القانون الثاني في الثيرموديناميكا
لنعتبر الأنظمة الثلاثة التالية والمُحاطة جميعها بحدٍّ أدياباتي مُحكم.
• جسم درجة حرارته T1 في تماس حراري مع خزَّان حراري درجة حرارته T2 - الشكل a-1-5.
• عجلة دائريَّة تدور لُتُشغِّل مولِّداً كهربائيَّاً يرسل تياراً في مقاومة R مغمورة في خزَّان حراري - الشكل b-1-5.
• غاز محصور في جانب من وعاء معزول بحاجز عن الجانب الآخر المُفرغ - الشكل c-1
 
a       b      c
الشكل 1-5:  ثلاثة أنظمة مختلفة تخضع لعمليَّات، تبقى الطاقة فيها محفوظة
نحن نعلم أنَّ
• سرياناً حراريَّاً من الخزَّان في النظام a سيتمُّ إلى الجسم وأنَّ درجة حرارة الجسم سوف ترتفع حتَّى تصل إلى T2، درجة حرارة الخزَّان. (لا تتغيَّر درجة حرارة الخزَّان بسبب سعته الحراريَّة الكبيرة جدَّاً).
• العجلة سوف تتوقف وأنَّ شغلاً مبدَّداً سوف يُبذل على المُقاومة وسوف يكون هناك سريان حراري من المُقاومة إلى الخزَّان مساوٍ للشغل أي للطاقة الحركيَّة التي ولَّدته والتي "صرفتها" العجلة.
• الغاز بمجرد أنْ يُثقب الحاجز الرقيق بيْنَ جزئي الوعاء سوف ينتشر في تمدُّدٍ حُرٍّ ويحتَّل حجماً، حجم الوعاء الكُليِّ، أكبر من حجمه الابتدائي ويُصبح ضغطه أقلَّ من ضغطه في الحالة الابتدائيَّة.
من الواضح أنَّ الطاقة تبقى محفوظة في الحالات الثلاث وهذا يتوافق مع قانون حفظ الطاقة للأنظمة المعزولة.
لنعتبر الآن العمليَّات الثلاث ولكن في اتجاه مُعاكس، ولتسهيل فهم ذلك اعتبر أنَّ الفيلم الذي صورناه في كُلٍّ من الحالات الثلاث قد أُعيد عرضه بالعكس، أي أنَّ:
• الجسم موجود أصلاً عند درجة الحرارة T2 ، مثل الخزَّان، سوف يبرد تلقائيَّاً حتَّى تُصبح درجة حرارته T1 ،
• هناك سريان حراري من الخزَّان في الحالة الثانية إلى المُقاومة R والتي تُرسل بدورها تياراً في المولِّد الكهربائي 
  (والذي يعمل كمُحرِّك أو ماتور) ويجعل العجلة تدور بنفس الطاقة الحركيَّة الابتدائيَّة،
• وفي المثال الثالث يضغط الغاز نفسه إلى الحجم الأول، وينغلق الثقب في الحاجز الرقيق عفويَّاً.
     من الواضح أنَّ هذه العمليَّات في الاتجاه المُعاكس لا تحدث، والسؤال هو لماذا؟ خاصة وأنَّ الطاقة تبقى محفوظة في حالة عكس الفيلم في الأمثلة الثلاثة. وهو ما لا يخرق قانون حفظ الطاقة للأنظمة المعزولة.
الجواب هو أنَّه لا بُدَّ من وجود مبدأ آخر طبيعي، بالإضافة للقانون الأول وليس مُشتقاً منه، يُحدِّد الاتجاه الذي تأخذه عمليَّة طبيعيَّة. يحوي القانون الثاني في الثيرموديناميكا هذا المبدأ.
2-1-5 الإنْتروبي      Entropy
  القانون الثاني، كما القانون الأول، هو تعميم مستقى من التجربة ويقول أنَّ بعض العمليَّات، مثل العمليَّات الثلاث السابقة هي عمليَّات في اتجاه واحد. لقد اختيرت الأمثلة الثلاث السابقة لأنَّها ولأول وهلة تبدو مختلفة تماماً الواحد عن الآخر. هل يوجد هناك خاصيَّة ما مشتركة بيْنَها؟ إذا اعتبرنا حالتيْن لنظام ثيرموديناميكي معزول ما، طاقتهما واحدة فهل بإمكاننا أنْ نجد "شرطاً" يُحدِّد أي الحالتيْن هي الحالة الابتدائية وأيُّهما هي الحالة النهائية؟ وما هي الشروط التي تجعل عمليَّة ما مستحيلة الحدوث والتي يكون فيها النظام في وضع اتزان؟
