه المجاري يعني نقل كميات كبيرة منها إلى أماكن بعيدة مكشوفة خالية ويتطلب رأسمال كبير وأعمال هندسية ضخمة وأيدي عاملة مدربة يصعب على السلطات المحلية توفيرها في أغلب الأحيان. كما أن خدمات النقل العام وانشاء الطرق العامة يجب النظر إليها كوحدة واحدة داخل المدن الكبرى وهو أمر يتطلب وسائل تكنولوجية حديثة لتنفيذها بحيث تتم حركة السفر والانتقال داخل المدينة وإقليمها معا بصورة تسهل المرور بين مركز المدينة وأطرافها.
وهذه الخدمات وأمثالها لابد أن تقوم بها الدولة عن طريق أجزتها المختلفة وسلطاتها المحلية في المحلية المدن، لأن القطاع الخاص لا يستطيع إلا بالكاد المساهمة في توفيرها ولا يرغب في توفيرها أصلا، بل أنه من جهة أخرى يشكل ضغطا على الدولة من أجل توفيرها وتهيئة الهياكل الرئيسية للخدمات التي تسهم بصورة مباشرة في منفعته الخاصة مثل طرق الجيدة والمواصلات. وبسبب كبر حجم المدن تصبح تكاليف الخدمات المدينة الأساسية أكبر من طاقة الأجهزة الحكومية، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار تهرب القطاع الخاص من دفع الضرائب العامة التي يمكن أن تساهم في سد جزء من الاعتمادات اللازمة لتنفيذ هذه الخدمات.

3) مشكلة البطالة:
وهو مرض اجتماعي ينتشر في كل المدن الكبرى في العالم الإسلامي . وتعتبر الدار البيضاء مثالا حيا على هذه المشكلة نظرا لضخامة البطالة فيها بدرجة كبيرة، وتظهر هذه المشكلة في مدينة القاهرة بصور شتى منها احتراف عدد من الوافدين للحرف الطفيلية كالباعة الجائلين وماسحي الأحذية، بينما تتحول الأغلبية إلى عاطلين يبحثون عن عمل.

Previous Post Next Post