التنمية الادارية
مقدمة:
أدت أهمية تنمية قدرات الأفراد على جميع المستويات في أن تمتلك بعض الشركات الوسائل التعليمية الخاصة بها, كما تقوم بعض المؤسسات بتعيين المدربين والاستشاريين الخارجين, وتعد برامج التدريب عالية الجودة, بالإضافة إلى التنمية البشرية أموراً حيوية لجميع المؤسسات.
و التنمية الإدارية تشمل جميع المستويات الإدارية في المنظمة، لأنها تختص بتطوير الطاقات الإدارية لرجال الإدارة الحاليين وتهيئة مدراء المستقبل وتسليحهم بالقدرات التي تمكنهم من تولي المناصب القيادية في المستقبل.
لكن مازال الكثير يخلط بين مفهوم إدارة التنمية والتنمية الإدارية ، وهذا الخلط لا يقتصر على فئة محددة بل يلاحظ لدى فئات الطلاب والدارسين والباحثين أحياناً . وهذا الخلط في استخدام هذه المفاهيم يدعو إلى التوقف والبحث والتفكير فإدارة التنمية ليست في الحقيقة التنمية الإدارية بالرغم من وجود عناصر مشتركة بينهما ، فبينما تركز إدارة التنمية على وضع الأهداف وتحديد الأولويات وفقاً لأهميتها وبعد دراسات تحليلية لها ، إضافة إلى العمل على تحديد نهج ومسار التنمية ومستقبلها ونماذجها وأنماطها ، ونجد أن تركيز التنمية الإدارية ينصب على دراسة أساليب العمل وإجراءاته وطرقه ، وهذا يدعو إلى ضرورة التأكيد على أن التنمية الإدارية هي أقرب إلى المفاهيم الأساسية للإدارة العامة منها إلى إدارة التنمية ، تلك الإدارة التي تتميز بطابع شمولي ولها أبعاد معرفية وعلمية مختلفة تتناول مواضيع اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية وبشرية .
لذا في هذا المقال نريد القاء الضوء بحيث يتبين للقارئ بوضوح هذه المفاهيم و تنجلي له معالم التنمية الادارية بمفهومها الواسع و الاعم.
تعريف التنمية الإدارية :
تعرف التنمية الإدارية بأنها عملية : "بناء و تحديث الهياكل الإدارية و تطوير النظم و الإجراءات و القدرات و المهارات   و العناصر البشرية في مختلف مواقع العمل.
وهناك من عرفها : "التنمية الإدارية تتم من خلال العمل على تنمية المنظمة و الذي يتبلور في ضرورة الارتقاء بالمهارات الإنسانية مع التركيز بصفة خاصة على الجوانب السلوكية.
و تعرف ايضا بأنها: "عملية منظمة ومستمرة ،ويتم من خلالها تزويد المديرين الحاليين بالمنظمة او مديري المستقبل بحصيلة من المعرفة والمهارات والقدرات اللازمة التي تمكنهم من قيادة وإدارة المنظمة حالياً ومستقبلاً بنجاح و تحقيق الاهداف المرصودة طبقا للخطط و الاستراتيجيات الموضوعة".
أو بمعني أخر "نشاط مخطط ومستمر يهدف على تطوير السلوك الإداري، وتطوير قدرات المديرين بالمنشاة من خلال المعارف والمهارات التي يكتسبونها من خلال برامج التنميةالإدارية و ذلك تحقيق الاهداف المرصودة طبقا للخطط و الاستراتيجيات الموضوعة".
أهداف التنمية الإدارية:
تهدف هذه البرامج إلى تنميه المهارات القيادية لدى المديرين، وتنمية القدرة على التفكير الخلاق واتخاذالقرارات الصحيحة" و أصبح من المؤكد أن المديرين الأكفاء لا يظهرون فجأة أو عرضاً، كذلك لا يمكن توافر القيادات الإدارية عن طريق النمو التلقائي لهذه القيادات، وإنما كنتيجة للتدريب المخطط والجهود المنظمة التي توجه نحو التنمية الإدارية. و يمكن تلخيص أهم الاهداف في:
·        تجنب التقادم الإداري:و ذلك من خلال التجديد في طرق العمل وادواته، وتكنولوجيا العمل المستخدمة و تجنب الجمود في عقليات وسلوك المديرين.
·        تخطيط عملية الإحلال: حيث تيسر عملية التنمية الإدارية عملية الإحلال والترقي للمراكز الوظيفية الأعلى في الهيكل التنظيمي للمنظمة.
·        إرضاء مطلب النمو الذاتي للأفراد: حيث تحقق أهداف المدراء في الوصول للمراكزالأعلى، والشعور بالإنجاز.
أسباب زيادة الاهتمام بالتنمية الإدارية:
·        التوسع السريع والضخم في الأعمال بعد الحرب العالمية الثانية.
·        كبر حجم المشروعات وتعقدها.
·        طبيعة الإعدادالعلمي السابق لشغل معظم وظائف الإدارة.
·        طبيعة الوظيفة الإدارية وتأثرها بالعوامل البيئية والظروف العائلية للمدير.
·        زيادة الدور الذي يقوم به شاغلي الوظائف المساعدة.
·        زيادة الطلب على شاغلي الوظائف الإدارية
·        تقادم المعرفة.
الأركان الخمسة المتوازنة للتنمية الادارية:
حين نود أن نصف التنمية الإدارية نقول: إنها عملية حركية مستمرة متطورة ومتجددة وشاملة ومتكاملة، تقوم على أركان خمسة متوازنة
1-    فهم العوامل البيئية المؤثرة في المنظمة، و اكتشاف تفاعلها معها وانعكاساتها عليها.