  إنَّ الإجابة على كُلِّ هذه التساؤلات ممكنة إذا افترضنا وجود خاصيَّة جديدة، هي حتماً ليست الطاقة التي تبقى محفوظة، تتغير قيمتها في بداية ونهاية عمليَّة ما. اقترح رودلف كلاوسيوس Rudolphe J. E. Clausius وجود هذه الخاصيَّة وسمَّاها إنْتروبي entropy النظام.   هذه الخاصيَّة، الإنْتروبي، مثلها مثل الطاقة دالة حالة تعتمد فقط على الحالة التي يتواجد فيها النظام، وسوف نُثبت لاحقاً أنَّ الإنْتروبي إمَّا تبقى ثابتة وإمَّا تزداد في أيَّة عمليَّة ممكنة يخضع لها نظام معزول.
3-1-5  نص القانون الثاني في الثيرموديناميكا
  باستخدام الإنْتروبي يُصاغ القانون الثاني في الثيرموديناميكا كما يلي:
"لا يُمكن أنْ تحدث العمليَّات التي قد تنقص فيها الإنْتروبي لنظام معزول" أو "في كُلِّ عمليَّة يخضع لها نظام معزول فإنَّ الإنْتروبي إمَّا تزداد وإمَّا تبقى ثابتة" 
4-1-5  الإنْتروبي والاتزان الثيرموديناميكي
  إذا كانت إنْتروبي نظام معزول ما أكبر ما يُمكن فإنَّ أي تغيير في حالته يعني تناقصاً في الإنْتروبي وهذا غير ممكن أي أنَّه لا يُمكن أنْ يحدث أي تغيير في حالة النظام. إنَّ هذا يقودنا إلى تعريف جديد للاتزان الثيرموديناميكي وهو أنَّ النظام يكون في حالة اتزان إذا كانت قيمة الإنْتروبي له قيمة قُصوى.
5-1-5  الإنْتروبي والأنظمة غير المعزولة
  إنَّ كُلَّ ما سبق صالح فقط في حالة الأنظمة المعزولة، إذْ أنَّ الإنْتروبي قد تتناقص في نظام غير معزول ولكنَّنا سوف نجد لاحقاً أنَّ التناقص في انْتروبي نظام غير معزول يُرافقها دوماً زيادة مُكافئة في إنْتروبي الأنظمة المكونة لمحيط النظام التي تتفاعل معه.
لقد صغنا القانون الثاني في الثيرموديناميكا دون تعريف الخاصيَّة الجديدة، الإنْتروبي. في الفقرة التالية سوف نوضح مفهوم الإنْتروبي باستخدام مبدأ دورة كارنو وبعمل حسابات لتغير الإنْتروبي في عمليَّات منعكسة وغير منعكسة في الفقرة التي تليها. وأخيراً وبعد أنْ نناقش المعنى الفيزيائي لهذه الخاصيَّة الجديدة سوف نقدم صياغات أخرى مكافئة للقانون الثاني في الثيرموديناميكا.
2-5    درجة الحرارة الثيرموديناميكيَّة      Thermodynamic Temperature

1-2-5 تعريف درجة الحرارة الثيرموديناميكيَّة باستخدام دورة كارنو
لنعتبر أنَّ  هي درجة الحرارة التجريبيَّة المرادفة لخاصيَّة ثيرمومتريَّة ما X، مثل مقاومة سلك من البلاتين أو ضغط ميزان غازي هيدروجيني في حجم ثابت. يُمثِّل الشكل 2-5 دورات كارنو لنظام P-V- في المستوى -V (مسقط السطح P-V- ). (العمليَّة الدوريَّة abcda، والعمليَّة الدوريَّة abefa، والعمليَّة الدوريَّة fecdf)

