تعد الأصوات اللغوية من أهم الوسائل الإفصاحية والتعبيرية للإنسان الذي يتصل بالطبيعة ويتجاوب معها، فتتردد أصداؤها في جوانحه، ويشدو معها في ألحان أدبية جميلة، غير أن موقف الأديب  أو الشاعر يختلف باختلاف مواهبه وإبداعاته التي تتأثر بما حوله، وتنعكس عليها الظروف المحيطة به.
ولما كان الصوت الإنساني هو البناء الموسيقي للألفاظ اللغوية، والمترجم عن أحاسيس الشاعر المتنوعة تجاه ما يقابله، وانفعالاته التي تعمل في حناياه كانت الأصوات اللغوية، وسيلة التفاهم عنده والكشف عن عواطفه المختلفة، وكذلك كان الصراخ والأنين والهتاف، والغناء والضحك، كلها تعبر عن حالاته النفسية، من الحسن والفرح والغضب والهدوء والثورة وغيرها.
ولما كان استشهاد الشيخ الإمام أحمد ياسين، أحد الدعاة والقادة البارزين في القرن العشرين، حدثاً عظيماً انتفضت له الشعوب الإسلامية في كل مكان، وبكت عليه عيون الناس والأدباء، ولهجت ألسنتهم بالهتاف والدعاء، وكتبت أقلامهم في شعر الرثاء الكثير في القصائد المترجمة لشخصيته وحياته، والمعبرة عن دوره ومعاناته، والمسجلة لمآثره وجهاده، كان عنوان هذا البحث (النُسج الصوتية وأبعادها الدلالية في رثاء الشيخ الياسين) يحاول عقد العلاقة بين البحور والأوزان الشعرية والقوافي وحروف الروي من ناحية، والمعاني والمضامين الشعرية من ناحية أخرى، كما يحاول تعليل التزام معظم الشعراء بالأوزان الشعرية وجرسها الموسيقي، الذي يعود إلى ما تضمنته قصائدهم من نسج صوتية كالتصدير والتصريع والتقطيع والترجيع والترديد وغيرها، وكذلك اختيارهم لبعض البحور الشعرية دون غيرها في رثاء الشيخ الشهيد والذي جاء الرثاء فيه على صورة المدح والثناء، والوصف للصراع وسفك الدماء ومنازل الشهداء، ثم الهجاء للمتخاذلين من الزعماء. كما يبين أنواع القافية عند هؤلاء الشعراء ومدى العلاقة بين تلك النُسج الصوتية وحروف الروي في قصائدهم الشعرية، وغرض الرثاء وما تضمنه من معاني الثورة والمقاومة والرفض والتحدي والوصف والمدح والتضحية والفداء.

Previous Post Next Post