المحتوى العربي على شبكة الإنترنت :

يواجه التعليم الإلكتروني عدة تحديات اقتصادية، تكنولوجية و مجتمعية، ولكن قبل الحديث عن تلك التحديات علينا  تقييم وضع  محتوى اللغة العربية على الانترنت.
لتطوير التعليم الالكتروني باللغة العربية يجب أن نعمل على توفير مواد محوسبة تعليمية على شبكة الانترنت باللغة العربية ،  وهذا يفتح قضية المحتوى العربي الرقمي العلمي الموجود على الانترنت، لو نظرنا إلى تصنيفات المواقع العربية المنشورة في موقع تابع لشركة صخر، نلاحظ أن معظم هذه المواقع تتعلق بالاقتصاد والتجارة وتكنولوجيا المعلومات ويليها مواقع التسلية والرياضة والتي تتساوى بدورها مع المواقع المجتمعية ( دين وعقائد ، مؤسسات ، أفراد ، مجلات). ولكن ما هو دور المواقع التعليمية؟ وبهدف الوقوف على قيمة هذا المحتوى العربي يجب أن نبحث في محتوى المواقع التعليمية، والتي قد تبين أن عددها قليل نسبيا بالمقارنة مع غيرها من المواقع التي تظهر في دليل شركة صخر والجدير بالذكر أيضا أن ثلثها مبني  باللغة الانجليزية وبعضها الآخر عبارة عن مواقع رسمية لجامعات مختلفة ، إذن هناك فرق واضح بين المحتوى العربي الرقمي الخاص بالتعليم وغيره و هناك أيضا صعوبة في الوصول للمحتوى العربي العلمي على الانترنت ، فمحركات البحث العربية  المختصة في المحتوى العربي لا تقارن بمحركات البحث الأجنبية من قوة النتائج والوصول الصحيح للمعلومة وهنا قد يقول البعض لنستخدم المحركات الأجنبية للوصول للمحتوى العربي التعليمي!  ولكن هذا لا يفيد حيث أن معظم النتائج تعود إلى صفحات عربية لم يعد لها وجود[1].
إذن نلاحظ عدم انتظام في المحتوى العربي على الانترنت و ضعف في المحتوى بشكل عام والتعليمي بشكل خاص وأيضا نلاحظ وجود مشكلة حقيقية في الوصول الصحيح والمفيد لهذا المحتوى باستخدام محركات البحث،  وهنا يكمن التحدي في إضافة وتوفير محتوى تعليمي جديد على الشبكة حيث لا بد لنا أن نعمل على تنظيم المحتوى الحالي وإعادة هيكلته  بطريقة صحيحة وذلك قبل و خلال إضافة محتوى تعليمي عربي جديد حتى نضمن سهوله الوصول  له من قبل المستخدمين العرب وغيرهم.
وهنا لا بد أن نتطرق لمعوقات المحتوى العربي التعليمي بشكل خاص على شبكة الانترنت.
معوقات تطور المحتوى العربي التعليمي على الانترنت
أولاً: البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات في الوطن العربي :
هناك ترابط مباشر بين انتشار وقوة وسائل الاتصال بشبكة الانترنت والمحتوى الالكتروني بشكل عام ، ولو نظرنا للبلدان العربية فنحن نلاحظ ضعف انتشار تقنيات الاتصال السريع و قلتها وعدم كفاءتها بالمقارنة بالوسائل وحلول الاتصال بالدول الغربية المتقدمة وهذا يلعب دور سلبي في نشر وزيادة المحتوى الالكتروني باللغة العربية ويؤدي إلى ضعف انتشار الكثير من التطبيقات التي تزيد من حجم المحتوى العربي المخصص التعليم الالكتروني .
ثانياً: ضعف الأنشطة الثقافية:
أن النشاط الثقافي في الوطن العربي محدود نسبياً، إذ أن متوسط  معدل الأمية يعادل حوالي 40% بشكل عام في الوطن العربي و يتجاوز ال 50% بين النساء وال 27% بين الرجال ، ومن زاوية أخرى هناك قلة في عدد القراء في الدول العربية وهذا بدوره ينعكس على عدد الكتّاب و ترجمة الكتب الأجنبية حيث يبلغ متوسط عدد الكتب العلمية التي تترجم إلى اللغة العربية 330 كتاب سنويا  وهو خمس ما يترجم إلى اليونانية مثلا ، وفي مقارنة أخرى فان عدد الكتب المترجمة إلى العربية منذ عصر المأمون حتى وقتنا هذا لا يتجاوز المائة ألف كتاب وهو يعادل ما تترجمه اسبانيا إلى الاسبانية في العام الواحد. بالتالي فان قلة ما يترجم يؤدي إلى قلة وضعف ما ينشر الكترونياً وهذا بدوره يقلل من المحتوى الرقمي التعليمي على حساب المحتويات العربية الأخرى من مواد ترفيهية واجتماعية وهذا بدوره يؤثر سلباً على التعليم الالكتروني.