الشكل 2-5: دورات كارنويَّة في المستوى -V، يُمثِّل كُلٌّ من المنحنى a-f-d و المنحنى b-e-c   عمليَّة أدياباتيَّة منعكسة
الدورة الكارنويَّة abcda: في العمليَّة الأيزوحراريَّة a-b هناك سريان حراري إلى النظام Q2  من خزَّان درجة حرارته  2 وفي العمليَّة الأيزوحراريَّة c-d هناك سريان حراري من النظام Q1  (Q1 < Q2) إلى خزَّان درجة حرارته  1، ولا يوجد سريان حراري في العمليَّتيْن b-c و d-a . لأنَّ العمليَّة دوريَّة ويعود النظام إلى نقطة البداية  فإنَّ الطاقة الداخليَّة للنظام ثابتة لا تتغير وعليه فإنَّ الشغل الكُلَّي في الدورة هو
W = |Q2| - |Q1|
وهو الشرط الوحيد الذي يُوفرَّه القانون الأول في الثيرموديناميكا. لمْ نُعرَّف بعد الإنْتروبي مع أنَّنا صغنا القانون الثاني في الثيرموديناميكا باستخدام هذه الخاصيَّة ومع ذلك فإنَّنا سوف نستخدم إحدى نتائج القانون الثاني والتي لا تُدخل الإنْتروبي مباشرة وهي أنَّ النسبة بيْنَ قيمتي  Q2 و Q1  في دورة كارنو لأي زوج من درجات الحرارة 2 ، 1 هي نفسها لجميع الأنظمة أيَّاً كانت طبيعتها أو، وبعبارة مكافئة، أيَّاً كانت مادة الدورة العاملة. إنَّ هذا يعني أنَّ:
(1-5) 
  يعتمد شكل الدالة f على مقياس درجة الحرارة التجريبيَّة المُستخدم ولا يعتمد نهائيَّاً على طبيعة النظام. وكما قلنا في حالة القانون الأول في الثيرموديناميكا بأنَّنا لا نستطيع الإدِّعاء بأنَّ بالإمكان قياس الشغل في جميع العمليَّات الأدياباتيَّة التي يخضع لها نظام ما فإنَّنا لا نستطيع القول بأنَّ بالإمكان قياس السريانات الحراريَّة في دورة كارنو لكُلِّ الأنظمة ولجميع أزواج درجات الحرارة (1 و 2) المُمكنة. ويكمن تبرير ما قلناه أعلاه في صحة كُلٍّ الاستنتاجات التي يُمكن استخلاصها.
  تأخذ الدالة f(2, 1) شكلاً خاصَّاً. لنفرض أنَّنا أخضعنا النظام لدورة كارنويَّة a-b-e-f-a في الشكل. لِنُسمِّ Q2 و Qi السريان الحراري إلى النظام في العمليَّة الأيزوحراريَّة a-b عند T2 والسريان الحراري الملفوظ من النظام في العمليَّة الأيزوحراريَّة e-f عند T1 على الترتيب. عندها فإنَّ:
(2-5) 
وإذا أخضعنا النظام للدورة الكارنويَّة f-e-c-d-f في الشكل، تُصبح  Qi هنا السريان الحراري إلى النظام في العمليَّة الأيزوحراريَّة f-e عند  i و Q1 السريان الحراري الملفوظ من النظام في العمليَّة الأيزوحراريَّة c-d عند  1. عندها فإنَّ:
(3-5) 
وبضرب المعادلة 2-5 في المعادلة 3-5 نجد أنَّ:
(4-5) 
وهذا يعني أنَّ:
(5-5) 
وبما أنَّ الطرف الأيسر لا يعتمد إلاَّ على المتغيريْن 2 و 1 فإنَّ الطرف الأيمن يجب أنْ يُحقَّق ذلك، أي أنَّ حاصل الضرب في الطرف الأيمن يجب أنْ لا يحوي i بشكل مباشر والحل الوحيد لذلك هو أنْ تُحقَّق الدالتان    f(2, i) و f(i, 1) الشرط التالي:
 (6-5)
(7-5)   
