آليات تطبيق التنمية المستدامة في الشركات.
تعتبر الشركات من العناصر التي تساهم في التنمية الاقتصادية فبنيتها الاجتماعية والاقتصادية والقانونية وتفاعلها مع المحيط الداخلي والخارجي بالإضافة للأحداث والأزمات التي يشهدها العالم وما صاحبها من ضياع حقوق أصحاب المصالح داخل الشركات أدت إلى اهتمام الحكومات والمنظمات الدولية والباحثين سواء كانوا اقتصاديين أو اجتماعيين بهذه الخلية المؤثرة في حياة الإنسان عامة والاقتصاد بصفة خاصة، وذلك بمحاولاتهم لتفادي وقوعها في الأزمات والتقليل من حدتها ومن خلال دراسات أجريت حول سبب هذه الانهيارات فوجد أن القسط الكبير يعود خاصة إلى الفساد المالي والإداري الذي يترتب عليه تحمل الشركات تكاليف إضافية تنعكس على أسعار السلع التي تنتجها أو الخدمات التي تقدمها مما يضعف قدرتها على التنافر والبقاء...
نتيجة لذلك زاد الاهتمام بتطبيق مفهوم حكامة الشركات[1] إضافة إلى تنمية الموارد البشرية، وذلك من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
آليات تطبيق التنمية المستدامة في الشركات التجارية
على مستوى الحكامة:
إن حكامة الشركة هي مجموع السياسات والأنظمة التي تنظم العلاقة بين مجلس إدارة الشركة ومساهميها وأصحاب المصلحة الآخرين وهي توفر أيضا الهيكل الذي من خلاله يتم وضع أهداف الشركة ووسائل تحقيقها وتحديد أطراف مراقبة الأداء فيها. وبالتالي فإن حكامة الشركات هي التي توفر لكل من المجلس والإدارة التنفيذية الحوافز المناسبة للوصول إلى الأهداف التي تصب في مصلحة الشركة وتسهل إيجاد عملية مراقبة فاعلة وبالتالي تساعد الشركة على استغلال مواردها بكفاءة[2].
لذلك زاد الاهتمام بتطبيق مفهوم حكامة الشركات التي يتم ن خلاله استغلال موارد الشركات وحسن توجيهها ومراقبتها من أجل تحقيق أهدافها بتوظيف مبادئ تضمن الممارسة السليمة لها. تعتبر هذه المبادئ المرجع الأساسي للعديد من الممارسات المعقلنة المتعلقة بحكامة الشركات وهناك خمس مبادئ أساسية وضعيتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالإضافة إلى مبدأ سادس تم وضعه بعد مراجعة هذه المبادئ سنة 2004، وهي:
1)   وجود إطار فعال لحكامة الشركات: حيث يجب أن يعمل هيكل حكامة الشركات على رفع مستوى الشفافية وكفاءة الاسواق وأن يتوافق مع دور القانون ويحدد بوضوح تقسيم المسؤوليات بين الهيئات المختلفة المسؤولة عن الإشراف والرقابة والالتزام بتطبيق القانون.
2)   ضمان حقوق المساهمين: وذلك بحماية إطار القواعد المنظمة لحكامة الشركات، حقوق المساهمين ويسهل ممارستها.
3)   ضمان المعاملة المتساوية لكافة المساهمين: وذلك بتحقيق المساواة وتحقيق المعاملة العادلة بين كافة المساهمين كبارا كانوا أم صغار وكذلك المساواة بين المساهمين المحليين والمساهمين الأجانب.
4)   إشراك جميع أصحاب المصالح في حكامة الشركات: الاعتراف بحقوق أصحاب المصالح كما يوضحها القانون وأن يعمل أيضا على تشجيع الاتصال بين المؤسسات وأصحاب المصالح في مجال خلق الثروة وفرص العمل وتحقيق الاستدامة للمشروعات القائمة على أسس مالية سليمة.
5)   الإفصاح والشفافية: يقصد بهذا المبدأ الإفصاح عن المعلومات الجوهرية بثقة ومصداقية عالية وتشمل المعلومات المالية والمعلومات الاستراتيجية (الخطط والأهداف...).
6)   مسؤولية مجلس الإدارة: يجب أن يكفل أسلوب ممارسة سلطات الإدارة بالشركات المتابعة الفعالة للإدارة التنفيذية من قبل مجلس الإدارة وأن يضمن كذلك مساءلة مجلس الإدارة من قبل المساهمين.
إذن فالحكامة تكتسي أهمية كبيرة داخلة الشركات التجارية فاتباع مبادئها السليم يؤدي إلى خلق الاحتياطات اللازمة ضد الفساد وسوء الإدارة مع تشجيع الشفافية في الحياة الاقتصادية ومكافحة مقاومة المؤسسات للإصلاح وتؤدي الأزمة المالية إلى اتخاذ نظرة عملية جيدة عن كيفية استخدام حكامة الشركات الجيدة لمنع الأزمات المالية القادمة وبالتالي التأثير على التنمية المستدامة. 
