الرأي والحقيقة
-  غالبا ما ينظر إلى الرأي كانطباع شخصي يكونه الفرد بناءا على ادراكاته الحسية المباشرة فالرأي اذن هو تعبير عن التجربة  العامية المشتركة البعيدة عن التأطير النضري الدقيق ولهذا نجد العلماء يرفضون الرأي في حقل المعرفة وحقل الحقيقة العلمية.
* ينطلق "كانط" في تصوره حول اشكالية العلاقة بين الحقيقة والرأي من اعتبار ان الرأي ضروري لبناء المعرفة وبلوغ الحقيقة ، فالرأي في البدأ يكون اعتقادا انه مجرد انطباع شخصي يعبر عن قناعة ذاتية وفردية غير ان الرأي يكتسب طبيعة الحكم الكوني حيثما يتحول إلى رأي جماعي أي إلى اعتقاد تأمن به العقول بهذا يتحول إلى حكم يتسم بالكونية والضروة والموضوعية ، الشيء الذي يفضي بنا في اخر المطاف إلى اليقين والحقيقة . هكذا اذن يؤسس كانط تصوره للحقيقة التي تبتدأ بالرأي وتمر بالاعتقاد لتصل إلى اليقين .
* يبين الفيلسوف " ليبنز " تصوره لاشكالية العلاقة بين الحقيقة والرأي للدفاع عن مفهوم الرأي الذي يعتبره ضروري في بناء كل معرفة انسانية كانت تاريخية او اجتماعية او سياسية او حتي برهانية كما هو الامر بالنسبة للعلوم البرهانية التي يشكل فيها الاحتمال خاصية اساسية تبعا لهذا نجد ليبنز يربط بين الرأي والاحتمال وعليه
فاذا كان الاحتمال ضروري في بناء المعرفة البرهانية فان الرأي ضروري في بناء المعرفة التاريخية والاجتماعية اذن فالرأي يشكل مدخلا نحو بلوغ اليقين والحقيقة .
-  نتستنتج مما سبق بأن الراي في علاقته بالحقيقة قد شكل بؤرة اشكالية توزعت بإيزاءها المواقف الفلسفية والعلمية فاذا كان الفلاسفة الكلاسيكيون يعتبرون ان الرأي ضروري لبناء المعرفة وبلوغ الحقيقة وهذا ما اشار اليه كل من كانط وليبنز . فإن الخطاب الابستيمولوجي العلمي المعاصر يقصي مفهوم الرأي ويعتبره مجرد عائق ابستيمولوجي يحول دون بناء المعرفة العلمية ودون بلوغ الحقيقة كما اشار الى ذلك غاستون باشلار.

Previous Post Next Post