أي أنَّ شكل الدالة f يجب أنْ يكون مُساوياً للنسبة بيْنَ دالتيْن   و  ، واللتان تعتمد كُلٌّ منهما فقط على درجة حرارة تجريبيَّة واحدة هي 2 بالنسبة للدالة الأولى و 1 للدالة الثانية - الدالة  تعتمد فقط أيضاً على درجة الحرارة التجريبيَّة i.
وبدورها فإنَّ الدالة  تعتمد على المقياس المستخدم ولا تعتمد إطلاقاً على طبيعة النظام الخاضع لدورة كارنو، وبالتالي فلأي دورة بيْنَ درجتي الحرارة 2 و 1 لدينا العلاقة التالية:
(8-5)   
اقترح كلفن أنَّه بما أنَّ النسبة   مستقلة عن خواص مادة بعينها فإنه يُمكن تعريف درجة الحرارة الثيرموديناميكيَّة T المُرادفة لدرجة الحرارة التجريبيَّة  بالمعادلة:
(9-5)  T = A  ()
حيثُ A ثابت، وبالتالي فإنَّ:
(10-5)         
وتكون النسبة بيْنَ درجتي الحرارة الثيرموديناميكيَّة T2 و T1 هي النسبة بيْنَ السريان الحراري الذي يُمتص أو يُحرَّر عند إخضاع أيِّ نظام لدورة كارنويَّة بيْنَ خزَّانيْن حراريَّيْن عند درجتي الحرارة الثيرموديناميكيَّة هاتيْن. وهذا هو تعريف آخر مستقى من القانون الثاني في الثيرموديناميكا لدرجة الحرارة الثيرموديناميكيَّة.
تبقى المشكلة، كما رأينا في الفصل الأول، في تحديد نقطة مرجع لتعريف مقياس درجة الحرارة مناسب. لنختر درجة حرارة النقطة الثلاثيَّة.
إنَّ كُلَّ ما سبق صالح بالتحديد إذا كان أحد الخزَّانيْن عند درجة حرارة النقطة الثلاثيَّة للماء T3 والآخر عند أيَّة درجة حرارة أُخرى T. إذا اعتبرنا أنَّ Q3 و Q هما السريانان الحراريَّان المُرادفان فإنَّ:
(11-5)         
وبالتالي فإنَّ درجة الحرارة الثيرموديناميكيَّة  T تُعطى بالعلاقة:
(12-5)         
وإذا أُعطيت T3 القيمة 273.16 فإنَّ وحدة T هي الكلفن.
 - ملاحظات واستنتاجات
• نستخلص من كُلِّ هذا أنَّ بالإمكان إيجاد درجة حرارة ثيرموديناميكيَّة بعمل دورة كارنو، باستخدام أي نظام وقياس السريانيْن الحراريَّيْن Q1 و Q2 كطريقة بديلة لقياس خاصيَّة ثيرمومتريَّة، التي رأيناها في الفصل الأول.
• لسنا بحاجة، من حيثُ المبدأ، لمعرفة شكل الدالة  لإيجاد قيمة T مخبريَّاً، ولكن سوف نرى كيف نجد هذه الدالة بدلالة خصائص المادة الثيرمومتريَّة المستخدمة لتعريف درجة الحرارة التجريبيَّة.
• لأنَّنا نستخدم القيم المطلقة للسريانات الحراريَّة وهي موجبة بالضرورة فإنَّ درجة الحرارة الثيرموديناميكيَّة (درجة حرارة كلفن) موجبة حتماً، وهذا يعني وجود "صفر مطلق" وأنَّه ليس هناك درجات حرارة سالبة.
- حالة الغاز المثالي
كُنَّا قد حللَّنا دورة كارنو لغاز مثالي في الفصل الرابع باستخدام درجة الحرارة المطلقة T دون تعريفها مسبقاً. في هذه الفقرة سوف نرى تبرير ذلك بناءً على الفقرات السابقة.
كان الواجب مبدئيَّاً استخدام درجة الحرارة التجريبيَّة  والمعرَّفة بالعلاقة (4-1) - أنظر الفصل الأول-:
(4-1) 
ومن ثُمَّ إذا عرَّفنا الغاز المثالي بأنَّه الغاز الذي معادلة الحالة له هي:
  P v = R 
والذي مُعامل جول له يُساوي صفراً :
   