الفقرة الثانية: على مستوى الموارد البشرية:
إن نجاح عملية التنمية الشاملة للمجتمعات باعتبارها الهدف الأساسي لجميع الدول متقدمة كانت أو نامية يتوقف على كفاءة مواردها البشرية وما تتوفر عليه من موارد طبيعية أو رؤوس أموال وطنية أو معونات أجنبية، حيث تعتبر الشغل العمود الفقري للحياة البشرية وهو الوسيلة التي مكنت الإنسان عبر مراحله التاريخية الطويلة من مقاومة سلبية الطبيعة[3].
ولم يعط لهذا المفهوم حقه من الاهتمام والتطبيق إلا في الحقبة الأخيرة من القرن 20 بحيث كانت الدول قبل ذلك توجه الاهتمام إلى ثرواتها الاقتصادية وإمكاناتها المادية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بها، بعد ذلك تلتها مرحلة أخذت فيه الدول بحماس بفكرة التخطيط الشامل لمشروعاتها وخاصة الدول النامية بقصد الإسراع بعمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ورغم ذلك فقد مكان قصور هذه الخطط عن تخطيط أهدافها يرجع بالأساس إلى عدم كفاءة موردها البشرية، وخصوصا فيما يتعلق بعدم قدرة القيادة الإدارية على تنفيذ البرامج التي تضمنتها تلك الخطط بكفاءة، وهذا ما دفع جميع الدول المتقدمة منها والنامية إلى تنمية مواردها البشرية ورفع مستوى قدراتهم على حسن إدارة مشروعات التنمية المؤثرة فيه ومواجهة ما يعترض تنفيذها من عقبات[4]، وعليه يمكن القول بأن تقدم الدول ورفاهيتها أصبح يقاس بما تملكه هذه الدول من هياكل بشرية متميزة، وعلى العموم يمكن القول أن تنمية الموارد البشرية هي فكرة واسعة تجمع بين اختصاصات متعددة تتضمن عدة وسائل تؤثر على تنمية الفرد والرفع من قدراته ومؤهلاته وأولى هذه الوسائل تعليم الأفراد وتثقيفهم ثم تدريبهم لمواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي ثم توفير ظروف صحية جيدة وأخيرا الرعاية الاجتماعية التي هي أيضا لها دور في تنمية الفرد.
·       فبالنسبة للتعليم: فالمفهوم الحديث لتنمية الموارد البشرية يرتبط ارتباطا وثيقا بنظام التعليم وتوجيهاته وأهدافه، إذ يساهم في الرفع من كفاءة الفرد الذهنية وفي فتح مجالات الإبداع القدري. وحسب الدكتور إبراهيم أسعدي أصبح التعليم أم القطاعات المنتجة في العصر الراهن، كما أصبح البحث العلمي المحرك الأساسي للتقدم الاقتصادي لذلك فإن الأمر يستدعي تنمية الموارد البشرية.
·       بالنسبة للتدريب الإداري والمهني: أعطيت عدة تعاريف للتدريب الإداري ومن ضمن هذه التعاريف تعريف الدكتور محمد سويلم حيث يقول: التدريب الإداري هو بمثابة نشاط تعليمي مقصود تقوم به منظم ما تعرض رفع الكفاءة الإنتاجية للعاملين.
·       بالنسبة للتدريب المهني: يتم هذا النوع من التدريب في المراكز المهنية بهدف تدريب الفئات المراد تدريبها والفئات التي تحتاج إلى رفع مستواها المهني لتخريج عمال أنصاف مهرة وعملا مهرة كما تقوم هذه المراكز أيضا بتخريج مسؤولي ورش في المهن الأساسية ويعد قطاع التكوين من القطاعات الحيوية والأساسية لأن الدول كما هي في حاجة إلى أدباء ومحامين وأطباء هي أيضا في حاجة إلى مهنيين متخصصين[5].
·       الرعاية الصحية: من واجب الدول أن تعطي اهتماما ملحوظا إلى صيانة وحماية صحة الموظفين والتي تعتبر من أهم عوامل زيادة إنتاجياتهم وتوفير الشروط اللازمة لضامن تأديتهم لمهامهم وفي ظروف صحية جيدة فمرض العامل أو عجزه عن العمل عبء ثقيل على المنظمة كما هو عبء على العامل ذاته بسبب ارتفاع نسبة الغياب وبالتالي سيكون له انعكاس سلبي على السير العادي للمنظمة.
·       الخدمات الاجتماعية: تعتبر الرعاية ذلك النشاط الذي يهتم بكل التغيرات المنشودة لتحسين مستوى معيشة الأفراد عن طريق إشباع حاجاتهم الطبيعية والاجتماعية المشروعة وتتجلى هذه الخدمات على الخصوص فيما يلي:
+ السكن + الخدمات الثقافية + الخدمات الرياضية.

[1]  - سناء البقالي، المقاولة ومحيطها الاجتماعي والاقتصادي، أطروحة لنيل الدكتوراه 2009-2010، ص: 11.
[2]  - ذ. كريم لحرش، مرجع سابق، ص: 14.
[3]  - أمينة السالمي، تنمية الموارد البشرية، بحيث تأهيلي لتحضير الدكتوراه الوطنية، أكدال-الرباط، 1997-1997، ص: 7.
[4] - سناء البقالي، مرجع سابق، ص: 11.
[5]  - أمينة السالمي، تنمية الموارد البشرية، مرجع سابق، ص: 12.
Previous Post Next Post