ثالثاً : اللغة العربية وجوانبها الفنية :
      الجوانب الخاصة باللغة العربية تنقسم إلى قسمين ، القسم الأول هو اللغة نفسهو مصطلحاتها المختلفة المستخدمة في الدول العربية والمقصود هنا اللغات العامية وتأثيرها السلبي على التعامل الصحيح مع اللغة العربية ، فالكثير من المحتوى العربي الرقمي يتضمن كمية هائلة من الكلام العامي بلهجات مختلفة منها الخليجية والمصرية والمغربية والشامية وغيرها و يزداد استخدام اللهجات في المنتديات العربية المنتشرة بكثرة في شبكة الانترنت على حساب اللغة العربية الفصحى السليمة من الأخطاء وهذا بدوره يؤكد على ضرورة إعادة تأهيل هذا المحتوى العربي و استخلاص المحتوى العلمي والتعليمي المفيد . أما القسم الثاني فيتعلق بمقاييس استخدام اللغة العربية في الحاسوب وخاصة المعالجة الطبيعية للغة العربية مثل الترجمة الآلية والتي من شأنها أن تزيد من القدرة على الترجمة الالكترونية للمحتوى العلمي الأجنبي والكتب الأجنبية إلى العربية ، وفي الوقت الحالي لا يوجد نظام ترجمة آلية للغة العربية قادر على الوصول إلى نتائج صحيحة وقوية تماما وهذا يدعونا إلى العمل على إيجاد نظام ترجمة قوي والتوصية بالبحث في هذا المجال. من أدوات معالجة اللغة العربية أيضا هنالك التدقيق الإملائي والقواعدي  والتصنيف الآلي والتشكيل الحركي للكلام والتحليل الصرفي وتحويل ناتج المسح الضوئي للكتب والصحف المصورة إلى نصوص.
ومن الجوانب الأخرى المتعلقة بالمعالجة الطبيعية للغة العربية هي المعوقات المرتبطة بأمور البحث واسترجاع المعلومات بطرق فعالة وسريعة والحصول على المطلوب والمهم. إن عدم وجود أنظمة معالجة واسترجاع معلوماتي قوية، تحاكي اللغة العربية وتبنى عليها فهرست المواقع في  محركات البحث ورقمنة الوثائق العربية والكتابة الصحيحة قواعديًّا، أدى إلى صعوبة الوصول للنصوص التعليمية والعلمية والمحتوى العربي الايجابي وبدوره هذا يؤثر في التعليم الالكتروني باللغة العربية. والجدير بالذكر هنا أن مشاكل اللغة العربية الفنية لا تعاني منها اللغات اللاتينية وغيرها بقدر ما تعاني منه اللغة العربية وذلك يعود إلى البنية التشكيلية والصرفية الواسعة للغة العربية.      
 التحديات الناتجة عن المستوى الاقتصادي والأكاديمي :
·        المشاكل التقنية والتي تتمثل بصعوبة الوصول للمعلومات وانقطاع الشبكة المفاجئ نتيجة لضعف شبكة الانترنت.
·        عدم توافر الأجهزة الكافية للطلاب في المدارس، حيث يعتبر استخدام الحاسوب مكلفا كما أن التعليم الحديث يتطلب أجهزة ذات مستوى عال لتلاءم البرامج المتطورة.
·        نقص الخبرة لدى الأشخاص القائمين على البرامج التعليمية وعدم التحاقهم بالدورات و المؤتمرات في الدول العالمية والمتطورة.
·        صعوبة تأقلم المعلمين والطلاب مع هذا النوع من التعليم بسبب تعودهم على التعليم التقليدي والخوف من التغيير. "ويذكر كل من (السلطان والفنتوخ،1999) ما يسمى ب(المقاومة الرافضة) ويقول الباحثان :" أن الإنسان بطبيعته لا يحب تغيير ما اعتاد عليه، بل يقاوم ذلك بأساليب مختلفة، ولا يكون ذلك باتباع سلوك مضاد نحو الإنترنت، وإنما الوقوف موقفا سلبيا تجاه هذا التغيير. ويعود ذلك إما إلى التمسك بالأساليب التعليمية القديمة، أو عدم الرغبة في التكيف مع الأساليب والتقنيات الحديثة، أو الشعور بعدم الاهتمام واللامبالاة نحو التغييرات الجديدة[2]".

·         www.escwa.un.org/divisions/ictd/workshop/forum_a/docs/Arabic%20Content%20on%20Digital[1]   %20Network.pdf
·         [2]  سعادة، جودت ، استخدام الحاسوب والإنترنت في ميادين التربية و التعليم، رام الله، الشروق، 2003 ، ط1 ،ص240

Previous Post Next Post