فإنَّ النسبة   التي وجدناها في الفقرة 7-4 تُعطى بالعلاقة:
(13-5)         
والتي تعني أنَّ النسبة بيْنَ درجتي حرارة مقاستان باستخدام غاز مثالي تُساوي النسبة بيْنَ درجتي الحرارة الثيرموديناميكيَّتيْن المُرادفتيْن. وهذا هو ما يُبرَّر استخدامنا لـِ T درجة الحرارة الثيرموديناميكيَّة بدلاً من  درجة الحرارة التجريبيَّة.
مثال 5-1 :  أفترض ميزان حرارة معرّفاَ بالمادة A بحيث أنَّ كفاءة آلة كارنو تعمل بين نقطة الغليان ونقطة الانصهار للمادة A (عند ضغط P = 1 atm ( تساوي بالضبط 50% . اعتبر أنَّ كلَّ درجة على هذا التدريج تساوي درجتيْن على تدريج فهرنهايت وأنَّ الفرق بين قراءتي التدريج عند نقطة الغليان ونقطة الانصهار تُساوي     75  0A . أَحسب درجة حرارة الغليان ودرجة حرارة الانصهار للمادة على مقياس كلفن .
الحــــــــل :
                                                                         
                                                                                      
                            
                                                                            T1 = 83.3 K و   T2 = 2 T1 = 166.6 K

مقارنة بيْن مقياس المسألة ومقياسي كلفن وفهرنهايْت
تمرين: كمْ يكون التدريج  لو قِسْنا درجة غليان الماء باستخدام الميزان A ؟ (261.85 0A)

3-5    الإنْتروبي      Entropy

1-3-5 تعريف  الإنْتروبي
  في الفقرة السابقة تعاملنا مع القيم المطلقة للسريان الحراري إلى ومن النظام. إذا كتبنا العلاقة السابقة بأخذ إشارة السريانيْن الحراريَّيْن Q2 > 0  و Q1 < 0 فإنَّه لدورة كارنو:
(14-5)         
لنعتبر عمليَّة دوريَّة منعكسة اعتباطيَّة والمُمثَّلة بالخط المتصل المغلق في الشكل 3-5. يُمكن تقريب النتائج "الصافية" لهذه العمليَّة المنتهية بعمل عدد كبير جدَّاً من دورات كارنو صغيرة وجميعها في اتجاه واحد (في الشكل اتجاه هذه الدورات هو مع عقارب الساعة- اتجاه الأسهم).

الشكل 3-5: يُمكن تمثيل أيَّة عمليَّة دوريَّة منعكسة بعدد كبير جدَّاً من دورات كارنو الصغيرة
 بالتدقيق في الشكل نجد أنَّ الأجزاء الأدياباتيَّة من الدورات الكارنويَّة تُلغي تأثيرها بعضها الآخر، فالنظام يخضع لعمليَّة أدياباتيَّة في اتجاه ما ثمَّ يمرُّ بنفس العمليَّة في الاتجاه المعاكس، وتكون المُحصِّلة هي الخط المتعرج المتصل في الشكل. كُلَّما كبر عدد الدورات كُلَّما أصبح تأثير إلغاء العمليَّات الأدياباتيَّة أكبر، وتبقى مع ذلك العمليَّات الأيزوحراريَّة التي يحدث خلالها السريان الحراري من وإلى النظام.
إذا نقلتا النظام بيْنَ درجتي الحرارة T2 و T1 وكان السريانان الحراريَّان المرادفان هما Q2 و Q1 فإنَّ:
   
وعند جمع الحدود المرادف لعدد كبير من الدورات فإنَّ:
   