2-    تنمية الموارد البشرية، أي تنمية العنصر البشري الذي به تترجم أهداف المنظمة إلى أفعال.
3-    تصميم البناء الإداري القادر على استيعاب أنشطة المنظمة، و إيجاد قنوات الاتصال السليمة، و النظم الفعالة للمعلومات لترشيد القرارات الإدارية.
4-     دراسة أساليب وإجراءات العمل القائمة، وتبسيطها، وكسر حلقات الروتين المعقد.
5-    دراسة وتحديث أنظمة العمل، بحيث تناسب و البيئة التي تعمل فيها، وتواكب متطلبات العصر.
إجراءات التنمية الإدارية:
قبل اختيار موضوعات التنمية والتطوير،لا بد من عمل الاجراءات التالية:
أولاً: تقدير احتياجات المنظمة من المديرين ومعرفة خطط المنظمة في المستقبل من حيث النمو والانكماش.
ثانياً: مراجعة مخزون المهارات و الذي يتمثل في رصيد المهارات البشرية المؤهلة الموجودة لدى المنظمة والقابلة للترقية إلى مسؤليات أعلى. و هذا من خلال السجلات التي تحتوي على معلومات عن الأفراد تشمل مستوياتهم التعليمية، خبراتهم الوظيفية، المسار الوظيفي وطموحاتهم، ونتائج تقويم الأداء".
ثالثا: تحديد الأشخاص المطلوب تطويرهم وتنميتهم و التي  يتم بناءا عليها تحديد الموضوعات التي سيشملها التطوير ومكان و زمن البرامج التدريبية.
إن التأكيد على شدة درجة الارتباط بين التنمية الإدارية والإدارة العامة هي حقيقة تؤكدها مدارس الإدارة المختلفة ، باعتبار أن التنمية الإدارية تنطلق من نفس الأسس والأنماط الإدارية ، التي قدمتها النظريات المذكورة المستخدمة في تحليل وتحديد الظواهر الإدارية والعمل على معالجة الظواهر السلبية ودراسة المشاكل الإدارية ومعالجتها . فأنماط البيروقراطية والإدارة العلمية ومبادئ الإدارة والنظريات السلوكية كلها قواعد تستخدم في التطوير الإداري وكلها قواعد وأسس تعتمد عليها التنمية الإدارية في تحقيق أهدافها .
وهذه حقيقة توضح طبيعة الفروق بين التنمية الإدارية وإدارة التنمية ، وبناءا على ذلك فإنه يمكن القول أن التنمية الإدارية تقوم بعدة مهام منها تطوير الأنظمة والقوانين والهياكل والتقييم ودراسة الإجراءات وطرق العمل وتحسين عمليات الاتصال واتخاذ القرارات من خلال تطبيق منهجية البحث العلمي ، إضافة إلى تناولها موضوع الجانب الإنساني والعلاقات الإنسانية وإعطاء الاعتبار والقيمة للفرد العامل كإنسان له مشاعره وأحاسيسه وليس مجرد آلة   أو عنصر من عناصر العملية الإنتاجية .
وتبحث التنمية الإدارية كذلك في عمليات تطوير المؤسسات بما يضمن سلامة الإجراءات المستخدمة لتحقيق الأهداف ، وتطوير هذه الإجراءات والعمل على تطوير وزيادة كفاءة العمليات الرقابية والتدريب وقواعد اختيار الموظفين وكل ما يتعلق بالعمليات التنظيمية . وبالتالي يشترط لنجاح عملية التنمية الإدارية أن تهدف برامج التدريب إلى إيجاد المهارات الإدارية ، ولن يتحقق هذا إلا إذا كانت البرامج شاملة وتستمر لفترة طويلة لا تقل عن سنة على الأقل.
 معوقات التنمية الإدارية
هناك العديد من المعوقات والتي تقف وتعرقل سير العملية التنموية الشاملة بشكل عام والإدارية بشكل خاص ، ويمكن الإشارة إلى بعض المعوقات التي تواجه التنمية الإدارية بما يلي :
·        عدم تفويض السلطات ، الأمر الذي يترتب عليه اللامبالاة والإهمال ، والمركزية الشديدة وتعدد المستويات الإدارية والبعد عن المنهجية العلمية في اتخاذ القرارات .
·        الترهل الإداري ، وتعقيد الإجراءات الإدارية من خلال كثرة الإجراءات الأمر الذي يتطلب توفر أعداد كبيرة من الموظفين .
·        مشاكل القيادات الإدارية خاصة فيما يتعلق بالاختيار ة والتعيين العشوائي والقائم على أسس اجتماعية لا علمية ، وما يصاحب ذلك من قصور في الوعي التخطيطي وانخراط القيادات الإدارية في أعمال روتينية بعيدة عن وظائف الإدارة العليا المتمثلة في رسم السياسات والتخطيط وعمليات اتخاذ القرار .
·        انعدام التنسيق والتوجيه بين الأجهزة الإدارية خاصة في تيسير العمليات الإدارية ، الأمر الذي يؤدي إلى وجود ازدواجية وعدم وضوح في الأنشطة والعمليات الإدارية .
·        عدم وجود الوعي والإدراك الكامل لمفهوم عملية التنمية الإدارية .
·        عدم توفر الموارد المادية ، وهذه مشكلة تواجه كل الأبعاد التنموية إضافة إلى النقص الواضح في الإمكانيات الفنية والتكنولوجية .
·         هذه بعض المشاكل التي تواجه التنمية الإدارية خاصة في الدول النامية .
Previous Post Next Post