حيثُ يدُّل الرمز السفلي r على أنَّ العلاقة السابقة صالحة لدورات منعكسة فقط. وعندما نجعل عدد الدورات كبيراً جدَّاً فإنَّ الخط المتعرج يقترب أكثر فأكثر من الدورة المنعكسة الأصليَّة ويُصبح بالإمكان تحويل الجمع المنفصل () في العلاقة السابقة إلى تكامل أي:
(15-5)         
مع أنَّ الكميَّة   ليست تفاضلاً تامَّاً إلاَّ أنَّ النسبة   تفاضلٌ تامٌّ، تماماً مثلها مثل dU و dV  لأنَّ تكاملها عبر مسار مغلق يُساوي صفراً. يُمكن إذاً أنَّ نُعرِّف خاصيَّة S للنظام تعتمد قيمتها على حالة النظام وتفاضلها هو:
(16-5)         
  وبالتالي في عمليَّة دورية:
(17-5)       
لا يعتمد تكامل التفاضل التام على المسار المتبع وبالتالي فإنَّ تكامل التفاضل dS بيْنَ حالتي اتزان للنظام يعتمد فقط على نقطتي البداية والنهاية، أو:
(18-5)       
تُسمَّى الخاصيَّة S إنْتروبي النظام ووحدتها في نظام MKS هي J K-1. الإنْتروبي مثل الحجم خاصيَّة ممتدَّة، أي تعتمد على الكتلة ونُعرِّف الإنْتروبي النوعيَّة   ووحدتها J K-1 kg-1 و الإنْتروبي النوعيَّة الموليَّة   ووحدتها J K-1 kilomole-1.
تُعرِّف العلاقتان 16-5 و 18-5 الفرق في الإنْتروبي بيْنَ حالتيْن وليس الإنْتروبي في نقطة والتي نحتاج لتعريفها إلى نقطة مرجع حسب هاتيْن العلاقتيْن أي أنَّه يُمكن تعريف الإنْتروبي في نقطة إلاَّ إلى ثابت ما. سوف نرى أنَّه بالإمكان تعريف قيمة مطلقة لإنْتروبي بعض الأنظمة.
3-5    حساب تغير الإنْتروبي في العمليَّات المنعكسة
         Entropy changes in reversible processes
• في العمليَّات الأدياباتيَّة المنعكسة:
يكون السريان الحراري هنا يُساوي صفراً    وبالتالي فإنَّه لعمليَّة أدياباتيَّة منعكسة

و        d S = 0
  تعني هذه العلاقة أنَّ إنْتروبي نظام ما ثابتة في عمليَّة أدياباتيَّة منعكسة والتي يُمكن أنْ نُسمِّيها أيضاً عمليَّةً أيزوإنْتروبيَّة (isentropric process). وهذا هو التفسير للرمز السفلي s الذي استعملناه في الفصليْن السابقيْن عندما كنا نتحدث عن عمليَّات أدياباتيَّة منعكسة.
• في العمليَّات الأيزوحراريَّة المنعكسة:
تكون درجة الحرارة هنا ثابتة وبإمكاننا إخراج T من التكامل في تعريف الإنْتروبي ونجد أنَّ:
 (19-5)        
لإنجاز هذه العمليَّة يُوضع النظام في تماس مع خزَّان درجة حرارته أعلى (أو أقل)بقيمة لامتناهية في الصغر من درجة حرارة النظام. هناك سريان حراري إلى النظام (من النظام) Qr > 0 (Qr < 0) وتكون Sb > Sa (Sb < Sa)، أي أنَّ الإنْتروبي تزداد (تتناقص).
إنَّ أفضل مثال هو عمليَّة تغير طور عند ضغط ثابت وتبقى خلالها درجة الحرارة ثابتة. يكون السريان الحراري، لكُل مول أو لِكُلِّ وحدة كتلة، إلى النظام مساوياً لحرارة التحول l ويكون التغير في الإنْتروبي النوعيَّة هو:
(20-5)        s2 - s1 = l / T

مثال 2-5: أحسب التغير في الإنْتروبي الناتج عن تحول الماء السائل إلى بخار عند الضغط الجوي وعند درجة الحرارة المرادفة والتي تُساوي تقريباً 373.15 K، إذا علمت أنَّ حرارة التحول في هذه الظروف l23 = llv = 2.26 MJ kg-1
الحل:
  21-5

أي أنَّ إنْتروبي البخار تزيد عن إنْتروبي السائل.
مثال 5-3 :  أحسب التغير في الإنتروبي في العمليتيْن التاليتيْن:
أ‌)        ذوبان1 kg  من الجليد عند درجة حرارة  100 0C  وعند ضغط P = 1 atm  عند نفس الظروف. (أي  بثبوت P و T)                      
ب) تكثيف1 kg  من بخار الماء عند درجة حرارة  100 0C  وعند ضغط P = 1 atm  عند نفس الظروف.
الحرارة الكامنة للانصهار تساوي  3.34 x 105 J.kg-1  والحرارة الكامنة للتبخير تساوي  2.26 x 106 J.kg-1 .
الحــــــــل :
أ)  العمليتان أيزوحراريَّتان (وعند ضغط ثابت)                                                      

ب)                                        
 لِكلٍّ كيلوغرام في الحالتيْن على التوالي:         (أ)    S = 1.22 kJ K-1    و  (ب)   S = -6.06 kJ K-1
• في العمليَّات الأيزوحجميَّة والأيزوباريَّة المنعكسة:
  يُصاحب السريان الحراري المنعكس من أو إلى النظام تغير في درجة الحرارة ولحساب التغير في الإنْتروبي في مثل هذه العمليَّات يجب حساب التكامل  .
في عمليَّة أيزوحجميَّة منعكسة لا يُصاحبها تغير في الطور يكون السريان الحراري مساوياً لـِ cv dT ويُعطى التغير في الإنْتروبي بالعلاقة:
(22-5)         
وفي عمليَّة أيزوباريَّة منعكسة لا يُصاحبها تغير في الطور يكون السريان الحراري مساوياً لـِ cP dT ويُعطى التغير في الإنْتروبي بالعلاقة:
(23-5)         
لحساب التكامليْن السابقيْن يجب معرفة السعة الحراريَّة النوعيَّة بتثبيت الحجم و السعة الحراريَّة النوعيَّة بتثبيت الضغط بدلالة درجة الحرارة. لمدىً مُحدَّد من درجات الحرارة حيثُ يُمكن اعتبار cv و cP ثابتتيْن فإنَّ التكامليْن السابقيْن يُصبحان:
(24-5)         
   
مثال 4-5: حساب الفرق في الإنْتروبي بيْنَ الماء السائل عند درجة حرارة T = 0 0C وعند درجة حرارة              T = 100 0C باعتبار أنَّ cP = 4.18 kJ kg-1 K-1 في هذا المدى لدرجات الحرارة وتبقى ثابتة.
الحل:          

  عند إخضاع نظام ما إلى عمليَّة فيها سريان حراري قابل للعكس (منعكس) بيْنَ النظام ومحيطه فإنَّ درجة حرارة النظام والمحيط تكونان متساويتيْن، ويكون السريان الحراري إلى المحيط مساوياً في المقدار ومُعاكساً في الإشارة للسريان الحراري إلى النظام، وبالتالي فإنَّ تغير الإنْتروبي الصافي للنظام ومحيطه يُساوي صفراً. كُنَّا قد عرَّفنا الكون بأنَّه مجموع النظام والمحيط ولذا فإنَّنا نستطيع القول أنَّ إنْتروبي الكون لا تتغير أي تبقى ثابتة في كُلِّ تغير لحالة النظام ناتج عن سريان حراري منعكس من النظام أو إليه.
  وإذا افترضنا أنَّ حدود النظام الأصلي قد وُسَّعت لتتضمن الخزَّانات الحراريَّة التي تُزوده بالحرارة فإنَّ كُلَّ السريانات الحراريَّة سوف تحدث "داخل" النظام المركب (الجديد). إنَّ هذا يعني عدم وجود سريان حراري عبر الحد الجديد إلى المحيط ويعمل هذا الحدُّ عمل حدٍّ أدياباتي ولذا فإنَّنا نستطيع القول أيضاً أنَّ أيَّة سريانات حراريَّة داخل نظام مركب مُحاط بحدٍّ أدياباتيٍّ لا تُنتج تغيراً صافياً في إنْتروبي النظام المركب. 

Previous Post Next Post